أهمية الأعلام والرايات في الحرب
أ.د. والحقوقي
عباس جبير سلطان عبد الله التميمي
وهي من شارات الملك والخاصة بالسلطان أو الخليفة في الدولة الإسلامية ، وكانت تستعمل هذه الألوية والرايات مع قرع الطبول والنفخ في الأبواق والقرون ، وجاء عن أرسطو في كتاب السياسة ،أن السر في ذلك إرهاب العدو في الحرب ، فإن الأصوات الهائلة لها تأثير في النفوس بالروعة.
ويخلف ابن خلدون هذا الرأي ويقل عكس ذلك أن هذه بقوله فما يخص الرايات وكثرتها والطبول وما تحدثه في النفس من أرهاب وخوف العدو هو صحيح إلى في بعضا لاعتبارات ، ولكن هذا الأمر يختلف عند الدول الغير إسلامية ، فهو أن النفس عند سماع النغم والأصوات يدركها الفرح والطرب بلا شك ، فيصيب مزاج الروح نشوة يستسهل بها الصعب ، ويستميت في ذلك الوجه الذي هو فيه ، وهذا موجود في الحيوانات العجم ، بانفعال الابل بالحداء ، والخيل بالصفير والصريخ ، ويزيد ذلك تأثيراً إذا كانت الأصوات متناسبة كما في الغناء ، ولأجل ذلك تتخذ العجم في بوطن حروبهم الآلات الموسيقية لا طبلاً ولا بوقاً ، فيحدق المغنون بالسلطان في موكبه بآلاتهم ، ويغنون ، فيحركون نفوس الشجعان بضربهم إلى الاستماتة ، فكانت حروب العرب من يتغنى أمام الموكب بالشعر ويطرب ، فتجيش همم الأبطال بما فيها ويسارعون إلى مجال الحرب ، وينبعث كل قرن إلى قرنه .
وأما تكثير الرايات وتاوينها وإطالتها ؛ فالقصد به التهويل لا أكثر ، وربما يحدث في النفوس من التهويل زيادة في الأقدام ، وأحوال النفوس وتلوناتها غريبة فالرايات فأنها شعار الحرب من عهد الخليقة .
ففي عهد الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم ) ومن بعده الخلفاء ، استغنوا عن قرع الطبول والنفخ في الأبواق حتى انقلبت الخلافة إلى الملك ، فتغير كل شيء فصبح المسلمون يتخذون من الرايات الكثر ، فلا يميز بين الخليفة وعامله بكثرة الآلات والأعلام .
وهنا نذكر أن لكل دولة من دول الإسلام راية خاصة بها ، فالعباسيين اتخذوا رايات سوداء .
بنو هاشم من الطالبيون ، كانت رايتهم بيضاء
، تخلى العباسيون عن اللون الأسود في عهد المأمون ، وتخذ اللون الأخضر فجعل رايته خضراء .
واستعمل العبيديون في فتح الشام 500 من الرايات و500 من الأبواق .
أما أهل المغرب من البربر فلم يختصوا بلون واحد ، بل وشوها بالذهب واتخذوها من الحرير الخالص ملونة
دولة الترك كانوا يتخذون راية واحدة عظيمة ، وفي رأسها خصلة كبيرة من الشعر يسمونها الشالش والجتر ويطلق على مجموع الرايات السناجق ومفردها سنجق ، وأما الطبول فيبالغون في أستكثارها منها ويسمونها الكوسات .
أما الأوربيين من الفرنجة ، ، كانوا يتخذون الألوية الصغيرة المحمولة يدوياً المرتفعة في الهواء ومعها قرع الأوتار من الطنابير ، ونفخ الغيطات ، يذهبون فيها مذهب الغناء وطريقة في موطن حروبهم .