درس أنموذجي لتدريس موضوع (المفعول له) باستعمال (منهج القرائن)/ أ.د حيدر زامل الموسوي

درس أنموذجي لتدريس موضوع (المفعول له) باستعمال (منهج القرائن)

 

الأستاذ المساعد الدكتور

حيدر زامل الموسوي

 

       

المادة : النحو

الصف : الثاني (قسم اللغة العربية)                     الموضوع : المفعول له (لأجله)

الأهداف العامة:

تقويم ألسنة الطلبة ، وعصمتهم من الخطأ في الكلام ، وتنمية ثرواتهم اللغوية، وصقل أذواقهم الأدبية بفضل ما يدرسونه من الأمثلة والتراكيب فيما يسمعون ويقرؤون.

 

الأهداف السلوكية:- جعل الطالب قادراً على ان :-

1- يسمّي المفاعيل .

2- يعرّف (المفعول له) بأسلوبه الخاص .

3- يذكر سبب الإتيان بالمفعول له .

4- يوضّح معنى التعليل .

5- يوازن بين المفعول له والمفعول المطلق .-

6- يعدد شروط إعراب المفعول له .

7- يعطي أمثلة على فقدان شرط التعليل .

8- يبين معالجة (المفعول له) المفتقد لشرط التعليل .

9- يعطي أمثلة على فقدان شرط (المصدر) .

10- يفسر اتحاد المفعول له مع عامله في الوقت والفاعل .

11- يوضّح (جواز الأمرين) في المفعول المقترن بـ(أل) .

12- يعيّن الغلط في جمل مغلوطة تحتوي مفعولاً له مستوفي للشروط .

13- ينشىء جملاً للمفعول له .

14- يفرق بين المصدر الصريح والمؤول والميمي .

15- يصحح جملاً احتوت اسم مصدر عَمِل عمل المفعول له .

16- يوضح حالات نصب المفعول له .

17- يعلل جر المفعول له بـ(لام) التعليل .

18- يفرق بين المصدر واسم المصدر .

19- يعلل اتحاد المفعول له مع عامله في الوقت والفاعل .

20- يعدد أقسام المفعول له .

21- يعطي أمثلة على المفعول له المجرد من (أل) والإضافة .

22- يعطي أمثلة على المفعول له المقترن بـ(أل) .

23- يعطي أمثلة على المفعول له المضاف.

24- يصحّح جملاً اشتملت على مفعول له منصوب وهو مضاف .

 

الوسائل التعليمية:

1- السبورة وحسن استعمالها .

2- الأقلام الملونة .

3- الكتاب المقرر تدريسه (شرح ابن عقيل).

 

خطوات الدرس:  

أولا:-التمهيد:

أعزائي الطلبة، تصفحنا في الدرس الماضي موضوعاً من موضوعات النحو وهو(المفعول المطلق) الذي يدخل ضمن المفاعيل ، وعرفنا ان المفعول المطلق هو المصدر المنتصب توكيدا لعامله ، أو بياناً لنوعه ، أو عدده ، فتضمن ثلاث قرائن هي قرينة التأكيد عندما يكون مؤكداً لعامله ، وقرينة النوع حينما يكون مبيناً لنوع عامل وقرينة بيان العدد حينما يكون مبيناً لعدد عامله ، وهو غير مقيد بحرف جر أو نحوه بخلاف غيره من المفاعيل ، لذلك سمي مفعولاً مطلقاً ، واتضح لنا بانه ينتصب بثلاث أما بمصدرٍ مثله أو بالفعل أو بالوصف ، وان المصدر أصل والفعل والوصف مشتقان منه ، وبينّا أحواله الثلاثة وما ينوب عنه ، وحكمه في التثنية والجمع ومتى يجب حذف عامله ومتى يجوز ذلك ، و تناولنا في الحديث مسميات المصدر المحذوف عامله وجوباً – واطلب من الطلبة إعطاء جمل على تلك الأدوات – وبعدها أقول:- وفي هذا الدرس سنتناول موضوعاً آخر يعود إلى المفاعيل أيضا لنتعرف من هذا الدرس ما هو؟ ، وما حكمه؟ ، وما أحواله؟ ، وما علاماته؟.

ثانياً:- العرض والربط والموازنة:                                                          (30 دقيقة)

اعرض مجموعة من الأمثلة التي تنتمي إلى المفعول له وذلك بتدوينها على السبورة على النحو الآتي:

1- لازمتُ البيتَ استجماماً 8- أسعى بين المتخاصمينَ التوفيقَ
2- زرتُ المريضَ اطمئنانا عليهِ 9- أعجبتني الحديقة بأشجارها
3- احترمُ القانونَ دفعاً للضررِ 10- أعجبتني الأشجار بثمارها
4- رتلت القرآنَ ترتيلاً  11- عبدتُ الله عبادةً
5- أتغاضى عن هفواتِ الصديق استبقاءً لمودتهِ 12- أطَعتُ الرسولَ طاعةً
6- أسألُ الخبيرَ قصدَ الاستكشافِ 13- جئتك اليوم للإكرام غداً
7- اجلسُ بينَ الأصدقاءَ الصُلحَ 14- أجبت الصارخَ لاستغاثتهِ

 

 

المدرس/ نعود مجدداً إلى المفاعيل و نتاول الآن المفعول له أو (لأجله) ومن الاسم أو من تسميته يتضح لنا ان هذا المفعول يؤتى به للتعليل أي لبيان السبب .

هنا تظهر لنا قرينة جديدة في المفعول لأجله وهي (قرينة التعليل) وهي من القرائن المعنوية ، فنحن انتهينا من قرينة التوكيد التي توجد في المفعول المطلق ولدينا الآن قرينة جديدة وهي (قرينة التعليل) تتضح في المفعول لأجله ، فمتى ما اتضح لك معنى التعليل فسيكون هناك مفعولٌ لأجله ، بمعنى انه إذا اتضح لك هذا المعنى في الجملة كان إشارة إلى ان الاسم المنصوب يكون مفعولاً لأجله .

فلو دققنا النظر في الجمل الثلاثة الأولى وجدنا معنى التعليل واضحاً وكل جملة من هذه الجمل تصلح ان تكون سؤالاً وجواباً في الوقت نفسه ، أي من ضمن الجملة هناك سؤال وجواب .

فالجملة الأولى (لازمتُ البيتَ استجماماً) السؤال الذي يمكن أن يصاغ منها هو: لماذا لازمت البيت ؟ فالجواب يأتي : استجماماً . وكذلك في الجملة الثانية السؤال الذي يمكن ان يصاغ يقال : لماذا زرتَ المريض ؟ فتأتي الإجابة من خلال الجملة نفسها وهي (اطمئناناً عليه) ، والحال نفسه في الجملة الثالثة السؤال الذي يمكن ان يقال : لماذا تحترم القانون ؟ يأتي الجواب وتقول : (دفعاً للضررِ)

 

إذن معنى التعليل واضح جداً في هذه الجمل ، فمتى ما وجد هذا التعليل كان الاسم المنصوب يعرب ماذا ؟

طالب / مفعولٌ لأجله

المدرس / نعم أحسنت

وهذه قرينة جديدة تكون في المفعول لأجله وهي (قرينة التعليل) ، وتتضافر معها قرينة أخرى لفظية وهي (قرينة العلامة الإعرابية) ونحن اتفقنا ان العلامة الإعرابية قرينة لفظية موجودة في أبواب النحو جميعها ، وهنا قرينة العلامة الإعرابية وهي (النصب) تضافرت مع قرينة التعليل في إيضاح المعنى ، فقرينة التعليل وقرينة العلامة الإعرابية كفيلتان ببيان ان هذا الاسم المنصوب ما إعرابه ؟

طالب / هو مفعول له  أو مفعول لأجله .

المدرس / نعم جيد

ولو أمعنا النظر في هذا الاسم المنصوب نلاحظ انه من المشتقات وان نوعه (مصدر)، وهذا المصدر جاء لغرض التعليل ، أي لغرض بيان علة ما قبله وهذا الشيء الثاني في المفعول لأجله ، والشيء الثالث انه يشترك مع عامله في الوقت ويشترك في الفاعل رابعاً ، وهذه الشروط الأربعة لابد ان تتوافر في المفعول لأجله لكي يعرب مفعولاً لأجله . فضلاً عن كونه متأخراًَ دائماً عن عامله ، وبالتالي فهو ينتمي إلى رتبة التأخر على العامل وهذا ما يسمى بـ(قرينة الرتبة) فالرتبة كما أسلفنا هي الموقع أو المكان الذي يتخذه اللفظ في ثنايا التركيب النحوي ، وهو من نوع الرتب المحفوظة .

 

 

نتناول الآن الشرط الأول وهو المصدر فما المقصود بالمصدر ؟

طالب / الحدث

المدرس / نعم بوركت

فالمصدر هو الحدث غير المقترن بزمن ، ففي موضوع المفعول المطلق درسنا المصدر وعرفنا بأنه حدث غير مقترن بزمن بخلاف الفعل فانه أيضا حدث ولكنه مقترن بزمن ، فإذا قلنا : (قرأت قراءة) فهنا المصدر –قراءة- لا يدل على فعل معين وإنما هو حدث غير مقترن بزمن ، بخلاف قولنا (اجتهد اجتهاداً) فالفعل اجتهد يدل على شيئين الحدث وهو الاجتهاد وعلى زمن وقوع هذا الحدث .

فأول شيء في المفعول له انه مصدر والمصدر يدل على حدث غير مقترن بزمن ، ونحن حينما نقول مصدر نقصد به المصدر الصريح وليس المصدر المؤول  كما هو الحال في المفعول المطلق قلنا نقصد به حينما نقول مصدر المصدر الصريح وليس المؤول. فالمفعول له مصدر صريح ويدخل ضمن هذا المصدر المصدر الميمي واسم المصدر أيضا ، فما المقصود باسم المصدر ؟

طالب / ما اتفق في المعنى وخالف في الصياغة .

المدرس / جيد ، فاسم المصدر هو ما اتفق مع المصدر في معناه لكن تنقص من عامله بعض الحروف ، فإذا قلنا: (اجتهد) فهذا فعلٌ ومصدره (اجتهاداً) وهذا لا يسمى اسم مصدر وإنما يسمى مصدر ، لان الحروف أي حروف العامل كلها موجودة أين ؟

طالب / في المصدر .

المدرس / نعم ، كل حروف العامل موجودة في المصدر فإذا لم توجد هذه الحروف كلها سمي اسم المصدر ، مثال ذلك الفعل (توضَأ) مصدره الأصلي (توضُؤ) لكن حينما نقول (وضوء) هذا أيضا مصدر لكن لايسمى مصدر للفعل (توضَأ)  وإنما اسم مصدر لان حروف العامل أو الفعل الاصلي الذي أُخذ منه المصدر (ليس الفعل في الجلة) لا توجد كلها في المصدر لذلك يسمى اسم مصدر وليس مصدراً ، وهذا هو الفرق بين المصدر واسم المصدر، فالشرط الأول للمفعول لأجله هو ان يكون مصدر . وطالما ان المفعول له تضمن كل حروف عامله الأصلي (إي الفعل الأصلي الذي اخذ منه المصدر) فهو يظهر لنا قرينة أخرى هي قرينة (الصيغة) أي المبنى التصريفي للكلمة  وهي من القرائن اللفظية أيضا .

 

والشرط الثاني الذي لابد ان يتوافر في المفعول لأجله ماذا ؟

طالب / ان يؤتى به لتعليل ما قبله .

المدرس / جيد ، فلو نظرنا في (استجماماً) اتضح لنا ان الاستجمام جيء به للتعليل  لأنه بيّن علّة ما قبله فعندما تسأل لماذا لازمت البيت ؟ تقول : استجماماً ، ولماذا زرت المريض ؟ تقول : اطمئناناً عليه ، ولماذا تحترم القانون ؟ تقول : دفعاً للضرر . فمعنى التعليل واضح . وإذا فقد هذا الشرط لا يعد مفعولاً لأجله .

أما الشرط الثالث فماهر ؟

طالب / ان يشترك مع عامله في الوقت .

المدرس / أحسنت ، فلو دققتم النظر في جملة (لازمتُ البيتَ استجماماً) تجدون ان وقت الاستجمام هو وقت الملازمة ، أي وقت ملازمة البيت ، أنت لماذا لازمت البيت للاستجمام ، إذن فالوقت واحد أي ان زمن الاستجمام هو زمن الملازمة ..ملازمة البيت . وكذلك وقت الاطمئنان على المريض في الجملة الثانية هو ماذا؟

طالب / وقت الزيارة .

المدرس / نعم ، وكذلك إن وقت دفع الضرر في الجملة الثالثة هو نفسه وقت احترام القانون . وهذا هو المراد في الاتحاد في الوقت فإذا اختل هذا الشرط لا يعد مفعولاً لأجله إذ لابد ان يتحد مع عامله في الوقت . وهذا الاتحاد يعكس لنا قرينة جديدة هي (قرينة التضام) أي وجود عنصر أو ركن ما في الجملة يستدعي وجود ركن آخر

والشرط الرابع أن يتحد المفعول لأجله مع عامله في أي شيء ؟

طالب / الفاعل .

المدرس / بوركت ، نعم أن يتحد مع عامله في الفاعل ، ففي الجمل الثلاثة الأولى التي أمامك هناك اتحاد في الفاعل لان فاعل الاستجمام هو فاعل الملازمة أي ملازمة البيت  وكذلك فاعل الاطمئنان مَنْ هو ؟

طالب /هو فاعل الزيارة  .

المدرس / نعم وكذلك فاعل دفع الضرر في الجملة الثالثة هو نفسه فاعل احترام القانون، وعليه هناك اتحاد للمفعول لأجله مع عامله في الفاعل أيضا فضلاً عن اتحاده في الوقت مما يؤكد وجود التلازم أو ما يسمى بـ(قرينة التضام) .

فهذه الشروط الأربعة التي ذكرناها لابد من توافرها في المفعول لأجله لكي يصح ان يكون مفعولاً لأجله وما سواها لا يعد كذلك أي لا يعرب مفعولا لأجله.

وهناك ملاحظة ينبغي التأكيد عليها وهي ان المفعول لأجله لا يؤخذ من لفظ عامله أي لا يجوز ان يؤخذ من لفظ الفعل في الجملة ، فلو ننظر إلى الجملة الرابعة (رتلت القرآنَ ترتيلاً ) نلاحظ ان المصدر (ترتيلاً) قد أُخذ من لفظ فعله (رتلت) وبالتالي لا يجوز أن نعرب (ترتيلاً) مفعولاً لأجله وإنما مفعولا مطلقاً إذ لم تتوافر فيه الشروط الأربع وكذلك لأنه اخذ من لفظ عامله فهو متحد معه في المادة فيكون مؤكداً فضلاً عن توافر (قرينة التوكيد) فيه وليس (قرينة التعليل) ، لذلك لا يجوز لك ان تجعل المفعول لأجله من مادة عامله لأنه سيصير ماذا ؟

طالب / مفعولاً مطلقاً .

المدرس / جيد ، وعندها أما ان يكون مؤكداً للعامل أو مبيناً لنوعه آو عدده كما أسلفنا لذلك يشترط في المفعول لأجله ان تكون مادته مخالفة لمادة عامله .

 

ننتقل الآن إلى أقسام المفعول لأجله، فالمفعول لأجله له أقسام وهذه الأقسام هي:-

أولا/ المجرد من (أل) والإضافة .

        كما هو الحال في جملة (أتغاضى عن هفواتِ الصديق استبقاءً لمودتهِ) فالمفعول له فيها من النوع الأول وهو المجرد من (أل) والإضافة ، بمعنى انه ليس معرفاً بـ(أل) وليس مضافاً . والسؤال هنا هل هناك معنى للتعليل ؟

طالب / نعم

المدرس / أحسنت ، وهل هناك مصدر وما هو ؟

طالب / نعم هناك وهو –استبقاءً- .

المدرس / جيد ، وهذا هو الشرط الثاني والشرط الثالث هو الاتفاق بالفاعل وهو متحقق أيضا لان فاعل الاستبقاء هو فاعل التغاضي نفسه ، والشرط الأخير هو الاتفاق في أي شيء ؟

طالب / الاتفاق في الوقت .

المدرس / بوركت , وهو متحقق أيضا لان وقت استبقاء المودة هو وقت التغاضي  وهكذا فان الشروط الأربعة للمفعول لأجله مع قرائن (التعليل ، والعلامة الإعرابية والتضام ) قد توافرت في هذه الجملة وعليه يعرب المصدر (استبقاءً) مفعولاً لأجله لتوافر الشروط فيه وهو من النوع الأول المجرد من (أل) والإضافة ، وهذا هو القسم الأول من المفعول لأجله .

 

والقسم الثاني هو:- المضاف

 فلو نظرتم إلى الجملة التي إمامكم وهي (أسألُ الخبيرَ قصدَ الاستكشاف) تجدون فيها مفعولاً لأجله قد توافرت فيه الشروط وهو (القصد) فهو أولاً مصدر وثانياً جاء لبيان علة فظهرت فيه (قرينة التعليل) واتحد مع عامله في الوقت ثالثاً وفي الفاعل رابعاً(قرينة التضام) ، وبالتالي فهو ينتمي إلى القسم الثاني وهو المضاف ، فـ(قصد) هنا مضاف بدليل حذف تنوينه لان التنوين عند الإضافة يحذف سواء كان تنوين الإعراب أو تنوين الجمع ، وعليه فان (قصد) في هذه الجملة مفعولاً لأجله وهو مضاف، وهذا هو القسم الثاني من أقسام المفعول لأجله . وهنا لابد من الإشارة إلى ان المفعول لأجله عندما يكون منصوباً أي (مجرد من –أل- والإضافة) يكون ذا تنغيم وإلقاء ونطق خاصين يختلف عنه عندما يكون مجروراً أي (مضافاً) مما يظهر لنا قرينة جديدة هي قرينة (النغمة أو التنغيم) ، كما ان الإضافة-قرينة معنوية- خاصة وجزء من قرينة عامة هي (قرينة النسبة) ، فالمضاف يتعلق ويرتبط بالمضاف إليه حتى يصيرا جزءاً واحداً ، ولا يتضح معنى احدهما الّا بوجود الآخر.

بقي لدينا القسم الثالث والأخير وهو المقترن بـ(أل) ،

وهذا القسم قليل ونادر أي ليس كالأقسام الأخرى التي ذكرناها فهو نادر وقوعه في العربية وان وردت شواهد عليه ، تعالوا معي إلى جملة (اجلسُ بينَ الأصدقاءَ الصُلحَ) فـ(الصُلحَ) في هذه الجملة التي أمامكم أولاً هو مصدر وثانياً توافرت فيه (قرينة التعليل) فجاء لبيان علة وثالثاً اتحد مع عامله في الوقت والفاعل رابعاً ، لذلك فهو مفعولٌ لأجله ينتمي إلى القسم الثالث وهو المعرف والمقترن بـ(أل) ، وكذلك الحال لو نظرنا إلى الجملة السابعة (أسعى بين المتخاصمينَ التوفيقَ) فهل نجد فيها مفعولاً لأجله أو مصدر متوافرة فيه الشروط ؟

طالب / نعم (التوفيق)

المدرس / أحسنت ، فالتوفيق مفعولٌ لأجله وقد جاء معرف بـ(أل) وهذا نادر وقوعه في العربية ، حتى إنّنا نشعر بالجملة غير مستساغة فلو قلنا:(اسعي بين المتخاصمين توفيقاً بينهم) يكون المعنى واضح مَنْ المفعول لأجله ، لكن عندما يأتي معرفاً بـ(أل) وضوحه يكون غامض ولذلك النحاة قالوا: ان هذا النوع من المفعول لأجله هو قليل ونادر ليس كالقسم الأول والثاني ، لكن وارد عن العرب ان يأتي المفعول لأجله معرفاً بـ(أل) وان كان المعنى غي مستساغ ، حيث نشعر في جملة (أسعى بين المتخاصمينَ التوفيقَ) كان هناك قطعاً في الجملة على الرغم من كونها صحيحة الصياغة ، أي اننا نشعر من خلال مقام الجملة أو حالها بانها غير سليمة الصياغة او المعنى ، مما يدل على تضافر قرينة أخرى مختلفة عن سابقاتها وهي (قرينة الحال) فمن خلال حال الجملة نفرق تفرقة بينة بين ما أذا كان المفعول له هنا من نوع المجرد من(أل) والإضافة أو مقترن بأحدهما ، فلو حولنا المفعول لأجله في هذه الجملة إلى مجرد من (أل) والإضافة أو مضاف يكون المعنى أفضل واقرب إلى معنى التعليل ، إذ يكون معنى التعليل بعيداً عندما يكون معرف بـ(أل) .

 

انتهينا من أقسام المفعول لأجله ونأتي الآن إلى أحكامه ، فللمفعول لأجله أحكام متعددة أولها :-

1– إذا استوفى الشروط الأربعة :

وهي (المصدر والتعليل والاتحاد مع عامله في الوقت والفاعل) التي اشرنا إليها في البداية ، فإذا توفرت هذه الشروط في المصدر جاز لنا ان نجعله منصوباً على كونه مصدراً أو مجروراً بحرفٍ من حروف الجر الذي يفيد التعليل وأكثرها استخداماً اللام.

فحينما نقول (لازمتُ البيتَ استجماماً) فـ(استجماماً) توفرت فيه الشروط أم لا ؟

طالب / نعم توفرت .

المدرس / جيد ، لذلك يجوز لنا فيه الأمران وهما النصب على انه مفعولٌ لأجله ، أو الجر بحرف جر يفيد التعليل ، فنقول: (لازمتُ البيتَ للاستجمامِ) وحينئذ لا يعرب هذا المصدر مفعولاً لأجله وإنما يعرب أسم مجرور ، فـ(اللام) حرف جر و(الاستجمام) اسم مجرور ، وبالتالي لا وجود للمفعول لأجله ، الّا ان قرينة التعليل تبقى موجودة في هذه اللام فاللام هنا أفادت معنى التعليل ، إذن قرينة التعليل تبقى موجودة سواء أكان المفعول لأجله مجروراً أو منصوباً ، أي عندما نجعل المصدر منصوباً أو نجعله مجروراً تبقى قرينة التعليل متوفرة .

فنحن إذن مخيرون أما ان نجعل المصدر منصوباً على انه مفعولاً لأجله أو مجروراً بحرف من حروف التعليل وأكثر هذه الحروف هي اللام ، فكل الجمل التي أمامكم نستطيع ان نأتي بلام قبل المصدر ونجعله مجروراً فمثلاً نستطيع ان نقول (زرتُ المريضَ للاطمئنان عليهِ) و (احترمُ القانونَ لدفعِ الضررِ) حيث تبقى الجملة تامة مستقيمة في الصياغة لان المصدر فيها مستوفياً للشروط ونحن مخيرون في ذلك كما أسلفنا .

وينبغي التنبيه على ان المفعول لأجله عندما يكون مجروراً لا نقول عنه مفعولاً لأجله وإنما فقط عندما يكون منصوباً ، أي لا يعرب مفعولاً لأجله وإنما تعرب اللام حرف جر وما بعدها اسم مجرور، وهذه هي الحالة الأولى من حالات المفعول لأجله .

 

        الحكم الثاني إذا كان معرفاً بـ(أل)

أسلفنا ان المصدر إذا استوفى الشروط الأربعة يجوز فيه الأمران النصب والجر ، لكن أقسام أو أنواع المفعول لأجله ليست بمستوى واحد ، فإذا كان مجرداً من (أل) والإضافة فالنصب أفضل من الجر ، ففي جملة (لازمتُ البيتَ استجماماً) النصب في المصدر أفضل من جره لماذا ؟

طالب / لأنه مجرد من (أل) والإضافة .

المدرس / أحسنت ، فالنحاة قالوا : ان المصدر إذا كان مجرداً من (أل) والإضافة فالأحسن ان يكون منصوباً ، أما إذا كان مقترناً بـ(أل) جاز فيه الأمران لكن الجر أفضل من النصب ، كما هو حال جملة (أسعى بين المتخاصمينَ التوفيقَ) فإنها تبدو ثقيلة كما قلنا ، لذلك النحاة قالوا ان الجر هنا أفضل من النصب ، فعندما نقول (أسعى بين المتخاصمينَ للتوفيقِ) تكون الجملة عندئذ أفضل وأحسن من الحالة الأولى حينما يكون فيها المصدر (التوفيق) منصوباً ، فالإتيان باللام قبل المصدر يجعل معنى الجملة أكثر وضوحاً وأدق ، . وكذلك الحال في جملة (اجلسُ بينَ الأصدقاءَ للصُلحِ) فالإتيان باللام قبل المصدر (الصُلحَ) أفضل من نصبه عندما نقول (اجلسُ بينَ الأصدقاءَ الصُلحَ). لذلك عندما يكون المصدر معرفاً بـ(أل) فان جره بحرف الجر اللام أفضل من نصبه ، بعكس الحالة الأولى أو الحكم الأول عندما يكون المصدر مجرداً من (أل) والإضافة فان نصبه أفضل من جره .

بقيت لدينا حالة واحدة أو حكم واحد وهو:-

إذا كان المصدر-مضافاً-

فالنحاة قالوا إن الأمرين سيّان في المصدر المضاف ، فنحن مخيرون أمّا أن نجعله منصوباً أو نجره بحرف جرٍ يفيد التعليل فكلاهما جائز ومتساوي في القوة والحسن . ففي جملة (أسألُ الخبيرَ قصدَ الاستكشافِ) يجوز لنا ان ننصب المفعول لأجله كما هو أمامكم أو نجره بحرف جرٍ يفيد التعليل فنقول (أسألُ الخبيرَ لقصدِ الاستكشافِ).

انتهينا من أقسام وإحكام المفعول لأجله ، نأتي الآن إلى اختلال هذه الشروط أي اختلال شروط المصدر ليعرب مفعولاً لأجله .

فالحالة الأولى والثانية هما :

إذا اختل احد شروط المفعول لأجله الأربعة لا يجوز لنا ان نجعل المصدر منصوباً وانما يجب جره بحرف التعليل إذا كان في الجملة معنى للتعليل ، أما إذا لم يتوفر معنى التعليل في الجملة فلا يجوز لنا ان نجر المصدر بالحرف وإنما يكون بحسب معنى الجملة ، أي إذا وجدت (قرينة التعليل) وفقد واحد من الشروط الأربعة التي يجب توافرها في المفعول لأجله يجب حينئذ ان يجر بالحرف ، أما إذا فقد التعليل أيضا فعندها لا يجوز حتى الجر بالحرف لان لا تعليل في الجملة ، فقد لا يكون المصدر عندها مفعولاً لأجله وإنما مفعولاً مطلقاً .

فلو دققنا النضر في الجملة التاسعة (أعجبتني الحديقة بأشجارها) والجملة العاشرة (أعجبتني الأشجار بثمارها) هل نجد فيها معنى التعليل ؟

طالب / نعم التعليل موجود .

المدرس / جيد ، هناك تعليل لكن الشرط الأول (شرط المصدرية) فقد في هذه الجملة ونحن اشترطنا توفر الشروط الأربعة وإذا اختل واحد منها يجب عندها ان يجر المصدر بالحرف إذا كان معنى التعليل متوفر. فالأشجار والثمار هنا ليست بمصدر وبالتالي فقد شرط المصدرية في هاتين الجملتين ، لذلك وجب علينا ان نجعل الاسم مجروراً باللام وهذه اللام تفيد التعليل ، فضلاً عن توافر (قرينة التعليل) لذا نأتي باللام التي تفيد التعليل قبل الاسم .

لاحظوا معي جملة (عبدتُ الله عبادةً) أين المصدر في هذه الجملة ؟

طالب / المصدر هو عبادةً .

المدرس / أحسنت ، وهل توافرت فيه شروط المفعولية كاملة ؟

طالب آخر / لا لم تتوافر فيه الشروط .

المدرس / بوركت ، فشرط التعليل ليس موجوداً أي (قرينة التعليل) غير متوفرة وإنما وجدت (قرينة التوكيد) وهذا دليل على ان المصدر مفعولاً مطلقاً كما اشرنا في موضوع المفعول المطلق ، ونحن قلنا ان شرط المفعول لأجله هو توافر (قرينة التعليل) وإلا فلا يعرب مفعولاً لأجله وإنما يعرب بحسب معنى الجملة أي بحسب القرينة الموجودة ، وفي المصدر (عبادةً) قرينة التوكيد لذا يعرب مفعولاً مطلقاً مؤكداً لعامله  هذا من ناحية . ومن ناحية أخرى فان هذا المصدر أخذ من مادة عامله (عبدتُ) وهذا سبب آخر في عدم إعرابه مفعولاً لأجله لان المفعول لأجله كما قلنا لا يؤخذ من مادة عامله ، لذا يعرب المصدر (عبادةً) مفعولاً مطلقاً ، وعليه فان فقدان المصدر لمعنى التعليل يمنع نصبه على المفعولية .

 

كما لا يمكننا في هذه الجملة أن نجر المصدر باللام لان المعنى هنا للتوكيد وليس للتعليل والتقدير : نحن أردنا ان نؤكد العبادة وليس لنبين سبب العبادة فقلنا (عبدتُ الله عبادةً) ، والحال نفسه ينطبق على الجملة الحادية عشر جملة (أطَعتُ الرسولَ طاعةً) فهنا المصدر (طاعةً) لا يمكن ان يعرب مفعولاً لأجله وإنما مفعولاً مطلقاً لتوفر (قرينة التوكيد) وعدم وجود (قرينة التعليل) .

 

والحالة الثالثة هي فقدان اتحاد المفعول لأجله مع عامله في الوقت ،

فإذا فقد هذا الشرط لا ينصب المصدر على المفعولية ، تعالوا معي إلى جملة (جئتك اليوم للإكرام غداً) هل نستطيع ان نجعل (الإكرام) منصوباً ؟

طالب / لا يا أستاذ لا نستطيع ؟

المدرس / نعم أحسنت ، لا نستطيع لان الشرط الثالث وهو شرط الاتحاد في الوقت قد فقد ، فوقت الإكرام هو غير وقت المجيء ، لذلك لا يجوز ان ينصب على المفعولية وانما يجر باللام ، أي نجعل (الإكرام) مجرور باللام لان التعليل موجود ونحن قلنا إذا وجد التعليل وفقدت بقية الشروط يجب جر المصدر باللام أما إذا فقد معنى التعليل أيضا فلا يجوز عندها حتى الجر باللام .

 

يتبين لنا مما تقدم إذا فقد  المصدر لشرط أو معنى التعليل  لا يعرب مفعولاً لأجله بل ممكن أن يعرب مفعولاً مطلقاً , لأنه ليس هناك تعليل ، وعند ذلك قد يكون المصدر مؤكداً وقد يكون مبيناً للنوع أو العدد كما أسلفنا في موضوع المفعول المطلق .

نأتي الآن أعزائي إلى الحالة الرابعة وهي :

فقدان الشرط الرابع – الاتحاد في الفاعل – انظروا معي إلى الجملة الرابعة عشر التي أمامكم ، هل توفر فيها الشرط الأول للمفعول لأجله ؟

طالب / نعم يا أستاذ توفر فيها الشرط الأول .

المدرس /  جيد ، نعم ان المصدر متوفر في هذه الجملة وهو (الاستغاثة) والشرط الثاني التعليل موجود أيضا أما الشرط الثالث الاتحاد في الوقت هل هو موجود ؟

طالب / نعم موجود فان وقت الإجابة هو وقت الاستغاثة نفسه .

المدرس / بوركت ، أما بالنسبة للشرط الرابع أي الاتحاد في الفاعل فهو غير متوفر إذ ان فاعل الاستغاثة غير فاعل الإجابة ففاعل الاستغاثة هو (أنا) بينما فاعل الإجابة هو (أنت) وبالتالي فان المفعول لأجله فقد شرط الاتحاد مع عامله في الفاعل وبالتالي لا يجوز ان يكون منصوباً على المفعولية وإنما يكون مجروراً بـ(لام) التعليل فنقول : (أجبتُ الصارخَ لاستغاثتهِ) ، فهل نستطيع ان نحذف اللام ونقول (أجبتُ الصارخَ استغاثتهِ) ؟

طالب / كلا لا نستطيع .

المدرس / أحسنت لا نستطيع فهنا فقد المصدر شرط الاتحاد مع عامله في الفاعل لذا لا يجوز نصبه على المفعولية بل يجب جره بلام التعليل .

هناك آراء لبعض النحاة قالوا ان اختل شرط اتحاد المصدر مع عامله في الفاعل يجوز لنا أن نجعله منصوباً على المفعولية وهذا كلام أفراد وليس كلام جمهور ونحن ملزمون بكلام الجمهور وجمهور النحاة قالوا إن المصدر لا ينصب على المفعولية إلا إذا توافرت فيه شروط أربعة وهي ما ذكرناها من (المصدرية ، والتعليل ، والاتحاد في الوقت ، والاتحاد في الفاعل) ، فإذا فقد واحد من هذه الشروط يجب أن يكون مجروراً أذا توافرت فيه قرينة التعليل ، فأن لم يكن فيه معنى التعليل فيعرب بحسب معنى الجملة.

ثالثاً:- استنتاج القاعدة :                                                                       (5 دقائق)

في هذه الخطوة يستنتج مدرس المادة مع طلبته القاعدة الرئيسة ويكتبها على السبورة بخط واضح وعلى النحو الآتي:

المفعول له (لأجله) : هو المصدر ، المفهم علةً ، المشاركُ لعامله : في الوقت والفاعل ، وحكمه جواز النصب ان توفرت فيه هذه شروط اربع هي – المصدرية وإبانة التعليل ، والاتحاد مع عامله في الوقت ، والفاعل . فأن فقد شرط من الشروط تعين جَرُّهُ بحرف التعليل ، وهو اللام ، أو مِن أو في أو الباء وأحواله ثلاث : المجرد من (أل) والإضافة ، والمحلى بـ(أل) والمضاف ،وكلها يجوز أن تجر بحرف التعليل ، لكن الأكثر فيما تجرَّد عن (أل) والإضافة النصب  وما صحب (أل) الأكثر فيه الجر ، ويجوز النصب  وأما المضاف فيجوز فيه الأمران –النصب والجر- على السواء .

رابعاً:- التطبيق:                                                                                 (5 دقائق)

  • من يعطينا مثالاً عن مفعول لأجله استوفى شروطه ؟
  • من يعطينا مثالاً عن مفعول لأجله ليس بمصدر؟
  • من يعطينا مثالاً عن مفعول لأجله فقدت فيه قرينة التعليل ؟
  • من يعطينا مثالاً عن مفعول لأجله لم يتحد مع عامله في الوقت والفاعل؟
  • أعرب ما تحته خط في جملة (ضربَ الرجلُ ابنه تأديباً) .

-في جملة (وأنّي لَتَعْروني لذكراكِ هزةٌ) مفعولٌ له لم يتحد مع عامله في ماذا؟

– (قرأتُ القرآن للموعظة الحسنةِ) ما تحته خط في هذه الجملة مفعولاً له ما نوعه ؟

– ما الحكم الإعرابي للمفعول لأجله في الجملة الآتية (سافرتُ ابتغاءَ الرزقِ)