د.عبدنور داود
كلية التربية الانسانية /قسم اللغة العربية
جامعة كربلاء
النص الابداعي مُختبئ كثيرُهُ حتى عن ناصِّهِ وإنْ تقصّدَ أبعادَهُ ورأى أنساغَهُ , وهو للقارئ جبلُ جليدٍ في بحر لجيٍّ يتطلب سبراً يُوصلنا الى أُسِّهِ لنصعدَ منه الى ما تراءى لنا منه, ولا أظننا نحيد عن آلتزام المنهج التحليلي الفني في بحوثنا ومنها بحثنا هذا آلذي تُريكه هذه الصفحات التي جهدنا على سطورنا في أن نصل الى النص ثم به الى ما ورائياته متوسلين كل ما يوصلنا الى ذلك.
تقصّدنا في بحثنا هذا أن تكون مادّتُه ستة أبيات مشطورات ؛ رجزها طرفة بن العبد ؛ ليكون لنا من خلالها ما يوصلنا لِما تَخفّى بقصد أودون قصد , ولِما لم يره ابداع شاعرها في أوان انجازها , ولقد شاءت لنا هذه الابيات الستة أن توصلنا الى حياة شاعرها وواقعه الذي وقع عليه حتى أحناه هو وآله ظهوراً عاريات لسياط ظلم ذويهم .
إن سبب اختيارنا للنص الشعري هذا هو قلة أبياته التي منحتنا مساحة كافية للإلمام بها في قراءةٍ نقدية تُري النص آلإبداعي بعيداً عن التسطيح آلذي يعوّل على مسميّات آلبلاغة و آلقراءة آلصوتية والصرفية والنحوية وفذلكة القول فيها؛من دون آلوصول بها جميعاً كأدواتٍ الى روح آلنص.
أن علوم لغتنا آلعربية ليست غايات نستخدم لها النصوص الابداعية ومنها آلشعر وسائلَ إثبات وأمثلةَ قول , بل نتوسّل هذه العلوم لقراءة النص الإبداعي مبينين أستخدام مبدع النص لها وأسباب ذلك وما أراده بدقة آستخدامه لدقائق هذه العلوم وأساليبها وما غرض بها, فما هذه العلوم الا وسائل يُوصل بها أيُّ مبدعٍ روحَه وروحَ نصِّه إلينا ولَيْسَتْ هي غايات يقف عليها القول .
وفّرت لنا هذه الارجوزة مساحات قراءة هيّأت لجهدنا النقدي تربةً خصبة للتأويلات والتداولات أوصلتنا الى نتائج نطمئن لها , وسبيل قراءة للنصوص يطمئن له قارئها , وأنموذج بحث عسى أن يعتمده طلبتُنا الذين مازالوا يتلمسون سبلهم في البحث .
اقتضت خطة بحثنا هذا ان ندخله من مدخل تاريخي تداول شاعر الارجوزة , تلاوه مدخل في الارجوزة ذاتها , تداولنا بعده مبنى الارجوزة زمانياً ومكانياً ثم تداولنا آلايقاع الخارجي لها, تلا ذلك تداولٌ للإيقاع الداخلي فيها.
جهدنا فيما ما تقدم من ان نصل الى نتائج لها ماتُعوّل عليه وتدفع به النقد عنها, وأن نُوصل شاعرنا عبر نصه الى القارئ مُرينه أن النص الابداعي لا يقف على شكله الخارجي بل له ما وراءه من ابعادٍ تقتضي سبره للوصول اليها , وأنَّ كل ما يحضر في النص الابداعي له ما يبرره وليس له الحضور المسطّح الذي دُرِجَ على تشخيصه بمُسمّياتٍ متداوَلات في علوم العربية نقف عندها غايات بحث.عليه سبحانه عوّلنا ونعوّل وله الحمد لا لسواه تعالى على ما وفّق ويوفق .