الموارد الاقتصادية – من ابعاد قوة الدولة
عند دراسة التركيب السياسي للدولة ولاسيما ميدان الجغرافية السياسية اذ لا يمكن اغفال واهمال دور الموارد الاقتصادية للدولة، فيتم دراستها وتحليلها كما هو الحال عند دراسة الجوانب الطبيعية والبشرية للدولة، فهي احدى المقومات التي يمكن من خلالها تقويم وتقييم أداء الدولة.
فيقصد بالموارد من وجهة النظر في الجغرافية السياسية هي أي شيء تمتلكه الدولة ويمكنها الحصول عليه او تضع يدها عليه بما يدعم افكارها الاستراتيجية وبما يخدم سياستها داخليا وخارجيا، وقد صنف العالم جونز الموارد من حيث إمكانية توافرها وعلاقتها بالقرار السياسي الى خمس فئات هي (الموارد المتاحة فورا وتكون ذات أثر فعال في قوة الدولة، الموارد التي يمكن توفيره بعد تشغيل الوحدات المنتجة لها، الموارد التي يمكن الحصول عليها بعد مدة من الزمن يتم ادخال وتغيير وتحوير على وحدات الإنتاج، الموارد التي يكون مؤكد وجودها ويمكن الحصول عليها بعد تنميتها، الموارد النظرية او الموارد المحتمل وجودها في الدولة).
اما القوة فيقصد بها هي قدرة الدولة على تعبئة جميع الموارد والإمكانيات المادية وغير المادية المنظورة وغير المنظورة والمتاحة لديها وتوظيفها ومن ثم استخدامها، كي تفرض إرادتها وتحقق أهدافها المرسومة ومصالحها القومية من خلال تأثريها في إرادة الدول الأخرى وسلوكها، وتوجيهها نحو الإسهام في الوصول الى تلك الأهداف والغايات والمصالح، بصورة مباشرة أم غير مباشرة في سياق مدة زمنية محددة أو ممتدة، في مجال معين أو عدة مجالات.
فتشكل الموارد الاقتصادية عنصرا اساسيا من العناصر الهامة في قوة الدولة وفهي أيضا تدخل في تحديد رفاهية مجتمعها وامنها القومي والاقتصادي، فان مقدار ما تملكه او تحتويه الدولة من موارد اقتصادية طبيعة كمصادر الطاقة (النفط و الغاز الطبيعي والفحم وغيرها من مصادر الطاقة، فضلا عن عما تمتلكه أراضيها من الثروات المعدنية والتي منها( الحديد، والقصدير، والذهب)، و ما يوجد على سطح الأرض من تربة ومصادر المياه (السطحية والجوفية) التي دورها واسهامها واضحا بإنتاج الموارد الغذائية و الزراعية، وتكمن اهمية الموارد الاقتصادية فيما تقدمه للدولة من القدرات المالية التي تمثل عنصرا ومنها و قوة مضاعفة لمقدرة الدولة الاقتصادية، وتجدر الإشارة الى ان دول العالم تكون متباينة ومتفاوتة من حيث امتلاكها او عدم امتلاكها لمثل هذه الموارد وبما يعكس هذا من اثر في علاقتها الخارجية سلبا وايجابا، ولهذا تجد معظم دول العالم تسعى جاهدة لاكتساب العديد من الميزات التي من شانها ان ترفع مكانتها اقليما ودوليا وبما يخدم مصالحها في أوقات السلم والحرب.
وان وجود الموارد الاقتصادية وتوافرها هو سلاح ذو حدين فيعرض الدولة الى أطماع الدول الكبرى التي تسعى الى توسيع مجالها الحيوي وفرض هيمنتها الاقتصادية قبل العسكرية، فان ذلك يستدعي من هذه الدول الانتباه والحذر لما تمتلكه من موارد والحفاظ عليها والعمل على استدامتها بما يحقق توازنا للدولة سياسيا واقتصاديا وعسكريا، فضلا انه يحدد مسار علاقتها مع الدول الأخرى في حال تعرضها لخطر خارجي يهدد كيانها.
وان امتلاك الموارد الاقتصادية ربما لا يعطي انطباعا ومؤشرا دقيقا وحقيقيا لقوة الدولة بل بقدر ما يعتمد ذلك على مدى قيام الدولة على توظيف هذه الموارد الاقتصادية بكافة صنوفها وبشكل يجعلها تخطو في سبيل رفعة شأنها ومكانتها بين اقرانها من دول العالم لاسيما الدول الكبرى والقوية ومضاعفة قدراتها الشاملة وفي مختلف الميادين لتحقيق مسعى وهدف الدولة بمضاعفة قوة الدولة وإبراز مقدرتها وبما يضمن استقرار الدولة، وحماية امنها الداخلي والخارجي.