أثر الأنشطة البشرية في تغير المناخ
يشغل تغير المناخ اهتمام العلماء كونه يمثل تحدياً عالمياً تتأثر به جميع البلدان بشكل متفاوت خصوصاً الأكثر ضعفا وبلدنا العراق واحدة من هذه البلدان وكذلك واحدة من البلدان الأقل استعداداً للتكيف معه على الرغم من بعض الاجراءات الضعيفة.
يشير تغير المناخ إلى التحولات التي تحدث على المدى البعيد في أنماط الطقس وخصوصاً درجات الحرارة، ويمكن أن تكون هذه التحولات طبيعية، بسبب التغيرات في نشاط الشمس أو الانفجارات البركانية الكبيرة، ولكن منذ القرن التاسع عشر كانت الأنشطة البشرية هي المحرك الرئيس لتغير المناخ ، ويرجع ذلك بالمرتبة الاولى إلى قطاع الطاقة والذي يتمثل بعمليات حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز ، وان هذه العلميات ينتج عنها انبعاث غازات الاحتباس الحراري (ظاهرة الاحتباس الحراري ظاهرة بيئية، وتنتج عن تصاعد غازات وأدخنة المصانع وعوادم السيارات والحرائق، وتؤدي إلى التأثير على توزيع الرياح والأمطار وتغير المناخ، ولا تستطيع الحرارة أن تتصاعد في طبقات الجو العليا، فتمكث في الغلاف الجوي مسببةً ارتفاعاً في درجات الحرارة وتغيراً في المناخ الجوي ويزداد الإحساس بحرارة الجو. أن استخراج الوقود الأحفوري وحرقه يسببان لنا أضرارًا تتعدى التأثير على المناخ، وثمة أدلة علمية دامغة على وجود ارتباط مباشر بين التعرض لتلوث الهواء ووفاة 1.2 مليون شخص في عام 2020 وحده. إذ إن حرق الوقود الأحفوري وصنع المواد البتروكيماوية لا يسببان تلوث الهواء فحسب، بل إن الاحترار العالمي الناتج عنهما يجعل تلوث الهواء أكثر سوءًا.
تسمى هذه الغازات التي تعمل على احتباس الحرارة غازات البيوت المحمية، ويؤدي احتراق الوقود والنشاطات البشرية الأخرى إلى زيادة كمية غازات البيوت المحمية في الغلاف الجوي، وتتمثل الغازات الدفيئة الرئيسة التي تسبب تغير المناخ بثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، حيث تتجمع هذه الغازات في الهواء الطلق وتتسبب في زيادة تركيزها مع الوقت، وسبب هذه الغازات يأتي من استخدام البنزين لقيادة السيارة او في البناء أو النفط او الفحم للتدفئة على سبيل المثال، كما يأتي قطاع الزراعة بالمرتبة الثانية في تغيير المناخ والذي يتمثل بعمليات تطهير الأراضي وقطع الغابات وتغيير أغراض استخدام الأراضي، كما إن بعض الممارسات من قبيل تربية المواشي لأغراض الإنتاج الصناعي، تعمل على زيادة نسب الغازات الدفيئة ، فهي بذلك تعمل على تدمير نظام الدفاع الطبيعي للأرض ضد زيادة مستويات ثاني أُكسيد الكربون، ومن المعلوم ان الغابات والأشجار تمتص ثاني أكسيد الكربون وتلعب دورًا كبيرًا في حماية الجو، ولكنها اليوم للأسف الشديد تتعرض للتدمير جراء حرائق الغابات المتعمدة.
يعتقد كثير من العلماء أن هذه الزيادة في كمية الغازات تؤدي إلى رفع درجة الحرارة عالمياً، وقد تؤدي هذه الزيادة في درجة الحرارة والتي تسمى التدفئة العالمية إلى حدوث مشاكل كثيرة، خاصة اذا كان تأثير هذه الزيادة قوياً فأنه يتسبب في انصهار الثلوج وأغطية الجليد القطبية الذى يؤدي بدوره إلى حدوث الفيضانات ، وبإمكانه أيضاً إحداث تحول في أنماط تساقط الأمطار مما يؤدي بدوره إلى ازدياد الجفاف وحدوث العواصف المدارية الشديدة.
تغيُّر المناخ والحق في العيش بصحة
لكل شخص الحق في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والنفسية، وفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ، فإن الآثار الصحية الرئيسية لتغيُّر المناخ تشمل:
إن الأشخاص، وخاصةً الأطفال، المعرَّضين للحوادث المسببة للصدمة النفسية، من قبيل الكوارث الطبيعية التي تتفاقم بتأثير تغيُّر المناخ، يمكن أن يعانوا من اضطرابات ما بعد الصدمة.
الحلول الممكنة للحد من تأثير الانشطة البشرية في تغير المناخ
يمكن تقديم مجموعة حلول للحد من تأثير الانشطة البشرية في تغير المناخ عبر مجموعة من الإجراءات وهي خفض الانبعاثات في مختلف القطاعات، وذلك من خلال زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة والبديلة في مزيج الطاقة، والتكيف مع تأثيرات المناخ من خلال تحسين مستوى الخدمات الصحية، وزيادة استعداد القطاع الصحي لمواجهة الأمراض الناجمة عن تغير المناخ، وإعداد الدراسات والخطط اللازمة، وتدريب العاملين بهذا القطاع، والعمل على توعية المواطنين، والحفاظ على الموارد الطبيعية، والنظم الإيكولوجية من تأثيرات تغير المناخ، عبر تحسين قدرتها على التكيف، وتحسين حوكمة وإدارة العمل في مجال تغير المناخ، وتمويل المشاريع التي تعمل على الحد من الانبعاثات، كما ويؤدي تحويل أنظمة الطاقة من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح إلى تقليل الانبعاثات التي تؤدي إلى تغير المناخ. وعلى البلدان ان تعمل على خفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030 للحفاظ على احترار أقل، ويعني تحقيق ذلك حدوث انخفاضات هائلة في استخدام الفحم والنفط والغاز لذا يجب الاحتفاظ بالاحتياطيات المؤكدة اليوم من الوقود الأحفوري في الأرض من أجل الحد ومنع المستويات الكارثية لتغير المناخ، لان من اهداف التنمية المستدامة هي الدعوة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره ولن يتحقق تقدمًا كبيرًا في العمل المناخي دون تسريع تحقيق هدف الطاقة النظيفة والاستهلاك والإنتاج المسؤولين.