أسلوب المفارقة في خطاب السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) 
ا.د كريمة نوماس محمد المدني / جامعة كربلاء / كلية التربية للعلوم الإنسانية 
أ.د علي كاظم محمد / جامعة كربلاء / كلية التربية للعلوم الإنسانية 
الملخص :
تمثل خطابات السيدة الزهراء (عليها السلام)انساقا كلامية فاعلة في تحقيق مقاصد مختلفة محكومة بسياقات دينية وثقافية واجتماعية وسياسية عبر آليات خطابية ومؤثرات فاعلية ومحفزات نصية قابلة للتأثير في المتلقي ، وهذا يؤدي الى سعة خطاباتها وتعدد مقاصدها وتنوع دلالتها ومن هذه الخطابات ، تم اختيار خطبتها المشهورة ب( الخطبة الفدكية)لما لها من دور فاعل ومؤثر في تحقيق مقاصد وتفسير مواقف كثيرة فهي ابنة الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم)وتربت في حجر الرسالة السماوية  ، اما المنهج الذي وظف في البحث هو المنهج الاسلوبية ، والذي تعد المفارقة هي احدى ادواته الإجرائية الفاعلة لكشف مضمرات النص وسياقاته الدينية والسياسية والاجتماعية .
اما الية اشتغال البحث فسيكون مكونا من مقدمة ومدخل مفاهيمي يحتوي على محورين رئيسيين  ، المحور الأول جاء بعنوان (المفارقة الدلالية )فكانت المفارقة التصويرية هي الأولى ، والمفارقة الحوارية هي الثانية واما المفارقة الثالثة فقد درست المفارقة التناصية ، والرابعة المفارقة اللغوية .وفي المحور الثاني كان معنونا ب(المفارقة اللفظية )اما الدراسة فتمثلت بالمفارقة النحوية والمبحث الثاني بدراسة مفارقة الموقف ، وختم البحث بأهم النتائج التي توصل اليها .  
الكلمات المفاتيح : 
شعرية المفارقة ، التصويرية ، الحوارية ، التناصية ، اللفظية ، مفارقة الموقف 



المقدمة:
شعرية المفارقة
يعد مصطلح المفارقة من المصطلحات والمفاهيم النقدية التي برزت في ساحة النقد العربي المعاصر وقد لامست البحث البلاغي القديم تحت مسميات كثيرة .
وهي تعد واحدة من الإمكانات الأسلوبية التي يقدمها الخطاب اللغوي والذي يكتسب بفضلها سمة الأدبية بأبعادها الجمالية ، وبهذا يكون النص ممارسة دلالية ذات نظام خاص يعيد للكلام طاقته الفاعلة ضمن حيز الفضاء الذي يتصل فيه مبدع النص ومتلقيه ، فالمفارقة لا تخرج عن كونها أسلوبا أو نمطا بلاغيا يوظفها المبدع ليقول قولا أو يتصرف تصرفا يحمل معنيين أحدهما ظاهري  والآخر باطني ، بمعنى آخر تظهر بمصاحبة البنية السطحية والبنية العميقة ، وهي في ذلك تعني انزياحا داخليا تتأسس قاعدته المعيارية على هيأة نسق مميز يتلاشى النسق ليظهر نسق آخر يفارقه في خصائصه الصوتية والتركيبية والدلالية . وقد عرفت المفارقة بتعريفات كثيرة متشابكة مع بعضها, ولعل من أبرزها ما ذهب إليه أحد الباحثين من أنها:((عبارة عن لعبة لغوية ماهرة وذكية بين الطرفين صانع المفارقة وقارئها على نحو يقدم فيها صانع المفارقة النص بطريقة تستثير القارئ وتدعوه إلى رفض معناه الحرفي وذلك لصالح المعنى الخفي الذي غالبا مايكون المعنى الضد وهوبذلك يجعل اللغة يرتطم بعضها ببعض )), بينما هناك من يرى المفارقة هي ((شكوك تتحول الى نوع من القلق مطلوب في الكناية ومن شأن هذا القلق ابقاء تلاعب الرموز وتعدد الدلالات قائما .)) 
ويمكن ان تعد المفارقة فعل تواصلي يتكون من جملة واحدة أو من جمل عدة ،والفعل التواصلي يحتاج إلى متلق مركزي داخل النص مؤثر وفاعل أو متأثر ومشارك , ومتلق غير مركزي هو القارئ أو الجمهور.
 
والشعرية هي انتهاك لغوي لأنساق لغوية تجاوزية في مدها الشعوري وتركيزها الدلالي فأن المعنى يبقى مفتوحا (لانهائيا )وهذا يعني ان الموضوع المتمثل او المعنى في الموضوع الجمالي لا يكون متعلقا ,لأنه ليس معنى منطقي يقبل الترجمة إلى لغة النثر الواضحة المحددة وبالتالي فأنه لايمكن استنفاده،ورغم انه لا يستنفد فانه يكون مباطنا برمته في المحسوس . 
ومن ابرز أنواع المفارقة التي رصدها البحث  في كلام السيدة فاطمة الزهراء (عليه السلام)هي :
المبحث الاول
أولا : المفارقة التصويرية:
وتقوم المفارقة التصويرية على الإثارة الحركية التي تحققها بنية الصورة عبر التضاد اللغوي بين طرفي التشبيه أو عناصر الصورة المجسدة ليعبر عن حدة التكثيف الدلالي الذي يحرك الدلالات ويحفز مداليليها وحركتها النصية .فتتأتي الصور متلاحقة الدفعات تقصر وتطول سريعة الالتفات , كثيرة التحول وكأنها تتساءل عن سرها وعن وصفها وعن هيأتها .
ومن ذلك مارصدناه عند السيدة الزهراء (عليه السلام) في خطبتها الفدكية :(فنعم الحكم الله ، والزعيم محمد ، والموعد القيامة ، أتقولون مات محمد (صلى الله عليه واله )فخطب جليل استوسع وهيه ،واستنهر فتقه ، وانفتق رتقه ، واظلمت الأرض لغيبته ، وكسفت النجوم لمصيبته ، واكدت الآمال ، وخشعت الجبال ، واضيع الحريم ، وأزيلت الحرمة عند مماته ، فتلك والله النازلة الكبرى ، والمصيبة العظمى ، لا مثلها نازلة ولابائقة عاجلة ، اعل نبها كتاب الله _جل ثناؤه_ في أفنيتكم في ممساكم ومصبحكم هتافا وصراخا وتلاوة والحانا ، ولقبله ما حل بأنبياء الله ورسله ، حكم فصل وقضاء حتم ..ام انتم اعلم بخصوص القران وعمومه من ابي وابن عمي ؟)
يقوم النص على مجموعة من المفارقات التي جسدتها السيدة الزهراء (عليها السلام) في كلامها المتقدم فهي تستنكر عليهم ردة فعلهم بعد وفاة الرسول الاعظم (ص) وما آل اليه الأمرمن نكران حقوقها راسمة صورة محفزة لهيبة الرسول بوفاته اذ امدت الحادثة بصور مشحونة بالقصدية من ظلام الارض وكسوف النجوم وخشوع الجبال وزوال الحرمة والثوابت الالهية التي جاء ابوها المصطفى (ص) فهو المفسر للقران وابن عمه المرتضى فلذلك استنكرت بصورة مفارقية عجيبة فعززت مدلول النص وعمقت معناه بتلك المفارقة التصويرية المكثفة . 
ثانيا : المفارقة الحوارية :
وتقوم هذه التقنية على إثارة الايقاع الحواري الجدلي عبر لغة مفارقة تشي بالتضاد والمفارقة بين الأحداث والمواقف والشخصيات ، وتتجلى تكويناته في حوار الشخصيات فيما بينها .
ومن المفارقات الكبيرة التي قالتها السيدة الزهراء (عليه السلام) في خطابها الى فتية القوم الحاضرين :(يا معاشر النقيبة ، واعضاد الملة ، وأنصار الاسلام، ما هذه الغميزة في حقي ؟ والسنة عن ظلامتي ؟أما كان رسول الله صلى الله عليه واله أبي يقول المرء يحفظ في ولده ؟ )سرعان ما أحدثتم ، وعجلان ذا إهالة ، ولكم طاقة بما أحاول ، وقوة على ما اطلب وازوال ) 
إن خطاب الزهراء (عليها السلام) يكشف عن مفارقة عجيبة عبر حوارها مع هؤلاء الجماعة الذين وصفتهم ب(معاشر النقيبة ) و(اعضاد الملة ) و(أنصار الاسلام) فكيف تكون هذه صفاتهم وهم يقفون مع الباطل وقد جاءت المفارقة وصفية بحوار غاية في الاثارة والتوصيف المشهدي الدقيق من حيث حيثيات الصور القائمة على الانفعال والتوتر ومجسدة بذلك رؤى واضحة لدى المتلقي بموقف الطرف الاخر .
ومن المفارقات الحوارية الأخرى التي وردت في كلام السيدة الزهراء (عليها السلام) :قالت (أفخصكم الله بآية أخرج منها أبي ؟ أم تقولون أهل ملتين لايتوارثان ؟ او لست أنا وابي من اهل ملة واحدة ؟ أم انتم أعلم بخصوص القران وعمومه من ابي وابن عمي ؟)
يأتي رد الزهراء عليه السلام هذا ضمن موجة الارتداد الفكري الذي جوبهت به أثناء مطالبتها بحقها المتوارث من ابيها ، فهو مشهد بصري علامي واضح للمفارقة العظيمة التي قالتها السيدة الزهراء (ع) بكل مافيه من أسى ولوعة وفراق أبيها المصطفى وارتداد هؤلاء وحرمانها حقوقها وعبر هذه المكاشفة الحوارية التي كشفت حقيقة الطرف الآخر بمداليل يقينية وشرعية مما يجعل عنصر الحوار فاعلا في استجرار الدلالات وتعزيزها وتحقيق مقتضياتها .



ثالثا  : المفارقة التناصية:
تقوم هذه المفارقة على استحضار الإشارات النصية في سياق شعري او نثري مضاد للسياق الأصلي الذي انتزعت منه الإشارة النصية أو القول المتناص , وذلك لخلق مفارقة نصية بين السياقين ,السياق القديم /والسياق الجديد لتعزيز الرؤية النصية بمدلولها المناقض . 
ومن أمثلة ذلك ما ورد في خطبة الزهراء (عليه السلام):
أأهضم تراث ابيه وانتم بمرأى مني ومسمع ، ومبتدأ ومجمع ؟ تلبسكم الدعوة ، وتشملكم الخبرة ، وانتم ذوو العدد والعدة ، والاداة والقوة , وعندكم السلاح والجنة ، توافيكم الدعوة فلا تيجيبون ، وتـأتيكم الصرخة فلاتغيثون ، وانتم موصوفون بالكفاح ، معرفون بالخير والصلاح ، والنخبة التي انتجبت والخيرة التي اختيرت …فأنى جرتم بعد البيان ، وأسررتم بعد الاعلان ؟ ونكصتم بعد الاقدام ؟ واشركتم بعد الايمان ؟((الا تقاتلون قوما نكثوا ايمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدأوكم اول مرة أتخشوهم ؟ فالله أحق ان تخشوه ان كنتم مؤمنين )) فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر ، نقبة الخف ، باقية العار ، موسومة بغضب الله وشنار الأبد موصولة ب(نار الله الموقدة التي تطلع على الافئدة)فبعين الله ما تفعلون(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ))
في الخطبة أعلاه نجد مواجع السيدة الزهراء (عليها السلام) وهي توجه خطابا وعتابا الى قبيلتي الاوس والخزرج الانصار لوقوفهم مع صف الباطل والظالم في اغتصاب حقها وهنا تكمن المفارقة في كلامها لهؤلاء.
ومن كلامها ايضا المبني على المفارقة التناصية قوله (عليها السلام):
(ايها المسلمون أأغلب على ارثيه يا ابن ابي قحافة ؟ أفي كتاب الله ان ترث أباك ،ولاأربي ؟ (لقد جئت شيئا فريا) ، أفعلى عمد تركتم كتاب الله ، ونبذتموه وراء ظهوركم ، اذ يقول:(وورث سليمان داوود ) وقال فيما اقتص من خبر يحى بن زكريا عليهما السلام اذ قال رب (هب لي من لدنك وليا ريثني ويرث ال يعقوب ) وقال (واولوا الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله ) ..وزعتم الا حظوة لي ولا ارث ابي لارحم بيننا ؟ أفخصكم الله باية اخرج منها ابي ؟ انم تقولون اهل ملتين لا يتوارثان ، ولست انا وابي من اهل ملة واحدة ؟ ؟ ام انتم اعلم بخصوص القران وعمومه من ابي وابن عمي ؟ فدونكها مخطومة مرحولة ، تلقات يوم حشرك فنعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة ، وعند الساعة تخسرون ولا ينفعكم اذ تندمون ).   
رابعا : المفارقة اللغوية 
تعرف المفارقة اللغوية أن وظيفتها النصية تكون من خلال العلاقة الجدلية الصاخبة التي تخلقها بين الأنساق اللغوية , بإسناد أوصاف إلى موصوفات لا تقبلها , وإسناد انساق إضافية إلى مضافات من حقول دلالية متباعدة , تزيد هوة المفارقة بين الأوصاف فتزداد حدة المفارقة . وقد ذهب ميويك إلى أن هذا النوع من المفارقة هو أشهرها واغلبها . فالمفارقة اللغوية تعتمد فاعلية الانزياح وكلما ازدادت درجة الانزياح حدة كانت المفارقة اشد عمقا وأكثر فاعلية في تكثيف الدلالات وتعميق معطياتها الإيحائية , عبر انفجار النص إلى ماهو ابعد من المعاني الثابتة في حركة مطلقة من المعاني اللانهائية والتي تنتشر فوق النص متجاوزة كل الحواجز .
ولعل من ابرز الأمثلة في هذا الخصوص في قولها (عليها السلام):وكتاب الله بين أظهركم أموره ظاهرة ، وأحكامه زاهرة ، وأعلامه باهرة ، وزواجره لائحة ، وأوامره واضحة ، قد خلفتموه وراء ظهوركم ، ارغبة عنه تريدون ، ام بغيره تحكمون ؟) 
ان القيمة الأسلوبية لهذا النسق التركيبي المتجلي في السياقات النصية المفارقة 
 
المبحث الثاني
المفارقة اللفظية
تعد المفارقة اللفظية من أوضح أشكال المفارقة وابززها ابتداء من مفارقة اللفظة الواحدة ، وانتهاء بالنص كاملا وهي شكل من أشكال القول ، يساق فيه معنى ما يقصد منه معنى اخر يخالف المعنى السطحي الظاهر وقد ذهب ميويك الى ان هذا النوع هو اشهرها واغلبها  ، وأسلوبها الاساس ، اما السير مع هدف المفارقة وابرازها اوالنيل من الذات وهو اسلوب الاغراق او النقش الغائر .
وتنقسم المفارقة اللفظية على محورين رئيسين هما : 
اولا : المفارقة النحوية: 
ويمثل هذا النوع من المفارقة على اساس تراكم او تكرار بعض الاساليب والمفردات النحوية والبلاغية في كلام السيدة الزهراء (عليها السلام)
1_ كثرة الجمل الاستفهامية من امثلة ذلكقولها (عليها السلام):
أنشدكم بالله أيها الناس ، أما سمعتم رسول الله (ص)يقول :ان ابنتي سيدة نساء اهل الجنة ؟ قالوا اللهم نعم ، قد سمعناه من رسول الله(ص) قالت : أفسيدة نساء اهل الجنة تدعي الباطل وتأخذ ماليس لها ؟..) 
اذ دل الاستفهام في كلام السيدة الزهراء (عليه السلام)على الإنكار والتعجب من سؤالهما اياها البينة على ما في يدها والحال انها سيدة اهل الجنة بشهادة ابيها رسول الله (ص) فالهمزة مبتدأ ومتبدأ اسم موصول وخبر ام الشرطية .
2_ قولها (عليها السلام) : في مخاطبة ابي بكر وعمر وهما في جمع من الناس في مسجد الرسول (ص) : وزعتم ان لاحظوة لي ولا ارث من ابي ولا رحم بيننا ، أفخصكم الله بآية اخرج ابي محمدا (ص) منها ؟ ام تقولون : ان هل الملتين لا يتوارثان ؟ او لست انا وابي من اهل ملة واحدة ؟ ام انتم أعلم بخصوص القران وعمومه من ابي وابن عمي ؟)وهذا دليل على كثرة استفهاماتها واستنكارها على مواقفهم معها ونكرانهم لحقها الذي أودعه الرسول الأعظم (ص) لها بعد وفاته .
3_ كثرة وجود الهمزة الاستفهامية الاستنكارية مع الشرط في الجمل الاسمية 
لما طالبت السيدة فاطمة الزهراء (عليه السلام) بإرثها ، ابى ابو بكر وقال : (اني سمعت رسول الله (ص) يقول : نحن معاشر الانبياء لا نورث …فقالت (عليه السلام) سبحان الله ؟ ماكان ابي رسول الله (ص) عن كتاب الله صادفا ، ولا لأحكامه مخالفا ، بل كان يتبع اثره ويقتفي سوره ، افتجمعون الى الغدر اعتلالا عليه بالزور والبهتان ؟ وهذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته ) 
ومن امثلة ذلك ايضا قولها (عليها السلام) في موضع الاستفهام والاستنكار بسياق مفارقي عجيب قولها لأبي بكر حين أتته مطالبة بحقها : ( من يرثك يا ابا بكر ان مت ؟ قال : أهلي وولدي . قالت : فمالنا لا نرث النبي (صلى الله عليه واله وسلم).
الخبر المتقدم : وقد ثمثل بردها عل ابي بكر وعمر في حشد من الناس : قولها (ع)
فوسمتم ابلكم ووردتم غير مشربكم ، هذا والعهد قريب ، والكلم رحيب ، والجرح لما يندمل ، والرسول لممممما يقبر ، ابتدارا زعمتم خوف الفتنة ( الا في الفتنة سقطوا وان جهنم لمحيطة بالكافرين ) فهيهات منكم ، وكيف بكم ؟ وانى تؤفكون ؟وكتاب الله بين اظهركم ) وردت مفارقة كبيرة في كلام السيدة فاطمة الزهراء (عليه السلام) في تقديمها الخبرب (كيف )  
ثانيا : المفارقة الوصفية: 
1_ الكناية 
منها قوها عليه السلام (قحافة يبتزني نحلة ابي وبلغه ابني ، لقد اجهد في خصامي ، والفيته الد في كلامي ، حتى حبستني قيلة نصرها ، والمهاجرة وصلها ، وغضت الجماعة دوني طرفها ، فلادافع ولا مانع ، خرجت كاظمة وعدت راغمة ، …ليتني مت قبل هينتي ودون ذلتي )
يقوم كلام السيدة الزهراء (عليه السلام) على مجموعة من الكنايات الدالة على غضبها وعنفوانها واغتصاب حقها المشروع ، وقد كنت عن تعبيرها (قحافة يبتزني عن ابي بكر الذي جادلها في حرمان حقها الذي ورثته عن ابيها ) واما التعبير الكنائي الاخر هو ( وغضت الجماعة دوني طرفها ، وهو كناية عن المهاجرين والانصار الذين كانوا حاضرين في مسجد الرسول عندما دخلت السيدة فاطمة الزهراء عليه السلام وتحدثت بأعلى صوتها امامهم ) وقولها ايضا ( ليتني مت قبل هينتي ودون ذلتي كناية عن وجعها ووصدمتها بهؤلاء القوم وانقلابهم بعد وفاة ابيها المصطفى (ص) .
ومن امثلة الكناية ايضا قولها (ع) مخاطبة نساء المهاجرين والانصار ذاكرة الذين نقضوا عهد الله ورسوله (ص) ☹ ليت شعري ، الى أي سناد استندوا ؟وعلى أي عماد اعتمدوا وبأية عروة تمسكوا ؟ وعلى اية ذرية أقدموا واحتنكوا)وفي كلامها المتقدم (عليها السلام) كنايات عظيمة على انقلابهم على مبادئ الدعوة الاسلامية التي ثبتها الرسول الأعظم (ص) لكنهم تنكروا لذلك . ومن أروع كنايتها 
قولها (عليها السلام) مستنصرة بني قيلة في مسجد الرسول (ص) : ( بؤسا لقوم نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم ( وهموا بإخراج الرسول وهم بدءؤكم أول مرة أتخشونهم فالله احق ان تخشوه ان كنتم مؤمنين ) الا وقد أرى ان قد أخلدتم الى الخفض ، وأبعدتم من هو احق بالبسط والقبض )في النص المتقدم تعبير كنائي واضح أهم نقضوا العهد والإيمان وحتى نقضوا وصيته لاولى القربى وهي ابنته الوحيدة سيدة نساء العالمين .
ثانيا : التشبيه :
ومن امثلة التشبيه في خطابا السيدة فاطمة الزهراء ( عليه السلام) قولها : (فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر ، نقبة الخف ، باقية العار ، موسومة بغضب الجبار وشنار الأبد ، موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع على الافئدة ، فبعين الله ما تفعلون ، ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) ؟) 
ومن امثلة التشبيه ايضا قولها (عليها السلام) :ولقد نحلنيها للصبية السواغب من نجله ونسلي ، وانهال بعلم الله وشهادة أمينه  
 
المبحث الثالث
مفارقة الموقف
تمثل مفارقة الموقف (موقفا متكاملا يجسد علاقة الذات المتكلمة او الموضوع المتكلم عنه بالبيئة المحيطة به ، او بالاخرين الحافين به في زمان ومكان محددين )
وتتجلى هذه المفارقة عبر نقد الواقع السياسي باستحضار شخوص واحداث تاريخية اذا اراد ان يلمح وضع الامة ، ويقوم هذا النمط من المفارقة على مزايا وسمات تتجه به نحو المغايرة المتقدم المفارقة اللفظية فهذا النوع  من المفارقة لا يقوم الا على تصوير حالة او حدث او تبني موقف ما من خلال  ادراك ابعاد كل منها ان يرى فيها وجه على ان يقوم بالبنية الى هذا النمط من المفارقة والوعي بأبعاده هو المتلقي .
وتستند كذلك هذه المفارقة الى مرجعيات تاريخية وفكرية ونفسية فتندرج فكرة المفارقة في هذا النمط على صراع القائم بين الخير والشر والحق والباطل والموت والحياة …مجسدة اياه لتمثيل الواقع الذي يعيشه  المتحدث والمتلقي . 
وتنقسم هذه المفارقة في خطابات السيدة الزهراء (عليها السلام) :
اولا : الموقف من (الأنا / الآخر ) الحضور 
وتمثل هذا النمط من المفارقة في خطبة السيدة الزهراء (عليها السلام) في مسجد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) وحوراها مع الخليفة ابو بكر وعمر بن الخطاب 
في قولها (عليها السلام) لأبي بكر : ( زعمت أن النبي (ص) لايورث ، ( وورث سليمان داود ) وورث يحيى زكريا ، وكيف لا ارث أنا أبي ؟ )
ومن امثلة ذلك ايضا حوارها مع نساء المهاجرين والانصار الذين كرهوا امامة امير المؤمنين (عليه السلام) : ( فياحسرة لكم ، وانى بكم ؟ ، وقد عميت عليكم (انلزمكموها وانتم لها كارهون )
ثانيا : موقف من (الأنا /هو ) الحضور / الغياب 
ومن اوضح الامثلة على ذلك قولها (عليها السلام) لأمير المؤمنين (عليه السلام) بعد ان افضت من خطبتها في مسجد الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) :
(هذا ابن ابي قحافة يبتزني نحلة أبي وبلغه ابني ، لقد أجهد في خصامي ، وافيته الد في كلامي ، حتى حبستني قيلة نصرها ، والمهاجرة وصلها ، وغضت الجماعة دوني طرفها ، فلا دافع ولا مانع خرجت كاظمة وعدت راغمة …ليتني مت قبل هينتي ودون ذلتي )  









الخاتمة
1_ تعد المفارقة تقنية اسلوبية تحقق غايات شعرية تكمن في الواقع الجديد والمفاجأة والدهشة التي تخلقها وفي الايحاء المتولد من تكثيف الصور الشعرية ذات المعاني والايحاءات العميقة .
2_ تنعقد بنية المفارقة على علاقات التضاد بين الدوال الكلامية لتحقيق فضاء شعري من المتناقضات والثنائيات الضدية التي ترتبط بالموقف الفكري والوجداني الذي توحي به كلام السيدة الزهراء (عليها السلام).
3_تمثل في خطاب السيدة الزهراء (عليها السلام )انواع متعددة من المفارقات تكمن في سياقاتها في صور شعرية متضادة في انساقها اللغوية .
4_ مثلت المفارقة التصويرية صورا كبيرة تتجلى في مهيمنات اسلوبية _ انزياحية متنوعة بين ومعززة الصورة الجمالية وحيويتها الشعرية واستعاراتها المكثفة.
5_ مثلت المفارقة الحوارية في خطابات السيدة الزهراء (عليها السلام)تقنية فاعلة في انتاج صور شعرية متضادة في سرد موصوفات شعرية حفزت المعاني الايحائية المعتمدة نسق السرد الشعري في جذب رؤى القارئ .
6_ أدت المفارقة التناصية في كلام السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)دورها الشعري _الأسلوبي التحفيزي في تحقيق المفاعلة النصية عبر التمازج بين النصوص الدينية والتاريخية ونصوص الشعرية مما ادى الى خلق مفاعلة نصية بين الدلالتين .
7_ تستمد المفارقة اللغوية في كلامها (عليها السلام)محفزاتها الشعرية من الأنساق اللغوية المتضادة في نسبة موصوفاتها ودوالها الى مدولاتها غير المتوقعة  في انزياحات عالية الدقة مما يخلق فضاء شعريا متخيلا لتفعيل الرؤى وطاقاتها التفاعلية عند المتلقي . 
8_ مثلت مفارقة النحوية والبلاغية النمط الاهم والابرز بين انماط المفارقة عند السيدة الزهراء (عليها السلام) وقد ادى ذلك الى ثراء النص وتعضيد دلالاته المعنوية. 
 
الهوامش 

شارك هذا الموضوع: