القصيدة الحسينية: الأبداع والرسالة

م . سميره عطشان الفياض

 

القصيدة الحسينية وأي إبداع: قصص الطف ينسجها الشعراء بخيوط من الحرير، وينشدها الرواديد بأصواتٍ كهزيم الرعد قوة، وكصوت الامهات حناناً وشجن .الطف ملحمة؛ ليست كملحمة كلكامش من الف بيت، بل إنها من ألف ألف قصيدة.

كل يوم يبدع الشعراء بقصيدة أروع من سابقاتها. ويتمخض المجلس الحسيني، فيلد رواديد أقل ما يقال عنهم بأنهم مفخرة لنا وللجيل القادم. تحمل القصيدة الحسينية أبعادا متعددة إذ إنها ليست مجرد شعراً فنياً بل هي إحدى وسائل أحياء ذكرى الامام الحسين وهي الملهم للجيل الواعد بما تحمله من المعاني السامية: فهي الثورة والمعنى وصورة التضحية وهي تجلي لأروع قصص الفداء.

تتميز القصيدة الحسينية بأسلوب شعري يتسم بالبلاغة والفصاحة الذي يعتمد على اللغة المؤثرة والاوصاف والصور البلاغية والشعرية التي تثير العاطفة والحماس في نفس المتلقي. وللقصيدة الحسينية أنواع وأغراض متعددة كالرثاء والقصيدة التعليمية التي تسلط الضوء على الدروس والعبر المستنبطة من واقعة الطف وتلك القصيدة التي تهدف الى إبراز الدور الثوري في واقعة كربلاء. لو كان بيدي الامر لجعلت القصيدة الحسينية من ضمن منهاج الادب في مدارس العراق والله أنها لأعجاز بالوصف، والاستعارة، وصياغة الكلمات منتجة مشهداً رائعا لأحدى قصص وروائع الطف.

تلعب القصيدة الحسينية دوراً أساسياً في المجتمع فهي تعمل على تقوية الروابط الاجتماعية (المجالس الحسينية) وتعزز الثقافة والهوية الدينية وتسهم في تجديد العهد والولاء لأهل البيت وإبقاء قيم التضحية والاباء حية خالدة في النفوس.

قصائد كثيرة ظلت عالقة في الاذهان رغم تعاقب السنون كقصيدة (ي حسين بضمايرنا) وقصيدة (سفرة الى الله) والقصيدة وليدة هذه الأيام (عرس الطف) وغيرها الكثير. 

دعوتي الى الأساتذة المسوؤلين عن وضع المناهج في وزارة التربية الى إدخال القصيدة الحسينية في كتب الادب فأنها تفوق غيرها من أنواع الادب العربي في ثرائها اللغوي ففي القصيدة الواحدة تجد الشعر الملحمي والوجداني والتعليمي وشعر الرثاء والمديح. وتجد التشبيهه والاستعارة والكناية والمجاز وغير ذلك الكثير.

فلو تأملنا قصيدة (عرس الطف) للرادود (سيد سلام الحسيني) فهي تحكي قصة استشهاد (القاسم ع) وتتغزل بعرسه الفريد, فهو الفتى الغالي على قلوب أعمامه من أهل البيت (ع), حيث قال الشاعر:

 “هله أمدلل عمامه, هله بهاي الوسامه”

 حيث أنه تحنى بدمه الشريف وآثر نصرة عمه الحسين ع على إتمام عرسه كباقي الفتيان. فقد رسم الشاعر وبدقة متناهيه صولات القاسم التي اثارت إعجاب عدوه قبل محبيه. وكذلك وصف الشاعر بطولة أعمام القاسم وجده الامام (ع):

 “شباب بني هاشم بس فوارس, شباب مدرسة تخرج أشاوس. شباب طبها زين الشباب إجه شايل عذاب بده فن الحراب”.

لا يسع المجال للإسهاب في الوصف فالميدان أوسع من أن يدخله محاربٌ فتي. أقول هذا وأختم كلامي بالصلاة والسلام على خير الخلق أجمعين.

 

شارك هذا الموضوع: