يعد المستشرق دي لاسي اوليري من المستشرقين الذين كرسوا انفسهم للدراسة العالم العربي وخصوصا ما يتعلق بتاريخ العرب والدراسات الاسلامية ، فكان ممن تعلم اللغة العربية وادابها وكذلك تعلم اللهجات العربية المصرية والسورية والمغربية وتحدث في كتابه عن جزيرة العرب قبل محمد عن مسالة اجتماعيه عند العرب قبل الاسلام الا وهي وأد البنات التي انتشرت بين العرب وعدها من العادات الوثنية عند العرب واشار الى الايات القرانية التي وردت في مسالة وأد البنات والتي ابطلها الاسلام فيما بعد .
Abstract :
The orientalist de Lacy O’Leary is considered one of the orientalists who devoted themselves to the study of the Arab world, especially with regard to the history of the Arabs and Islamic studies. He was one of those who learned the Arabic language and its literature, as well as the Egyptian, Syrian and Moroccan Arabic dialects. It is the infanticide of girls that spread among the Arabs, and he considered it one of the pagan customs of the Arabs, and he referred to the Quranic verses that were mentioned in the issue of female infanticide, which Islam later invalidated
الكلمات المفتاحية :
وأد البنات ، دي لاسي اوليري ، العرب قبل الاسلام ، قيس بن عاصم
Key words :
The Infanticide of the Girls, Lacey O’Leary of the Arabs before Islam, Qais bin Assem .
اولاً: نبذة عن حياة المستشرق دي لاسي اوليري:
وهو مستشرق بريطاني ، ولد فى ديفون سنة 1872 و هوا الابن الاكبر لهنرى اوليرى 1831-1908 نشأ كبروستانتى, درس فى مدرسة بريستول النحويه و اتحول للكاثوليكيه الرومانيه حوالى سنة 1888م و بدا فى التدريب على الكهنوت فى كلية بريور بارك ، كان اوليرى محاضر خاص فى جامعة بريستول من سنة 1908 لحدالى سنة سنة 1927, درس الآراميه و السريانيه و اليونانيه الهلنستيه, كان اول رئيس لمجمع جامعة بريستول ،اذ كان ممثلا لخريجين الجامعه بين 1910 و 1928, خلال الحرب العالميه الاولى ،كما كان نقيب و قسيس فى فيلق تدريب الضباط بالجامعه و سنة 1916م اشتغل قسيس فى قوة الاستطلاع البريطانيه فى مصر.
درس اوليري البكلوريوس في جامعة لندن كلية الاداب 1891م، ثم نحج في اجتياز بحث كامبريدج اللاهوتية التمهيدية سنة 1896،قبل تعيينه شماس في كاتدرائية ويب من قبل الاسقف جورج ويندهام كينون بعده تم تعيينه كاهنا في كادتدرائية نفسها سنة 1897م وواصل اوليري دراستة ففي سنة 1602 تخرج من كلية ترينيتي في دبلن ليحصل على شهادة البكلوريوس في التاريخ والسياسية ثم شهادة الماجستير في الاداب سنة 1905م، وشهادة الكتوراه في اللاهوت من كلية ترينيتي في دبلن 1911م .
اما عن حياته الاجتماعية فلم يتزوج اوليري وعاش اعزبا وربما تعود على التربية الدينية التي تحتم عليه عدم الزواج بوصفه رجل دين مسيحي .
اكانت له رحلات علمية الى منطقة الشرق فقد سافر الى مصر فدرس لغاتها وتاريخها واتقن اللغة العربية الفصحى فضلا عن اللهجات اللك فقد كانت سورية والمغربية فضلا عن ذلك فقد كانت له مراسلات في شمال مصر وقام بترجمة انكليزية لاحد النصوص الدينية فضلا عن مراجعة وتصحيح لمجموعة من الكتب التي تتعلق بالقبطية العربية .
له العديد من المؤلفات من اهمها :
مختصر تاريخ الخلافة الفاطمية
انتقال علوم الإغريق إلى العرب» – ترجمة متى بيثون ويحيى الثعالبي (مطبعة الرابطة، بغداد 1958
علوم اليونان وسبل انتقالها إلى العرب» – ترجمة وهيب كامل (مكتبة النهضة المصرية، 1962
4-لفكر العربي ومكانه في التأريخ» – ترجمة إسماعيل البيطار دار الكتاب اللبناني، 1972
5-جزيرة العرب قبل البعثة» – ترجمة موسى علي الغول (وزارة الثقافة الأردنية، 1990 م
قديسو مصر: حسب التقويم القبطي» – ترجمة ميخائيل مكسي إسكندر (مكتبة المحبة، القاهرة، 2000 م
ثانيا : رؤية دي لاسي اوليري في وأد البنات :
الوأد هو دفن الانسان حياً وكانت عادة الوأد من العادات التي يمارسها العرب في فترة ما قبل الاسلام،ويرى المستشرق اوليري “ان وأد البنات عادة من عادات الوثنية في الجاهلية …وتعني قتل الطفلة الانثى بدفنها حية “
ومن هنا يعد اوليري دفن البنات (وأد ) احياء من الديانات الوثنية القديمة والعادات البالية التي كان العرب تقوم بها في الجاهلية والتي إنتشرت فيما بعد بين القبائل ، وكانت هناك الكثير من القبائل مشتهرة بذلك وكانت من أكثر تلك القبائل هما قبيلتا ربيعة وتميم، ولم يكن منتشرا في القبائل المستقرة في الحجاز واليمن ، ولم تكن تعرف عند العرب فحسب، ولكن كان هناك العديد من الأمم أيضاً مثل اليهود واليونان والهنود.
ويعد الوأد من ذيول الفقر. وقد جاء ذكره في الآية: (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ، بأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ). والوأد على ما يذكر علماء التفسر وأهل الأخبار هو دفن البنات وهن أحياء، وذلك خوفًا من العار أو لوجود نقص فيها أو مرض أو قبح كأن تكون زرقاء أو شيماء أو برشاء أو كسحاء وأمثال ذلك، وهي من الصفات التي كان يتشاءم منها العرب، أو خوفًا من الفقر والجوع، أو مخافة العار والحاجة. كما قال الله تعالى : ( وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إملاق )
ويعود أسباب الوأد الى انهم يعدون إن الملائكة بنات الله، فألحقوا البنات به. الثانية، إما مخافة الحاجة والإملاق وإما خوفًا من السبي والاسترقاق”. وذكر غيره أن سنين شديدة كانت تنزل بالناس تكون قاسية على أكثرهم، أن من جملة أسباب الوأد وجود نقص في المؤودة أو مرض أو قبح، كأن تكون زرقاء أو شيماء أو برشاء أو كسحاء وأمثال ذلك، وهي من الصفات التي كان يتشاءم منها العرب.
كما اورد اوليري بعض الايات من القران التي تتعلق بوأد البنات بقوله ” وايه تؤنب العربي لموقفه العدائي من الانثى لقوله تعالى ” واذا بشر احدهم بالانثى ،ظل وجهه مسودا وهو كظيم ، يتورى من القوم من سوء ما بشر به ، ايمسكه على هون ام يدسه بالتراب الا ساء ما يحكمون”
وبرر اوليري وأد البنات بالنسبة لسكان الصحراء بقوله ” قد يبدو مقبولا احتمال واد البنات في قبائل الصحراء لايكادون ان يحصلون في احسن الحالات على ما يقيم اودهم مبررا لان تعتبر واد البنات شعيرة ” ويذكر اوليري ايتين اخريتان عن واد البنات (وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ، بأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ”).والاية الاخرى لقوله تعالى “(واذا الوحوش حشرت ) وهذا دليلا اخرى يوضح مدى امكانيات اوليري في تعمقه في مسالة الدين الاسلامي وكذلك دراسته للقران الكريم وتوظيف هذه الايات في مسالة واد البنات ،ويعطي مثالا عن عن احد الاعراب بقوله ” ان عمر بكى وهو يئد طفلة وان صعصعه انقذ180 بنتا من الواد وان محمد اقنع نساء مكة بانه يعدنه بالتوقف عن تلك العادة ”
ويرجع بعض أهل الأخبار تاريخ الوأد إلى أيام “النعمان بن المنذر” ملك الحيرة، حيث إن “بني تميم” منعوا الملك ضريبة الإتاوة التي كانوا يدفعونها ، فقاد الملك حملة عليهم ، وكان أكثر رجالها من بني بكر بن وائل، اوقع بهم وسبت ذراريهم. فلما ارضوا الملك وكلّموه في الذراري، “حكم النعمان بأن يجعل الخيار في ذلك إلى النساء، فأية امرأة اختارت زوجها، ردّت عليه، فاختلفن في الخيار. وكانت فيهن بنت لقيس بن عاصم المنقري، فاختارت سابيها على زوجها، فنذر قيس بن عاصم أن يدسَّ كل بنت تولد في التراب، فوأد بضع عشرة بنتًا.
تنوعت وسائل الواد عند العرب واتخذت اشكالاً مختلفة منها ان بعضهم يحفر حفرة واذا ولدت الحامل بنتا رموها بها كما كانت المرأة اذ حملت حفرت حفرة فمخضت على راسها فأذا ولدت بنتا رمت بها في الحفرة وردت عليها التراب واذا ولدت ولد حبسته وفيها قال الشاعر :
سميتها اذ ولدت تموت والقبر صهر ضامن زميت
ومن الاساليب الاخرى ان يترك الفتاة حتى تبلغ من العمر سداسية فيقول لامها طيبيها وينها حتى اذهب بها الى احمائها وقد حفر لها بئر وعند الوصول اليه يطلب منها النظر فيرمها به .
ويذكر الاخباريون لم تكن هذه الظاهرة سائدة في قبائل العرب عموما حيث يذكر الاخباريون ” ان سائر اهل اليمن ،وحضر موت ،وعك، وعجيب ، واياد، وبني عبس ، كانوا لايئدون بناتهم”
وقضى القرآن على عادة وأد البنات وسوى بين الرجل والمرأة في الإجراءات القضائية والاستقلال المالي، وجعل من حقها أن تشتغل بكل عمل حلال، وأن تحتفظ بمالها ومكاسبها، وأن ترث، وتتصرف في مالها كما تشاء.
المصادر والمراجع :
القران الكريم
اوليري ،دي لاسي ، جزيرة العرب قبل محمد ، ترجمة علي الغول ، ط1، بيروت .1989
برو، توفيق ، تاريخ العرب القديم ،دار الفكر ، ط2،القاهرة ،200.
جبران نعمان ،الشافعي ،روضة ، دراسات في تاريخ الجيرة العربية ،قطر ، 1998
الجميلي ، رشيد ،تاريخ العرب في الجاهلية وعصر الدعوة ،ط1، بغداد .
ابن حبيب ، المحبر ،دار الفكر ، د.مكان،د.ت
حسن ، حسين الحاج ، حضارة العرب في عصر الجاهلية ،مؤسسة مجد للطباعه ،ط4،بيروت ،2006
السامرائي ، جنان احمد عبد العزيز ، اعراف وتقاليد العرب في الجاهلية ومقف الاسلام منها،مطبعة الرفاه، بغداد .
الطبرسي، أبي على الفضل بن الحسن ،مجمع البيان ، دار الفكر ،د.مكان،د.ت
علي ، جواد ،المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام ، دار الساقي ، المدينة .د.ت
الملاح ، هاشم يحيى ، االوسيط في تاريخ العرب قبل الاسلام ،دار الكتب العلمية ، بيروت ،1971م.
هلندا ،روبرت ،تاريخ العرب في الجزيرة العربية، ترجمة عدنان حسن ، ط1،شركةقدمس ، بيروت ،2010
اليافعي ، عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان اليافعي اليمني المكي، مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان،دار الكتب العلمية ،بيروت ، 1997م.