أضواء من الانتخابات الرئاسية الامريكية
       منذ تأسيس النظام السياسي الفدرالي الأمريكي عام 1789 ووفقاً لما نصت عليه المادة الثانية من الدستور الاتحادي ، تجرى الانتخابات الرئاسية في الخامس من شهر تشرين الثاني من سنة الانتخاب ، ولم تنص في أي فقرة من فقراتها على ان يكون المرشح لمنصب الرئاسة ونائبه من الحزب نفسه ، لذلك وللمرة الوحيدة في التاريخ الأمريكي فاز مرشح الحزب الفدرالي جون ادمز بمنصب الرئيس في حين فاز نائبا له توماس جفرسون من الحزب الجمهوري الديمقراطي ، ونتيجة لتساوي الأصوات بين مرشحي الأخير في انتخابات عام 1800 الرئاسية واجراء المفاضلة بينهما في مجلس النواب لـ (35) مرة متتالية ، ادخل التعديل الدستوري الثاني عشر للدستور الذي اشترط ان يكون الترشيح اما لمنصب الرئيس او ناب الرئيس .
       كما تؤدي الاغراءات السياسية والوعود في منح المناصب والامتيازات دورا في هذه الانتخابات كما حصل في انتخابات عامي ( 1824 ، 1876 ) ففي الأولى لم يحصل كلا المرشحين على الأغلبية المطلقة ما أدى للمفاضلة بينهما في مجلس النواب وهنا أدت الوعود بمنح المناصب لفوز جون كوينسي ادمز رغم عدم حصوله على اغلبية الأصوات الشعبية و الانتخابية . اما في الثانية فقد أدت الوعود أيضا لفوز مرشح الحزب الجمهوري رذرفورد هايز رغم حصول مرشح الحزب الديمقراطي صاموئيل تيلدن على اعلى الأصوات الشعبية وتساوي تقريبا مع غريمه على المنصب في المجمع الانتخابي .
       وفي الانتخابات أيضا لم يشير الدستور عند تشريعه لعدد الدورات التي يحق للمرشح ان يشغلها اذا ما فاز في المنصب ، لذلك ولظروف الحرب العالمية الثانية فقد بقي الرئيس الوحيد في التاريخ الأمريكي ( فرانكلين روزفلت ) في المنصب لأربع دورات متتالية الى ان توفي في المنصب ، الامر الذي دعا الكونغرس لإجراء التعديل الدستوري الثاني والعشرين عام 1951 اذ حدد مدة الرئاسة بدورتين فقط .
      تنبغي الإشارة الى ان الانتخابات الرئاسية تجري على دفعتين ، الأولى : الانتخابات المباشرة او التصويت الشعبي ، والثانية : الانتخاب غير المباشر او تصويت المجمع الانتخابي ، الا ان من يحدد فوز الرئيس ونائبه هو التصويت غير المباشر ( تصويت المجمع الانتخابي ) ، فعلى الرغم من فوز    كثير من المرشحين في التصويت الشعبي ، الا انهم لم يفوزوا في المنصب لان المجمع الانتخابي صوت لغريمهم في الانتخابات ، ومثال ذلك في الانتخابات التي أجريت في الأعوام ( 1824 ، 1876 ، 1888 ، 2000 ، 2016 ) ففي الانتخابات الأخيرة فاز المرشح الجمهوري دونالد ترامب رغم عدم حصوله على اغلبية التصويت الشعبي ، اذ حصل على (62,984,828 ) في حين ان هيلاري كلينتون حصلت على ( 65,788,564) ، لكن المجمع الانتخابي صوت لترامب بـ (306) صوت مقابل (232) لهيلاري كلينتون .
      كما ان الحياة السياسية الامريكية لم تقتصر على وجود حزبين فقط (الجمهوري ، الديمقراطي) ، انما توجد أحزاب اخرى يطلق عليها تسمية ( الأحزاب الثالثة) ، الا انها لم تصل لمستوى منافسة الحزبين مهما بلغت من تأثير سياسي ، لكن بالإمكان ان تغير نتيجة الانتخابات بمنح الحزب الخاسر الأصوات التي حصلت عليها مقابل امتيازات ومناصب لأعضائها . 

شارك هذا الموضوع: