تأثير الاقناع الأخلاقي في اسلوب المرشد التربوي
The impact of moral persuasion on the style of the educational guide
 
ali.hmood@uokerbala.edu.iq
 
مقال من أعداد
م . د . علي حمود عبد الزهرة التميمي
وزارة التعليم العالي و البحث العلمي
جامعة كربلاء – كلية التربية للعلوم الانسانية 
التخصص / علم النفس التربوي
Article Review
 
Dr Ali Hammoud 
Ministry of Higher Education and Scientific Research.
University of Karbala – College of Education for Humanities
Specialization: Educational Psychology










الملخص
      تسعى المؤسسات التربوية إلى تطوير اسلوب المرشد التربوي  و شخصيتهُ و تطوير الجانب الأخلاقي في التعامل مع الزملاء بشكل عام لتكوين علاقات إيجابية معهم و الطلبة بشكل خاص من أجل تحسين أداء عملهم وتشجيعهم على العطاء الدائم و التطور المستمر من الناحية العلمية و الأخلاقية تتمثل في بناء شخصيتهم وقدرتهم على توظيف إمكانياتهم نحو العمل المثمر, و عليه سيتكلم هذه المقال أسلوب الاقناع الأخلاقي عند المرشد و دوره في مساعدة الطلبة على بناء شخصيتهم و استغلال قدراتهم و امكانياتهم بأفضل صوره ممكنة باعتبارهم أعمدة المستقبل و بناة الوطن  ، كما يقدم المقال مجموعة من التوصيات التي تسهم في أهمية توظيف الجانب الأخلاقي في عمل المرشد التربوي .  
  الكلمات المفتاحية : الاقناع الاخلاقي  – المرشد التربوي 
 Keywords : moral persuasion – educational guide
Abstract
 
Educational institutions seek to develop the style and personality of the educational counselor and develop the moral aspect of his work with colleagues in general to form positive relationships with them and students in particular in order to improve their work performance and encourage them to give constantly and develop continuously from the scientific and moral point of view represented in building their personality and their ability to employ their capabilities towards fruitful work, and accordingly this article will talk about the style of moral persuasion of the counselor and his role in helping students build their personality and exploit their abilities and capabilities in the best possible way as they are the pillars of the future and builders of the nation, and the article also presents a set of recommendations that contribute to the importance of employing the ethical aspect in the work of the educational counselor.










المقدمة :
         يُعد المرشد التربوي الركن الأساسي  في العملية التربوية و التعليمية، و الخلل في عمله يعرض العملية التربوية إلى الانهيار والتدني السلوكي و الاخلاقي وعليه يتوقف نجاحها وفشلها في تحقيق أهدافها ، لذلك بدأت النظرة للمرشد  تتطور و اولت المجتمعات المتقدمة و النامية بالمرشدين اهتماماً واضحاً وإعدادهم إعداداً متكاملا من مختلف الجوانب علمياً وتربويا و اخلاقيا ومهنياً وثقافياً لأنهم تقع على عاتقهم مسؤولية تربية و تنشئة الطلبة إعداداً سليماً في كافة الجوانب المعرفية و العقلية و الاخلاقية والدينية والاجتماعية وان امتلاك المرشد سمات شخصية و فكرية إيجابية وسوية تساعده على أن ينجز مسؤولياته ومهامه تجاه العملية التربوية والتعليمية بأفضل صورة ممكنة ،وهذه ما بينته نتائج الدراسات بوجود علاقة ارتباطية طردية بين ما يحمله المرشد من سمات فاضلة تعبر عن الشخصية الأخلاقية والتطور الأخلاقي للمتعلم فأي سلوك يصدر من المرشد التربوي يتأثر به الطلبة ويكتسبه طلبته ويحاول تقليده فيما بشكل لاشعوري .   
   ان علم النفس الاخلاقي هو مجال متعدد التخصصات يجمع بين علم النفس و الفلسفة الأخلاقية ، ويطرح عدة تساؤلات مثل كيف يشكل الناس أحكامًا أخلاقية ؟ وما الذي يسير نزعة الفرد للتفكير, و الاحساس, والسلوك بطريقة أخلاقية والابتعاد عن كل السلوكيات غير الأخلاقية ؟ و ما الذي يحفز الفعل الأخلاقي لديهم ؟ فالمتخصصين في علم النفس الأخلاقي يطرحون هذه التساؤلات وغيرها في مجموعة من النظريات و النماذج النفسية العلمية التي ركزت على المفاهيم  والمصطلحات الاخلاقية في أساسها النظري من اجل تفسير السلوك الانساني و مكوناته من جوانب أخلاقية و من  هذه النظريات هي المدرسة التطورية و المعرفية و حتى ظهور فرع من فروع علم النفس يُعرف بعلم النفس الاخلاقي لهُ نظرياته المستقلة مثل نظرية ( كولبرج و دراسيا نارفز و هديت ) و القائمة تطول و يعملون على رد  الانتقادات الموجهة للنظريات السابقة و يعملون على وضع إجابات تناغم العقل الإنساني و طبيعتهُ الروحية (Doris , 2010 , 765 ).
عناصر الاقناع الأخلاقي في أسلوب المرشد التربوي  :
1-العنصر المعرفي : ويتضمن معرفة الاحكام و القواعد الاخلاقية و توظيف الجانب العقلي في عملية التخطيط و المتابعة و للمواقف المختلفة التي تواجه الفرد ، اذا تحتاج عملية الاقناع الاخلاقي الى ضرورة توافر قدرة كبيرة على التفكير المرن حتى يتمكن الفرد من اصدار احكامه الأخلاقية .
2-العنصر السلوكي: ويتضمن الاداء الفعلي في المواقف المختلفة و التعامل معها على اساس الاعتبارات الأخلاقية ، حيث الاقناع الاخلاقي ينشأ من الفعل الاخلاقي نفسه وان اي مرحلة جديدة تؤدي الى توجيه سلوك جديد، في حين ان الفعل الجديد الذي ينطوي على الصراع والاختيار قد يؤدي الى بناء مرحلة جديدة من الحكم الأخلاقي .
3- العنصر الانفعالي:  و يشمل جوانب السيطرة و التحكم في ردود الافعال وضبط الذات وإدارة المكون العاطفي و الانفعالي  ازاء المواقف الاخلاقية المختلفة ، وبالتالي ستكون القوة التي تكون بجانب جميع السلوكيات الأخلاقية وتعمل على إكمال وتنسيق القيم والمعرفة للشخص الأخلاقي .      
4- العنصر الاجتماعي :    ان الاقناع الاخلاقي هو عملية متصلة يعيشها الفرد ، تهدف الى تحقيق نوع من المواءمة و التكيف الاجتماعي الايجابي بين نظرة أخلاقية معينة وخبرة الفرد الذاتية , في عالم اجتماعي تبنى و تأثر بهذه النظرة الاخلاقية , واتخذها معياراً  يسلكه الافراد في مواقف حياتهم المختلفة , اذ ان أسلوب الاقناع الاخلاقي للفرد يتم في أطار نمو عمليات التفكير التي يمر بها الفرد في حياته اثناء تعامله وتفاعله مع بيئته الاجتماعية , ويستمر التطور الاخلاقي من خلال المواقف والخبرات التي يتعرض لها الفرد .
(Bénabou,2020,26).
     ومن الأمور التي يجب أن يراعيها المرشد التربوي أسلوب الاقناع الأخلاقي والذي يساهم في بناء وتكوين الشخصية الأخلاقية لدى الطلبة ما يأتي:-
  1. أسلوب المرشد المرن و الاخلاقي الذي يجب ان يتبعه ينبغي أن يهدف إلى غرس القيم الأخلاقية والعواطف الأخلاقية في نفوس الطلبة والالتزامات الأخلاقية . 
  2. التأمل الواعي بالذات و المواقف و الانفصال عن الذات والوعي بالأنموذج العقلي للمواقف الاخلاقية.
  3. التركيز على المحتوى الدراسي الذي ينقل مبادئ وسمات الفضائل الأخلاقية . 
  4. يجب على المرشدين معرفة الصفات التي يجب أن تتمتع بها الشخصية الأخلاقية التي يرغبون في تعزيزها وغرسها في نفوس الطلبة وتحديد كيفية ظهورها وما يجب عليهم القيام به لضمان تحقيق هذه الإمكانيات الأخلاقية بالكامل .
  5. أن يكون اتجاه المرشد في الحياة مستقيماً يميز بين الخير والشر وبين الصواب والخطأ بأعتباره نموذج يتأثر به الطلبة و يحاولون تقليده .
  6. التحلي بصفات الأمانة و اصدق والوفاء في علاقاته مع الطلبة .
( 2002, 25, Sommers).
     وعليه فأن أسلوب الاقناع الأخلاقي يُعد الأكثر وعياً تجاه القضايا الأخلاقية من خلال زيادة المرونة لتطبيق مجموعة واسعة من المعايير الأخلاقية عند تقييم الإجراءات المحتملة في عملية أتخاذ واخذ القرار الاخلاقي و التفكير  في الإجراءات الأخلاقية البديلة الممكن اختيارها والإبقاء على البديل الأفضل من الناحية الأخلاقية , ويكون للأقناع الأخلاقي دورا هاما فهو يرتبط بالتخيل الاخلاقي و النوايا المبكرة التي تجنب المرشد التربوي أتخاذ القرارات بشكل غير اخلاقي و اختيار القيم الأخلاقية الأكثر أهمية في الموقف والالتزام بها وتحمله مسؤولية الالتزام بهذه القيم والسلوكيات من خلال تطوير نطاق واسع من السيناريوهات والاحتمالات المختلفة ، و يعمل على توليد و صقل الحكم الأخلاقي ليتوافق مع الهوية الأخلاقية للطلبة ، ويسمح لهم بتخيل اساليب جديدة للتعامل مع المواقف المختلفة و يمكنهم من التفكير خارج الصندوق فهم يساهمون بشيء مختلف عما يمكن للطلبة الأقل اهتمام بالقضايا الأخلاقية(You & Bebeaub , 2013 , 2) .
الصفات التي يغذيها ويغرسها اسلوب الاقناع الأخلاقي في شخصية الطلبة  :
أولا : الشجاعة الأخلاقية :
ان الشجاعة الأخلاقية moral courage هي إمكانية الطلبة على توظيف المبادئ الاخلاقية لفعل ما هو صحيح  ونستنتج من تعريف الشجاعة الأخلاقية حقيقة الربط بين الأحكام الاخلاقية والإجراء الأخلاقي و الشجاعة الاخلاقية ضرورية في مواجهة التحديات الأخلاقية وحلها ومواجهة الحواجز التي قد تمنع القدرة على المضي قدمًا نحو الإجراء الصحيح و المناسب للموقف .
    ان أسلوب الاقناع الاخلاقي يرتبط طرديا بالشجاعة الاخلاقية فمواجهة الفرد العقبات و التحديات و الاغتراب الاجتماعي بسبب التقاليد الاجتماعية البالية يحتاج الى ان يظهر الشجاعة الاخلاقية في تحمل اثارها النفسية من اجل البقاء متجاوبا مع الواقع بشكل ايجابي .
ثانيا : الادراك الاخلاقي : 
      ان الادراك الأخلاقي موجه نحو الفعل اي على تفسير خصائص السلوك في سبيل الحكم عليه بطريقة أخلاقية , و تُكمل القناعة الأخلاقي الجانب العملي للإدراك الاخلاقي من خلال توليد إمكانيات جديدة لتحقيق الاهداف الأخلاقية ، و الإدراك الأخلاقي و أسلوب الاقناع الاخلاقي يمارسان في نفس الوقت فبعض الاستجابات الأخلاقية تنطوي على قدرات معرفية .
ثالثا : الوعي الاخلاقي :
         ان الوعي الاخلاقي يمثل تخيل الطلبة بأن قراراته المحتملة يمكن ان تترك اثاراً على المصالح و المنافع الشخصية ومنافع الاخرين بالشكل الذي لا يتعارض مع المعايير الاخلاقية و هذا يؤكد ماطرحهُ العالم النفسي ( 1986Rest ) إن الأفراد الذين يكون يملكون أسلوب الاقناع الاخلاقي يكون من السهل لديهم الوصول إلى المفاهيم الأخلاقية السائدة بصورة جاهزة أكثر من الأفراد الذين يحملون تصور منخفض عن الوعي و الاقناع الاخلاقي يساعد الأفراد على التصرف بطريقة اكثر وعيا بالمضامين و الاسس الأخلاقية عندما يواجهون إلى مواقف صعبة وأكثر إدراكاً للمضامين الأخلاقية العامة في المجتمع
 ( Butterfield et al , 2000, 982) .
التوصيات
  1. على وزارة التربية القيام بعقد ندوات ومؤتمرات حول السمات الأخلاقية للمرشد وكيفية الحفاظ عليها وصيانتها بهدف تعزيزها. 
  2. تكريم ومكافأة المرشد التربوي المثالي أخلاقياً ومهنياً من قبل الاشراف التربوي  .
  3.   تعزيز وتطوير العمل الجماعي في المدارس من خلال ارشاد وتوجيه مدراء المدارس و المدرسين في اشراك زملائهم التربويين في انجاح العمل .
  4. اجراء اختبار لتشخيص الأسلوب الأخلاقي في شخصية المرشد التربوي وفق مقاييس تتعلق بمهارات وصفات مهنية وشخصية وانسانية تسهم في نجاح العمل الارشادي .
  5. إخضاع المرشد التربوي للتقييم النفسي والتربوي و الأخلاقي .
المصادر
  • Bénabou, R., Falk, A., & Tirole, J. (2020). Narratives, imperatives, and moral persuasion. University of Bonn, mimeo.‏
  • Butterfield, K. D., Trevin, L. K., & Weaver, G. R. (2000). Moral awareness in business organizations: Influences of issue-related and social context factors. Human relations, 53(7), 981-1018.
  • Doris, J. M. (2010). The moral psychology handbook. OUP Oxford.‏
  • Sommers, C. (2002). How moral education is finding its way back into America’s schools. In Damon, W. (Ed.), Bringing in A new Era in Character Education (pp. 23-41). Stanford, CA: Hoover Institute Press.

شارك هذا الموضوع: