كلية التربية للعلوم الإنسانية / قسم العلوم التربوية والنفسية
alyaa.b@uokerbala.edu.iq
هذا المقال يسليط الضوء على ظاهرة تعاطي المخدرات وآثارها على الفرد والمجتمع وطرق مواجهتها قانونيا ، تعد ظاهرة تعاطي المخدرات من الظواهر الاجتماعية التي تؤثر بشكل مباشر في المجتمع لما لها من اثار مدمرة على افراده، لذلك لا بد من مكافحتها ومواجهتها للحد من تأثيرها ومخاطرها على الفرد والمجتمع ومحاولة القضاء عليها نهائياً ليس فقط من خلال تعزيز الجهود الفردية والاجتماعية بل من خلال الجهود الاقتصادية والسياسية والثقافية وخصوصا وسائل الاعلام التي تؤدي دوراً هاماً في مكافحة او انهاء هذه الظاهرة وتأثيرها السلبي على المجتمع بأكمله، لأنها أصبحت من اكبر واسوء المشاكل التي تواجه مجتمعنا والتي تهدد عائلاتنا وشبابنا ، لذلك لا بد لنا من بيان مفهوم المخدرات ، واثارها الصحية والاجتماعية ، والحد منها قانونياً في ثلاث فقرات كالاتي:
أولا: مفهوم المخدرات
ان وضع تعريف جامع مانع شامل للمخدرات هو امر في غاية الصعوبة لذلك انقسمت التعريفات بحسب الجانب الذي ينظر منه اليها
فالتعريف الاصطلاحي: هي مجموعة العقاقير التي تؤثر على النشاط الذهني للشخص المتعاطي، اما بتنشيط الجهاز العصبي المركزي او ابطال نشاطه، او هي كل مادة تصيب الانسان بفقدان وعيه وقد تحدث غيبوبة او وفاة وكل ما ينهك الجسم والعقل، وعرفها البعض على انها كل ما يسبب الكسل والاسترخاء وثقل الأعضاء والضعف والخمول واللامبالاة.
التعريف القانوني: من خلال اطلاعنا على القانون العراقي نجد انه عرف المخدرات في الفقرة(8) من المادة(1) من قانون المخدرات رقم(68) لسنة 1965على انها (كل مادة طبيعية او تركيبية او المواد المدرجة بالجدولين الملحقين بهذا القانون)، نلاحظ ان المشرع اعطى مفهوما موسعا للوقاية من المخدرات وذلك بإدخاله المواد الاصطناعية والطبيعية التي من شأنها ان تحدث اثار مخدرة في نطاق التجريم.
كما يتم تفسير مفهوم المخدرات قانوناً على انها المواد التي تخدر الانسان وتسبب له الإدمان والتي تؤدي الى انبعاث سلوكيات ضارة بالنفس سواء على مستوى المدمن او الأشخاص الاخرين والتي يحضرها القانون الجنائي لإساءة استعمالها والتي قسمت الى جداول واقسام حسب خطورتها.
ثانيا: الآثار الصحية والاجتماعية لتعاطي المخدرات
بما ان الاسرة هي نواة المجتمع فأن انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات بين افرادها مصيرها يكون التفكك والضياع، فالمخدرات لها تأثيرات متعددة نقتصر على بيان اثارها الصحية والاجتماعية، فمن منظور الصحة وعلم النفس فأن تعاطي الادوية المخدرة يؤثر بشكل مباشر على الجهاز العصبي للإنسان مما يؤدي الى فقدان الشخص الوعي والشعور، وبالتالي يؤدي الى الخمول فتأثيرها على الفرد يؤدي الى مشاكل في القلب وجهاز الدوران كارتفاع ضغط الدم واعتلال عضلة القلب وغيرها من الامراض الأخرى ومشاكل في الجهاز الهضمي مثل التهاب البنكرياس وتؤثر كذلك على الجهاز التنفسي مثل تضييق القصبات الهوائية ومشاكل الجهاز العصبي مثل فقدان الذاكرة والشعور المزمن بالصداع والجلطات الدماغية.
اما بالنسبة الى تأثيرها على المجتمع فأن انتفال الامراض العقلية ترتبط بمجموعة من الاضطرابات النفسية التي تؤدي الى الاضطرابات الشخصية وخصوصا الشخصيات المعادية للمجتمع مما يؤثر سلبا على المجتمع بسبب انتشار الجريمة في محاولة لنشر سلوك تعاطي المخدرات.
اما تأثيراتها الاجتماعية فتتجلى بعلاقة المتعاطي بالأسرة من جهة وعلاقته بالمجتمع من جهة أخرى، فبالنسبة لعلاقته بأسرته فتتمثل بشكل أساسي بعلاقته بوالديه في المنزل وولادة أطفال غير اصحاء الى جانب زيادة الانفاق على المخدرات الذي يحد من دخل الاسرة وبالتالي يولد توترات والعيش في جو من المشاكل الاجتماعية التي لا يمكن حلها وبالتالي ينتهي الامر بتفكك الاسرة وهو ما ينعكس على المجتمع فالمتعاطي يكون مرفوض اجتماعياً في علاقته مع الاخرين في العمل او مع الأصدقاء وقد تؤدي به الى الانتحار.
ثالثاً: المخدرات في القانون العراقي
اهتم المشرع العراقي بموضوع المخدرات من حيث البيع والشراء والتداول والتعاطي اذ نصت المادة(28) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم(50) لسنة 2017 على (عقوبة السجن المؤبد او المؤقت وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار ولا تزيد على ثلاثين مليون كل من ادار او أعد او هيأ مكانا لتعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية ومن اغوى حدثاً وشجع زوجة او احد اقربائه حتى الدرجة الرابعة على تعاطي المخدرات او المؤثرات العقلية وللمحكمة بدلاً من ان تفرض العقوبة ان تلزم من تعاطي المواد المخدرة بمراجعة عيادة نفسية تنشأ لهذا الغرض لمساعدته على التخلص من عادة تعاطي المخدرات) ، وقد عاقب المشرع العراقي على جريمة تعاطي المخدرات في المادة(32) من القانون نفسه (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة ولا تزيد عن ثلاثة سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين ولا تزيد عن عشرة ملايين دينار كل من استورد او انتج اوصنع او احرز او اشترى مواد مخدرة او مؤثرات عقلية او سلائف كيميائية او زرع نباتا من النباتات التي ينتج عنها مواد مخدرة ومؤثرات عقلية او اشتراها بقصد التعاطي والاستعمال الشخصي)، وبالمثل نصت المادة(33) على ان عقوبة كل من سمح لغيره بتعاطي المخدرات او تناول أي مؤثرات عقلية سواء بمكافأة او من دون مكافأة ، بعقوبة لا تقل عن الحبس (6) اشهر ولا تزيد عن سنتين وغرامة لا تقل عن ثلاثة ملايين دينار ولا تزيد عن خمسة ملايين دينار ، اما بالنسبة لتهريب المخدرات او تعاطيها من قبل افراد القوات المسلحة العراقية فقد نص القانون بالحكم على أولئك الذين يخدمون في القوات المسلحة بدفع غرامة لا تقل قيمتها عن ثلاثة الاف دينار او بالسجن المؤبد ولا تزيد عن عشرة الاف ديناركما يجوز توقيع عقوبة الإعدام على افراد القوات المسلحة او أي فرد يخدم في القوات المسلحة اذا تم القبض عليه اثناء مطاردة العدو.
الخاتمة
ندعو من خلال الوازع الديني والقانوني والإنساني والاجتماعي الى تعزيز أنشطة التوعية في المدارس والجامعات فضلاً عن التمسك بالمعتقدات الدينية والتركيز على المواد التعليمية واتاحتها للفئات المستهدفة، وكذلك إقامة الندوات والمؤتمرات وتكليف المختصين بألقاء محاضرات التي تتضمن طرق الوقاية والعلاج، ومعالجة الأسباب والدوافع التي تؤدي الى تعاطي المخدرات ونقترح اجراء الدراسات العلمية التي تستهدف فاعلية طرق الارشاد للحد من هذه الظاهرة.