مقال بعنوان
العافية الشخصية  Personal Wellness
اعداد م.م نور مكي حميد الحسناوي 
جامعة كربلاء – كلية التربية للعلوم الانسانية –قسم العلوم التربوية والنفسية 
انحصر الدور التقليدي لعلم النفس على مدى عقود عديدة في التركيز على دراسة الجوانب السلبية في الشخصية الإنسانية، وإهمال خصالها الإيجابية ، إذ اهتم علم النفس بإصلاح الأضرار، وعلاج الاضطرابات النفسية أكثر من اهتمامه بمساعدة الأفراد في الحياة بشكل منتج ، وتطوير قدراتهم، وإمكاناتهم الضرورية للنمو غير أن هناك توجها جديداً اكتسب العديد من المؤيدين وهو علم النفس الإيجابي ويرجع الفضل في تأسيسه إلى العالم مارتن سلغمان في ثمانينيات القرن العشرين ويركز هذا التوجه على فهم هؤلاء الأفراد الذين يعيشون في سعادة غامرة ، وحكمة ولياقة نفسية على المستويين الجسمي والنفسي، ومساعدة الآخرين على اکتساب وتطوير قواهم الشخصية هذه القدرات التي تسمح للأفراد بالنمو والازدهار هي ذاتها التي تخفف من تأثيرات المشقة، وتمنع كل من المرض النفسي، والجسمي 
إذ كرس علم النفس مساحة كبيرة لفحص الجوانب المختلفة للحزن والاكتئاب والقلق والتعاسة والخوف والعدوان والانحراف وبدأ اهتمام علماء النفس حديثا بالجوانب الإيجابية بدلا من الجوانب السلبية من مشكلات واضطرابات واختلالات، وأحد هذه التنظيرات في علم النفس الإيجابي تسمى بالعافية الشخصية 
وتستلزم العافية الشخصية للمعلم المرشد تحقيق التوازن بين مختلف المظاهر الجسمية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والمعرفية له وتحدده عدة أبعاد اهمها تحقيق الذات التكيفية ، والذات الإبداعية، والذات الأساسية ، والذات الجسمية  والذات الاجتماعية، وبدورها تحقق جوانب مهمة في الوصول الى العافية الشخصية وتعد أهم ملامح الصحة الإنسانية الإيجابية والتي تشمل العافية الجسدية والنفسية وتتطلب تكوين قاعدة قوية من أفكار وأفعال الخير متبادلة التأثير
وعليه أصبح مفهوم العافية  الشخصية من المفاهيم التي يتم تناولها في الفترة الأخيرة ، لما له من دور مهم في تحقيق الصحة النفسية والتوافق النفسي والرضا لدى الأفراد لارتباطها بالحالة المزاجية الإيجابية، والرضا عن الحياة وجودتها وتحقيق الذات والتفاؤل ويتداخل هذا المفهوم مع بعض المفاهيم الإيجابية الأخرى كالشعور بالراحة، والرضا عن الحياة، والمتعة في الحياة، والتوافق النفسي والإنجاز، والسلامة النفسية ، والقناعة والطمأنينة وطيب العيش 
ولا شك أن العافية الشخصية من المفاهيم المعقدة نسبيا نظرا لصعوبة تحليل عناصرها والعوامل التي تبنى عليها، إذ يشكل هذا المفهوم العمود الفقري لعلم النفس الإيجابي الذي يتناول الجانب الإيجابي من شخصية الإنسان بعيدا عن الأمراض النفسية كالقلق والاكتئاب والتوتر والخوف، هذه العافية التي لطالما تناولها علماء النفس كهدف نبيل يسعى الإنسان للعيش في ظلاله، والذي تتشارك العوامل النفسية والاجتماعية والوجدانية والمعرفية والاقتصادية في بلورتها وبنائها إذ كان ينظر للعافية الشخصية على نطاق واسع على أنها عملية ديناميكية لتعظيم إمكانات الفرد 
ولقد اشار دان (1997) ان العافية الشخصية الحديثة هي  سعي ديناميكي للفرد من أجل تحقيق أعلى إمكاناته في البيئة الاجتماعية عن طريق دمج نقاط القوة والاهتمامات الشخصية وقد سلط دان الضوء على العمليات الديناميكية والشخصية لتعزيز وتحقيق التوازن بين الرفاه الجسدي والعقلي والروحي
وتحقق إدارة الفرد لذاته بشكل واعي العافية الشخصية له ويمنع عنه الضرر والفشل، ويكون قادرة على الاستفادة من تجارب الحياة الناجحة التي تجعله ذو شخصية قوية واثقة من نفسها تعمل على تحقيق الأهداف بنجاح، وتمكنه من القدرة على اتخاذ القرارات والقدرة على إدارة الانفعالات مما يحقق له العافية        الشخصية 
وذكر روسكو(2009) Roscoe ان النقاط المشتركة بين الباحثين حول مفهوم العافية الشخصية والنماذج المفسرة لها، أن مفهوم العافية يتكون من عدة عوامل تتفاعل ديناميكية بشكل معقد ومتكامل، هذا التفاعل يجعل مجموع العوامل أكبر من الكل، إذ أن العامل لا يتجزأ ولا يعمل بشكل منفصل، ولتتحقق العافية يجدر تحقیق التوازن بين عواملها 


شارك هذا الموضوع: