قسم الجغرافية التطبيقية /كلية التربية للعلوم الإنسانية/ جامعة كربلاء
ان البيئة والانسان في علاقة دائمة ومستمرة على مدى العصور وبدأت هذه العلاقة بالتوتر وزاد تأثيرها سلبا بعد تزايد المشكلات البيئية وتفاقمها ووصول الخلل في النظام البيئي الى مستويات عالية وذلك بسبب سعي الانسان وتطور قدراته للحصول على الرفاهية وامتلاك الثروة ولبيئة ، فضلا عن صعوبة عودة النظام البيئي الى التوازن الحقيقي بسهولة كون مصدر المشكلات ثابتة (الانسان وانشطته) ،وعدم وجود وعي بيئي كافي للمجتمعات بخصوص هذه المشكلات وكيفية التعامل معها واقتراح وتطبيق الحلول للحد منها ، لذا جاء الاهتمام في وضع أسس ومفاهيم توضح لهذه المجتمعات وضع البيئة الحالي وكيف يتم اتخاذ القرارات وتبلورت هذه الحلول ووسائل التوضيح والتوعية في مفهوم التربية البيئية حديثا .
ولقد مر مفهوم التربية البيئية بعدة مراحل الى ان وصل الى مفهومه الحديث ، اذ عرفتها منظمة اليونسكو 1990 “هي منهج تربوي لتكوين الوعي البيئي بتزويد الفرد بالمعارف والمهارات والقيم والاتجاهات التي تنظم سلوكه وتمكنه من التفاعل مع بيئته الاجتماعية والطبيعية فيما بينهم في حمايتها وحل مشكلاتها” ، كما وعرفت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع منظمة اليونسكو التربية البيئية على انها ” عملية تكوين المهارات والاتجاهات والقيم اللازمة لفهم وتقدير العلاقات المعقدة التي تربط الانسان وحضارته بمحيطه الحيوي وتوضيح حتمية المحافظة على مصادر البيئة وضرورة حسن استغلالها لصالح الانسان والحفاظ على حياته الكريمة ورفع مستوى المعيشة “.
واستمر مفهوم التربية البيئية بالتبلور وربطها بالتنمية المستدامة عبر عدة مراحل ،اذ تم الاعتراف بها ودورها المهم في الحفاظ على البيئة لأول مرة في مؤتمر ستوكهولم (1972) واستمر تطورها ووضع لها اطارا شاملا ومبادئ وتوجيهات واسس عمل واستراتيجيات في عدة مؤتمرات ومواثيق عالمية مثل (ميثاق بلغراد 1975 ، ومؤتمري تبلسي 1977 ، وموسكو 1987) ، وصولا الى تكييفها وربطها بزيادة الوعي وربطها بالاستدامة ووضع برامج تدريبية بيئية في مؤتمر ريودي جانيروا عام 1992 وكان التوجه نحو ادخال التربية البيئية في المدارس والتعليم المدرسي كونه النواة الأولى لتفتيح الوعي البيئي للإنسان ويستمر ذلك وصولا الى التعليم الجامعي شاملة منهج علمي رصين نظري ويصاحبه أنشطة تطبيقية بيئية تساهم في خلق جيل واعي معنى بسلوكيات جيدة في تعامله مع البيئة.
تهدف التربية البيئية الى تحقيق عدة ابعاد وفقا لأهدافها السلوكية التربوية ، اذ يشمل البعد المعرفي كل المعلومات عن النظام البيئي ومكوناته والبيئة المحيطة ، اما البعد المهاري السلوكي والذي يشمل مهارات التخطيط البيئي وعملية الترابط المشكلات البيئية وتقويم معايير لاستخدام والتأكد من صدق المعلومات والبحث عن مصدرها ، فضلا عن البعد الوجداني (الانفعالي) الذ يهدف الى تطوير المواقف والاهتمامات والاتجاهات والتفاعل بين البيئة والشعور في الحاجة الى تحسين العلاقة بالبيئة .
تتحقق اهداف التربية البيئية عن طريق إدخالها ودمها في التعليم النظامي ،ويحدث ذلك عن طريق مدخلين، أولها المدخل الاندماجي ، أي عن طريق تضمين البعد البيئي في مواد دراسية او مدخل الوحدات الدراسية ويشمل تضمين وحدة او محور في البيئة لأحدى المواد الدراسية ، او عن طريق مدخل مستقل يتمثل في برامج دراسية متكاملة للتربية البيئية كمنهاج دراسي مستقل .
ومن الإجراءات الأساسية لتحقيق اهداف التربية البيئية هي :
دراسة المشكلات البيئية من جذورها والعوامل المسببه والمساعدة لحدوثها وتفاقمها.
ابراز وتوضيح اهم الاثار التي تسببت بها هذه المشكلات وتوضيحها على مختلف الأصعدة (الاقتصادية ، الاجتماعية السياسية ) وذلك على مستوى المحلي والعالمي.
العمل على اعداد تقارير رصينة تشمل دراسة إحصائية وبيانية توضح اهم الحلول للمشكلات البيئية ، وتكون هذه الدراسات بالتعاون مع منظمات تتسم بالمصداقية في تقديم المعلومات الصحيحة .
تعزيز القيم البيئية من خلال زيادة الأنشطة المدرسية والجامعية من خلال الاعمال التطوعية والعروض والتجارب العلمية المختبرية وزيادة الحدائق .
وبالتالي نطرح السؤال لماذا نحتاج التربية البيئية في حياتنا ؟
يمكننا الإجابة وفقا لما طرح أعلاه لما لقدرة التربية البيئية على التقليل من تأثير المشكلات البيئية
من خلال خلق جيل واعي فاهم لبيئته ومشاكلها ، وكيف يرسم خارطة تسعى الى تجنب حدوث هذه المشاكل مستقبلاُ والتقليل منها فهي مادة مستقله تتطلع الى المستقبل .