الحناجر بلغتها القلوب
سَلسَلة مقالات تأسيسنا بعض مصطلحات الرواية التاريخية الاستدلال الروائي اختيارًا
رسالة من مُلهم بفكر الرسول الأعظم محمد بن عبد الله(صلى الله عليه وآله وسلم) النير،ومتتبع لإستراتيجيته العسكرية وأخلاقه في الحرب التي تُرسم منهج قويم للإنسانية.
شهدت السنة الخامسة للهجرة غزوة الخندق؛سُميت لأمر الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)﴿ الذِي لَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى ﴾(سورة النجم،آية4) بحفر خندق حول بعض جهات مدينته المنورة،واستنادًا لمصطلحنا المبتكر في الرواية التاريخية(الاستدلال الروائي)ومعناه: الإبانة أو الدلالة المستخرجة من الرواية التي تحويها(الرواية ذاتها الخاصة بالحدث المعني)،أو روايات الأحداث الأخرى(الأعم) النافعة في الاستدلال،جاء في كتاب أبي سفيان لرسولنا الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم)” لقد سرتُ إليك في جمعنا،وإنا نُريد ألا نعود أبدًا حتى نستأصلك،فرأيتك قد كرهتَ لقاءَنا، وجعلت مضايق وخنَادق،فليت شعري مَن علمك هذا؟…وكتب إليه رسول الله صلى الله عليه[وآله]وسلم من محمد رسول الله إلى أبي سفيان بن حرب…وأما قولك:من علمك الذي صنعنا من الخَندَق،فإن الله تعالى ألهمني ذلك”.
الخندق حُفر تحسبًا للعدو المتحزب،إذ إن رهطًا من يهود بني النضير قصدوا مكة ودعوا قريش للتحالف ضد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)،واخبروا غطفان بالتحاق قريش،وأتوا قبيلة أسلم وغيرهم،فدُعيت بغزوة الأحزاب أيضًا،فكان عددهم عشرة ألاف،والمسلمين ثلاثة ألاف.
يبدو من الكتاب أعلاه الاستئصال للنبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والمسلمين كان هدف تحالفهم،وأعانهم نقض يهود بني قريظة العهد؛فعظم البلاء على المسلمين واشتد خوفهم،عدوًا خارجي في الأسفل وناقض عهد في الداخل فوقهم كما في قوله سبحانه:﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ﴾(سورة الأحزاب،آية10).
تَسلسل الخندق شخصًا تُعد قوته بألف رجل،وطلب من المسلمين مبارزًا ووجل القوم وكأن الطير على رؤوسهم،فا(( برز الإيمان كله إلى الكفر كله)) على حد وصف نبينا محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) خروج الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) لمبارزة عمرو بن عبد ود العامري.
الله أكبر علت في الأفق رمزت لمقتل عمرو بن عبد ود العامري،وقيل تجنيًا إن الإمام علي(عليه السلام)قطع رأس العامري وحمله ماشيًا بتبختر،لكن بالاستدلال الروائي للأحداث العامة،إذ ورد في كتب الفريقين لرسولنا الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) وصايا عسكرية:((اغزوا بسم الله وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله،أغزوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا))،وقطع الرأس من المُثلى،حتى في حرب الكفار،بل نهى (صلى الله عليه وآله وسلم) عن المُثلى بالبهائم،سيما وهناك روايات إن الإمام علي (عليه السلام) لم يسلب عمرو بن عبد ود درعه حتى لا يفضحه بظهور سوأته؛لأنه سترها بالدرع، فأين السلب من القطع! ، ولم نرَ أي ذكر لقطع رأس عمرو بن عبد ود العامري عند رائد المغازي الواقدي (ت207ه)،والمؤرخ الطبري(ت310ه) المتابع للحدث التاريخي من طرقه العديدة.
الظاهر وفق الاستدلال الروائي المتقدم روايات قطع الرأس ضعيفة ومعلولة جاءت محملة بأعراض مرض النفاق والعداء والإقصاء لنفس الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)علي بن أبي طالب(عليه السلام)،وربما محاولة يأسة لمدرسة الوضع بُغية تغطية جرائمهم بقطع الرؤوس،فطافوا برأس عمرو بن حمق الخزاعي(رضوان الله عليه) في البلدان،ورأس إمامنا سيد الشهداء(عليه السلام).
بعناية الله تعالى ومَنه جاء في الكتاب العزيز:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا﴾(سورة الأحزاب،آية9)،فتفرق الأحزاب وتعذر التقاء الجيوش﴿ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً﴾(سورة الأحزاب،آية25).
المصادر والمراجع
– القرآن الكريم.
المصادر:
-البخاري،إسماعيل بن إبراهيم(ت256ه/869م).
1-الجامع الصحيح المختصر المشهور بصحيح البخاري،تحقيق:مصطفى ديب، ط3، دار ابن كثير،بيروت،(1408ه/1987م).
-البيهقي،أحمد بن الحسين(458ه/1065م).
2-دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة،تحقيق:عبد المعطي قلعجي، ط1،دار الكتب العلمية،بيروت،(1408ه/1988م).
-الترمذي،محمد بن عيسى السلمي(ت279ه/892م).
3-الجامع الصحيح المشهور بكتاب سنن الترمذي،تحـقيق:محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي،بيروت،(د.ت).
-الجاحظ،عمرو بن بحر(ت255ه).
4-العثمانية،تحقيق:عبد السلام محمد هارون،دار الكتاب العربي،مصر،1955م.
-ابن أبي جمهور الاحسائي،محمد بن علي بن إبراهيم(ت نحو880ه).
5-عوالي اللئالي،تحقيق:مجتبى العراقي،ط1،مطبعة سيد الشهداء،قم المقدسة، 1983م.
– الحاكم النيسابوري،محمد بن عبد الله(ت405ه/1014م).
6-المستدرك على الصحيحين،تحقيق:مصطفى عبد القادر عطا،ط1،دار الكتب العلمية،بيروت،(1411ه/1990م).
-ابن أبي الحديد،عبد الحميد بن هبة الله المدائني (ت656ه/1258م).
7-شرح نهج البلاغة،تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم،ط1،دار أحياء الكتب العربية ،القاهرة،(1378ه/1959م).
-ابن حنبل،أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني(ت241ه/855م) .
8-مِسند الأمام أحمد بن حنبل،مؤسسة قرطبة،مصر،(د.ت).
-الديلمي،الحسن بن بن محمد(ت ق8ه).
9-إرشاد القلوب،ط2،انتشارات الشريف الرضي،قم المقدسة،1415ه.
-ابن الصباغ،علي بن محمد المالكي(ت855ه/1451م).
10-الفصول المهمة في معرفة الأئمة،تحقيق:سامي الغريري،ط1،دار الحديث،قم المشرفة،(1422ه/2001م).
– الطبري،محمد بن جرير بن يزيد (ت310ه/922م).
11-تاريخ الرسل والملوك،تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم،ط2،دار المعارف، القاهرة، (1388ه/1968م).
-الطوسي، محمد بن الحسن الطوسي(ت460ه/1067م).
12-تهذيب الأحكام في شرح المقنعة للشيخ المفيد رضوان الله عليه،تحقيق:حسن الخرسان،دار الكتب الإسلامية،طهران،(1390ه/1970م).
– الكليني،محمد بن يعقوب (ت329ه/940م).
13-الكافي(الأصول والفروع والروضة)،تحقيق:علي اكبر الغفاري،ط3،دار
الكتب الإسلامية،طهران،(1410ه/1989م).
-ابن ماجة،محمد بن يزيد القزويني(ت273ه/887م).
14-سنن ابن ماجة ،تحقيق:فؤاد عبد الباقي،دار الفكر،بيروت،(د.ت).
– المتقي الهندي،علي بن حسام الدين(ت975ه/1567م).
15-كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال،تحقيق:محمود عمر الدمياطي،ط1،دار الكتب العلمية،بيروت،(1419ه/1998م).
-مسلم،ابن الحجاج القشيري(ت261ه/874م).
16- المسند الصحيح المُختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المعروف بصحيح مسلم،تحقيق:محمد فؤاد عبد الباقي،دار أحياء التراث العربي،بيروت،(د.ت).
– الهيثمي، علي بن أبي بكر(ت807ه/1404م).
17-مجمع الزوائد ومنبع الفوائد،دار الريان،القاهرة،(1407ه/1986م).
– الواقدي،محمد بن عمر(ت207ه/822م).
18-المغازي،تحقيق:مارسدن جونس،ط3،مؤسسة الاعلمي،بيروت،(1410ه /1989م).
المراجع:
-العاملي،جعفر مرتضى.
19-الصحيح من سيرة الإمام علي عليه السلام (المرتضى من سيرة المرتضى) ،ط1،دار ولاء المنتظر(عجل الله فرجه)،قم المشرفة،(1430ه/2009م).
20-الصحيح من سيرة النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)،ط1،دار الحديث،قم المشرفة،(1426ه/2005م).
الرسائل والاطاريح:
21-الحسيناوي،حيدر عبد الحسين عبد السادة.
-كشف الأسرار في أولاد خديجة من النبي المختار،أطروحة في التاريخ الإسلامي مقدمة لمجلس كلية التربية للعلوم الإنسانية-جامعة كربلاء،2021م.