ا. د. عدي حاتم عبد الزهرة المفرجي جامعة كربلاء كلية التربية للعلوم الإنسانية قسم التاريخ
يقصد بالمرجعية الدينية بالمؤسسة الشاملة في الامور الشرعية والعلميةوهو مصطلح حديث يعني من الناحية التنظيمية التكوين الطبيعي لكل مجتمع مؤمن ومتمسك بالشؤون الشرعية ،اذ ان لكل مجتمع له مرجعيات سواء كانت في التنظيم السياسي او الاقتصادي او الديني او غيره.
كان يوجد تواصل بين المنتفضين ومرجعية ابي القاسم الخوئي .اذ كانوا يتواصلون عن طريق ولديه سيد ابراهيم الخوئي والسيد محمد تقي الخوئي ومنهما كان المنتفضون يستمدون التوجيهات والتعليمات ووصايا المرجعية ومن رجال الدين الكربلائيين الداعمين للانتفاضة السيد كاظم رضا الحكيم الملقب السيد كاظم الهندي الخباز والشيخ ضياء الزبيدي وسيد مصطفى الاستربادي، وسيد محسن بن سيد كاظم القارئ و السيد صدر الدين الشهرستاني بل التحق قسم من المعممين في صفوف المجاهدين بشكل عفوي ليكونوا حلقة وصل مع مرجعية النجف.
كانت توجيهات مرجعية النجف أقرب الى وضع القانون المفقود في تلك المدة ، وان توجيهاتها تجاوزت حدود مدينة النجف، وبخاصة فيما يتعلق بالحفاظ على السلم الاهلي في المحافظات التسعة المنتفضة. اذ حث المرجع السيد أبو القاسم الخوئي في فتواه الأولى في الانتفاضة على حماية “ممتلكات الشعب وأموالهم وأعراضهم وكذلك حماية جميع المؤسسات العامة”، ووجّه الناس مرارا إلى اتباع أحكام الشريعة الإسلامية. وكان بإمكان السيد الخوئي أن يحرك الانتفاضة بسهولة في أي اتجاه يريده بعد أن وصلت الانتفاضة إلى أوجها، إلا أن همه الأول كان تجنب حالة الفوضى، ثم أصدر السيد الخوئي فتواه الثانية التي أنشأ فيها لجنة عليا مكونة من تسعة رجال دين منهم من كان يتصل بهم المنتفضون في كربلاء وهو السيد محمد تقي الخوئي وهؤلاء التسعة رفيعي المستوى في مرجعية النجف ووظيفتهم الإشراف على المهام الإدارية لإدارة أمور الحياة اليومية في المحافظات التسعة المنتفضة ، وهو دليل صارخ على دعمه للانتفاضة وكانت تقارير وكلاء السيد الخوئي متعاونة مع هذه اللجنة ،ولذا فإن اللجنة كانت معنية بكل المناطق التي سيطر عليها الثوار .وعلى الرغم من أن هذه اللجنة قد تبدو وكأنها مشاركة صريحة في السياسة، وأيضا في ضبط الحياة العامة في الحفاظ على السلم الاهلي من خلال حماية السجناء والتقليل من الجريمة وتوزيع الأغذية والمواد على الأهالي وتسهيل إمكانية الحصول على الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والماء وعدم طلب الثأر والحفاظ على النسيج المجتمعي وغيرها
ان لجنة التسعة كانت بطلب من مجاهدي الانتفاضة في العراق مطالبة بشكل صريح تعيين قيادة مركزية للثوار، فاستجاب آية الله العظمى السيد ابو القاسم الخوئي (رحمه الله) لمطالب المنتفضين وكانت باسم (اللجنة العليا لإدارة البلاد) في 21 شعبان 1411هـ.
وفتوى تشكيلها ما يلي : ” بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله ربِّ العالمين وبه نستعين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وبعد، فان البلاد تمر هذه الايام بمرحلة عصيبة تحتاج فيها إلى حفظ النظام واستتباب الأمن والاستقرار والاشراف على الأمور العامة والشؤون الدينية والاجتماعية تحاشياً من خروج المصالح العامة عن الإدارة الصحيحة إلى التسيّب والضياع. من اجل ذلك نجد ان المصلحة العامة للمجتمع تقتضي منّا تعيين لجنة عليا تقوم بالأشراف على ادارة شؤونه كلّها بحيث يمثل رأيها رأينا وما يصدر منها يصدر منّا. وقد اخترنا لذلك نخبة من اصحاب الفضيلة العلماء المذكورة اسماؤهم ادناه ممن نعتمد على كفاءتهم وحسن تدبيرهم فعلى ابنائنا المؤمنين اتباعهم واطاعتهم والانصياع إلى اوامرهم وارشادهم ومساعدتهم في انجاز هذه المهمة.نسأل الله عزّ وجل ان يوفقهم لأداء الخدمة العامة التي ترضيه سبحانه وتعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه ولي التوفيق وهو حسبنا ونعمة الوكيل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسماء اللجنة العليا
السيد محيي الدين الغريفي.
السيد محمد رضا الموسوي الخلخالي.
السيد جعفر بحر العلوم.
السيد عز الدين بحر العلوم.
السيد محمد رضا الخرسان.
السيد محمد السبزواري.
الشيخ محمد رضا شبيب الساعدي.
السيد محمد تقي الخوئي.
السيد محمد صالح السيد عبد الرسول الخرسان
توقيع: ابو القاسم الخوئي
النجف الاشرف
21 شعبان 1411هـ”.
ولدينا دليل على دعم مرجعية ابي القاسم الخوئي ومن الوثائق الرسمية العراقية وهي صحيفة الثورة التي نشرت جواب السيد الخوئي رحمه الله بعد سؤاله عن موقفه من الانتفاضة فقال ” نصحت ” أي نصحت وبمعنى وجهت ولم يقل “رفضت او منعت او حرمت ” وآنذاك كتبت ذلك ونصه ” ..فنصحت من نصحت ولا يجوز قتل المسلم …
والدليل على الامتثال لمرجعية الخوئي ذكره شاهد عيان ” ومن التوجيهات القادمة من النَّجف الأشرف من آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي-قدس سره الشريف- بعدم ترك البعثيين المقتولين الذين حاربوا المجاهدين والمنتفضين بالعراء، ودفن جثثهم وبأسرع وقت ممكن، وقد تم تنفيذ هذه التوجيهات المباركة” ونداءات كثيرة صادرة من مرجعية النجف مثل عدم تبذير العتاد بالرمي العشوائي والاقتصاد في الاعتدة.