لا حياد مع حرب غزة 
م.م. زينب محمد ياسين / جامعة كربلاء / قسم الجغرافية التطبيقية 
(وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا) (سورة النساء الاية 75) انطلاقا من الاية االكريمة التي تدعو للتضحية والكفاح من أجل الدفاع عن المستضعفين في الأرض وعدم الوقوف موقف الحياد من الصراع.
فالحياد يكون بين طرفين متنازعين خارج دائرة المسؤوليّة الأخلاقيّة أو الدينيّة، وليس بين المعتدي والمعتدى عليه، ان ما يمارسه دُعاة الحياد من بعض الحكومات العربية والإسلامية هو الإنحياز إلى جهة المعتدي ومساعدته في الاعتداء والتمادي في ارتكاب المزيد من الجرائم؛ وهو أمر مرفوض في السياسة والمجتمعات، ومناحي الحياة كافة، فالله سبحانه وتعالى، لم يأمر بالحياد بل أمر بالقسط والعدل، وأن يكون الناس شهداء بالحق ولو على أنفسهم أو أهليهم، وأن يقفوا الي جانب الحق ولو عاد عليهم الضرر.
 وفي هذا السياق نقول: ان التكوين الإسلامي بناء متكامل يجب الدفاع عن اركان هذا البناء؛ لأن البناء إذا ما انهار جانبه؛ لم يأمن الناس ان ينهار جانبه الأخر، ولذلك وجب الوقوف مع المستضعفين والدفاع عنهم، وهو دفاع يكون عن الانسان وهذا يتجنب للغضب الإلهي الناتج عن عدم نصرة المستضعفين والميل الى الحياد التي لا تعفي ولا تسترجع الحقوق المسلوبة على مستوى الفرد والأمة؛ بل تجعل من دائرة الخطر تمس المحايدين عاجلا غير آجل، وعندما يكون الحياد في مسائل يمس الوجود؛ فأنه يعتبر من أبشع أنواع الحياد.
ومن هذا المنحنى، تعد النزاعات المسلحة في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة الحرب على غزة، من أكثر القضايا تعقيدًا في الساحة الدولية، اذ تتداخل فيها عوامل متعددة: جغرافية، سياسية، دينية، وتاريخية، مما يجعل فهمها وتحليلها مهمة وصعبة للغاية، وفي هذا الصدد، يبرز مفهوم الحياد كأحد المواقف التي يمكن أن تتبناها الدول أو المنظمات من خلال النزاعات، والذي يعكس مدى الرغبة في عدم الانحياز إلى أي طرف، وهذا يأتي مع تحديات وآثار متعددة.
وهنا نذكر، ان الوقوف مع شعب غزة ولبنان ليست مجردَ وعي فكري أو ثقافة سياسية، بل هو أمر متصل بـ (الإيمان) وعليه تقع على عاتق الجميع مسؤوليات وواجبات تجاه مجريات الأحداث، نلخصها بأمريين:
الأمر الأول: يتمثل السعي في بذل المال لمن يستطيع ذلك، والتعاطف في القول والتفاعل معهم والدعاء لهم نصرة للمظلوم. 
الأمر الثاني: وهو واجب استراتيجي بعيد المدى، لا يقتصر على التفاعل مع الحدث بعينه، بل يتطلب التخطيط بخطط بعيدة المدى والاستخدام الأمثل للطاقات، مع أداء التكليف الذي يمكننا من الخروج من دائرة الظروف الحاكمة إلى المدى الاستراتيجي الذي يرسم فيه حركة الصراع وملامح مستقبل الأمة الإسلامية.

شارك هذا الموضوع: