التعاون: قانون الطبيعة وجوهر الحياة
م.م. زينب محمد ياسين / جامعة كربلاء / قسم الجغرافية التطبيقية
يُعتبر التعاون قانونًا أساسيًا من قوانين الطبيعة وجبلة فطرية لم ينفصل عن البشرية منذ بدء الخليقة. تبدأ منذ الطفولة، حيث تلعب الأطفال مع أقرانهم، ويستمر في مراحل حياتهم المختلفة، إذ أن التعاون في أداء الأعمال وتحقيق الأهداف هو جوهر نجاحنا في هذا العالم؛ فالتنوع في الحياة لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال التعاون أيضا.
ومن أهم ترجمات جمال التعاون هو المجتمع الذي يُنشأ فيه هذا المفهوم، حيث يتعاونون الأفراد في مؤسساته، يتجلى ذلك أن أحدهم يمد يده للآخر، ليعينه عندما يحتاج، ويرشده حينما يحير، ويعمل على تدوير عجلة الحياة باستمرار وتسري روح التعاون في أرجاء المجتمع، مما تنعش قلوب أفراده على الخير.
وكما ان التعاون دليل على قوة المجتمع، فالقوة الحقيقية تكمن في القدرة على التعاون، بينما الضعف لا يسعه سوى التوسل للمساعدة وكلما انعكست هذه القوة على معاونة الأخرين؛ فإنها تمنح المجتمع قابلية عالية وكفاءة فائقة في أداء وظائفه، ولتحقيق ذلك يتطلب أمرين وهما: الرغبة القوية في ذات الانسان والجرأة في العمل، مما يعزز من استثماره لجميع الطاقات المتاحة.
ان التعاون رباط وحبل يتمسك به القائد والأفراد في كل أسرة ومؤسسة كفريق يعمل كل عضو منهم من أجل التعاون والتطويروالاهتمام من أجل التمكين، فتتوزع الأعباء وينجلي التعب وتنفتح أبواب المساعدة، فيرى القائد العضو البسيط في الفريق حليفًا لا ينفصل عنهم وصديقًا لا يفارقهم وعونًا لا يخذلهم، وبقدر رسوخ مفهوم التعاون، تنجح وتتقدم المجتمعات، وعليه يمكن القول، إن التعاون ليس مجرد أداء للارتقاء في مرحلة ما، وإنما هو سلوك مستمر ورصيد عامر يضبط إيقاع المجتمع اتساقًا وانتظامًا وارتباطًا وإنتاجًا.
اليوم، وفي ظل التحديات المعاصرة تواجه العالم بشكل عام والعالم العربي بشكل خاص، تحديات كثيرة منها: الصراعات السياسية، والأزمات الاقتصادية، الفساد والبيروقراطية، المشكلات البيئية، التطرف والإرهاب، المشكلات الصحية، مشكلات الهجرة والتهجير، مشكلات ضرب الانتماء والهوية، تحديات التعليم …. الخ، كلها تؤدي في مجمله إلى فقدان الأرواح، تدمير البنية التحتية، وتفاقم الأوضاع الإنسانية؛ يبرز مفهوم التعاون كقيمة عليا واستجابة شاملة لجميع الأطراف المعنية بما في ذلك الحكومات والمجتمع المدني من خلال تعزيز التعاون الإقليمي والدولي وتطوير الاستراتيجيات يمكن للدول العربية مواجهة هذه التحديات وبناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.
عليه، ان معظم الإنجازات العظيمة هي نتاج تعاون العديد من العقول، فكن متعاونًا في ترابط الأيدي وتكاثف القلوب، وكن متعاونًا لتحصل على حليف قوي وشريك مؤيد، كن متعاونًا لترسيخ مبادئ التعايش والاحترام المتبادل في كل المجالات، وكن متعاونًا ستجد الخبرات وتتنوع أمامك المصادر، وتحصل على الامتيازات. وسع قوى التعاون، تنفتح لك مجالات أكبر من المصالح المنفردة، فترتقي بمستوى العلاقات إلى آفاق مستقبلية متطورة.