المبادئ الاقتصادية للسوق الإسلامية
أ. د عبير عبد الرسول محمد التميمي
     أولت الدولة العربية الإسلامية عناية فائقة واهتماماً بالغاً في السوق، ولم تقتصر سياسة الدولة على الحث والترغيب والتشجيع ، وإنما وضعت معه جملة من الضوابط الشرعية الاقتصادية، تحكم نشاط العاملين في السوق ،وجاءت مراقبة الدولة لتعديل مسار كل من تسول له نفسه ويخالف القوانين الاقتصادية الإسلامية، فكان الرسول (صلى الله عليه واله) يتعهد الأسواق بالمراقبة والمحاسبة، فأقام فيها ضوابط الشرع، ومنع  بيع الجاهلية والربا، فأقام اساسها وحقق رسم توازنها فكان الاتجار والمضاربة يقوم فيها على العرض والطلب وتداول النقد السليم المراعي لعمالة السوق ،فقام اساس المرابحة على قاعدة المنفعة الاجتماعية فأصبح المجتمع كله شريك في تداولات الاسواق بشرط  قواعده الشرعية  .
    وكانت سياسات الدولة الاقتصادية هو التدخل في رسم أساسيات توازن السوق ومنها اهتمام الدولة باختيار موضع السوق ،الذي ضمن حرية التداول والمضاربات التجارية والنقدية ومنعت الملكية العامة للسوق  قيام الاحتكار أو فرض معاملات رأس المال الحاكم ، وجعل السوق دائمة مزدهرة طوال السنة وثابتة المكان بل في قلب المدينة ومركزها وجواراً لهم معلما فيها الا وهو المسجد ، واستطاعت الدولة فرض احكامها على الاسواق ومراقبتها على عمليات التداول ، وفرض الرقابة والضرائب المستحقة ورفعت الضرائب الجائرة، وأصبح للمسلمين قوة اقتصادية استطاعوا من خلالها المحافظة على أموال المسلمين وتنميتها بالحق.
    وقامت سياسة رسول الله(صلى الله عليه واله)على عدم تحكم اهل الذمة واصحاب رؤوس الاموال في الأسعار والسلع ،والأقوات فجعل السوق في ارض حرة من اي تسلط قبلي او ديني يهودي او نصراني، وبذلك كفل سيطرة الدولة الإسلامية عليها من جهة، ووجهها وفقا للعدالة والحرية الاقتصادية والعرض .
    وكان من اسباب توازن السوق الإسلامية ارتكازه على مقومات قوية وثابتة ،لا تتبدل ولا تُعدل بفعل تجربة او تطور فكر او تغير نظام وهي: كتاب الله الكريم وسنة رسول الله العظيم(صلى الله عليه واله) ،فضلاً عن العنصر البشري ،فهو اساس الإنتاج والمال الذي سخره الله سبحانه ليعين الإنسان على عمارة الأرض ، بذلك اختلفت سياسة الدولة الاسلامية عن الاشتراكية و الرأسمالية ،في إن الاولى تنظر الى ان المقوم هو العمل فقط ،في حين رأت الثانية انه المال فقط، في حين جاء الاسلام بنظرية راقية وعظيمة في إن الانسان العمل على وفق دستور الله عز وجل هو المحرك الاساس للعمل والمال معاً،  الانتاجية قائمة على إن الانتاج يدفع بتطور الانسان علمياً وروحياً معاً فيسمو بنفسه البشرية.
    لقد احدثت سياسة الدولة العربية الاسلامية بقيادة رسول الله ( صلى الله عليه واله ) انقلاب كبيراً على الواقع الاقتصادي , فمضامين العمل في فكر الملاء المكي قامت اساس نماء المال , عن طريق الاستغلال والاحتكار والربا والغش والخداع ،فجاءت سياسة رسول الله (صلى الله عليه واله) بمحاربة سياسة قريش الاقتصادية ،وعمل على اعادة سوق العمل الى وضعه الطبيعي بعد ان ازال هذه الفوارق وذلك بجعله السوق حرة من جهة ،ولكنها مقيدة ببعض الضوابط العامة والمفيدة للفرد والمجتمع معا من جهة اخرى دون اضرار بمصالح الناس من الفقراء والبسطاء.

شارك هذا الموضوع: