علي الوردي نماذج من مقالاته وحوارا ته وإسهاماته في المحافل العلمية ( الحلقه الخامسه)
كتب علي الوردي العديد من المقالات خلال مشواره الفكري والأكاديمي ، تنوعت اغراضها وتباينت مضامينها ، باختلاف موضوعاتها ورؤى معالجتها ، خص جزء حيوي منها قضايا تعلقت بالتاريخ – الاجتماعي للعراق ، و لها علاقه موضوعيه في الوقوف عند العوامل المؤثره من الانماط السلوكيه للفرد والمجتمع ، وما تتمخض عنها من ( مظاهر ) اجتماعيه ، تتخذ ديمومتها ، داخل المجتمع بصورة عادات وتقاليد واعراف( ) .
و عالج في بعضها الاخر المؤثرات الطارئه في السلوك البشري ، ومايتمخض عنها من ( ظواهر ) سلوكيه – اجتماعيه ، تقصر آمادها الزمنيه أو تطول بـ ( فعل ) قوة المؤثر من جهه ، ومدى ( التفاعل ) الاجتماعي استجابةً وحجماً من جهه اخرى( ) .
فأكد على سبيل المثال لا الحصر في مقال حمل عنوان ( الحسين ومعركة المصير ) نشره في مجلة ” البلاغ ” البغداديه في اذار من عام 1971 , على اهمية الفهم والوعي الصحيحين لثورة الامام الحسين ( ع ) في التصدي للظلم مشددا على ضرورة اتباع اساليب احتفاء ووسائل احتفال تنسجم والقيم الاسلاميه والانسانيه للثوره() ، وبالتالي النأي بها عن كل مايسيء اليها فكراً او سلوكاً عن قصد او غير قصد() .
وبيّن في مقال ذا مغزى عميق في مضمونه وتوقيت نشره ، إذ وشحت مضامينه صفحات جريدة “ الثوره ” البغداديه ، بعددها الصادر بتاريخ التاسع من حزيران عام 1991 ، أي بعيد حرب الخليج الثانيه() ، وتحت عنوان ” تحضروا او عودوا الى الصحراء ” ، اوضح فيه بموضوعيه العالم مدى عمق ” القيم البدوية ” المتغلغله داخل الدول العربيه انظمة ومجتمعات على حد سواء() ، مشيرا في الوقت نفسه الى معادلة الصراع بين قيم البداوه القائمه على اساس الانتقام والثأريه ، وبين اسس التحضر والمدنيه وآليات التعامل السائده فيها ، ليس اقلها “الانفتاح الديمقراطي “() ، العباره التي طالما كررها في مقاله بسخريه لاذعه ومقصودة ! مستهجناً هذا التراجع غير المبرر في طبيعة العلاقات داخل المجتمعات العربيه ، او بين بعضها والبعض الاخر () .
وناقش في مقال آخر سماه ” من معالم الظلم الاجتماعي في مجتمعنا ” نشره بجريدة “الجمهوريه ” البغداديه بعددها الصادر في العشرين من تموز عام 1992 ، قضايا اساسيه لطالما عانى منها المجتمع العراقي عبر حقب زمنيه مختلفه ، في اقل تقدير ، امتدت جذورها الى عهد الاحتلال العثماني منذ القرن السادس عشر الميلادي ، عاداً اياها “ مظالما ” انتابت المجتمع افرادا وجماعات ، بسبب انتماءاتهم ألعرقيه أو الدينية أو الطائفية الامر الذي تمخض عنها ” ظلم اجتماعي ” و ” ظلم اقتصادي ” و ” ظلم سياسي ” على نص تعبيره ، مستهجناً تحكم المفاهيم والاعراف القبليه والعشائريه في قسم حيوي من ابناء البلاد ، ومايترتب على ذلك من وقوع تجاوزات من فرد على آخر ومن جماعه ازاء اخرى ، بسبب قوة هذا الطرف او ضعف تلك الجماعه ، مما ينتج عنها مظلمه من “ المظالم ” انفة الذكر() .
وسلط الاضواء في أُخر على ” ظواهر” سلوكيه لدى بعض الناس ، كـ “الوسوسه” ، وهو كما عرفها ” داء نفسي – اجتماعي ” ، يكتنف البعض ممن ينشدون الوصول الى الكمال ، فيكررون العمل نفسه لمرات عدة ظنهم لم ينجزوه على اتم صوره في المره السابقه ، مؤكداً ان السبب في الاعم الاغلب ، وقوع البعض تحت ” الشعور القهري ” واستسلامهم لقوه فوقيه منبعها هواجس نفسيه تحط من شأن ارادتهم من جهه ، ومن ثمة الاقتناع بعجز قدراتهم في الوصول الى الالتزام المطلوب ، فيصبح الشخص المعني أسير وساوسه وسجين هواجسه() .
لم تقف مقالاته عند رصد ودراسه ” المظاهر ” و ” الظواهر” الاجتماعيه ، وانما كتب بحرفيه الأكاديمي المتخصص ، عن مفاهيم وموضوعات خصت علم الاجتماع وعلم النفس واليات التفكير العلمي – الموضوعي السليم ، كان منها مقاله الموسوم : بـ” المنطق العقلاني ” تتبع فيه الجذور والعوامل التاريخيه لظهوره عند قدامى الاغريق ، وكيف انه ، وعلى حد تعبيره، كان ” ثوره فكريه ” ضد أساليب التفكير اللامعقول ، حيث هيمنة الاساطير والخرافات على عقول الناس ، مؤكدا ان من بين اهم اسباب ” ثورة العقل ” لدى الاغريق ، ما تمتعوا به من نظام سياسي ارتكز على اسس ديمقراطيه() ، اثرت تاثيرا ايجابيا وفاعلا في طريقة التفكير، وحرية التعبير عن الاراء والافكار() .