جزيرة النساء                                                        
                                                 أ.د. عباس جبير سلطان التميمي 
عندما تتضاءل المعرفة يترك المؤلفون العرب العنان للخيال لمليء الفراغ، وهذا حكم ينطبق أيضاً على الإدريسي وابن سعيد اللذين تناقلا وتناقل عنهما من بعدهما كثير من الكتاب “حكاية” مدينة النساء الغامضة، في أقصى شمال بلاد الإسكندر نافيين، على تخوم البحر المحيط فقد جاء عن الإدريسي في هذه الجزيرة:
” وفي البحر المظلم جزائر كثيرة غير عامرة وبها من الجزائر العامرة جزيرتان تسميان جزيرتي أمزنيوس المجوس والجزيرة الغربية منها يعمرها الرجال فقط وليس بها امرأة والجزيرة الثانية فيها نساء ولا رجل معهن وهم في كل عام يقطعون مجازاً بينهم في وزارق لهم وذلك في زمن الربيع فيقصد كل رجل منهم أمرأته فواقعها ويبقى معها أياماً نحوا من شهر ثم يرتحل الرجال إلى جزيرتهم فيقيمون بها إلى العام المقبل إلى ذلك الوقت فيقصدون الجزيرة التي فيها نساؤهم فيفعلون معهن كما فعلوا في العام الماضي من أن الرجل يواقع زوجته ويقيم عندها شهراً كاملاً ثم يعود إلى الجزيرة التي كان بها وكذلك يفعل جميعهم وهذه عادة معلومة عندهم وسيرة قائمة بينهم، والدخول إليهم أقرب ما يكون من مدينة أنهو وبينهم ثلاثة مجار وقد يدخل إليهم من مدينة قلمار ومن مدينة غولدة وهذه الجزائر لايكاد يصيبها أحد من الداخلين إليها لكثرة غمام هذا البحر وشدة ظلمة عدم الضياء به” .
وجاء عن ابن سعيد في هذه الجزيرة قوله:
” وعلى عشرة أيام من حاصين للمشرق، مدينة مشقة وكان صاحبها من الصقلب، واسع الملك، ضخم العسكر، وهي حيث الطول 43 درجة، والعرض 8 درجات عن الإقليم السابع، ويقع في هذا الجزء مدينة النساء، والصحارى محدقة بها، وهي من حيث الطول 44 درجة والعرض 9 درجات عن الإقليم السابع، ولا ملك عليهن إلا أمرأة، ولهنّ تلك الصحارى مماليك، إذا كان الليل طرق كل مملوك باب سيدته وبات معها ليلة، فإذا كان السحر، انصرف إلى مكانه، فإذا ولدت المرأة ولدا قتلته، وإن ولدت بنتاً أحيتها، ولا يظهر رجل في بلدهن البتة، وفي البحر المحيط الذي في هذه الجهة الشمالية جزيرة النساء، طولها من شرق إلى غرب، بانحراف إلى الجنوب، نحو مائتين وخمسين ميلاً، وعرضها في الوسط نحو مائة وعشرين ميلاً، و وسطها حيث الطول ثمان وثلاثون درجة والعرض ستون درجة من خط الاستواء، وفي شرقيها، جزيرة الرجال، وبين الجزيرتين، مجاز عرضه عشرة أميال، وطول جزيرة الرجال، من غرب إلى شرق نحو مائتين وسبعين ميلاً، وعرضها في الوسط، نحو مائة وسبعين ميلاً، ولا تجتمع الرجال بها، والا النساء المذكورات، إلا شهراً واحداً في السنة، وهو وقت الاعتدال عندهم تركب الرجال في الزوارق إلى جزيرة النساء، ويعرف كل رجل أمرأته، فيحيا معها مدة الشهر، ثم يرجع الى جزيرة الرجال، فإن ولدت المرأة ذكراً، ربته حتى يصير في حد الرجال، فترسله إلى جزيرتهم، وإن ولدت أنثى، أسكنتها مع النساء” . 
وجاء عن القزويني في جزيرة النساء قوله: 
“في بحر الصين فيها نساء لا رجل معهنّ أصلاً، وإنهنّ من الريح ويلدن النساء مثلهن، وقيل إنهنّ يلقحن من ثمرة شجرة عندهن يأكلن منها فيلقحن ويلدن نساء، وحكي بعض التجار أن الريح ألقته الى هذه الجزيرة قال: فرأيت نساء لارجال معهن ورأيت الذهب في هذه قضباناً كالخيزران، فهممت امرأة منهن وحملتني على لوح وسيبتني في ابحر، فألقتني الريح إلى بلاد الصين، فأخبرت صاحب الصين بحال الجزيرة وما فيها من الذهب، فبعث من يأتيه بخبرها، فذهبوا ثلاث سنين ما وقعوا بها فرجعوا” .
وجاء نقلاً عن الطرطوشي في هذه الجزيرة قوله: “ومدينة النساء مدينة كبيرة وساعة الرقعة في جزيرة بحر المغرب، قال الطرطوشي:”  أهلها نساء لاحكم للرجال عليهنّ، يركبن الخيول ويباشرون الحرب بأنفسهنّ، ولهنّ بأس شديد عند اللقاء، ولهنّ مماليك يختلف كل مملوك بالليل إلى سيدته ويكون معها طول ليلته، ويقوم بالسحر ويخرج مستتراً عند انبلاج الفجر، فإذا وضعت أحداهنّ ذكراً قتلته في الحال، وإن وضعت أنثى تركتها، وقال الطرطوشي: مدينة النساء يقين لاشك فيها”.
وموقع هاتين الجزيرتين في المحيط الهادي تحديداً، وقد ذهب بعض الباحثين المعاصرين إلى أنها جزيرة سمانكاة الواقعة في مضيق السند وهم شعب لمبون.






شارك هذا الموضوع: