هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
ورد في موروثنا الاسلامي والادبي هذه المقولة(هذا الذي تعرف البطحاء وطأته) فتناقلتها الالسن ووردت الى المسامع ولا يعرف العديد منا ما هو سبب قول هذا الكلام وفيمن اطلقت هذه المقولة , وهي في الاصل قصيدة القاها الشاعر الفرزدق في مدح الامام علي بن الحسين (علية السلام )وفي ذلك يقول أبو الفرج الأصبهاني : حَج هشام بن عبد الملك في خلافة أخيه الوليد ومعه رؤساء أَهْلِ الشَّام، فَطاف وجهِدَ أَنْ يَسْتَلِمَ الحجر، فلم يَقْدِرُ من الازدحام، فَنُصِبَ له مِنْبَرٌ وجلس عليه ينظر إلى الناس، فأقبل الامام علي بن الحسين (علية السلام)، وهو أَحسَن النَّاس وَجْهَا، وَأَنْظُفُهِمْ ثَوْباً، وَأَطْيَبُهُمْ رائحة . فلما طاف بالبَيْتِ، وبَلَغَ الْحَجَر، تَنَحَى النَّاسُ كُلُّهم إجلالاً له، فاستلم الحجر وحده. فَغَاظ ذلك هشاماً، وبلغ منه، فقال رجل من أهل الشام لهشام : مَنْ هذا أصلح الله الأمير ؟ قال لا أَعْرِفُه – وكان به عَارِفاً – ولكن خاف من رَغْبَةِ أَهْلِ الشَّام فيه؛ فقال الفرزدق – وكان حاضراً – أنا أعْرِفُه يا شَامِي ، قال : مَنْ هُو ؟ قال :
هذا الذي تَعْرِفُ البَطْحَاءُ وَطْأَتَهُ والبَيْتُ يَعْرِفُه والحِلُّ والحَرَمُ
هذا ابْنُ خَيْر عِبَادِ اللَّهِ كُلِّهِمُ هذا التَّقِيُّ النَّقِيُّ الطَّاهِرُ العلم
إِذَا رَأَتَهُ قُرَيْسٌ قَالَ قَائِلُهَا إلى مكارم هذا يَنْتَهِي الْكَرَمُ
هذا ابن فاطمة إِنْ كُنْتَ جَاهِلَهُ بِجَدَه أَنبياء الله قد خُتِمُوا
يَكَادُ يُمْسِكُهُ عِرْفانَ راحَتِهِ رُكْنُ الْحَظِيمِ إِذَا مَا جَاءَ يَسْتَلِم
أيُّ الْخَلائِقِ لَيْسَتْ في رقابهم لأولية هذا أوله نِعَمُ
من يعرف الله يَعْرِف أَوَّليَّة ذَا فالدين من بَيْتِ هذا ناله الأمم
ولَيْسَ قولُكَ مَنْ هذا بِضَائِرِهِ العُرْبُ تَعْرِفُ مِن أَنْكَرْتَ وَالْعَجَمُ
فَحَبَسه هشام بن عبدالملك ثم أطلق سراحة ، فوَجَّه إليه الامام علي بن الحسين (علية السلام) عَشْرَةَ آلاف دِرْهم، وقال :اعْذُرْنَا يا أبا فارس، فلو كان معنا في هذا الوقت أكثر من هذا لوصلناك به، فرَدَّها الفَرَزْدَق ، وقال : ما قُلتُ مَا كانَ إِلَّا لِلَّه، فقال لَه الامام عَلِيّ بن الحسين (علية السلام): قد رَأَى اللَّهُ مكانك، ولكنا أهل بيت إذا أَنْفَذْنَا شيئاً لم ترجع فيه، وأقسم عليه فقبلها .