إيثار الامام علي بن أبي طالب علية السلام
           ورد في مصادرنا التاريخية ان الرسول الله صلى الله عليه وآله قال: نزل علي جبرئيل صبيحة يوم الغار، فقلت: حبيبي جبرئيل! أراك فرحا، فقال: يا محمد وكيف لا أكون كذلك وقد قرت عيني بما أكرم الله به أخاك ووصيك وإمام أمتك علي بن أبي طالب عليه السلام، فقلت: بماذا أكرمه الله؟ قال: باهى بعبادته البارحة ملائكته، وقال: ملائكتي! انظروا إلى حجتي في أرضي بعد نبيي وقد بذل نفسه، وعفر خده  في التراب تواضعا لعظمتي، أشهدكم أنه إمام خلقي ومولى بريتي .
     وكان الرسول النبي صلى اله عليه وآله قد هاجر من مكة إلى المدينة سنة ثلاث عشرة من مبعثه، وفيها كان مبيت أمير المؤمنين عليه السلام على فراشه، وكانت ليلة الخميس، وفي ليلة الرابع منه كان خروجه من الغار متوجها إلى المدينة.
      فلما أراد النبي صلى الله عليه وآله الهجرة خلف عليا عليه السلام لقضاء ديونه، ورد الودائع التي كانت عنده، وأمره ليلة خرج إلى الغار (وقد أحاط المشركون بالدار) ، وقال له يا علي: اتشح ببردي الحضرمي: ثم نم على فراشي فإنه لا يخلص  إليك منهم مكروه إن شاء الله، ففعل ما أمره، فأوحى عز وجل إلى جبرئيل وميكائيل: أني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كل منهما الحياة، فأوحى الله عز وجل إليها: ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب؟ آخيت بينه وبين محمد صلى الله عليه وآله فبات على فراشه يفديه بنفسه، ويؤثره بالحياة، اهبطا إلى الأرض واحفظاه من عدوّه. فكان جبريل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه وجبريل ينادي بخ بخ ! مَنْ مثلك يا بن أبي طالب، يباهي الله بك الملائكة ! فأنزل الله تعالى : ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بالعباد ﴾ [البقرة : ٢٠٧].
      واخبر النبي صلى الله عليه وآله الامام علي علية السلام : إن قريش لن يفتقدوني ما رأوك، فاضطجع على فراشي فكانت قريش ترى  رجلا على فراش النبي صلى الله عليه وآله، فيقولون هو محمد، فحبسهم الله عن طلبه، وخرج علي عليه السلام إلى المدينة ماشيا على رجليه فتورمت قدماه، فلما قدم المدينة رآه النبي صلى الله عليه وآله، فاعتنقه وبكى مما رأى بقدميه من الورم وإنما يقطران دما، فدعا له بالعافية، ومسح رجليه فلم يشكهما بعد ذلك, كرم الله ابا الحسنين علية السلام على هذا الايثار والوقوف مع الرسول صلى الله عليه وآله في السراء والضراء وليس بغريب علية هذا الموقف البطولي .

شارك هذا الموضوع: