إرشاد المستبصر عن كتاب محمد بن أبي بكر(رضوان الله عنه)
سَلسَلة مقالات تأسيسنا لبعض مصطلحات الرواية التاريخية الاستِلاب الروائي اختيارًا
 الاستِلاب بمفهومهِ اللغوي دالة الاختلاس بمختلف الأبعاد،والاستِلاب الروائي بتعريفنا الإجرائي هو:الفضائل المشيئة من الآخرين تارة،وأخرى سلبِها لبيان النقيض على الذي سُلبت منه،أو بقصد أيجاد منقبة متولدة من سلِب تلك الفضيلة .   
  تبنت مدرسة الوضع التي أرساها معاوية بن أبي سفيان(41-60ه/660-679م) مشروع كتابة التاريخ، مُستندة لأساليب عديدة منها: الاستِلاب الروائي،مقابل الإقصاء بروايات مشوهة موضوعة في سبيل خلق فضائل لأشخاص،”حتى صارت أحاديثهم تلك ورواياتهم في أيدي من يحسب أنها حق وأنها صدق،فرووها وقبلوها وتعلموها وعلموها،وأحبوا عليها وابغضوا… فصار الحق في ذلك الزمان باطلاً والباطل حقاً، والصدق كذباً والكذب صدقًا“.
   لعل اصدق مثال على مصطلحنًا التأسيسي في الرواية التاريخية(الاستِلاب الروائي)،ما رواه ابن هلال الثقفي (ت283ه) ونقله عنه ابن أبي الحديد المعتزلي (ت656ه): أن الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) أرسل كتاب إلى عامله بمصر محمد بن أبي بكر(رضوان الله عنه)،كان الأخير قد طالبه ليفتي به ويستوضح بعض المسائل التي قد تُعرض عليه من أهلها،فلما قتله عمرو بن العاص اخذ الكتاب وأرسله إلى  ابن أبي سفيان.
    ” كان معاوية ينظر في هذا الكتاب ويعجبه،فقال الوليد بن عقبة وهو عند معاوية لما رأى إعجاب معاوية به:مر بهذه الأحاديث أن تُحرق،فقال له معاوية:مه يا ابن أبي معيط أنه لا رأي لك،فقال له الوليد:…أفمن الرأي أن يعلم الناس أن أحاديث أبي تراب عندك تتعلم منها!فعلام تقاتله؟! فقال معاوية:ويحك! أتأمرني أن أحرق علمًا مثل هذا!والله ما سمعت بعلمٍ أجمع منه ولا أحكم ولا أوضح”،ثم صمت معاوية و نظر إلى جلسائه فقال : إنا لا نقول: إن هذه من كتب علي بن أبي طالب [عليه السلام]،ولكنا نقول : إن هذه من كتب أبى بكرٍ الصديق ، كانت عند ابنه محمدٍ فنحن نقضي بها ونفتي،فلم تزل تلك الكتب في خزائن بنى أمية حتى ولى عمر بن عبد العزيز،فهو الذي أظهر أنها من أحاديث علي بن أبي طالب عليه السلام”.
  استِلاب لمورث الوصي(عليه السلام)،وجعله للغير ربما يُعد من شُعب قول الزور وشهادته الذي نهانا الله عز وجل عنه بقوله: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾.
 المصادر:
-القرآن الكريم.
-ابن أبي الحديد،عبد الحميد بن هبة الله المدائني (ت656ه/1258م).
1-شرح نهج البلاغة،تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم،ط1،دار أحياء الكتب العربية ،القاهرة،(1378ه/1959م).
-الهلالي،سُليم بن قيس(ت ق1ه/ق7م).
2-كتاب سُليم بن قيس،تحقيق:محمد باقر الأنصاري،ط1،منشورات دليل ما،قم المُشرفة، (1422ه/2001م).
-ابن هلال الثقفي،إبراهيم بن محمد(ت283ه/896م).
3-الغارات أو الاستنفار والغارات،تحقيق:عبد الزهراء الحسيني الخطيب،ط1،دار الأضواء ،بيروت،(1407ه/1987م).

شارك هذا الموضوع: