شخصيات من العهد القاجاري ميرزا حسين خان القزويني سبهسالار
للإنسان دور كبير في رسم الاحداث التاريخية وبناء المجتمعات وديمومتها وهذا الدور هو المحور الاساسي لبناء الدول ورسم السياسات ورقي الحضارات , فنتج عن ذلك دويلات ومؤسسات ادارية مختلفي وفي بقاع العالم المتنوعة ومن هذه الدويلات هي الدولة القاجارية والتي بزغ نجمها وظهورها في بلاد فارس في العام 1794م واستطاعت من بسط نفوذها على بلاد فارس خلفاً للدولة الزندية واستمرت في الحكم حتى العام 1925م حيث حل محلها الدولة البهلوية .شهدت الدولة القاجارية في القرن (19) ظهور عدد كبير من رواد التحديث والإصلاح الذين ساهموا في إحداث تغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية والانفتاح على الغرب من باب الاقتباس والتقليد من أجل أن تكون بلاد فارس في مصاف الدول المتقدمة.
ومن بين هذه الشخصيات و أبرزهم والذي يعد من رواد الإصلاح في الدولة القاجارية ميرزا حسين خان القزويني (سبهسالار) الذي سعى خلال مسيرته السياسية الى تطوير وترسيخ الاصلاحات في الدولة القاجارية ونقل خبراته التي اكتسبها في عمله ودراسته خارج البلاد والاطلاع على الحضارة الغربية ومحاولته نقل تجارب البلدان المتطورة الى بلاد فارس.
ينتمي ميرزا حسين خان القزويني الذي ولد عام 1828 الى أسرة قاجارية عريقة ترجع أصولهم الى علي أباد ومازندران جده يعرف باسم (عابدين دلاك) كان يعمل في خدمة الأمير علي تقي ميرزا (ركن الدولة) . أما والده نبي خان كان أمير ديوان قزويني حسن الخلق، يتمتع بشخصية قوية وذكاء مكنه من إثبات جدارته وكفاءته عدة مرات في حل النزاعات في شيراز, درس ميرزا حسين خان في مدرسة دار الفنون وتعلم العلوم الحديثة والرياضيات واللغة الفرنسية ثم سافر بعدها إلى أوروبا مع أخيه يحيى خان لإكمال دراسته وبعد عودته تم تعيينه في مناصب حكومية مهمة ويرجع ذلك الى ذكائه ومثابرته.
إضافة الى ذلك فإن ميرزا حسين بفضل خدمات والده قد حظي بمكانة مميزة في البلاط وتزوج هو ووالده من ابنتي فتح علي شاه, إذ تزوج نبي خان من ماه نوش خانم، بينما تزوج حسين خان من ماه تابان خانم الملقبة ب (قمر السلطنة) .
اما نشاطة السياسي فقد بدأ دور حسين خان القزويني في السياسة عندما تم تعيينه سكرتيراً في وزارة الخارجية عام 1840 م في غضون عشرة سنوات عينه أمير كبير القائم بأعمال الحكومة القاجارية في الهند عام 1850 خلال فترة عمله التي استمرت (3) سنوات حقق ميرزا خان إنجازات مهمة اذ زاد من حجم العلاقات التجارية بين الهند وبلاد فارس بشكل كبير.
ثم أصبح ميرزا حسين بعد ذلك قنصلا للدولة القاجارية في تفليس عام 1854بعدها تم تعيينه مبعوثاً للدولة القاجارية في اسلامبول عام 1858لمدة (12) سنة ، منها عشر سنوات شغل فيها منصب وزير مفوض والسنتين الأخر أصبح سفيراً كبيراً ولقب ب (مشير الدولة).
رجع مشير الدولة الى إيران بشكل مؤقت حيث تم اختياره لعضوية دار شورى القصر عام 1863 م، ليتم ترقيته بعد ذلك الى منصب سفير كبير عام 1868, خلال هذه الفترة أقام مشير الدولة علاقات صداقة وثيقة مع السلطة الحاكمة في اسلامبول وعدد من المصلحين العثمانيين أمثال علي باشا – فؤاد باشا – ومدحت باشا ، ساعده ذلك ليؤدي دوراً مشهوداً في تقريب العلاقات بين الدولتين وفي جذب أنظار الشاه الى ضرورة تحسين علاقات بلاد فارس الدولية والاطلاع على العالم الخارجي. ونظراً للخدمات الجليلة التي قدمها مشير الدولة الى الدوله القاجاريه فقط أصدرناصر الدين القاجاري أمراً باستدعائه الى طهران وتكريمه وتنصيبه وزيراً للعدل والاوقاف والخدمات.يرجع سبب اختيار الشاه تولي مشير الدولة لهذه المناصب رغبته في الاستفادة من جوهر كفاءة ميرزا حسين خان وخبرته التي اكتسبها من السنوات التي قضاها في الدول الأوروبية والدولة العثمانية بين الدراسة وعمله كسفير لبلاده .
شهدت الدولة القاجارية في إيران مرحلة تحول مهمة في المناصب الإدارية الحاكمة في عهد ناصر الدين عندما قرر الأخير إلغاء منصب الصدر الأعظم عام 1858 م وتولي زمام الأمور بنفسه من خلال تشكيل ما يسمى مجلس وزاري إلا ان إدارة الشاه المركزية فشلت في تحقيق أي إنجاز وعليه أعاد ناصر الدين النظر في إمكانية تعيين حكومة إصلاحية في ظل وزير قوي وكان الرجل المناسب لهذه المهمة مشير الدولة حسين خان القزويني وفي 13 تشرين الأول 1871 أمراً بتعيين مشير الدولة بمنصب الصدر الأعظم للدولة العليا تكريماً للجهود التي بذلها وكان لميرزا حسين خان جمله من الاصلاحات في مجال القضاء والجيش وتشكيل مجلس وزراء (دربار اعظم)ومجلس تنظيمات.