لغة التطرف
م.د. وفاء عباس صحن (دكتوراه في اللسانيات)
كلية التربية للعلوم الإنسانية/ قسم اللغة الانكليزية
 
تعتبر اللغة من ابرز واهم وسائل التعبير عند الجماعات المتطرفة فتعتمد على لغة خاصة بها تحمل دلالات وجدانية وفكرية تهدف إلى تحقيق التأثير النفسي وإقناع الأتباع بشرعنة أهدافها وأيديولوجيتهاز 
خصائص اللغة عند المتطرفين:
من ابرز السمات اللغوية عند المتطرفين استخدام  لغة حادة ومشحونة، فهي تميل الى تقسيم العالم إلى ثنائيات متناقضة: “نحن” ضد “هم”، “الحق” ضد “الباطل”، “الصواب” ضد “الخطأ”. هذا النمط يعزز الشعور بالتفوق الأخلاقي لدى المتطرفين ويمنحهم مبررًا لمواقفهم العنيفة تجاه الآخرين. توظف لغة المتطرفين التعبيرات العاطفية القوية لإثارة مشاعر الغضب أو الحماس، مثل وصف المخالفين بـ”الخونة” أو “المرتدين”. فضلا عن ذلك فتتسم اللغة بالرمزية الدينية اذ يستخدم المتطرفون النصوص الدينية والرموز الثقافية لتبرير أفكارهم، غالبًا مع اجتزاءها عن سياقها الاصلي. التكرار والتحفيز أيضا تعتبر سمة واضحة في لغة التطرف حيث تُكرر الأفكار المتطرفة بشكل مكثف لتعزيز تأثيرها على المتلقي فتغدو مألوفة على اثر التكرار و يصبح تقبلها و تبنيها اسهل.
تأثير لغة التطرف على المتلقي:
تُستخدم لغة التطرف كأداة فعّالة لتجنيد الأفراد عبر وسائل التواصل الاجتماعي والخطابات المباشرة. اذ تعتمد على انماء الشعور بالمظلومية والإقصاء من قبل الاخر مع تحفيز المتلقي و دفعه الى القيام باعمال العنف. مثال على ذلك تصوير المجاميع المتطرفة نفسها كمدافع عن الدين أو الهوية القومية “دولة الخلافة ستعيد للمسلمين كرامتهم، وسننشر الإسلام في كل الأرض” مع تصوير المخالف على انه العدو”من لم يوالِ الخلافة فهو عدو للإسلام”  فيستبيح سفك دمه و قتاله كما مذكور في خطاباتهم “من لم يبايع أمير المؤمنين فهو عدو للإسلام ومستهدف بحد السيف“.
من الجدير بالذكر ان لغة التطرف لا تضر بأتباعها فحسب، بل تُساهم في خلق انقسامات مجتمعية، اذ تؤدي إلى تفكيك اللحمة الاجتماعية من خلال تحريض الكراهية والعداء و بذلك فهي تُرسخ الصور النمطية عن العنف ضد الفئات المخالفة و بالتالي تغلق ابواب الحوار البناء بين الأطراف المختلفة.
 معالجة لغة التطرف:
لمواجهة لغة التطرف، يجب التركيز على عدد من الحلول. أولا التوعية والتثقيف عن طريق نشر خطاب معتدل يوضح مخاطر التطرف وأهدافه الخفية. ثانيا تعزيز التفكير النقدي عن طريق تشجيع الأفراد على تحليل الخطابات المتطرفة وكشف تناقضاتها. ثالثا ترويج لغة السلام والتسامح و ذلك بالتركيز على القيم الإنسانية المشتركة ونبذ خطابات الكراهية. وأخيرا مراقبة المحتوى الرقمي و الحد من انتشار المواد المتطرفة على منصات التواصل.
و في الختام تعتبرلغة التطرف أداة قوية اذ تُستخدم لتحقيق الهيمنة الفكرية والتأثير على الأفراد والمجتمعات. لمواجهتها، يجب تعزيز ثقافة الحوار والانفتاح، وتوفير بدائل فكرية وإيديولوجية تخاطب الشباب، وتشجعهم على اختيار الطرق السلمية والإنسانية للتعبير عن قضاياهم وأفكارهم.

شارك هذا الموضوع: