الحياة السياسية في اليمن  بعد انهيار سد مأرب
أ.د.كوثر حسن هندي التميمي 
كلية التربية للعلوم الانسانية / قسم التاريخ
حكم اليمن قبل انهيار سد  مأرب عمرو بن عامر(مزيقيا ) والذي لقب بلقب ملك اسوه بلقب ملوك حمير, وهو من بني كهلان وهؤلاء هم من أقيال اليمن الذين قدر لهم أن يحكموا مناطق الأطراف والثغور عملا بوصيته أبيهم سبأ بن يشجب عندما قسم المملكة بين بنيه حمير وكهلان فكان لحمير الملك الثابت في دار المملكة ولكهلان حكم الأطراف والثغور فبقي بني كهلان على عدهم بحكم هذه المناطق وهم في طاعة ملوك حمير , حتى أل الحكم إلى عمرو بن عامر وحدث في عهده أن انهار السد وخربت مأرب وهاجر هو وقومه اليمن وانتشروا في البلدان المجاورة بحثاً عن الاستقرار, فاستقلت كندة وغيرها بحكم المناطق التابعة لها بعد هجرة مزيقيا وقومه حسب ما ذكره الأصمعي وما رواه من أحداث في تاريخ ملوك العرب الأولية, كما تمكنت قبائل الأزد المهاجرة من السيطرة على بعض الأراضي ونقلوا بعد ذلك امر أدارتها اليهم ومنهم خزاعة التي سيطرت على مكة على حساب جرهم , والأوس والخزرج على حساب اليهود في يثرب.
اولاً. حكم عمرو بن عامر( مزيقيا ) وخراب مأرب. 
     هو احد ملوك اليمن واسمه عمرو بن عامر لقب بمزيقيا, يرجع نسبه إلى قحطان, وذكره السائب الكلبي, والبري , بانه مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرئ القيس البطريق بن ثعلبة البهلول ابن مازن بن الأزد ابن الغوث بن ثَبِت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يعرب بن يَشجُب بن قحطان  ، يعده البعض من التبابعة,وانه أتخذ من مأرب مركزاً لحكمه وهو يعد من اعظم ملوكها, وكان له ولإبائه من قبـله بادية كهلان تشاركهم حمير في ذلك ولما تقلص ملك حمير استقلوا بالملك من بعدهم, وله تحت السد من الحدائق ما لا يحاط به , وقد ضعفت الدولة في أيامه , فتغلب بدو كهلان على ارض سبأ , وعاثوا وافسدوا, فذهب الحفظة القائمون على صيانة السد بمأرب واهمل أمره فخرب وبدأت هجرة الأزد من تلك الديار
    تولى حكم الأطراف والثغور وقد عاصر في حكمه لأربعة من ملوك حميرهم : “عمرو بن أبرهة , وشرحبيل بن عمرو , والهدهاد بن شرحبيل مصاهر الجن وهو أبو بلقيس صاحبة العرش زوجة النبي سليمان بن داود عليه السلام”, في حين ذكرت مصادر انه بحكم ولد عامر بن حارثة انتقل الملك من أبناء حمير بن سبأ إلى أبناء أخيه كهلان بن سبأ.
ثانياً. انتشار قبائل الأزد بعد انهيار سد مأرب .
   لا بد لنا من التطرق إلى موضوع انتشار وهجرة قبائل الأزد قبل وبعد انهيار سد مأرب , لانهم بعد هجرتهم كونوا دول وممالك حكمت لفترات طويلة من تاريخ قبل الإسلام وحتى بعد ظهور الإسلام .
  لما خرج عمرو مزيقيا بن عامر من مأرب في جماعة الأزد بجميع ولده وأهله وعشيرته بعد تحذيره من انهيار مأرب وخراب الجنتين , “اقبل فيما لا يعلمه إلا الله من العدد والعُدد والخيل والإبل والبقر وغيرها من أجناس السوام، فلا يرد قومه وكافة من معه من بني عمه ماء إلا أنزفوه، ولا يسمون بلداً إلا أجدبوه, وذلك يضرب لهم الرواد في البلاد، تلتمس لهم المرعى والماء, وكان من روادهم رجل من عمرو بن الغوث خرج لهم رائداً إلى بلاد إخوتهم همدان فرأى بلاداً ضيقة لا تقوم مراعيها ومياهها بماشيتهم.
   فأما من سكن عمان من الأزد فيحمد والحدَّان ومالك والحرث وعتيك , وأما من سكن العراق آل جذيمة بن الوضاح وولد عبد الله بن الأزد , وأما من سكن الشام آل جفنة, وأما من سكن المدينة فالأوس والخزرج, وأما من سكن مكة ونواحيها فخزاعة, وأما من سكن السروات فبُجيلة وخثعم والحجر ونهد وغامد وبارق السوداء وحاء وسنحان وعلي بن عثمان  ودوس ونمر وحواله والسوم وشهران وعمرو والمع وبرقا.
وعلى ما يبدو انه لما خرج عمرو بن عامر  بقومه الأزد من أرض مأرب، تعطلت الأعمال التي يتقلدها عمرو بن عامر وخرجت عن سيطرتهم ، فاشتغلت كندة وملوكهــا بأعمالها التي كانت تتولاها من الأطراف والثغور وقبائل العرب، وكذلك تولت مذحج وهمدان بإدارة ما في أيديهما من البلاد والأعمال، وفعلت مثلهم لخم وجذام، واشتغلت ببلادهما وبما هما فيه من مقاساة الأطراف والثغور، وصارت أولاد الأزد في أرض فارس وجانب الشحر , وهم عشيرة الجلندا بن كركر, وانتشرت قضاعة في الشام وأكناف الحجاز، ونزلت الحجر منهم عذرة ، أما جهينة فنزلت في رضوى. وهكذا أصبحت قبائل اليمن بعد خراب مأرب متفرقة في البلدان تبحث عن أماكن واسعة وخصبة لاستقرارها . 
 
المصادر :
  1. أبو البقاء , هبة الله محمد بن نما الحلي ( ت بعد 565هـ / 1169م) ، المناقب المزيدية في اخبار الملوك الاسدية .
  2. الأصمعي, عبد الملك بن قريب بن عبد الملك ( ت217هـ / 832 م)،تاريخ العرب قبل الاسلام .
  3. ابن سعيد الأندلسي , نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب
  4. دعبل الخزاعي , وصايا الملوك
 

شارك هذا الموضوع: