مدينة أصطخر دراسة تاريخية 
أ.د.كوثر حسن هندي التميمي 
كلية التربية للعلوم الانسانية / قسم التاريخ
الموقع الجغرافي لمدينة اصطخر:
وهي من مدن فارس ،أذ يذكر ياقوت الحموي بأنها “بلدة  بفارس من الإقليم الثالث، طولها تسع وسبعون درجة وعرضها اثنتان وثلاثون درجة، وهي من أعيان حصون فارس ومدنها وكورها …”، تعد من  اقدم مدن فارس واشهرها اسماً،وتسمى قديما( برسولبس ) عاصمة الاخمينين وسميت ( استخرا) ،  ،مدينة وسطة وسعتها مقدار ميل ، كثيرة  الأرزاق والتجارات ،بنيت من الطين والحجارة والجص، اما  أشهر مدنها فهي  البيضاء  وانّما سمّيت البيضاء لانّ لها قلعة يرى بياضها  من بعيد ، وكذلك مدينة بهران وأسار وإيرج ومائين، اما نواحيها منها ناحية يزد وهى أكبر ناحية فيها ،وناحية الرّوذان كانت من كرمان فحولت إلى فارس، تعد مدينة اصطخر من المدن المحصّنة فيحيط بها  حصن حواليه ربض  ، وكان بناؤهم من الطين والحجارة والجصّ.
نشأتها:
   اختلفت الاراء المؤرخين في من ابتنى اصطخر فيذكر الدياربكري  ان” كيومرث أوّل من بنى المدن ابتنى مدينتين احداهما اصطخر وكان أكثر مقامه بها والثانية دماوند وكان يقيم بها أحيانا وعاش ألف سنة وكان ملكه قريبا من أربعين سنة ووصى بملكه لابن ابنه هو شنج…” ،وهذا ما اكده اليعقوبي في ذكره اول ملوك الفرس  بقوله “… اول ملوكهم والمملكة الأولى قبل اردشير : شيومرث سبعين سنة ،اوشهنج فيشداد أربعين سنة ، طهمورث ثلاثين سنة ، …”وخلف كيومرث ابنه  هوشنج حيث كان صاحب علم وعدل ومن غاية عدله لقبوه بيشداد يعنى “كثير العدل” ووضع تاجا على رأسه واستخرج الحديد من الحجر وصنع منه آلات وزاد فى عمارة اصطخر التى هى دار ملكه وبنى مدينتين بابل وسوس “، وكان من عبدة النار قربة لله تعالى.
ويذكر الديار بكري “ملك جمشيد ومعناه ( الشيد عندهم الشعاع وجم القمر) لقبوه بذلك لجماله وهو أخو طهمورث وقيل انه ملك الاقاليم السبعة …وعقد التاج على رأسه وأمر بعمل السيوف والدروع وسائر الاسلحة وآلة الصناع من الحديد زاد جمشيد فى عمارة مدينة اصطخر وعظمها …“،وأختلف الفردوسي في نسب جمشيد الى طهمورث فيذكر انه” سار جمشيد على خطى اجداه بعد وفاة ابيه طهمورث.”
ملوك الفرس في اصطخر :
اتخذت اصطخر عاصمة الدولة الاخمينية في زمن الملك دارا الاول (521ق.م_486 ق.م)، الذي اختار بنفسه موقع هذه المدينة وباشر ببناءها واستمر بناء المدينة الى  زمن الملك ارتحششتا الاول (465 ق .م_465ق.م) وانتهى البناء فيها بحدود سنة 460 ق.م.، كما كانت  عاصمة الملك جوتجهر(G otchihr )وهو من اسرة البزرنجيين   حيث عين  ساسان قيّما على بيت نار الخاص بالالهة (انا هيتا ) في اصطخر  ، والذي تزوج بفتاة من اسرة البرزنجين فولد ت له بابك ، فلما احتنك قام بأمر الناس بعده ابنه ، ثم ولد له أردشير حيث عين في وضيفة عسكرية كبيره ، حيث اصبح فيما بعد سيدا على بعض الا قليم  وذلك لغلبته ملوكهم او قتلهم ،كما قام بابك بالقضاء على قريبه جوتجهر واصبح ملكاً مكانة ولكنه مات بعد فترة قصيرة  (26)،حيث اصبح  ملك اردشير  على كثير من مدن الاقليم ومن المعروف ان امراء اقاليم فارس واتخذ من مدينة اصطخر مركزا لحكمة حيث يلقب (شاه) اي معناه الملك منذ القرن 2 ق.م.وعلى الرغم من وجود امارات صغيرة تتوزع على اقليم فارس الا ان مدينة اصطخر كانت اكبرها واهمها باعتبارها عاصمة ملوك ايرا ن من الاخمينين .
لم يعد اقليم فارس عاصمة اصطخر صالحاً لاقامة الشاهنشاه فقد اصبحت بلاد مابين النهرين المركز الرئيسي للامبراطورية الشرقية واصبحت المدائن العاصمة الجديدة
فتح اصطخر :
  قامت الخلافة الراشدة بسلسلة من الحملات العسكرية ، لفتح بلاد فارس بعد اكمالها لفتوحاتها لفتح العراق بقيادة خالد بن الوليد سنة 11هـ/633م ،(31) واستمرت الحملات العسكرية في العراق بقيادة سعد بن ابي الوقاص سنة 14هـ/636م وانتهت بالنصر الحاسم في معركة القادسية التي انهت فيها السيطرة الساسانية(32) ،وبذلك توجهت الحملات الى فتح مدن فارس .
كانت الحملة  الاول لبلاد فارس دون علم الخليفة عمر حيث توجه العلاء بن الحضرمي والي البحرين الى بلاد فارس  فأجابوه وفرّقهم أجناداً ، وقسم قادته فوضع الجارود بن المعلى (33)على احدها ، وعلى الآخر سوار بن همام (34)، وعلى الأخر خليد بن المنذر بن ساوى(35) ، وخليد على جميع الناس ، وحملهم في البحر إلى فارس فعبرت الجنود من البحرين إلى فارس فخرجوا إلى إصْطَخْر ، وبإزائهم أهل فارس ، وعليهم الهربذ ، فحالت الفرس بين المسلمين وبين سفنهم ، فجمع خليد الناس وخطب بهم قائلا ” أما بعد فإنّ القوم لم يدعوكم إلى حربهم وأنما جئتم لمحاربتهم ، والسفن والأرض لمن غلب … )”(36)، واستمرت الحملات الا ان توج أ فتح اصطخر في الحملة الاخيره  كانت سنة 28 هـ ايام عثمان بن عفان ،(43) وذلك عندما تولى عَبْد اللَّهِ بْن عَامِر بْن كريز البصرة من قبل عُثْمَان بْن عَفَّان بعد أَبِي موسى الأشعري سار إِلَى اصطخر في سنة 28هـ فصالحه ماهك عن أهلها، ثُمَّ خرج يريد جور، فلما فارقها نكثوا وقتلوا عامله عليهم، ثُمَّ لما فتح جور عاد اليهم ففتحها بالسيف عنوة، في  سنة 29 ه(44).
 
المصادر :
  1. البلاذري ،احمد بن يحيى بن جابر (ت279ه/ 892م) فتوح البلدان .
  2. ابن الجوزي ، عبد الرحمن بن علي ،(ت :597هـ/1200م )  المنتظم في تاريخ الملوك والامم 
  3. خطاب،محمود شيت ، قادة الفتح بلاد فارس .
 

شارك هذا الموضوع: