سلسلة مقالات في التصميم التدريسي 
المقالة الرابعة
تحديد السلوك المدخلي للمتعلم
إعداد
أ.د . عدي عبيدان سلمان الجراح
قسم اللغة العربية
أولاً: الخطوة الثالثة: تحديد السلوك المدخلي للمتعلم :
تمهيد:
     إن الخطوة المنطقية التي تلي تحليل المحتوى التعليمي، هي تحديد المهارات التي لابد أن يمتلكها المتعلم قبل بدء عملية التعليم. فحتى تكون المادة التعليمية فعالة، لا بد من وجود درجة عالية من التوافق بين المادة والمتعلم.
معنى السلوك المدخلي:
     يُشير مفهوم السلوك المدخلي إلى مستوى المتعلم قبل أن يبدأ التعليم، وبكلمة أدق يُشير إلى ما سبق للمتعلم أن تعلمه، وإلى قدراته العقلية، وتطوره، وإلى دافعيته، وإلى بعض المحددات الاجتماعية، والثقافية لقدرته على التعلّم. ولعل أقرب شيء لهذا المفهوم هو مفهوم المتطلب القبلي فإذا كانت المعرفة بالكسور العادية متطلباً سابقاً للمعرفة بالكسور العشرية، فإن المعرفة بالكسور العادية تشكل السلوك المدخلي للمعرفة بالكسور العشرية، ولذا فإن المعلمين الخبراء غالباً ما يعدون في بداية كل فصل دراسي اختباراً للكشف عن مدى امتلاك المتعلم للمفاهيم، والمبادئ، والمهارات الضرورية لكي يتمكن المعلم من بدء تدريسه بشكل ناجح، وهذا الاختبار يسمى اختبار السلوك المدخلي.
    إن مشكلة التقدير الزائد أو المنقوص لقدرات المتعلمين ما يزال، وسيبقى موضع اهتمام المربين، وتتمثل هذه المشكلة باستمرار في المواقف الصفية التي يقوم فيها المعلم أنه يعرف تماماً مستوى طلبته، ويعرف أيضاً من أين يبدأ التعليم. لذا، فإن على المصمم أن يقوم بجهد كبير، ومنظم لتحديد خصائص المتعلمين المهمة إذا أراد أن يكون تصميمه ناجحاً. ولعل الحكمة القديمة القائلة ” إبدأ من حيث انتهى المتعلم ” تلخص القول في هذا المجال.
 (الحيلة،2008، ص104
المفاهيم المرتبطة بالسلوك المدخلي:  
من المفاهيم الرئيسة المرتبطة بالسلوك المدخلي:-
  • الفئة المستهدفة: وهو مصطلح يشير إلى مجموعة المتعلمين التي سيوجه إليها التعليم، وعادةً ما توصف المجموعة عن طريق العمر، والمستوى الدراسي وأحياناً الجنس، ومن المهم بالنسبة لمصمم المادة التعليمية أن يلم بشيء أكثر من مجرد الأوصاف العامة للمجموعة، وأن يكون أكثر تحديداً في معرفته للخصائص العامة، والسلوك المدخلي للمتعلمين الذين سيوجه التعليم إليهم.
  • المتطلبات السابقة للفئة المستهدفة: فيشير إلى المهارات المحددة التي تمتلكها تلك المجموعة، وتستطيع أن تبرهن على امتلاكها لها قبل بدء التعليم الفعلي وحتى تتحقق الفائدة المرجوة، فإنه لا بد من وصف المتطلبات السابقة (التعلّم القبلي) وصفاً تفصيلياً، وكذلك الأمر بالنسبة لتحليل مهمة التعلّم. كما أن عبارة التعلم القبلي يجب أن تشمل على فعل يصف ما يمتلكه المتعلم قبل تعلمه للمفهوم الجديد.
  • الصفات العامة للفئة المستهدفة: وهو مفهوم أكثر عمومية من مفهوم السلوك المدخلي ويشير هذا المفهوم إلى أن تصميم المناهج المدرسية غالباً ما يأخذبالحسبان النمو العقلي، والخصائص الإدراكية، وقدرة التركيز، والدافعية لدى الطلبة.
كيف نحدد السلوك المدخلي للطلبة ؟
    من أجل تحديد السلوك المدخلي لا بد من تحديد المتطلبات السابقة التي يجب أن يمتلكها الطلبة قبل بدأ التعلم الجديد، لذلك يجب أن تسأل نفسك ببساطة: “ماذا يجب أن يعرف طلبتي، أو ماذا بستطاعتهم فعله قبل أن أبدأ بتدريسهم ؟”. وعلى الرغم من بساطة هذا السؤال إلا أنه يتطلب بعض التحليلات لتحديد المهارات المناسبة والمعارف والاتجاهات، وفي معظم الأحيان، نفترض أن لدى طلبتنا المهارات اللازمة للبدء بتعلم موضوع معين.
     وفي مجال تصميم التدريس أو في أثناء التعليم الصفي، فإن تقدير المهارات والمعارف والاتجاهات لا يستمر على أساس رسمي خلال السنة الدراسية، لأن كثيراً من التعليم الذي نقوم به يبنى على التعلم السابق، وعندما نختبر طلبتنا بعد جزء من التعليم، تزودنا نتائج الاختبار بمعلومات عن مدى استعدادهم لتعلم الجزء التالي، فعندما نختبر طلبتنا في نهاية وحدة تعليمية، فإن الاختبار لا يستخدم فقط كدليل على مقدار ما تعلموه من تلك الوحدة ولكنه يستخدم أيضاً كدليل يظهر إن كان لديهم المتطلبات السابقة الضرورية لدراسة الوحدة التعليمية اللاحقة، وبذلك تصبح المشكلة الأساسية، فيما إذا كنا سنخصص وقتاً تعليمياً إضافياً لأولئك الطلبة الذين لم يكتسبوا المتطلبات السابقة (التعلم السابق) الضرورية. وقد أطلق اسم التعلم المتقن على المنحى التعليمي الذي يصمم لتزويد المتعلمين بالوقت التعليمي الذي يحتاجونه.
    وربما تتضمن الطريقة الأكثر شيوعاً لتقدير مهمات المتطلبات السابقة والمعارف إجراء اختبار قبلي للطلبة (اختبار سلوك مدخلي)، وتقدر (تقيس) فقرات هذا الاختبار المعارف والمهارات التي يجب أن يمتلكها الطلبة عند البدء بالتعلم الجديد، وإذا كانت بعض المتطلبات السابقة التي يجب أن يمتلكها الطلبة هي مهارات حركية أو اتجاهات، فإنه من الأنسب ملاحظة الطلبة في أثناء توضيحهم بعض مهارات المتطلبات السابقة، بدلاً عن إعطائهم اختباراً كتابياً.
   إن تحديد السلوك المدخلي للمتعلمين قبل بدء التعليم، مهمة أكثر تحديداً من التوصل    إلى الخصائص العامة للمجموعة. إنه يستمد مباشرة من تحليل المحتوى التعليمي ، فكلما كانت عملية التحليل دقيقة ، وتفصيلية، وكلما عاد المحلل إلى الوراء، وإلى أساسيات المهمة أصبح تحديد السلوك المدخلي أسهل. إن المصمم المحترف يستطيع أن يعرف أنّ كلَّ أو معظمَ الفئة المستهدفة تتقن مستوى معيناً من المهارات الفرعية، ويكون تحديد السلوك المدخلي عندئذ بكل بساطة بوضع خط فاصل ما بين هذه المهمات التي يفترض معرفتها، وتلك التي ينوي المعلم تعليمها. ويتم التأكد من صحة ذلك عن طريق اختبار السلوك المدخلي الذي يساعد المعلم. (الحيلة،2008، ص105-107)
 
المصادر:
الحيلة، محمد محمود: تصميم التدريس نظرية وممارسة، ط4، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، عمان، الأردن، 2008.

شارك هذا الموضوع: