علاقات الشخصيات في النص السردي:
     تعد الشخصيات الروائية عنصراً اساسياً من عناصر بناء النص السردي، وتقوم بين هذه الشخصيات علاقات، فلا تكون مستقلة، فاستقلالية الشخصيات بعضها عن بعض تخلق توقفاً في السرد؛ يؤدي ذلك الى                     انتفاء الحدث السردي.
حيث أن العلاقات بين الشخصيات الروائية تؤدي “دوراً اساسياً بالنسبة لبنية العمل الأدبي.”() 
فالراوي وهو ينتج شخصياته الروائية- أي شخصياته الورقية- ويقدمها عن طريق بنائه الخاص انما يرمي من وراء ذلك الى تقديم رؤيته للعالم الذي يعيش فيه عن طريق خلق هذا العالم- العالم الروائي- كما يتصوره أو يتخيل أن يراه أو لما يراه على وفق موقفه منه، ومن ثم يخلق علاقات الشخصيات بعضها ببعض على وفق هذه الرؤية.()
وبما أن التصور الجديد للشخصية القائم على الوظيفة التي تؤديها، وبأنها (ذاتٌ فاعلة)، وعليه فإنّ هذه الوظيفة تتطلب علاقات بين الشخصيات لتحقيق دينامية النص أي حركيته.
وتُعد أبحاث بروب (موروفولوجيا الحكاية الخرافية) هي الحجر الأساس في دراسة الشخصية من منظار جديد غير ما كانت عليه، فقد اصبحت عنصراً بنائياً.
إنّ أهمية علاقات الشخصيات تشكل بعداً مهما في الكشف عن خصائصها، ومكوناتها كما تفصح تضاريس تصورات الشخصية عن الآخر ومدى تأثيره وتأثره، والجدلية المفرزة نتيجة قيام تلك العلاقات التي تلتقي بسمات الشخصية ثم نوعيتها داخل المحكي من جهة، ودورها من جهة ثانية. 
إنّ أي شخصية لكي تكون فاعلة – أي تقوم بوظيفة ما – لها مؤهلات تؤهلها للقيام بهذه الوظيفة، فالبطل لا يكون بطلاً ما لم تكن له مؤهلات تؤهله لحصوله على موضوع ما؛ ليكون من خلاله بطلاً.
ومن ثم فإن الكشف عن هذه المؤهلات يأتي عن طريق علاقاتها بالشخصيات من جهة، وبالحوادث من جهة ثانية. فهناك “تصنيفان شائعان للشخصية هما :التصنيف الشكلي الذي يركز على مهمة الشخصية في النص وعلاقاتها الشكلية الخالصة بالشخصيات الأخرى، والتصنيف المضموني الذي يعتمد على الصلة الوثيقة بين الشخصيات والحوادث.”()
فالتصنيف الأول يصنف الآخرين على ايجابيين وسلبيين.
وهناك طرق عدة لتمحيص علاقات الشخصية داخل أي عمل روائي، فيوجد أربع طرق لعرض الشخصية يمكن اجمالها بما يلي:
” 1- عرضها لنفسها بنفسها، [في تناوبها على الحكي مع السارد].
2- عرضها عن طريق شخص آخر مشارك في الرواية يتكفل بتقديم وعرض الشخصية وبقية الشخوص.
3- عرضها عن طريق سارد خارجي غير مشارك…
4- عن طريق نفسها وشخوص أخرى والسارد…
إن هذه الأنواع الأربعة من طرق عرض الشخصية تسهم داخل المحكي في تحديد علاقات الشخصية وكميتها من جهة ثم طريقة تعاملها وسلوكها تجاه الآخرين [من جهة أخرى].”()
وقد تبدو تلك “العلاقات للوهلة الأولى مفرطة في التنوع بسبب عدد الشخصيات الكبير غير أن الباحث تودوروف قد اختزل هذه العلاقات واختصرها في ثلاث هي: الرغبة، التواصل، ثم المشاركة.”() وبقية العلاقات تتفرع من هذه العلاقات الثلاثة، وقد استعار تودوروف هذه المصطلحات من الباحث (غريماس) “دون اغفال التعارض اللغوي بصفته الأساس الثابت الذي تقوم عليه اللغة.”()
  فالعلاقات بين الشخصيات تبين “أن كل عمل يمكن أن يظهر شيئاً ما ويكون في الواقع شيئاً آخر.”( )
فعلاقة “الرغبة حاضرة، ذاتية أو مملاة”( ) والتي تتأكد عند جميع الشخصيات تقريباً، “ونجدها في شكلها الأكثر انتشاراً والتي يمكن أن نطلق عليه (الحب).”( )
أما المحور الثاني، و”الذي يعد اقل ظهوراً من المحور الأول ولكنه على نفس الجانب من الأهمية هو محور التواصل”() الذي “يجيء دائرياً حيناً ومتقطعاً حينا آخر”()
أما المحور الثالث” فيتحقق عن طريق (المساعدة) التي تمدها الشخصية المبأرة للشخوص الأخرى، فالعلاقة هناك مشاركة متبادلة تساعد على تجذير الحدث الفانتاستيكي وتعددية الرؤى وتشابكها فيه”()، وحضور هذه العلاقة يكون أقل من المحورين السابقين، فيمكن عدها محوراً تابعاً الى محور الرغبة.()
يعد عنصر (الصراع) من أهم العناصر التي تخلق التوتر سواء أكانت ايجابية أو سلبية.
وعليه فإن عنصر (الصراع) يقوم بوظيفة تفعيل المنظومة العلائقية السردية بين العناصر البنائية للنص، فيسبب دينامية النص أي حركيته ودفعه إلى الأمام.
إنّ العلاقات تتطور في النص الواحد عبر تدرجه، فهناك علاقات تلازم شخوص النص من بدايته الى نهايته، وهناك أخرى تتغير خلال النص.
 

شارك هذا الموضوع: