ظاهرة تنوع جموع التكسير للمفرد الواحد في نهج البلاغة دراسة صرفيَّة دلاليَّة
ظاهرة تنوع جموع التكسير للمفرد الواحد في نهج البلاغة دراسة صرفيَّة دلاليَّة
عبد الزهرة حسين إبراهيم كامل الجبوري أسيل عبد الحسين حميدي الخفاجي
جامعةبابل / كلية التربية للعلوم الإنسانية جامعة بابل / كلية التربية للعلوم الإنسانية
@ YAHOO. COM ABD WLZAHRA ASEEL AL-KHAFAJI@YAHOO . COM
المُلخَّص
يتناول هذا البحث دراسة ظاهرة لغوية تكاد تكون من الظواهر اللغوية البارزة في كلام العرب,وهي تنوع جموع التكسير للمفرد الواحد في نهج البلاغة.
وقد اقتضت طبيعة الموضوع أن يُقسَّم هذا البحث على مبحثين زيادة على المقدمة والخاتمة وقد خصَّصت المبحث الأوَّل بالحديث عن جمع التكسير,وأَمَّا المبحث الثاني فقد خصَّصته لدراسة هذه الظاهرة في نهج البلاغة.
ومن أهم ما خرجت به هذه الدراسة أنَّ التنوع الذي نجده في الجموع لم يكن ترفًا,بل إنَّ هذا التنوع في الجموع يدل على شيء ما,فقد يكون لبيان المعاني المتعددة التي يدلُّ عليها المفرد,فتكون كل صيغة من صيغ الجمع دالَّة على معنى معين من معاني المفرد.أو يكون غرضه بيان الدَّلالة العدديَّة؛إذ تأتي صيغة بدلالة العدد القليل وأُخرى بدلالة الكثرة أو غير ذلك من الأغراض الأُخَر.
الكلمات المفتاحيَّة:جمع التكسير,ظاهرة تنوع جموع التكسير للمفرد الواحد في نهج البلاغة.
Abstract
This paper is concerned With Variation of plurals, one of the outstanding linguistic phenomena in Arab tongue . It is divided into two sections in addition to the introduction and conclusion. Broken plural, its types and reasons to be Varied are discussed in the first section. This phenomenon , on the other hand, is studies in Nahjul Balaghah (the path of Eloguence ) in the second section .
The study is concluded with important results such as plural variation is
not arbitrary , it aims to some hidden meaning that different types of plural might mean. Such variation could also be used to implicate numeric meaning , in
addition to other uses .
Keywords: Irrigular plural ,The phenomenon of variation in the irrigular plurals forms of The same singular noun in Nehj al- Balagha.
المُقدِّمة
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله ربِّ العالمين,والصلاة والسَّلام على أبي القاسم محمد و على آله الطيبين الطاهرين,و بعد:
إنَّ اللغة العربية تحفل بظواهر لغويَّة غير قليلة هي محل نظر,و تأمُّل,وتحتاج إلى دراسات علميَّة دقيقة تكشف غموضها,وتقدم بيانًا,وتوضيحًا لها؛ذلك أَنَّ ما وصل إلينا من التراث اللغوي لم يكن كافِيًا في تفسير, وتوضيح كُل تلك الظواهر اللغويَّة المتنوعة.
ويحاول الباحث في بحثه هذا أَن يُعالِج واحدة من تلك الظواهر اللغويَّة,وهذه الظاهرة هي تعدد الجموع للمفرد الواحد,وقد لفتت نظر طائفة من الدّارسين المحدثين؛ولذا حاولوا دراستها,وبيان ما أدَّى إلى مثل هذا التنوع متخذين من القرآن الكريم ميدانًا لدراستهم,ومنهم د.فاضل السامرائي,ود.أحمد مختار عمر,غير أنَّ الباحث اتخذ نهج البلاغة ميدانًا لدراسته؛إذ إِنَّه يأتي بعد القرآن الكريم,فهو أيضًا يمثل الواقع اللغوي.
والجدير بالذكر أنَّ هذه الجموع لم تكن في طائفة منها جمعين,أو ثلاثة,أو أربعة جموع حتى أن د.عبد الفتاح الحموز ذكر ما يزيد على العشرين جمعًا لمفرد واحد (1).
فما هو سر هذا التنوع؟وهل الدلالة العدديَّة التي قال بها اللغويُّون ـــ ؛ذلك أنهم جعلوا صيغًا من الجموع للقلة وأخرى للكثرة,السبب الوحيد في هذا التنوع وغيره سيتضح لنا بهذا البحث,الذي يقع في مبحثين,وأمَّا مصادر البحث فقد تنوعت,ولم تكن من نوع واحد,ويقف في مقدمتها شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد الذي حققه محمد أبو الفضل إبراهيم.وفي نهاية الكلام اشكر جميع من مد لي يد العون في بحثي هذا,والحمد لله ربِّ العالمين.
جمع التكسير
المبحث الأول: تعريفه,صياغته, نوعاه.
تعريفه:جمع التكسير:اسم يدلُّ على أكثر من اثنين أو اثنتين,ويتغير فيه بناء المفرد تغييرًا داخليًّا ظاهرًا على بنية الكلمة,أو مُقدَّرًا يكون في النيَّة,وهذا يعني أنَّ ظاهر الصيغة باقية على بنائها مع دلالتها على معنى الجمع,فالتغيير تغيير خيالي لم تكن له آثار ظاهرة في البناء,وسُمِّي تكسيرًا تشبيهًا بتكسير الآنية, فكما أنَّ الآنية تتغير صورتها حينما تتعرض للكسر عمَّا كانت عليه,كذلك المفرد إن بُنِي على وزن من أوزان جمع التكسير,فإن صورته لا تبقى بل تتغير(2),ولا ينحصر ذلك التغيير في اللفظ فحسب,بل يشمل الدلالة أيضًا,ولأنَّ التغيير في هذا الجمع يكون في بنية المفرد اصطلح عليه المستشرق هنري فليش (الجمع الداخلي) (3) .
صياغته:إنَّ صياغة جمع التكسير في العربية تكون بتغيير ما يحدث في بناء المفرد المراد جمعه,وهذا التغيير لا ينحصر في مجال واحد يكون مقتصرًا عليه,بل يتنوع ويتفرع,ويضمُّ حالاتٍ مختلفة,وقد جعل بعض النحويين ذلك التغيير على ثلاثة أقسام رئيسة,وهي:(الزيادة في بعض الحروف,أو النقص,أو التغيير في الشكل فقط من دون زيادة,أو نقصان)(4),في حين جعل الشاطبي (ت790 هـ) هذا التغيير على سبعة أقسام,وهذه هي الأقسام:
التغيير الذي يحصل بزيادة وتبدل شكل,نحو:(جَمَل,و جِمَال) .
أو بنقصٍ وتبدل شكل,نحو:(رَغِيف,و رُغُف) .
أو بزيادة ونقص وتبدل شكل,نحو:( رَغِيف, ورُغْفَان) .
أو بزيادة مجردة,نحو:(صِنْو,و صِنْوَان) .
أو بنقص مجرَّد,نحو:( تُخَمَة,و تُخَم) .
أو بتبدل شكل وحده في الظاهر,نحو:(وَرْد,و وُرْد) .
أو بتبدل شكل وحده في النِّيَّة,نحو:(فُلْك,و فُلْك),فضمة (فُلْك) تختلف في حال الجمع عنها في حال المفرد(5).
وهناك مسألة فيما ذُكِر آنفًا,وهي التغيير التقديري,فثمة خلاف وقع فيها,فبينما نجد سيبويه يعدُّ مثل ذلك التغيير ناقل للصيغة من الدلالة الإفرادية إلى الدلالة الجمعية,وبذلك فهو جمع تكسير عنده(6),نجد أنَّ الفراء لا يرى في ذلك أكثر من كون هذه الصيغة يشترك الواحد,والجمع في دلالتها من دون القول بوجود تغيير تقديري(7) .
أمَّا ابن مالك فيرى أنَّ أمثال (فُلْك) مما يكون التغيير فيها تقديري هي أسماء جموع لا جموع تكسير,إذ يقول:”و لا داعي إلى التمسك بالتغيير التقديري الذي لا يخلو من التكلف” (8) .
في حين رفض د.صباح عباس السالم الأخذ بفكرة التغيير التقديري؛ذلك أنَّ الجمع في مثل هذه الألفاظ يستلزم مصاحبة قرينة,فهو لا يدل على معنى الجمع بمعزل عنها,وهذا الأمر يخالف طريق الجمع؛لأنَّ الجمع لابد من أنْ تدل الصيغة فيه بنفسها على معنى الجمع (9).
ويبدو أنَّ الذي دفع سيبويه,ومن تبعه إلى جعل (فُلْك),وأمثالها من جموع التكسير؛أنهم وجدوها تُثنَّى فلو كانت للمفرد والجمع بلفظ واحد لكانت أيضًا دالة على المثنى بلفظها؛ولذا فـ(جُنُب) لا يعدو أَنها من جموع التكسير لعدم تثنيتها,بل هي تكون بلفظ واحد للمفرد والمثنى والجمع؛ولذا لم يقولوا بوقوع تغيير تقديري في هذه الصيغة وأمثالها (10) .
والذي يستحسنه الباحث في هذه المسألة الأخذ بمذهب الفراء؛وذلك لأمرين,أحدهما:ابتعاده عن التكلف, والآخر:إنَّ مذهب سيبويه يقود إلى افتراض شيء ربما يكون غير حقيقي؛ ذلك أنَّ التغيير الذي قال به سيبويه إنَّما هو تغيير خيالي ولا وجود له في الظاهر,أمَّا إن كانت التثنية هي من دفعتهم إلى القول بذلك فإنَّ وجود مثل هذا الأمر لا يدعو إلى التصريح بوجود تغيير تقديري في البناء؛لأنَّه ليس كل ما قبل التثنية يكون داخلًا في حكم التغيير التقديري,فعلى سبيل المثال نجد أنَّ لفظة (بَشَر) تقبل التثنية وتدل على الجمع بلفظها,ولكن لا يوجد لغويٌّ يضعها في دائرة التغيير التقديري,وإن قيل:إِنَّ وزن هذه الكلمة يبعدها عن الجمع ـ وأعني بذلك كلمة (بَشَر) ـ, فالجواب على ذلك:إنَّ صيغة (فُعْل) غير مختصة بالجمع,بل ربما شارك المفرد فيها الجمع أيضًا,نحو:(قُفْل) .
نوعاه:لقد دَرَج الصرفيون في حديثهم عن جمع التكسير أن يقسِّموه على نوعين؛استنادًا لدلالته العددية, وهما:جمعا (القلة والكثرة) (11),قال سيبويه:”واعلم أنَّ لأدنى العدد أبنيةً هي مختصَّة به،وهي له في الأصل، وربَّما شركه فيه الأكثر فأبنية أدنى العدد (أَفْعُلٌ)…,و(أَفْعَالٌ),…و(أَفْعِلَةٍ),…و(فِعْلَةٌ)…,فتلك أربعة أبنية،فما خلا هذا فهو في الأصل للأكثر وأن شركه الأقل”(12).
وأمَّا معنى القلة والكثرة,فالقلة:الدلالة على عدد لا يزيد على عشرة,ولا يقل عن ثلاثة,وأمَّا الكثرة فدلالته العدديَّة لا تقل عن عشرة,وليست لها نهاية(13),وثمة من يرى أنَّ جمع القلة والكثرة متفقان من حيث المبدأ ومتغايران من حيث النهاية (14) .
وأمَّا التمييز بينهما فيكون بالصيغ,فقد جعل الصرفيُّون أربعة ابنية تخص القلة,وما جاء خلاف ذلك من الأبنية فهو للكثرة لا غير,وهذا على سبيل الحقيقة,وأمَّا المجاز فهو يجعل تلك الصيغ بدلالة واحدة(15),ويكون السياق حينئذ هو الفيصل في تحديد الدلالة العددية المرادة,ولا حاجة بنا إلى أنَّ نذكر تلك الأبنية الأربعة التي للقلة؛إذ قد بيِّنها لنا سيبويه في قوله الذي ذكرناه آنفًا,وإذا عرفنا تلك الأبنية,نكون قد علمنا ابنية الكثرة؛لأنَّ ما سواها يكون داخلًا في أبنية الكثرة .
المبحث الثاني: ظاهرة تنوع جموع التكسير للمفرد الواحد في نهج البلاغة:من الظواهر اللغوية البارزة في العربية,والتي تستدعي النظر والتأمل وجود غير واحد من الجمع للمفرد الواحد,وقد ذكر ابن خالويه (ت 370ه) سبعة جموع لمفرد واحد,وهي:(نَاقَات,و نَاق,وأَيَانِق,و نِيَاق,و أَيْنُق,و أَوْنُق,و نُوْق),وكلها جمع لـ(نَاقة)(16),واغرب من هذا أن د.عبد الفتاح الحموز ذكر أنَّ صيغ الجموع للمفرد الواحد قد تصل إلى ما يزيد على خمسة وعشرين بناء(17),وهذا التعدد في الجموع قاد بعض المستشرقين إلى القول:إِنَّ هذا التنوع لا يدل على شيء إلا أنَّه يدل على اضطراب وبلبلة(18),وقد عدَّ د.صبحي الصالح هذا التعدد ناتجًا من فوضى اللغويين في تحديد الفروق بين الجموع؛إذ لم يوضحوا الفروق بين تلك الجموع(19),غير أن هذه الظاهرة لم تكن بعيدة عن أذهان النحويين,بل توجد في كتبهم إشارات واضحة تُدَلِّل على أنَّهم قد فطنوا إلى ذلك؛ولذا قدَّموا لنا طائفة من العلل التي تفسر وقوع مثل هذا التنوع والتعدد في صيغ الجموع للمفرد الواحد,ومن تلك التفسيرات ما نجده في كتاب سيبويه,إذ يقول:”ومن أَنَّثَ(اللِسَان),فهو يقول (أَلْسُن),ومن ذكَّر قال:(أَلْسِنَة)”(20),فسيبويه بُفرِّق بين الصيغتين,وقد بَيَّن سبب مجيء هاتين الصيغتين للمفرد الواحد,وقد ارجع سبب ذلك إلى اختلاف الجنس,فجنس المذكر صيغته الجمعية تغاير الصيغة الجمعية التي للمؤنث,ولم يقف عند هذا الحد,بل نجده يقدم لنا تفسيرًا آخر,إذ يقول:”وإن سميت رجلا بـ(أَحْمَرَ) فإن شئت قلت:(أَحْمَرُون)،وإن شئت كسَّرته, فقلت:(الأَحَامِر)،ولا تقول:(الحُمْر)؛لأنَّه الآن اسمٌ وليس بصفة”(21),فقد جعل سيبويه جمع الصفة بصيغة معيَّنة,وجمع الاسم بصيغة أخرى,وكلاهما لمفرد واحد,فإذًا الوصفية والاسمية لها دخل في تنوع الجمع,وليس هذا فحسب؛إذ يبين أنَّ للعاقل صيغة جمعية ولغير العاقل صيغة أخرى,قال:”وإن كان فَاعِلٌ لغير الآدميين كُسِّر على فواعل…”(22),زيادة على ذلك أنَّ النحويين أشاروا إلى وجود دلالة معينة في بناء ما من أبنية الجمع, كصيغة:(فَعْلَى) التي تدل على الهلاك,أو التوجع أو التشتت أو نحو ذلك(23) في حين لا تدل بقية صيغ الجمع على هذا المعنى,فجمع (أَسِير) مثلًا على (أَسْرَى)؛لدلالته على المعنى السابق (24) .
ولعلَّ أبرز علَّة قدَّمها لنا النحويون فيما يتعلق بذلك,وهي دلالة الجمع العددية,فقد حظيت هذه الدلالة بقسط وافر من اهتمامهم,ومن ينظر إلى الكتب الصرفية يجد صدق هذا الكلام,إذ جعل النحويون أربعة أبنية تدل على القلة,وما جاء خلافها من الأبنية يُعدُّ من أبنية الكثرة,قال سيبويه:”فأبنية أدنى العدد (أَفْعُلٌ)…,و(أَفْعَال)…، و(أَفْعِلَة)…,و( فِعْلَة)…فتلك أربعة أبنية،فما خلا هذا فهو في الأصل للأكثر,وأن شركه الأقل …” (25),ومعنى ذلك أن وجود جمعين أحدهما على بناء من أبنية القلة والآخر على بناء من أبنية الكثرة لمفرد واحد ـ فمثل هذا التنوع في الجمع ـ مرده إلى الدلالة العددية.
أمَّا المحدثون فكانت لهم وقفة تُشكَر عند هذه الظاهرة,فقد خصَّصُوا مباحثَ؛بدراستها متخذين من القرآن الكريم ميدانًا؛ يستمدُّونَ منه ما يطرحونه من أفكار؛ذلك أنَّه يمثل اللغة العربية في صفائها ونقائها وخلوها مِمَّا قد علق بها من الشوائب.
وقد وضعوا بين أيدينا جملة من العلل التي لها دخل في ذلك التنوع,والجدير بالذكر هنا أنّها العلل نفسها التي ذكرها القدماء غير أنَّهم زادوا عليها عِلَلًا أُخَر أتت نتيجة دراسة متأنية لصيغ تلك الجموع,وقد حاولت تلخيصها بما يأتي:
الدلالة على القلة والكثرة .
اختلاف اللهجات العربية.
دلالة الصيغة على معنى معين غير موجود في الصيغة الأخرى .
الدلالة الاسمية والوصفية.
الدلالة على الجنس أي المذكر والمؤنث.
الدلالة على العاقل وغير العاقل.
الدلالة على المعاني التي يحملها المفرد,فيكون لكل معنى صيغة من صيغ تلك الجموع .
تحقيق أمن اللبس,فتجمع صيغة على بناء آخر؛فرارًا من اللبس(26).
الدلالة على العموم والخصوص,فقد تدل إحدى صيغ الجمع على معنى خاص في حين تدل الصيغة الأخرى على معنى عام للمفرد نفسه.
تحقيق المواءمة اللفظية أو الحلِيَة الكلاميَّة.
تحقيق الانسجام في الوزن الشعري (27) ؛ولذا نجد أنَّ بعض المحدثين يقول ـ في صيغة (أَثْوُب) ـ :” ويبدو لي أَنَّه مقصور على لغة الشعر,وأَنَّ مجيء (أَثْوُب)؛للمحافظة على الوزن الشعري…” (28) .
هذا أبرز ما ذكره المحدثون من علل التنوع في الجموع.
وسأُحاول قدر المستطاع أنَّ أبيِّن سبب التعدد في نماذج من جموع التكسير في نهج البلاغة علَّني أصل إلى بعض الأسرار التي تقف وراء هذا التنوع .
(عِبَاد), و(عَبِيد),و(عِبْدَان):هذه الجموع كُلُّها لمفرد واحد,وهو(عَبْد) بزنة (فَعْل)(29),وهي تنتمي بحسب تصنيف الصرفيِّين إلى أبنية الكثرة (30),فأوزانها على التوالي (فِعَال),و(فَعِيل),و(فِعْلَان)؛واستنادًا إلى ذلك فإنَّ الدلالة العدديَّة منتفية من علة هذا التنوع,فلابد من وجود علة أخرى أدَّت إلى مثل هذا التنوع,وإلَّا فمثل هذا التنوع لا يكون اعتباطًا؛ذلك أنَّه لكل صيغة دلالة ما ولذا يرى د.إبراهيم أنيس أنَّ الصيغة الصرفية لها تأثير على الدلالة (31) .
ولمَّا استقرأت نهج البلاغة وجدت الجمع (عِبَاد) ورد بكثرة قياسَا بالجموع الأُخَر,وقد ورد بمعنى:الناس سواء أَحرارًا كانوا أم مملوكين مضافًا إلى الله سبحانه وتعالى,ومن ذلك قول الإمام (عليه السلام) ـفي إحدى مواعظه ـ : ((… فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ, وَفِرُّوا إِلَى اللَّهِمِنَ اللَّهِ)) (32).
وقد جاء الجمع (عَبِيد) بمعنى المملوكين لغيرهم من الناس,قال الإمام (عليه السلام)ـ من كلام له لمَّاهرب أحد عُمَّاله إلى معاوية ـ:(( قَبَحَ اللَّهُ مَصْقَلَةَ ! فَعَلَ فِعْلَ السَّادَةِ , وَفَرَّ فِرَارَ العَبِيدِ…)) (33).
ولعلَّ الأمر الذي استطيع قوله:إنَّ في (عِبَاد) دلالة على التشريف والتكريم ؛ولذا فإنَّها في معظم الحالات جاءت مضافة إلى الله سبحانه وتعالى؛لأنَّ طاعة الله سبحانه وتعالى فيها العز والشرف,والعظمة(34),وأمَّا (عَبِيد) ففيها لون من الذُّل,والتحقير,والهوان(35),وهذا ما يوحيه النصُّ السابق,فالإمام في مقام ذم,جماعة من البشر, وهذا ما دلت عليه النصوص الأُخَر في نهج البلاغة غير أنَّ ثمَّة موضعًا ورد فيه هذا الجمع بمعنى المملوك لله سبحانه وتعالى,في قوله (عليه السلام):((… أَنَا وأَنْتُمْ عَبِيدٌ مَمْلُوكُونَ لِرَبٍّ لَا رَبَّ غَيْرُهُ )) (36) .
والذي يظهر أنَّ النص أتى بدلالة التواضع وإبراز ضعف الإنسان في مقابل سلطان الله سبحانه وتعالى(37), فلا يليق في مثل هذا الإتيان بجمع (عِبَاد)؛إذ المراد التصغير والتحقير والتقليل,وهذه المعاني غير متوافرة في صيغة (عِبَاد) بخلاف (عَبِيد),وما يدل على ذلك أنَّ (عَبِيد) وردت مجازًا في قوله (عليه السلام):((يَا عَبِيْدَ الدُّنْيَا،كَيَفَ تُخَالِفُ فُرُوْعُكُم أُصُولَكُم،… قَوْلُكُم شِفَاءٌ…،وَعَمَلُكُم دَاءٌ…))(38),فقد عبر الإمام(عليه السلام) عمن تعلق بالدنيا بالعبيد,لما يظهر عليه من الذُّل والهوان فما هو موجود في هذه الدنيا من الشهوات واللذات تكون حاكمًا عليه تقوده حيث شاءت,وهذا يكون بعيدًا عن المؤمنين.
أمّا الجمع (عِبْدَان) فلم يرد بمعنى المملوك لا لله سبحانه وتعالى ولا لغيره,وإنَّما ورد في قوله (عليه السلام): ((…وَهَاهُمْ هَؤُلاَءِ قَدْ ثَارَتْ مَعَهُمْ عِبْدَانُكُمْ,وَالْتَفَّتْ إِلَيْهِمْ أَعْرَابُكُمْ))(39),والمراد الأنصار والخلطاء من الأعراب الذين كانوا في حدود المدينة(40).
يتضح لنا مما سبق أنَّ دلالة هذه الصيغ ليست بدلالة واحدة,بل لكل صيغة منها دلالة معيَّنة كشف لنا عنها سياق الكلام بقرائنه المختلفة,فصيغة (عِبَاد)دلَّت على التشريف والتكريم,وصيغة (عَبِيد) جاءت لإبراز الذُّل والتحقير والضعف,وأمَّا صيغة (عِبْدَان) فقد حملت دلالة بعيدة تمامًا عن معنى العبودية؛واستنادًا إلى ذلك فإنَّ مثل هذا التنوُّع راجع إلى اختلاف الدلالات؛إذ دلَّت كلُّ صيغة من صيغ الجموع على معنًى معيَّنٍ من المعاني التي تضمنها المفرد .
(أَسْهُم),و(سِهَام),و(سُهْمَان):مفرد هذه الجموع واحد,وهو(سَهْم) بزنة (فَعْل)(41),وقد ورد منها بناء للقلة والباقي دال على الكثرة.
لقد ظهر لي حينما استقرأت نهج البلاغة أنَّ الإمام (عليه السلام) استعمل (أَسْهُم),و(سِهِام) بدلالة واحدة,فقد استعملهما بمعنى النَبْل,بطريق المجاز لا الحقيقة إلا ما ندر من دون أن يكون في كلامه تفريق بين هاتين الصيغتين من حيث الدلالة العددية,ومن ذلك قوله (عليه السلام)ـ في وصف الدنيا ـ:((… وَأَقْصَدَتْ بِأَسْهُمِهَا , وَأَعْلَقَتِ المَرْءَ أَوْهَاقَ المَنِيَّةِ…)) (42) ومن ذلك قوله (عليه السلام):((…أَمَا إِنَّهُ قَدْ يَرْمِي الرَّامِي,وَتُخْطِئُ السِّهَامُ …))(43),وقوله أيضًا (عليه السلام)ـ في وصف الدنياـ:((…,وإِنَّمَا أَهْلُهَا فِيهَا أَغْرَاضٌ مُسْتَهْدِفَةٌ تَرْمِيهِمْ بِسِهَامِهَا, وَتُفْنِيهِمْ بِحِمَامِهَا ))(44),غير أنَّ صيغة (سُهْمَان) وردت بمعنى الحظ,والنصيب(45)لا بمعنى النَبْل,ومنه قوله (عليه السلام):((إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الإِمَامِ إِلَّا مَا حُمِّلَ مِنْ أَمْرِ رَبِّهِ:الإِبْلاَغُ فِي الْمَوْعِظَةِ…,وَإصْدَارُ السُّهْمَانِ عَلَى أَهْلِهَا))(46).
يتبيَّن لنا مما سبق أنَّ اختلاف صيغة الجمع (سُهْمَان) عن الصيغتين الأخريين حصل؛للدلالة على المعنى الآخر الذي يدل عليه المفرد,فالمفرد يحمل دلالتين,أمَّا الصيغتان (أَسْهُم),و(سِهَام),فلا فرق بينهما من حيث الدلالة,ولا يمكن حملهما على القلة والكثرة ؛إذ لم توجد قرينة تدل على ذلك, ولعلَّ المواءمَة اللقظيَّة كانت السِّرُ في وجود مثل هاتين اللفظتين,ففي واحد من أقوال الإمام علي (عليه السلام) نجد أثر ذلك واضحًا,إذ يقول ـفي صفة الدنيا ـ:(( دَارٌ بِالْبَلاَءِ مَحْفُوفَةٌ , وَبِالْغَدْرِ مَعْرُوفَةٌ…,وَإِنَّمَا أَهْلُهَا فِيهَا أَغْرَاضٌ مُسْتَهْدِفَةٌ,تَرْمِيهِمْ بِسِهَامِهَا, وَتُفْنِيهِمْ بِحِمَامِهَا)) (47).
تجد نوعًا من الانسجام الصوتي والحِلْيَة الكلاميَّة بين الصيغتين:(سِهَامِهَا),وَ(حِمَامِهَا),وهذا التلاؤم والتناسق والتناغم ما كان يظهر لو استُعمِلت صيغة (أَسْهُم) .
(أَعْيُن),و (أَعْيَان),و(عُيُوْن):مفرد هذه الجموع واحد,وهو(عَيْن) بزنة (فَعْل)(48),والعين من الألفاظ التي تحمل عدَّة معانٍ,وهو ما يسمَّى في اللغة العربية بالمشترك اللفظي(49) .
إنَّ أبنية الجمع المذكورة آنفًا ورد منها بناء دال على الكثرة,وهو(عُيُوْن) بزنة(فُعُوْل),وأمَّا البناءان الآخران فهما بدلالة القلة,(أَعْيُن) بزنة (أَفْعُل) و (أَعْيَان) بزنة (أَفْعَال) .
وباستقراء نهج البلاغة وجدت أنَّ لفظة (أَعْيُن) وردت بدلالة العين الباصرة من دون أن تحمل معنى القِلَّة, ومن ذلك قول الإمام (عليه السلام) ــ في بيان صفة صحابة رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)ـ:((… إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ هَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى تَبُلَّ جُيُوبَهُمْ …)) (50) .
وقد وردت (أَعْيَان) بدلالة الأجساد والذوات التي تُرَى بالعين (51),قال الإمام (عليه السلام) ـ في بيان فضل العلماء ــ:((…,والعُلَمَاء بَاقُون ما بَقِي الدَّهر,أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ,وَأَمْثَالُهُمْ فِي القُلُوبِ مَوْجُودَةٌ…)) (52).ولا يُمكِن أن نصرف الدلالة هنا إلى القلة؛لأنَّ الإمام (عليه السلام) لا يتحدث عن مجموعة معيَّنة من العلماء,بل عن العلماء بصورة عامَّة.
أمَّا (عُيُوْن) فقد وظَّفها الإمام (عليه السلام) بدلالات متنوعة من دون أن تُخصَّص بدلالة معينة؛فقد وردت بمعنى العين الجاريَة أي عين الماء,في قوله (عليه السلام) ـ في صفة الأرض ـ:((ثُمَّ لَمْ يَدَعْ جُرُزَ الأَرْضِ الَّتِي تَقْصُرُ مِيَاهُ العُيُونِ عَنْ رَوَابِيهَا…حَتَّى أَنْشَأَ لَهَا نَاشِئَةَ سَحَابٍ تُحْيِي مَوَاتَهَا… ))(53).واستعملها بدلالة العين الباصرة في قوله (عليه السلام) ـ وهو يبن صفة الله سبحانه وتعالى ـ:(( لَمْ تَرَكَ الْعُيُونُ فَتُخْبِرَ عَنْكَ,بَلْ كُنْتَ قَبْلَ الوَاصِفِينَ مِنْ خَلْقِكَ)) (54) .
وقد جاءت في كلام الإمام (عليه السلام) أيضًا بمعنى آخر في قوله (عليه السلام):((…, وَابْعَثِ العُيُونَ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ,وَالوَفَاءِ عَلَيْهِمْ…))(55),فقد دلت العيون في هذا النص على المراقب والراصد لا غير (56), ولا يمكن أن نجزم بدلالة الكثرة في هذا النص,فقد يكون عدد المراقبين قليلًا.
نخلص مما سبق أنَّ هذا التنوع في الجموع لا يَسُوغ حصره في القلة والكثرة؛لأنَّ أغلب تلك الحالات إن لم تكن جميعها لم تُرَاعَ فيها الدلالة العدديَّة,ولكن يمكن إرجاعه للعُمُوم والخُصُوص؛ذلك أنَّ صيغة (أَعْيُن) دلت على معنى خاص,وكذلك (أَعْيَان),غير أنَّ (عُيُونًا) حملت دلالة عامَّة فقد تنوَّعت دلالاتها بحسب سياق الكلام الذي وردت فيه.
في حين نجد أنَّ د.أحمد مختار عمر يرى أنَّ هذين الجمعين يرجعان إلى مفرد واحد,وهو(بَرّ),لا( بَارّ)(60).
وعند النظر إلى هذين البنائين نجد أنَّ أحدهما للقلة والآخر للكثرة, ولكن هل هذا هو سبب التنوع في الجمع ؟ هذا ما سيتضح لنا بعد قليل.
إنَّ صيغة (أَبْرَار) وردت في كلام الإمام (عليه السلام) دالَّة على البشر الكثير,ومنه قوله (عليه السلام)ـ في وصف عباد الله الصالحينـ:((وَأَمَّا النَّهَار فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ, أَبْرَارٌ أَتْقِيَاءُ…))(61),غير أنَّنَا يمكن أنَ نحمل دلالة (أَبْرَارٍ) هنا على القلة النسبية,فالمؤمنون مقارنة بالكافرين قليل,وما يدلُّ على ذلك قوله تعالى:… وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:من الآية: 13].
وأمَّا صيغة (بَرَرَة) فقد وردت بالدلالة نفسها,ومنه قوله (عليه السلام):((… وَأَمَّا نَهَارُهُم فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ, بَرَرَةٌ أَتْقِيَاءُ …)) (62),ولم تخرج هاتان الصيغتان عن تلك الدلالة.
واستنادًا إلى ما سبق فإنَّ (أَبْرَارًا),و (بَرَرَة) كلاهما جاء للآدميين من دون مراعاة الدلالة العدديَّة القليلة أو الكثيرة,ولكن يبدو أنَّ (بَرَرَة)؛بصيغتها الصرفية أبلغ من (أَبْرَار) في الدلالة,وهذا ما نَصَّ عليه الرَّاغب الأصفهاني (ت 502 هـ) قال:”…فَبَرَرَةٌ خصّ بها الملائكة في القرآن من حيث إنَّهُ أبلغ من أبرار…”(63).فإذًا هذا التنوُّع في الجمع يعود إلى اختلاف المفرد من جهة,و إلى وجود دلالة معينة في إحدى الصيغتين لا توجد في الصيغة الأخرى من جهة ثانية.
(إِخْوَة), و (إِخْوَان):إنَّ هذين البنائين جمع لمفرد واحد هو (أَخٌ),وهو من الأسماء الناقصة أي أنَّه من الأسماء التي حُذِفت لامها,والأصل فيه:(أَخَو) بزنة (فَعَل) (64),وهذا يعني أنَّ لامه التي حُذِفت هي (واو) لا (ياء),وقد جاء أحد البنائين للقلة والآخر للكثرة.
وبتتبُّع ورود هذين البنائين في نهج البلاغة ظهر لي ما يأتي:
اقتصار صيغة (إِخْوَة) على دلالة الأصحاب لا غير(65),فقد وردت في قوله (عليه السلام):((يَا إِخْوَتَاهْ!,إِنِّي لَسْتُ أَجْهَلُ مَا تَعْلَمُونَ…)) (66) .
وأمَّا صيغة:(إِخْوَان) فقد استعملها الإمام (عليه السلام) بدلالات متنوعة,فقد وظَّفها بدلالة الرابط الاجتماعي أي بمعنى الأصدقاء والرفقاء والأصحاب(67)في قوله (عليه السلام):((…,وَلَا إِخْوَانُ ثِقَةٍ عِنْدَ البَلَاءِ )) (68).
وقد وظَّفها أيضًا بدلالة الرابط الديني في قوله (عليه السلام):((…,وَإِنَّمَا أَنْتُمْ إِخْوَانٌ عَلَى دِينِ اللَّهِ…))(69) .
وقد وردت أيضًا بمعنى الرابط النسبي أي الشخص الذي يشارك غيره في الولادة من أبٍ وأمٍّ أو من أحدهما, أو من الرَّضَاع (70) في قوله (عليه السلام):((فَلَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيِهِ,وَإِنَّ القَتْلَ لَيَدُورُ عَلَى الآْبَاءِ, وَالأَبْنَاءِ,وَالإِخْوَانِ …)) (71) .
ولا أستطيع أن أقول:إِنَّ التنوع في الجمع هنا؛راجع إلى دلالة العموم والخُصُوص؛إذ وردت صيغة(إِخْوَة) في القرآن الكريم بمعنى الرابط النسبي,وما يلفت النظر أنَّ ورودها هناك كان بهذا المعنى لا غير سوى موضع واحد,وهو قوله تعالى:إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10],و يمكن القول هنا:بالقلة والكثرة؛لاحتمال هذا الأمر, ولاسيَّما أنَّ الإمام (عليه السلام) كان يُخاطِبُ طائفةً من أصحابه (72) .
وما يحسبه الباحث أنَّ التنوع رُبَّما جاء أيضًا للمواءمة اللفظيَّة,فقول الإمام (عليه السلام):(يَا إِخْوَتَاهْ) جاء ملائمًا للكلام ومتناغمًا معه,فلو قال:(يَا إِخْوَاناهْ) لجاء ذلك التعبير ركيكًا ضعيفًا,وهذا غير موجود في كلامه (عليه السلام) .
(سُجَّد),و(سُجُود):وهما جمعان لمفرد واحد, وهو (سَاجِد) بزنة ( فَاعِل) (73).لو أنعمنا النظر في هذين البنائين لوجدنا أنَّهما للكثرة؛ولذا لا سبيل إلى تفسير التنوع في الجمع هنا؛بالقلة أو الكثرة,بل لا بد من وجود أمر آخر كان له الأثر في مثل هذا التنوع.
لقد ذهب د.فاضل السامرائي إلى أنَّ الجمع إن ورد على بناء من أبنية المصادر,فهو حينئذٍ يدلُّ على المعنى الحقيقي للفعل(74),ولدينا بناء من الجمعين السابقين جاء على بناء المصدر,وقد حمل المعنى الحقيقي للفعل في نهج البلاغة,وهذا الأمر يؤيِّد مذهب د.فاضل السامرائي,ومنه قوله (عليه السلام)ـ في تصنيف الملائكةـ:((…مِنْهُمْ سُجُودٌ لَا يَرْكَعُونَ, ورُكُوعٌ لَا يَنْتَصِبُونَ…))(75),فالمراد من ذلك أنَّهم ساجدون سجودًا حقيقيًّا لله سبحانه وتعالى (76),ومداومون على هذا السُّجود من دون انقطاع ,ولو لِلحظة واحدة .
أمَّا الصيغة الأخرى(سُجَّد),فقد دلَّت على الكثرة والمبالغة؛ بما فيها من التضعيف الذي يقف وراء ذلك, وقد أشار د. فاضل السامرائي,علاوة على ما سبق إلى أنَّ هذا البناء يدل على الحدث والحركة الظاهرة (77) .
ويمكن لنا أن نستوحي كل هذه المعاني من هذا البناء؛إذ قد دلَّ عليها في نهج البلاغة, ومنه قوله (عليه السلام) ـيصف لنا أصحاب رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ـ :((…, وَقَدْ بَاتُوا سُجَّدًا, وَقِيَامًا, يُرَاوِحُونَ بَيْنَ جِبَاهِهِمْ وَخُدُودِهِمْ, ويَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ مَعَادِهِمْ…)) (78), فالإمام يصف حالهم في الليل,وقد وظَّف الإمام(عليه السلام) هذا البناء بدلالة المبالغة والكثرة والحركة الظاهرة؛بقرينة قوله:(بَاتُوا) و(قِيَام),وكأنَّهم كانوا طوال ذلك الليل ينتقلون من القيام إلى السجود, ومن السجود إلى القيام,فهم لا يهجعون في الليل,بل يقضونه عبادة لله سبحانه وتعالى؛شوقًا لِما أعدَّه الله من النعيم وخوفًا من عقابه الأليم (79) ,وكانوا في ذلك متأسِّين بالنبي (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم),ثم بيَّنَ لنَا قوله (عليه السلام):(( يُرَاوِحُونَ بَيْنَ جِبَاهِهِمْ وَخُدُودِهِمْ)) أنَّهم تارة يكونون في حال الصلاة,ومن لوازمها وضع الجبهة على الأرض,وتارة يضعون خدودهم على الأرض بعد الصلاة تذلُّلًا وخضوعًا لعظمة الله سبحانه وتعالى (80).
(عِظَام),و(عُظَمَاء):هذان الجمعان مفردهما واحد,وهو:(عَظِيْم) بزنة (فَعِيْل) (81),ولا يمكن تصوُّر الدَّلالة على القِلَّة والكثرة بأنْ يكون لها دخل في هذه المسألة؛ذلك أنَّ البنائين من أبنية الكثرة (82) .
لقد بيَّن د.فاضل السامرائي أنَّ صيغة (فِعَال) تدلُّ على الجانب المادي في الغالب بخلاف صيغة (فُعَلَاء) التي تدلُّ على الجانب المعنوي,إذ يقول:”الذي يبدو لي أَنَّ (فُعَلَاء) يكاد يختص بالأمور المعنويَّة,و(فِعَالًا) بالأمور الماديَّة …” (83).
وبتتبُّعي لورود هاتين الصيغتين في نهج البلاغة وجدت أنَّ صيغة (عِظَام) دلَّت على الجانب المادي, وهذا الأمر يُعضِّد ما ذهب إليه السامرائي,ومنه قوله (عليه السلام)ـمُخاطبًا أحد أصحابهـ:((وَاسْكُنِ الأَمْصَارَ العِظَامَ…)) (84),غير أن هذا البناء لم ينحصر بهذه الدلالة,بل ورد أيضًا يدل على الجانب المعنوي,ومنه قوله (عليه السلام):(( مِنْ كَفَّارَاتِ الذُّنُوبِ العِظَامِ إِغَاثَةُ المَلْهُوفِ…)) (85) ؛إذ لا يمكن حصر الذنوب في الجانب المادي فحسب.
وأمَّا صيغة (عُظَمَاء) فقد استعملها الإمام (عليه السلام) في الجانب المعنوي,ومنه قوله (عليه السلام)ـ في كرم الله عز وجل ـ:(( …,وَسَادَ العُظَمَاءَ بِجُودِهِ…))(86),والمراد بالعُظَمَاء:الكِبَار والرُّؤَسَاء (87) .
وثمة أمر آخر جدير بالذكر يتعلق بصيغة (عِظَام)؛ذلك أنَّ هذا الجمع يكون لمفرد آخر,وهو (عَظْم),وهو بمعنى القَصَب الذي عليه اللَحْم (88),وقد ورد في قول الإمام (عليه السلام) ـ في وصف الموتى ـ:((…,وَصَارَتِ الأَجْسَادُ شَحِبَةً بَعْدَ بَضَّتِهَا,وَالعِظَامُ نَخِرَةً بَعْدَ قُوَّتِهَا…))(89) .
يتضح لنا مما سبق أنَّ صيغة (عُظَمَاء) جاءت مختصة بالدلالة على الجانب المعنوي,وهذا يوافق مذهب السامرائي,في حين وردت صيغة (عِظَام) غير مختصة بالجانب المادي بل شملت الجانب المعنوي أيضًا,ولَعلَّ التنوُّع في هذين الجمعين مردُّه العُمُوم والخُصُوص.
وقد وردت جُمُوع أُخَر في نهج البلاغة وقع فيها مثل هذا التنوُّع,غير أنَّها لم تخرج في الغالب عن الصيغ التي مَرَّ ذكرها آنفًا (90) .
وبما ذكرناه سابقًا يتضح لنا أنَّ مجيء التنوع في الصيغ الجمعية لا يمكن أن يحصر في جهة واحدة؛ ذلك أنَّ أغراضه متنوعة ومتباينة؛بدليل أننا وجدنا كلَّ صيغة من صيغ الجموع حملت ميزة معيَّنة فارقت بها الصيغة الأخرى التي شاركتها في المفرد نفسه,فقد وجدنا صيغ معينة تضفي دلالة على المعنى مما تفتقر إليه الصيغ الأُخَر,زيادة على ذلك أنَّ ثمة صيغًا ببنائها الصرفي تُزِيد من تجانس الكلام وتناغمه وتناسقه,وهذا ما لا يوجد في صيغ أُخَر تشاركها في المفرد نفسه وغير ذلك,وهذا إن دلَّ على شيء فهو يدلُّ على دِقَّة العربية في التعبير عن الأشياء؛ولذا اختارها الله سبحانه وتعالى,لتكون لغة لكتابه الكريم .
ومما يمكن قوله أيضًا:إنَّ هذا التنوع وسَّع من كمية الألفاظ في العربية,وهذا الأمر ساعد الشاعر في اقتناص ما يلائم قافيته,ويُحقِّق له الانسجام في الوزن الشعري,ويوفر للخطيب مساحة وافرة وكافية من الألفاظ التي تَمُدُّه بما يحتاج إليه من تحقيق سجع معين أو جناس أو طباق أو غير ذلك من المحسنات اللفظية مما لها دور في تحسين وتجميل الكلام و إبراز المعنى وتمكينه في نفس السامع.
الخاتمة
وفي نهاية هذا البحث أقف لأضع بين يدي القارئ الكريم أهم النتائج التي توصَّل إليها الباحث في بحثه هذا .
لقد اتضح لنا من هذا البحث أسباب تنوع الجموع للمفرد الواحد,فلم يكن السر في ذلك شيئًا واحدًا,بل عدَّة أشياء,ومن تلك الأسباب دلالة المفرد على غير واحد من المعاني؛ فيأتي هذا التنوع في صيغ الجمع؛ للدلالة على تلك المعاني؛إذ تدل كل صيغة من صيغ الجمع على معنى من المعاني التي يتضمنها المفرد الواحد,ومثال ذلك المفرد (سَهْم), فقد جُمِع على (سُهْمان) لمَّا كان بمعنى الحظ والنصيب,غير أنَّه جُمِع على (سِهام)؛ذلك أنَّه جاء بمعنى النَّبْل,وقد أظهر لنا البحث أنَّ الدلالة العدديَّة أعني الدلالة على القلة والكثرة,كانت واحدة من تلك الأسباب التي اشتركت في إيجاد مثل هذه الظاهرة اللغويَّة,وقد كشف لنا هذا البحث عن حقيقة لا بد من معرفتها, هذه الحقيقة خلاصتها أنَّ ما دوَّنه النحويُّون لا يكون دائمًا سببًا وحيدًا في تعليل الظاهرة اللغوية يُعتمد عليه,بل لا بد من البحث والدراسة لمعرفة حقيقة الأمر,وربما كانت ثمَّة أشياء لم يتوصَّل إليها النحويُّون,وقد بيَّن لنا هذا البحث أيضًا أنَّ هذا التنوع له دور في إثراء اللغة العربية بالمفردات والصيغ المتنوعة.
وفي نهاية كلامي آمل أن أكون قد وُفِّقت في هذا البحث اللغوي المتواضع خدمة للغة الضاد,والحمد لله حمدًا غير منقطع,والصلاة والسَّلام على نبينا المصطفى محمد وعلى آله الميامين الكرام.
الهوامش
انظر:توهُّم النحاة في جمع التكسير:عبد الفتاح الحموز,الناشر:دار جرير ـ عَمَّان, ط1, 2010 م : 13 .
انظر:التكملة:أَبوعلي الحسن بن أَحمد الفارسي (ت 377 هـ),تحقيق:كاظم بحر المرجان,الناشر:عالم الكتب ـ بيروت, ط2 ,1419هـ ـ 1999م: 408,المدخل الصرفي (تطبيق,وتدريب في الصرف العربي):علي بهاء الدين بو خدود,الناشر:المؤسسة الجامعية ـ بيروت, ط1 , 1408 هـ ـ 1988 م: 143 .
انظر:التكملة:408,المقتصد في شرح التكملة:عبد القاهر الجرجاني(ت 471هـ), تحقيق:أحمد بن عبد الله الدويش,منشورات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, ط1, 1428 هـ ـ 2007 م: 2 / 812 .
انظر:المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية:الشاطبي (790 هـ ),تحقيق:عبد الرحمن بن سليمان العثيمين, منشورات حامعة أم القرى ـ مكة المكرمة , ط1 , 1428 هـ ـ 2007 م : 7 / 9 ـ 10 .
انظر:كتاب سيبويه:أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الملقب سيبويه (ت 180هـ),تحقيق:عبد السلام محمد هارون,الناشر:مكتبة الخانجي – القاهرة , ط3 , 1408 هـ – 1988 م :3/577 .
انظر:معاني القرآن:أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء(ت 207هـ),الناشر:عالم الكتب ـ بيروت,ط3, 1403هـ ـ 1983م: 2 / 393 .
انظر:تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد في النحو:جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك (ت 672 هـ), تحقيق: محمد كامل بركات,الناشر:دار الكتاب العربي, د.ط , 1387 هـ ـ 1967 م : 71 .
انظر:الأبنية الصرفية في ديوان امرئ القيس:صباح عباس سالم الخفاجي (أطروحة دكتوراه مخطوطة), كلية الآداب ــــ جامعة القاهرة , 1398 هـ ـ 1978م : 187 .
انظر:كتاب سيبويه:3/639 ـ 640,المقتضب:أبو العباس محمد بن يزيد المعروف بالمبرَّد (ت 285هـ), تحقيق:محمد عبد الخالق عضيمة,الناشر:لجنة إحياء التراث الإسلامي ــ القاهرة, 1415هـ -1994م:2/203 ـ 204 .
انظر:توضيح المقاصد بشرح ألفية ابن مالك:أبو محمد حسن بن قاسم المرادي (ت 749هـ),تحقيق:عبد الرحمن علي سليمان,الناشر:دار الفكر العربي ــ القاهرة , ط1,1422 هـ ـ 2001م : 5 / 1378 .
انظر:شذا العرف في فن الصرف:أحمد الحملاوي(ت1315هـ),مراجعة وشرح:حجر عاصي,الناشر:دار الفكر العربي ـ بيروت,ط1, 1999م:63 .
انظر:المصدر نفسه .
انظر:ليس في كلام العرب:لابن خالويه (ت 370 هـ),تحقيق:أحمد عبد الغفور عطار,م.ن,ط,1399هـ ـ 1979 م: 184 ـــ 185 .
انظر:توهم النحاة في جمع التكسير:عبد الفتاح أحمد الحموز,الناشر: دار جرير ـ عَمَّان , ط1, 1431 هـ ـ 2010 م : 13 .
انظر:الدلالة الصوتية في اللغة العربية : صالح سليم الفاخري,الناشر:المكتب العربي الحديث ـ الإسكندرية, د. ط , د . ت : 226 .
انظر:دراسات في فقه اللغة:صبحي الصالح,الناشر:دار العلم للملايين ـ بيروت,ط1, 1379 هـ ـ 1960م:335 ـ 336 .
انظر:المحكم والمحيط الأعظم:أبو الحسن علي بن سيده المرسي(458 هـ),تحقيق:عبد الحميد هنداوي, الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت, ط1, 1421هـ ـ 2000م :, مادة (أ س ر) : 8 / 543 .
كتاب سيبويه : 3 / 490 .
انظر:دراسات لغوية في القرآن:204,217, 220,226,دراسات في علم اللغة:كمال محمد بشر,الناشر: دار المعارف ـ القاهرة,ط9 , 986 م:238,معاني الأبنية:132 ـ133,149, فقه اللغة المقارن:110, دراسات في اللغة:78,الدلالة الصوتية في اللغة العربية:226, ظاهرة الشذوذ في الصرف العربي:حسين عباس الرفايعة,الناشر:دار جرير ـ عَمَّان , ط1, 1426 هـ ـ 2006 م : 96 , 99 .
انظر:دراسات لغوية في القرآن : 217 , 224 , ظاهرة الشذوذ في الصرف العربي : 105 .
ظاهرة الشذوذ في الصرف العربي: 105 .
انظر:المحكم,مادة (عدب) تقليب (عبد):2/25ـ 26,شرح المفصَّل:3 / 237,جموع التصحيح والتكسير في اللغة العربية : 217 .
انظر:كتاب سيبويه:3/490,تسهيل الفوائد:272,274, 276 , شرح الرضي على الكافية : 3 / 396 .
انظر:دلالة الألفاظ : إبراهيم أنيس,الناشر:مكتبة الإنجلو المصرية , ط5 , 1984 م : 47 .
شرح نهج البلاغة:ابن أبي الحديد( ت:656 هـ) ,تحقيق:محمد أبو الفضل إِبراهيم,الناشر:مركز الشرق الأوسط الثقافي ـ بيروت , ط2 , د . ت : 1 / 279 .
المصدر نفسه: 3/ 94 .
انظر:الكليات:أبو البقاء أيوب بن موسى الكفوي(ت:1094هـ) ,وضع فهارسه:عدنان درويش ومحمد المصري, الناشر:مؤسسة الرسالة ـ بيروت , ط2 , 1419 هـ ـ 1998 م : 549 .
انظر:الزاهر في معاني كلمات الناس:أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري ( ت : 328هـ),تحقيق:حاتم صالح الضامن,الناشر: دار البشائر ـ دمشق , ط3 , 1424 هـ ـ 2004 م : 1 / 569 .
شرح (ابن أبي الحديد) : 11 / 81 .
شرح نهج البلاغة:عباس علي الموسوي,الناشر:دار الرسول الأكرم (ص) ـ بيروت,ط1, 1418 هـ ـ 1998 م : 3 / 504 .
شرح (ابن أبي الحديد):20 / 264 .
المصدر نفسه : 9 / 232 .
انظر:حدائق الحقائق في شرح نهج البلاغة:لأبي محمد البيهقي,تحقيق:عزيز الله العطاردي,طُبِع في مطبعة اعتماد ـ قم , ط1 , 1416 هـ : 2 / 53 .
انظر:تاج العروس,مادة (سهـم):32/439,جموع التصحيح والتكسير في اللغة العربية:181,الصرف الكافي:أيمن أمين عبد الغني,راجعه:عبده الرَّاجحي وآخرون,الناشر:دار الصفوة,الرَّياض, ط1,1434هـ ـ 2013م : 214 .
شرح (ابن أبي الحديد) : 6 / 197 .
المصدر نفسه: 9 / 58 .
المصدر نفسه: 11 / 203 .
انظر:دراسات في نهج البلاغة:محمد مهدي شمس الدين,الناشر:الدار الإسلامية,ط3,1402 هـ ـ 1981م,هامش رقم (2):174 .
انظر:الصحاح,مادة (برر):2/ 588, شرح الكافية الشافية : 4 / 1819, شرح التصريح : 2 / 533 .
انظر:الكشَّاف عن حقائق غوامض التنزيل,وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: أبو القاسم محمود بن عمرو جار الله الزمخشري ( ت 538 هـ ),تحقيق:عادل أحمد عبد الموجود,وآخرَين,الناشر:مكتبة العبيكان ـ الرياض , ط1 , 1418 هـ ـ 1998م : 1 / 678 .
انظر:تفسير البحر المحيط: أبو حيَّان محمد بن يوسف الأندلسي ( ت 745هـ ) , تحقيق : عادل أحمد عبد الموجود,وآخرِين, الناشر: دار الكتب العلمية ـ بيروت, ط1, 1413 هـ ـ 1993 م : 3 / 148 .
انظر: دراسات لغوية في القرآن الكريم : 234 ـ 235 .
شرح (ابن أبي الحديد) : 10 / 106 .
المصدر نفسه: 20 / 230 .
المفردات, مادة ( برر) : 41 .
انظر:الأُصُول في النحو:2/ 446 ,الصحاح مادة (أخو):6/ 2264 ,المفتاح في الصرف:101,شرح الكافية الشافية:4/ 1858, المهذب في علم التصريف : 187 .
انظر:منهاج البراعة (الخوئي) : 10 / 86 .
شرح (ابن أبي الحديد) :9 / 232 .
انظر:نفحات الولاية: 4/ 194 .
شرح (ابن أبي الحديد) : 7 / 58 .
المصدر نفسه : 7 / 198 .
انظر: نهج البلاغة (الشيرازي) :2 / 234 .
شرح(ابن أبي الحديد) :7/ 236 .
انظر:شرح نهج البلاغة (عباس الموسوي) : 3 / 102 .
انظر:المحكم, مادة (جسد) تقليب (سجد):7/261, نتائج الفكر في النحو:215 , لسان العرب, مادة (سجد):3/204,المهذَّب في علم التصريف : 192 , 194 .
انظر: معاني الأبنية : 139 .
شرح (ابن أبي الحديد):1/ 81 .
انظر:منهاج البراعة (الخوئي) : 2 / 10 .
انظر:معاني الأبنية : 133 .
شرح (ابن أبي الحديد) : 7 / 62 .
انظر: شرح (ابن ميثم البحراني) : 2 / 482 .
انظر: نهج البلاغة (علي محمد دخيل) : 1 / 159 .
انظر: جامع الدروس العربيَّة:2 / 204 , الصرف الكافي : 217 , المعجم المفصل في الجموع : 314 .
انظر: توضيح المقاصد : 3 / 1392 , 1399 .
معاني الأبنية : 146 .
شرح (ابن أبي الحديد) : 18 / 31 .
المصدر نفسه: 18 / 110 .
المصدر نفسه: 10 / 91 .
انظر: في ظلال نهج البلاغة : 3 / 40 .
انظر:المعجم الوسيط , مادة (عظم) : 610 .
شرح (ابن أبي الحديد) : 6 / 208 .
انظر:المصدر نفسه : 1 / 263 , 231 , 7 / 57 , 184 .
المصادر والمراجع
أَ :الكتب المطبوعة:
القرآن الكريم
الأصول في النحو:أبو بكر محمد بن السراج (ت 316ه),تحقيق:عبد الحسين الفتلي,الناشر:مؤسسة الرسالة ـ بيروت, ط3, 1417هـ ـ 1996م .
تاج العروس:محمد مرتضى الزَّبيدي (ت 1205 ه),تحقيق:عبد السلام محمد هارون,الناشر:وزارة الارشاد والأنباء, الكويت,ط2, 1415هـ – 1994م .
تاج اللغة وصحاح العربية:أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري (ت 393هـ),تحقيق:أحمد عبد الغفور عطَّار,الناشر:دار العلم للملايين ــ بيروت,ط4,1990م .
تسهيل الفوائد,وتكميل المقاصد في النحو:جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك(ت 672هـ),تحقيق:محمد كامل بركات,الناشر:دار الكتاب العربي,د.ط ,1387 هـ ـ 1967 م .
تفسير البحر المحيط:أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي (ت 745ه),تحقيق:عادل أحمد عبد الموجود, وآخرين,الناشر:دار الكتب العلمية ـ بيروت, ط1, 1413 هـ ـ 1993 م .
التكملة:أَبوعلي الحسن بن أَحمد الفارسي (ت 377 هـ),تحقيق:كاظم بحر المرجان,الناشر:عالم الكتبـ بيروت, ط2, 1419هـ ـ 1999م.
توضيح المقاصد بشرح ألفية ابن مالك:أبو محمد حسن بن قاسم المرادي (ت 749هـ),تحقيق:عبد الرحمن علي سليمان,الناشر:دار الفكر العربي ــ القاهرة , ط1, 1422 هـ ـ 2001م .
توهم النحاة في جمع التكسير:عبد الفتاح أحمد الحموز,الناشر:دار جريرـ عَمَّان, ط1, 1431هـ ـــ2010م .
حدائق الحقائق في شرح نهج البلاغة:العلَّامة قطب الدِّين البيهقي من أعلام القرن السادس,تحقيق: عزيز الله العطاردي,طُبِع في مطبعة اعتماد ـ قم,ط1, 416 هـ .
دراسات في علم اللغة:كمال محمد بشر,الناشر:دار المعارف ــ القاهرة , ط9 , 1986 م .
دراسات في فقه اللغة:صبحي الصالح,الناشر:دار العلم للملايين ـ بيروت, ط1 , 1379هـ ـ 1960م .
دراسات في نهج البلاغة:محمد مهدي شمس الدين,الناشر:الدار الإسلامية, ط3 , 1402هـ ــ 1981م .
دراسات لغوية في القرآن الكريم,وقراءاته:أَحمد مختارعمر,الناشر:عالم الكتب ـالقاهرة,ط1, 1421هــ2001م.
فقه اللغة:حاتم صالح الضامن, د. ن , د. ط , 1411 هـ ـ 1990 م.
فقه اللغة المقارن:إبراهيم السامرائي,الناشر:دار العلم للملايين ـ بيروت , ط3 , 1983م .
في ظلال نهج البلاغة محاولة لفهم جديد,محمد جواد مغنية (ت1400هـ),الناشر:دار العلم للملايين ـ بيروت, ط1, 1972م, ط 3 ,1979م.
كتاب سيبويه:أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الملقب سيبويه (ت 180هـ ),تحقيق:عبد السلام محمد هارون,الناشر:مكتبة الخانجي ـ القاهرة , ط3, 1408 هـ – 1988 م .
كتاب العين:أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت 175هـ ),تحقيق:مهدي المخزومي,وإِبراهيم السامرائي,الناشر:دار ومكتبة الهلال,د.ط,د.ت.
الكشَّاف عن حقائق غوامض التنزيل,وعيون الأقاويل في وجوه التأويل:أبو القاسم محمود بن عمرو جار الله الزمخشري (ت 538 هـ),تحقيق:عادل أحمد عبد الموجود,وآخرين,الناشر:مكتبة العبيكان ــ الرياض,ط1, 1418 هـ ـ 1998م.
الكليات:أبو البقاء أيوب بن موسى الكفوي (ت 1094هـ),وضع فهارسه:عدنان درويش,ومحمد المصري, الناشر:مؤسسة الرسالة ـ بيروت,ط2, 1419 هـ ـ 1998 م .
لسان العرب:أبو الفضل محمد بن مكرم بن منظور(ت 711هـ),الناشر:دار صادرــ بيروت,ط3, 1414هـ .
ليس في كلام العرب:الحسين بن أحمد بن خالويه (ت370 هـ),تحقيق:أحمد عبد الغفور عطار,م.ن, ط2, 1399هـ ـ 1979م.
المحكم والمحيط الأعظم:أبو الحسن علي بن سيده المرسي (458 هـ),تحقيق:عبد الحميد هنداوي,الناشر:دار الكتب العلميةـ بيروت, ط1, 1421هـ ـ 2000م .
المدخل الصرفي(تطبيق,وتدريب في الصرف العربي):علي بهاء الدين بو خدود,الناشر:المؤسسة الجامعية ــ بيروت , ط1, 1408 هـ ـ 1988 م.
معاني الأبنية في العربية:فاضل السامرائي,الناشر:دار عمَّار ــ الأردن, ط2 , 1428هـ ـ 2007م .
معاني القرآن:أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء (ت 207هـ),الناشر:عالم الكتب ـ بيروت, ط3, 1403هـ ـ 1983م .
المعجم المفصل في الجموع:إميل بديع يعقوب،الناشر:دار الكتب العلمية ـ بيروت،ط1, 1425 هـ ـ 2004م .
المعجم الوسيط:مجمع اللغة العربية في القاهرة,الناشر:مكتبة الشروق الدولية ـ مصر,ط4, 1425هـ – 2004م .
المفردات في غريب القرآن:أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهانى (ت 502هـ), تحقيق:محمد سعيد كيلاني, الناشر:دار المعرفة ـ بيروت,د. ط ,د.ت.
المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية:أَبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشَّاطبي (790 هـ), تحقيق : عبد الرحمن بن سليمان العثيمين,منشورات حامعة أم القرى ـ مكة المكرمة, ط1, 1428هـ ـ 2007م .
المقتصد في شرح التكملة:أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني (ت 471هـ),تحقيق:أحمد بن عبد الله الدويش,منشورات جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, ط1 , 1428 هـ ـ 2007 م .
المقتضب:أبو العباس محمد بن يزيد المعروف بالمبرَّد (ت 285هـ),تحقيق:محمد عبد الخالق عضيمة,الناشر:لجنة إحياء التراث الإسلامي ــ القاهرة , 1415هـ- 1994م .
منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة:العلَّامة ميرزا حبيب الله الخوئي (ت 1324ه),تحقيق:علي عاشور, الناشر:دار إحياء التراث العربي ـ بيروت , ط1, 1424هـ ـ 2003م.
نفحات الولاية (شرح عصري جامع لنهج البلاغة):ناصر مكارم الشيرازي,الناشر:مدرسة الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السَّلام) ـ قم , ط1, 1426 هـ .
نهج البلاغة,شرح:علي محمد علي دخيل,الناشر:دار المرتضى ـ بيروت, ط10, 1432 هـ ـ 2011 م .
نهج البلاغة,تعليق:آية الله العظمى محمد الشيرازي,الناشر:دار العلوم ـ الكويت,ط4, 1433هـ ـ 2012م .
ب : الرسائل والأطاريح الجامعية المخطوطة:
الأبنية الصرفية في ديوان امرئ القيس:صباح عباس سالم الخفاجي (أطروحة دكتوراه),كلية الآداب ــ جامعة القاهرة, 1398 هـ ـ 1978م .