يعدُّ الشعر الجاهلي جزءاً مهمَّاً من التراث العربي وأحد الرواسخ في الإرث الثقافي فضلاً عن كونه مصدراً غنياً للغة العربية الفصحى، إذ لا يقدِّم جماليات اللغة وتصويرها فقط بل هو دليلٌ واضح على أبرز القيم والتقاليد التي شكَّلت هوية الإنسان العربي بصرف النظر عن التصنيفات الفئوية والبيئية وغيرها.

فمن أبرز الجوانب: فصاحة اللغة، ويظهر ذلك جليَّاً في مهارة الاستعمال عند الشعراء الجاهليين وبراعتهم في الحفاظ على اللسان الفصيح حتى تعدَّى ذلك إلى المفاخرة في الإبداع والتجديد في النتاج اللغوي والأدبي وعصبيتهم في ذلك، فما زلنا نستشفُّ ذلك في الاستعمال اللفظي في اللهجات المحكيَّة؛ إذ لا يخفى على القارئ تمايز الفرد وتحديد هويته وبيئته المناطقية بسبب استعماله لألفاظ تدلُّ على ذلك، وهذه الثيمة لها وجهان: الأول في الحفاظ على الاستعمال اللغوي وتطويره، والثاني يعكس عصبية الفرد العربي في الانتماء إلى بيئته.

ليس هذا فحسب، فقد انبرى الشعر الجاهلي على تقديم أبرز القيم والتقاليد التي بلورت شخصية الفرد من فخر وكرم وشجاعة ووفاء وعدالة، فقول طرفة بن العبد:

إذا القومُ قالُوا مَنْ فَتىً خِلتُ أنَّني      عُنيتُ فَلَم أَكسَلْ وَلم أتَبَلَّدِ

يمثِّل أنموذجاً للإِقدامِ والنُّبلِ في مساعدة قومه في مواجهة أعدائهم، وتعبيراً دقيقاً عن قيمة الشجاعة والاهتمام بشؤون الآخرين، وإليك مثل ذلك عشرات بل مئات الأمثلة من الشعر الجاهلي التي أظهرت القيم السامية في هوية الفرد ممَّا جعله مرجعاً للشعراء العرب في العصور التي تلته، فكانت المعلَّقات منبعاً ثجاجاً يرد منه الشعراء قصائدهم ومقياساً لجودة القصائد وبراعتها.

ومن الجوانب التي أسهم الشعر الجاهلي في تشكيل الهوية العربية فضلا عن القيم والعادات: الجانب العقائدي؛ إذ يظهر تأثير ذلك في الممارسات دأب العربي على التمسك بها للحفاظ على هويته بغض النظر عمَّا إذا كانت هذه العقائد وثنية أو توحيدية؛ إذ تظهر عقيدة التوحيد في معلقة زهير بن أبي سلمى بشكل جليٍّ:

ألا أبلغِ الأحلافَ عنِّي رسالةً     وذبيانَ هل أقسمتمُ كلَّ مُقسمِ؟

فلا تكتمنَّ اللهَ ما في نفوسكمُ      لِيخفى ومَهما يُكتمِ اللهُ يعلَمِ

اما العقائد الوثنية فالشعر الجاهلي ازدحم بشواهد شعرية للآلهات الجاهلية أفرد لها محمد بن السائب المعروف بابن الكلبي (ت 204ه) كتاباً أسماه (الأصنام)، ممَّا يوثِّق انتماء العربي لمعتقداته وممارساته الدينية ورؤيته.

كما ناقش الشعر الجاهلي جوانب فلسفية تتمثل في النشوء والخلق والموت والحياة والقدر وغيرها ودعا بتوجيه المجتمع الجاهلي إلى الاهتمام بها ممَّا أسهم ذلك في جدلية الشخصية العربية وبزوغ مذاهب وفرق فلسفية فيما بعد.

لقد انعكست تأثيرات الشعر الجاهلي على تشكيل هوية الانسان العربي وساعدت في بلورة كثير من مرتكزاته على الصعيد الفردي والمجتمعي، وأسهمت تلك التأثيرات في نشوء تيَّارات مختلفة تتسابق فيما بينها لتعميق الانتماء إلى الفئة الواحدة ضمن المجتمع.

أثر الشعر الجاهلي في تشكيل الهوية العربية
يعدُّ الشعر الجاهلي جزءاً مهمَّاً من التراث العربي وأحد الرواسخ في الإرث الثقافي فضلاً عن كونه مصدراً غنياً للغة العربية الفصحى، إذ لا يقدِّم جماليات اللغة وتصويرها فقط بل هو دليلٌ واضح على أبرز القيم والتقاليد التي شكَّلت هوية الإنسان العربي بصرف النظر عن التصنيفات الفئوية والبيئية وغيرها.
فمن أبرز الجوانب: فصاحة اللغة، ويظهر ذلك جليَّاً في مهارة الاستعمال عند الشعراء الجاهليين وبراعتهم في الحفاظ على اللسان الفصيح حتى تعدَّى ذلك إلى المفاخرة في الإبداع والتجديد في النتاج اللغوي والأدبي وعصبيتهم في ذلك، فما زلنا نستشفُّ ذلك في الاستعمال اللفظي في اللهجات المحكيَّة؛ إذ لا يخفى على القارئ تمايز الفرد وتحديد هويته وبيئته المناطقية بسبب استعماله لألفاظ تدلُّ على ذلك، وهذه الثيمة لها وجهان: الأول في الحفاظ على الاستعمال اللغوي وتطويره، والثاني يعكس عصبية الفرد العربي في الانتماء إلى بيئته.
ليس هذا فحسب، فقد انبرى الشعر الجاهلي على تقديم أبرز القيم والتقاليد التي بلورت شخصية الفرد من فخر وكرم وشجاعة ووفاء وعدالة، فقول طرفة بن العبد:
إذا القومُ قالُوا مَنْ فَتىً خِلتُ أنَّني      عُنيتُ فَلَم أَكسَلْ وَلم أتَبَلَّدِ
يمثِّل أنموذجاً للإِقدامِ والنُّبلِ في مساعدة قومه في مواجهة أعدائهم، وتعبيراً دقيقاً عن قيمة الشجاعة والاهتمام بشؤون الآخرين، وإليك مثل ذلك عشرات بل مئات الأمثلة من الشعر الجاهلي التي أظهرت القيم السامية في هوية الفرد ممَّا جعله مرجعاً للشعراء العرب في العصور التي تلته، فكانت المعلَّقات منبعاً ثجاجاً يرد منه الشعراء قصائدهم ومقياساً لجودة القصائد وبراعتها.
ومن الجوانب التي أسهم الشعر الجاهلي في تشكيل الهوية العربية فضلا عن القيم والعادات: الجانب العقائدي؛ إذ يظهر تأثير ذلك في الممارسات دأب العربي على التمسك بها للحفاظ على هويته بغض النظر عمَّا إذا كانت هذه العقائد وثنية أو توحيدية؛ إذ تظهر عقيدة التوحيد في معلقة زهير بن أبي سلمى بشكل جليٍّ:
ألا أبلغِ الأحلافَ عنِّي رسالةً     وذبيانَ هل أقسمتمُ كلَّ مُقسمِ؟
فلا تكتمنَّ اللهَ ما في نفوسكمُ      لِيخفى ومَهما يُكتمِ اللهُ يعلَمِ
اما العقائد الوثنية فالشعر الجاهلي ازدحم بشواهد شعرية للآلهات الجاهلية أفرد لها محمد بن السائب المعروف بابن الكلبي (ت 204ه) كتاباً أسماه (الأصنام)، ممَّا يوثِّق انتماء العربي لمعتقداته وممارساته الدينية ورؤيته.
كما ناقش الشعر الجاهلي جوانب فلسفية تتمثل في النشوء والخلق والموت والحياة والقدر وغيرها ودعا بتوجيه المجتمع الجاهلي إلى الاهتمام بها ممَّا أسهم ذلك في جدلية الشخصية العربية وبزوغ مذاهب وفرق فلسفية فيما بعد.
لقد انعكست تأثيرات الشعر الجاهلي على تشكيل هوية الانسان العربي وساعدت في بلورة كثير من مرتكزاته على الصعيد الفردي والمجتمعي، وأسهمت تلك التأثيرات في نشوء تيَّارات مختلفة تتسابق فيما بينها لتعميق الانتماء إلى الفئة الواحدة ضمن المجتمع.

شارك هذا الموضوع: