الأستاذ الدكتور سعد جويد كاظم الجبوري
مقالة عن التسرب المدرسي
إن التسرب المدرسي هي مشاكل عالمية ولا يكاد يخلو مجتمع منها ومن تبعاتها، ولكنها تتباين في حدتها من مجتمع لآخر ومن منطقة لأخرى ،إلا أن هذه المشكلة تكمن في الفارق الكبير بين حجم انتشارها بين دولة وأخرى وكذلك في طبيعة الأسباب التي تقف وراءها ، ففي الدول المتقدمة تكون صغيرة جدا مقارنة بالدول النامية ، وان أسبابها تكون خارجة عن مسؤولية الأنظمة التربوية أو السياسية أو الاقتصادية ،وعادة ما تكون تخص الطالب نفسه أو تتعلق بالأسرة فهي تكون نوعية وعلى مستوى ضيق جدا نتيجة للإجراءات القانونية الصارمة المتبعة للحيلولة دون تسرب الطلبة فيها مما تجعل مشكلة التسرب المدرسي تنحصر في المستوى الضيق .
إما في الدول النامية ومن بينها الدولة العربية فإن التسرب المدرسي يقوم على خلفية تربوية واقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية فضلا عن القوانين المتبعة التي تركت المسؤولية لولاة الأمر دون اتخاذ أي إجراءات صارمة ضدها مما أدى إلى تفاقم هذه الظاهرة في البلدان العربية فالتسرب المدرسي يعد أحد المؤشرات الأساسية التي تساعد في تقدير مدى كفاءة النظام التعليمي في الدولة ويعكس مدى مؤازرة المجتمع لعملية التعليم فيه، إذ يوفر التعليم مناخا صحيا يحفز على الالتحاق والاستمرار فيه كما يشير إلى مدى التقدم الثقافي والاجتماعي في المجتمع، وان اتساع مشكلة التسرب المدرسي تؤدي إلى غزو المجتمع وانجراره للثقافات الدخيلة على المجتمع . 
فقد عرفت اليونيسيف في عام 1992 التسرب المدرسي بأنه عدم الالتحاق الأطفال الذين هم بعمر التعليم بالمدرسة أو تركها دون إكمال المرحلة التعليمية التي يدرس فيها بنجاح ، سواء كان ذلك برغبتهم أو نتيجة لعوامل أخرى، وكذلك عدم المواظبة على الدوام لعام أو أكثر ، ويختلف مفهوم التسرب من مجتمع لآخر ومن دولة لأخرى ، في حين عرفته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عام1973 بأنه صورة من صور الفقر التربوي في مجال التعليم والذي يؤدي إلى إهدار الطاقات المستقبلية للمجتمع على كافة المستويات ,وقد تبين إن لظاهرة التسرب المدرسي مخاطر وإضرار جسيمة على المجتمع تمكن في عدة جوانب منها اجتماعية ونفسية واقتصادية، وثقافية وكذلك في كافة المجالات الحيوية الأخرى مما يؤدي إلى ضعف المجتمع وانحلال الدعائم الأساسية له ، اذ أن المجتمع التي يمتلك شبابا غير مؤهلين علميا وثقافياً وغير منتجين اقتصاديا فقد تتفشى فيه ظواهر الفساد والتلكؤ ومظاهر التخلف وغيرها, وهذه الظواهر تعتبر عائقا أمام تقدم المجتمعات الحضارية ، فضلا عن أن هؤلاء المتسربين سوف يحتلون أدوار بسيطة مهمشة اجتماعياً بسبب ضعف الخلفية الثقافية من جانب وانخفاض المهارات الأدائية والعقلية لهؤلاء المتسربين من جانب آخر 
أنواع التسرب المدرسي:
ينقسم التسرب المدرسي إلى عدة أقسام وهو التسرب الكلي الذي فيه ينقطع الطالب انقطاعا كاملاً عن مواصلة الدراسة ،وفي هذا النوع قد يلجأ الطالب للدراسة الخارجية لإتمام دراسته لكن بعد ضياع سنوات كثيرة من عمره بعد النضوج الفكري والعقلي لكن عندها لا يكتسب المتسرب المهارات والقدرات الكافية التي تؤهله للحصول على أعمال أو شهادة علمية رصينة ويكون متلكئ ثقافياً.
إما التسرب الجزئي فيتمثل هذا النوع من التسرب بالغياب من الدراسة أو بترك المدرسة لفترة ثم العودة إليها وقد تزيد فيها مدة الترك لنصف سنة أو أكثر ثم يعاود الرجوع لمقاعد الدراسة ،وهذا ينتج لعدة أسباب تحيط بالطالب والتي تقتل شغفه ودوافعه الدراسية ويعرف أيضاً بالتسرب المؤقت.
والتسرب المرحلي يظهر عادةً في نهاية المراحل الدراسية إي في نهاية السنة فلا يقدم الطالب على أداء الامتحانات النهائية لإتمام شهادة المرحلة ويترك الدراسة وبذلك يضيع عليه حصول شهادة تلك المرحلة والتخرج منها .
إما تسرب التلاميذ من المدارس قبل إتمام مرحلة التعليم الأساسي فهذا النوع من التسرب هو الأكثر انتشارا في المجتمع والغالب في معظم النظم التعليمية في البلدان النامية .
سمات الطلبة المتسربين:
يتسم الطلبة المتسربين بعدة سمات إلا أنها قد لا تنطبق جميعها في طالب واحد وهي:
ذوي الكفاءة وتشمل هذه السمة الأفراد الذين لديهم القدرة على النجاح الأكاديمي ولكنهم تسربوا عن الدراسة لأسباب وميول شخصية خارج نطاق الدراسة أو لظروف ضاغطة خارجة عن إرادتهم.
ذو القدرات العقلية المحدودة وتشمل هذه الفئة الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في الفهم والتعلم فهذا أما يكون ناجما عن تأثيرات وراثية أو مريضة أو تتصف هذه الفئة بتقدير ذاتي فهم غير قادرين على المشاركة الوجدانية ، ويتم التعرف على هذا النوع من الطلبة من خلال درجاتهم المتدنية في تحصيلهم الدراسي المنخفض ورسوبهم أيضاً أو من خلال طبيعية علاقاتهم مع أقرانهم.
فئة المجبرين فتشمل الطلبة اللذين تركوا الدراسة نتيجة لمشكلات أو معاناة شخصية أو المرور بأزمات مرحلية كالمرض أو الضعف الجسمي أو ظروف أسرية أو ظروف طارئة والتهجير.

شارك هذا الموضوع: