التعداد العام للسكان والمساكن .. خطوة نحو التنمية المستدامة
مقال من اعداد: م.م علياء باسم محمد علي المسعودي 
كلية التربية للعلوم الإنسانية / قسم العلوم التربوية والنفسية 
alyaa.b@uokerbala.edu.iq
عملية صنع أي قرار يعتمد على أساس من الشواهد الواقعية، وهي من الأركان الأساسية للإدارة الكفؤة لأي مجتمع من المجتمعات بشكل عام ، لذلك فأن اجراء إحصاءات دقيقة وسليمة هو امر لا بد منه ، والاساس الذي تقوم عليه تلك البيانات هو اجراء إحصاءات مفصلة للمناطق والتجمعات السكانية ، وهنا يأتي دور التعداد العام للسكان والمساكن بجمع تلك البيانات وتجهيزها ونشرها  وتكوين هؤلاء السكان وتوزيعهم المكاني وخصائصهم وتنظيمهم  ، لذلك لا بد لنا من بيان مفهوم تعداد السكان والمساكن ، واهميته واهدافه، واستخداماته، ومعايير تصميم مناطق التعداد، والخطط الخاصة بنتائج التعداد ونشرها في فقرات كالاتي: 
أولا: مفهوم تعداد السكان والمساكن.
  هناك عدة مفاهيم لتعداد السكان منها عملية جمع البيانات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية لجميع الأشخاص في بلد معين او في جزء محدد منه تحديدا دقيقا في مدة زمنية معينة. وعرف كذلك على انه هو عد كل فرد من الافراد الموجودين على قيد الحياة داخل حدود دولة معينة في مدة زمنية معينة وتاريخ معين، وان تسجل خصائصه الاقتصادية والاجتماعية في تاريخ اسنادها الزمني المحدد لكل منها منفصلة عن خصائص غيره من افراد الاسرة. 
فالسكان عنصر أساس لإنتاج الثروة المادية وتوزيعها ولكي يتسنى تخطيط تنمية اجتماعية واقتصادية او أي نشاط اداري او بحث علمي لا بد من وجود بيانات مفصلة عن حجم السكان وتنظيمهم وتوزيعهم، وتعداد السكان هو المصدر الأساسي لهذه الاحصائيات التي تشمل السكان المستقرين والرحل والأشخاص عديمي المأوى. 
اما تعداد المساكن: عرف على انه عملية جمع البيانات التي تخص كل أماكن السكن وشاغليها في بلد معين او في جزء محدد منه في مدة زمنية معينة تحديداً دقيقاً وتصنيف تلك البيانات وعرضها ونشرها أو توزيعها بشكل آخر، فيجب ان يقدم التعداد معلومات عن الموجود من الوحدات السكنية وعن المرافق الانشائية التي لها إثر في الحفاظ على الخصوصية والصحة وتوفير أحوال معيشية عادية للأسرة ، فجمع قدر معين من البيانات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية توفر وصفاً للأحوال السكنية وتوفر بيانات خط الأساس اللازمة لتحليل أوجه القصور في المساكن لاتخاذ إجراءات علاجية .
ثانيًا: أهمية واهداف تعداد السكان والمساكن. 
تنبع أهمية التعداد من كونه يعطي صورة متكاملة وواضحة عن حالة السكان والمساكن خلال مدة زمنية محددة في إطار المتغيرات الكثيرة والمستمرة والتي لا يمكن بطرق جمع البيانات الأخرى تحديدها مما يوفر قاعدة بيانات ملائمة لأجراء المقارنات وخصائص المجتمع الاجتماعية والاقتصادية، لذلك يتميز التعداد الشامل عن غيره من العمليات الإحصائية الأخرى بكونه:
  1. لتعداد السكان والمساكن أهمية كبيرة في الإدارة العامة اذ تعد نتائج التعداد مرجع أساسي في ضمان التوزيع العادل للثروة والخدمات الحكومية والتمثيل على مستوى البلد مثل تخصيص الأموال من اجل التعليم والخدمات الصحية، كذلك تسهم في تحديد الدوائر الانتخابية على المستوى الوطني والمحلي وفي مستوى التنمية الصناعية وغير ذلك من الأولويات الوطنية التي يكون من المستحيل الاتفاق عليها ما لم تكن قائمة على أساس التعداد السكاني.
  2. للتعداد أهمية أساسية في جميع عناصر النظام الاحصائي الوطني بما في ذلك المكونات الاجتماعية والاقتصادية ويستخدم التعداد كإطار للمعاينة في الدراسات الاستقصائية بالعينة من اجل الحصول على بيانات تتسم بالكفاءة ويمكن الاعتماد عليها.
  3. للتعداد أهمية في توليد احصائيات عن الأماكن السكانية الصغيرة والتجمعات من دون أخطاء ناتجة عن المعاينة وتتضح أهمية هذه الاحصائيات بشكل كبير في انتاج إحصاءات عن أي وحدة جغرافية ذات حدود غير مرسومة فمثلا عند التخطيط لبناء مدرسة من الضروري وجود بيانات توزيع الأطفال في هذه المنطقة حسب السن، كذلك تبرز أهمية الإحصاء في حال استخدام البيانات الخاصة بالمناطق الناتجة عن التعداد بشكل تجميعي للحصول على إحصاءات تقريبية عن منطقة لا تتفق حدودها مع الحدود الإدارية.
  4. لنتائج التعداد أهمية في كونها بيانات خط أساس في الأبحاث والتحليلات، والاسقاطات السكانية للمستقبل التي تحتاجها القطاعات الخاصة والعامة. 
  5. للتعداد أهمية في إعطاء بيانات عن المعروض من الوحدات السكنية وخصائصها ذات الصلة بالأحوال المعيشية لوضع سياسة اسكانية واضحة المعالم تهدف الى تحقيق الرفاهية لأفراد المجتمع.
  6. تحديد أوضاع المنشأت الاقتصادية والاجتماعية الحكومية والأهلية من حيث الوضع القانوني والنشاط الاقتصادي وحجم القوى العاملة حسب الجنسية والنوع.
  7. للتعداد أهمية في إعطاء بيانات تتعلق بحجم وتوزيع وخصائص غير الوطنيين في الدولة وخصوصاً العمالة الأجنبية بدرجة عالية من الدقة، بدلا من الاعتماد على التقديرات.
  8. تقييم الوضع السكاني للدولة خلال المدة الفاصلة بين التعدادات، اذ تستخدم سجلات التعداد كإطار للمعاينة من اجل اجراء دراسات استقصائية بشأن مواضيع القوى العاملة والخصوبة والهجرة وغيرها، فضلاً عن رصد التغيرات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية التي طرأت على السكان خلال تلك المدة في جميع التقسيمات الإدارية.
  9. يعد الإحصاء العام امر لا غنى عنه في التخطيط للاستجابة للكوارث الطبيعية مثل العواصف والزلازل والحرائق وغيرها، وحالات ما بعد الكوارث في تقدير عدد السكان والمساكن المتأثرة ومتطلبات إعادة التعمير. 
ثالثاً: استخدامات التعداد العام.
يهدف التعداد العام للسكان والمساكن بشكل أساسي الى جمع ونشر البيانات الإحصائية الأساسية بما في ذلك بيانات العمر والنوع والتركيب والتعليم والمهنة وغيرها، في وقت معين، لذا لا بد من بيان بعض استخدامات التعداد العام على النحو الاتي:
  1. استخدام التعداد العام لأغراض وضع السياسات والتخطيط والإدارة المتمثلة بتوفير الحقائق التي تحتاجها صنع السياسات على المستوى الحكومي، اذ من الضروري الحصول على معلومات عن عدد السكان والمساكن وتوزيعهم وخصائصهم للخروج بوصف وتقييم لظروفهم الاقتصادية والاجتماعية ووضع سياسة ترمي الى تعزيز رفاهية البلد وسكانه، فضلاً عن تلبية الكثير من الحاجات للأغراض المحلية والوطنية والاقليمية والدولية من حيث توفر معلومات إحصائية عن الخصائص الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية، كذلك تستخدم بيانات الإحصاء الأساس القانوني لرسم حدود الدوائر الانتخابية ، وتحديد عدد الموظفين الذين يمثلون الشعب في الجهاز التشريعي في البلد.
  2. تقدير مصادر القوى العاملة، اذ يعد التعداد المصدر الرئيسي للمعلومات المتعلقة بحجم القوى العاملة علاوة على الجوانب الأخرى المتعلقة بالتعليم والتدريب على المستويات الحالية والمتوقعة والسياسات الوطنية الازمة في هذا المجال.
  3. استخدام بيانات التعداد لأغراض البحوث العلمية اذ تعد بيانات السكان والمساكن مصدراً غنياً بالمعلومات لتنفيذ المسوح الديموغرافية ولحل مشاكل علمية تواجه عملية النمو والإدارة في الميادين الصناعية والتجارية. 
  4.  يستخدم التعداد لأغراض الاعمال التجارية والصناعية والعمالة، ذلك ان وضع تقديرات موثوق بها لطلب المستهلك على السلع والخدمات بشكل مستمر يعتمد على وجود معلومات دقيقة عن عدد السكان في داخل البلد وتوزيعهم حسب الجنس والعمر لان هذه الخصائص تؤثر على الطلب على المساكن والاثاث والأغذية وغيرها، فضلا عن ذلك فأن التعداد مهم في توليد حجم العرض من القوى العاملة اللازمة لإنتاج وتوزيع تلك السلع والخدمات.
  5. تستخدم احصائيات التعداد في تقييم نوعية المساكن، اذ ان المواد المستخدمة في تشييد الوحدات السكنية تعد مؤشراً مهماً على نوعية الحياة في مختلف انحاء البلد، اذ ان هذه البيانات توضح مدى التحسن في رفاهية المواطنين مع انخفاض نسبة المساكن او العشوائيات ذات النوعية الرديئة. 
رابعاً: معايير تصميم مناطق التعداد.
ان تحديد مناطق العد هي مهمة أساسية سواء بالنسبة الى هيكل مناطق الادارة او هيكل المناطق الإحصائية، ومن المسائل التي يجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار هي:
  1. تحقيق تغطية شاملة للمنطقة بحيث يتضح عدم وجود ثغرات في المنطقة التي يجري فيها التعداد.
  2. تحسين قدرة الأشخاص على إدارة العمليات الميدانية بشكل فعال، من خلال الوعي بقدارت العدادين على تحمل أعباء العمل والتأكد من حدود مناطق العد من خلال ملامح الطرق والممرات المائية والسكك الحديدية وطرق المشي وخطوط الكهرباء وينبغي معرفة حدود الحكومة المحلية او القرى مع مراعاة صعوبة تحديد الحدود باستخدام البوصلة او خط النظر.
  3. في تحديد مناطق العد، ينبغي تفادي ادخال نوع معين من المساكن في نطاق منطقة عد واحدة، فهذا يؤدي الى إعطاء معلومات عن مواقع سكنية معينة مثل العشوائيات.
  4. يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار الحاجة الى بيانات عن مناطق صغيرة، وسرية معلومات الأشخاص، وقابلية البيانات للتجميع من اجل إعطاء معلومات عن وحدات جغرافية أكبر، وفي بعض المناطق يمكن استخدام التقريب في نشر المعلومات عن طريق تجميع مناطق العد.
خامساً: الخطط الخاصة بنتائج التعداد ونشرها.
لا يكتمل التعداد الا بعد ان تتاح المعلومات التي جمعت فيه لمستعملي البيانات في شكل يناسب احتياجهم، ويتيح التعداد المنتجات الإحصائية للجمهور والقطاع الخاص والاوساط الاكاديمية والبحثية، ويمكن تقديم تلك البيانات على شكل جداول او تقارير منشورة للتوزيع العام او غير منشورة من اجل التوزيع المحدود او توزيعها في قاعدة بيانات ثم تقديمها بناء على الطلب او حفظها في وسائط ضوئية او مغناطيسية على الشبكة.
وليس من الضروري نشر جميع المواد المجهزة في نسق واحد او على نطاق واسع، لان الجداول المطلوبة من عدد قليل من المستعملين يمكن توفيرها لهم بشكل غير منشور، والمعلومات المختزنة في قاعدة البيانات الخاصة بالتعداد تتيح انتاج جداول إضافية بشكل سريع وقليل التكلفة.
ويمكن للبلدان ان تقدم خدمات بيانات التعداد بناء على طلب من جهة معينة الذين يطلبون جداول او نتائج او تجميعات غير متاحة بوسائل أخرى، واذا ما كان النشر الالكتروني متاح فيمكن تصميم جداول حسب الطلب من قاعدة بيانات منفصلة لنشر البيانات على الشبكة حسب الأغراض المطلوبة، ويمكن ان يقوم المستعملون مباشرة باستخدام تلك الجداول ففي هذه الحالة يجب على هيئة التعداد ان تضع سياسة الترخيص الامن وتنفيذها مسبقا من اجل تلافي خطر انتهاك الخصوصية، وتبقى المنشورات المطبوعة رغم تكلفة انتاجها الوسيلة المفضلة في معظم البلدان لنشر النتائج الرئيسية للتعداد.
وينبغي ان تشمل برامج النشر الشامل لتعداد السكان والمساكن على خرائط التعداد سواء بشكل مطبوع او رقمي لجعل معظم البيانات متاحة في نظم المعلومات الجغرافية على أقراص مدمجة على مختلف المستويات الإدارية الرئيسية والفرعية.
  • الخاتمة 
ندعو الى اجراء التعداد العام للسكان والمساكن على الأقل كل خمس سنوات بشكل منتظم، فضلاً عن توفير عوامل التمكين للمكاتب الإحصائية الوطنية لجمع معلومات أكثر دقة في الوقت المناسب على مستوى المناطق الصغيرة، ومواكبة التكنلوجيا الخاصة في نظم المعلومات الجغرافية وأنظمة تحديد المواقع العالمية لاستخدامها في رسم خرائط التعداد. 
  • المصادر
  1. التعداد العام للسكان والمساكن في العراق خطوة لإعادة رسم الواقع الديموغرافي للبلاد.
  2. التعدادات السكانية ودورها في التخطيط التنموي.
  3. أهمية واهداف التعداد، المجلس الوطني لتخطيط.
  4. منهجيات ومفاهيم وطرق عد السكان والمساكن 
 

شارك هذا الموضوع: