الإبادة الجماعية هي احدى أبشع الجرائم التي ارتكبها الانسان. وهي من الجرائم الدولية التي تتضمن اعمالا متعمدة وواسعة النطاق تهدف الى التدمير كلياً او جزئياً، جماعة قومية او اثنية او عنصرية او دينية، ولتسليط الضوء على هذه الجريمة لا بد من بيان تعريفها واسبابها واثارها، وسبل مكافحتها، ودور المحكمة الجنائية الدولية العليا في محاكمة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية كالاتي:
تعريف الإبادة الجماعية وفق القانون الدولي
عرفت اتفاقية الامم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية التي أقيمت عام 1948على انها “الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي او الجزئي لجماعة قومية او اثنية او عنصرية او دينية” وتشمل هذه الأفعال ما يأتي:
القضاء على افراد الجماعة بالقتل.
الايذاء الجسدي او النفسي الشديد أي الحق الأذى النفسي والجسدي المتعمد بأعضاء الجماعة.
اخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يراد بها تدميرها مادياً كلياً او جزئياً وحرمان الجماعة من الموارد الأساسية للحياة.
فرض تدابير تستهدف الحول دون إنجاب أطفال داخل الجماعة أي منع التكاثر الطبيعي.
نقل الأطفال من الجماعة الى جماعة أخرى أي فصل الأطفال عن عائلاتهم وثقافتهم.
أسباب الإبادة الجماعية
أسباب الإبادة الجماعية معقدة ومتعددة، لكنها غالبا ما ترتبط بالصراعات السياسية او العرقية او الدينية، ومن أسباب الشائعة للإبادة الجماعية:
التطرف المتمثل بالتطرف الايدلوجي او الديني الذي يعتبر جماعة معينة تهديداً.
تمييز جماعة معينة بناءً على عرقها او دينها او جنسها.
محاولة مجموعة ما للسيطرة على موارد او أراضي تابعة لجماعة أخرى.
الخوف من ان تكون جماعة معينة تهديداً للأمن القومي.
اثار الإبادة الجماعية
تترك الإبادة الجماعية اثاراً وجروحاً عميقة في نسيج المجتمع، واثارها تمتد لعقود، بل وربما لأجيال. هذه الاثار تتعدى الخسائر البشرية المباشرة لتشمل جوانب اجتماعية ونفسية واقتصادية وسياسية:
الاثار الاجتماعية والنفسية
الصدمة الجماعية: تعاني اغلب المجتمعات التي تعرضت للإبادة الجماعية من صدمة تؤثر على جميع افرادها، سواء كانوا ضحايا مباشرين او شهودا على الاحداث.
الخوف وعدم الثقة: ينتشر الخوف وعدم الثقة بين افراد المجتمع خصوصا تجاه الاخرين مما يؤثر على العلاقات الاجتماعية ويضعف التماسك المجتمعي.
العنف: قد يؤدي الشعور بالظلم والإحباط النفسي الى تفشي العنف بين افراد المجتمع، مما يؤدي الى دوامة من العنف والانتقام.
تعاني الأجيال القادمة من اثار الإبادة الجماعية سواء نفسية او اجتماعية، حيث ينشأون في مجتمع يحمل ندوب الماضي.
الاثار الاقتصادية
التدمير المادي: تتسبب الإبادة الجماعية في تدمير البنية التحتية والاقتصادية للمجتمع، مما يؤدي الى خسائر فادحة.
النزوح: يؤدي النزوح واللجوء الى فقدان الايدي العاملة مما يؤثر سلبا على الاقتصاد.
صعوبة إعادة البناء: قد يستغرق إعادة بناء المجتمع المدمر وقتا طويلا وجهدا كبيرا، وقد تواجه العديد من العقبات.
الاثار السياسية
تزيد الإبادة الجماعية من عدم الاستقرار السياسي في المنطقة، مما يؤدي الى صراعات جديدة.
ضعف المؤسسات الذي يتسبب بتضرر المؤسسات الحكومية والمجتمعية، مما يضعف قدرة الدولة على تقديم الخدمات للمواطنين.
التدخل الخارجي الذي من خلاله قد تستغل دول أخرى حالة الضعف والاضطراب في المجتمع للتدخل في شؤونه الداخلية.
مكافحة الإبادة الجماعية.
قد تتطلب مكافحة الإبادة الجماعية جهود دولية متضافرة منها:
اتخاذ تدابير وقائية لمنع وقوع الإبادة الجماعية، فهي جريمة ضد الإنسانية جمعاء ويجب على المجتمع الدولي بذل كل الجهود لمنعها ومحاسبة مرتكبيها.
دور المحكمة الجنائية الدولية العليا في محاكمة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية.
تعتبر المحكمة الجنائية الدولية هيئة قضائية دولية دائمة تأسست لمحاكمة الافراد المسؤولين عن اشد الجرائم خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي بأسره، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية من خلال:
محاسبة الجناة اذ تسعى المحكمة الى تحقيق العدالة ومحاسبة الافراد المسؤولين عن ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية بغض النظر عن مناصبهم وجنسياتهم.
ردع الجرائم الدولية من خلال محاسبة ومحاكمة مرتكبي هذه الجرائم التي تسعى المحكمة من خلالها الى ردع الاخرين عن ارتكاب جرائم مماثلة في المستقبل.
حماية المدنيين من خلال مكافحة الإفلات من العقاب وتأكيد مبدأ سيادة القانون.
تسعى المحكمة الى تعزيز احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان.