مقال بعنوان(مفهوم التفكير ومهارات التفكير)
اعداد / م.م. سرى سعد عبد علي حسين
كلية التربية للعلوم الانسانية
قسم العلوم التربوية والنفسية
جامعة كربلاء
Suraa.s@uokerbala.edu.iq
مفهوم التفكير
      عُرَّفَ التفكير بعدّة تعريفات ركزت بعضها على التفكير من حيث كونه عملية عقلية كما عرفهُ ريان 2009 بأنه ” نشاط  عقلي داخلي يتعامل مع الرموز بأشكالها المختلفة ويهدف إلى توفير حلول لمشكلات معينة لا يسهل قياسه وملاحظته بشكل مباشر”.(ريان, 2009 : 21) وركزت الأخرى منها على كونه أسلوباً لحل المشكلات حيث أكّد ذلك لوريا ( (Luria1973 على أن التفكير ينشأ عندما يواجه الفرد بمشكلة أو بموقف يجهل الحل المناسب له.(وجية وآخرون, 2007, : 203) والبعض الآخر أكد على كون التفكير سلوكاً يتبعه الأنسان . أما أبسط تعريف للتفكير فهو “عبارة عن سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير يتم استقباله عن طريق واحد أو أكثر من الحواس الخمس اللمس والبصر والسمع والشم والذوق”. (جروان, 2007: 40) والتفكير بمعناه الواسع: “هو عملية بحث عن المعنى ويبدأ الفرد التفكير عادة عندما لا يعرف ما الذي يجب عملة بالتحديد , وهو فهم مجرد كالعدالة والظلم والحقد والشجاعة لأن النشاطات التي يقوم بها الدماغ عند التفكير هي نشاطات غير مرئية وغير ملموسة, وما نلمسه في الواقع ليس إلا نواتج فعل التفكير”.(غباري وأبو شعيرة,2011 : 17) 
ثانياً- خصائص التفكير 
يتميز التفكير بوصفه عملية عقلية معرفية بالخصائص الآتية :
  1. التفكير سلوك هادف, لا يحدث في  فراغ أو بلا هدف إنما يحدث في موقف معين. 
  2. التفكير سلوك يتغير كماً ونوعاً تبعاً لتطور الفرد وتراكم خبراته.
  3. التفكير الفعال هو الذي يوصل إلى أفضل المعاني  والمعلومات التي يمكن استخلاصها من مواقف معينة. 
  4. نشاطات التفكير مفتوحة وحرة , بمعنى أنها لا تستلزم بالضرورة إجابة واحدة صحيحة, بل إنها تهدف الى حثّ الطلبة على البحث عن عدة إجابات قد تكون ملائمة ومقبولة.
  5. إن نشاطات التفكير تفتح آفاقا واسعة للبحث والاستكشاف والربط بين خبرات التعليم السابقة واللاحقة .
  6. يحث التفكير الطلبة على توليد الأفكار وليس على استرجاعهم لها كما هو الحال في الاستدعاء والتذكر. 
  7. يهيئ للطلبة فرصاً حقيقية للكشف عن طاقاتهم والتعبير عن خبراتهم الذاتية , كما أنهُ يوفر للمدرس فرصاً لمراعاة الفروق الفردية بين الطلبة 
ثالثاً- الفرق بين التفكير ومهارات التفكير 
 من المهم التفريق بين التفكير ومهارات التفكير
      فالتفكير: عملية كلية يعمل الفرد عن طريقها بمعالجة عقلية للمدركات الحسية ، والمعلومات المترجمة لتكوين الأفكار، أو استدلالها أو الحكم عليها، وتتضمن أيضاً الإدراك والخبرة السابقة والمعالجة الواعية والاحتضان والحدس ويرى الجلاد 2007 أن التفكير هو عبارة عن معالجات ذهنية كلية يتم عن طريقها معالجة المدخلات الحسية والمعلومات المسترجعة لتكوين الأفكار أو معالجتها أو الحكم عليها, ويتضمن الإدراك والخبرة السابقة والمعالجة الواعية وعن طريقها تكتسب الخبرة معناها.(الجلاد,2007, :187)  
     أما مهارات التفكير: فهي عمليات ذهنية محددة نمارسها ونستخدمها عن قصد في معالجة المعلومات وتتضمن تعلم استراتيجيات واضحة المعالم ومنها المهارات الاتية: الاتصال, القياس ,الربط , المقارنة , التلخيص , الواقع والخيال , الطلاقة ,التسلسل , التنبؤ, التفسير, إدراك الأخطاء ,الاستنتاج , تحديد الهدف ,الشبه والاختلاف , النظر في البدائل ,التصنيف, إيجاد المشكلة , إيجاد الحل, التذكر , التحليل, اتخاذ القرار. ويتفق هذا مع الجلاد 2007اذ عرف مهارات التفكير على أنها : معالجات ذهنية تمارس وتستخدم عن قصد في التفاعل مع المعلومات أو المواقف, وتسهم هذه المهارات في فاعلية التفكير, لأن التفكير يتطلب تكاملاً بين مهارات ذهنية معينة لتحقيق هدف ما في موقف معين.(الجلاد, 2007 : 187) وتعرف أيضاً بأنها: تلك العمليات العقلية  التي نقوم بها من أجل جمع المعلومات وحفظها أو تخزينها, وذلك من خلال إجراءات التحليل والتخطيط والتقييم والوصول إلى استنتاجات, أو أنها عبارة عن عمليات عقلية محددة نمارسها عن قصد في معالجة المعلومات والبيانات لتحقيق أهداف تربوية متنوعة تتراوح بين تذكر المعلومات ووصف الأشياء وتدوين الملاحظات, إلى التنبؤ بالأمور وتصنيف الأشياء وتقويم الدليل وحل المشكلات والوصول إلى استنتاجات.  
وينبغي التفريق أيضاً بين تعليم التفكير وبين تعليم مهارات التفكير: فنعني بتعليم التفكير تزويد الطلبة بالفرص الملائمة لممارسة التفكير وتحفيزهم وإثارتهم على التفكير أما تعليم مهارات التفكير فيتضمن أن التفكير مثله مثل أي مهارة قابلة للتعلم, والنقل, والتوظيف في مواقف حياتية جديدة ,وينصب بصورة هادفة ومباشرة على تعليم الطلبة كيف ولماذا ينفذون مهارات واستراتيجيات عمليات التفكير الواضحة المعالم كالتطبيق والتحليل والاستقراء, التي تستخدم في حل مشكلات الحياة اليومية , وإن هذه المهارات يمكن تشخيصها وتعلمها وإكسابها إلى الطلبة.( قطامي, 2005 :23 ) 
رابعاً- مهارات التفكير 
      وتلعب مهارات التفكير دوراً أساسياً في مستوى التعليم الذي يصله الطالب, فكلما امتلك الطالب هذه المهارة بمستوى أفضل ,أدى ذلك إلى ارتفاع مستوى تعلمه, لأن عملية التعليم لا تحدث بشكل آلي, بل تتطلب جهداً مدعماً وموجهاً من الطالب نفسه إِذ إن مشكلات التعلم وصعوباته ليست بالضرورة ذات صلة بصعوبة الموضوع المطروح بل بعجز مهارات الطالب المطلوبة في تعلم ذلك الموضوع.
   وإن تعلم مهارة التفكير أمر مؤكد قائم فعلاً على الرغم من التشكيك حول ذلك والذي يقول إن التفكير عملية طبيعية يقوم بها أي انسان, ولكن الإنسان يقوم بعمليات كثيرة ومع ذلك فهو بحاجة إلى اكتساب المهارات وتطويرها  وإن تعليم التفكير ينطلق من تعليم المهارات الفرعية المكونة للعمليات العقلية والمهارات الفرعية متداخلة قد توظف في أكثر من عملية عقلية, فلتحسين القدرة على حل المشكلات وصناعة القرار فنعمل على تطوير مهارات التفكير كالملاحظة والمقارنة والتقويم.(الجلاد,2007 : 188-189) لذلك فإذا أردنا تعلم التفكير, فيجب علينا أن نتعلمه كمهارة, فمهارات التفكير أصبحت أمراً جوهرياً في العالم المعاصر لأنها مهارات حياتية يومية يحتاج إليها كل فرد . وهناك اتفاق بين التربويين يؤكد على أن تعلم مهارات التفكير وتهيئة الفرص المثيرة للتفكير أمراً في غاية الأهمية, وأن تعليمها ينبغي أن يكون هدفاً رئيساً لمؤسسات التربية والتعليم ونقلاً دي بونو (De Bono) أن التفكير هو عبارة عن مهارة يمكن أن تتحسن بالتدريب والممارسة فيشبه التفكير بمهارة قيادة السيارة.(جروان,2007 : 47)   
المصادر 
  1. جروان، فتحي عبد الرحمن: تعليم التفكير مفاهيم وتطبيقات، ط3، دار الفكر، عمان، الأردن، 2007.
  2. الجلاد ,ماجد زكي: مهارات تدريس القران الكريم رؤية معاصرة في مناهج إعداد المعنى القرآن الكريم وطرائق التدريس الفعالة, دار المسيرة، عمان، الأردن، 2007.  
  3. ريان, محمد هاشم :مهارات التفكير وسرعة البديهية ,دار حنين للنشر والتوزيع ، عمان، الأردن،2006.
  4. غباري, ثائر أحمد ,وأبو شعير, خالد محمد :أساسيات التفكير ,مكتبة المجتمع العربي ,عمان ,الأردن,2011.
  5. قطامي, نايف : تعليم التفكير للأطفال ، ط2، دار الفكر، عمان، الأردن، 2005.
  6. وجية, إبراهيم ,وآخرون, :علم النفس التعليمي ,دار الفتح للنشر والتوزيع, الإسكندرية ,مصر, 2007.

شارك هذا الموضوع: