اثر العوامل الاقتصادية و الاجتماعية  في الاصابة بالامراض غير السارية
الأمراض غير السارية هي أمراض لا تنتشر عن طريق العدوى أو عن طريق أشخاص آخرين، ولكنّها عادة ما تكون ناجمة عن سلوكيات غير صحية. فهي السبب الرئيسي للوفاة في جميع أنحاء العالم وتشكّل تهديداً كبيراً للصحة والتنمية، لا سيما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. و نسبة الوفيات الناجمة عن أربعة أنواع من الأمراض غير السارية تمثّل أكثر من الثلثين على مستوى العالم: أمراض القلب والأوعية الدموية, السرطان , مرض السكري , أمراض الجهاز التنفسي المزمنة .
     اما المستوى الاقتصادي  فيتمثل مستوى دخل الاسرة و دوره في الصحة العامة للشخص ومدى تحمله تكاليف العلاج عند الاصابة بها فهو يختلف بين البلدان المنخفضة الدخل و المتوسطة و المرتفعة الدخل . بينما العامل الاجتماعي المرتبط بالعادات و التقاليد للبلدان و الذي يرتبط احيانا مع المستوى الاقتصادي وخاصا في العصر الحالي اذ تغيرات الكثير من العادات الغذائية و الاعمال الحركية التي تتماشى مع العصر التكنلوجي .
      ولهذا يظهر تهدّد الأمراض غير السارية الجهود الرامية إلى إحراز تقدم نحو بلوغ أهداف خطة التنمية المستدامة 2030، التي تتضمن غاية تهدف إلى خفض احتمال الوفاة الناجمة عن أي من الأمراض غير السارية الأربعة الرئيسية، في أعمار تتراوح بين 30 و70 عاما، بمقدار الثلث بحلول عام 2030.
    ويرتبط الفقر ارتباطاً وثيقاً بالأمراض غير السارية. ويُتوقّع أن تعيق الزيادة السريعة التي تشهدها هذه الأمراض مبادرات التخفيف من وطأة الفقر في البلدان المنخفضة الدخل، لا سيما أن هذه الأمراض تكبد الأسر تكاليف إضافية مرتبطة بالرعاية الصحية. وتتعرّض الفئات السكانية الضعيفة والمحرومة اجتماعياً أكثر من غيرها للأمراض والوفاة في سن أدنى مقارنة بالفئات ذات المركز الاجتماعي الأرقى، وذلك لأسباب عدة أهمّها أنّها أكثر عرضة للمنتجات الضارّة، مثل التبغ أو الأغذية غير الصحية، ونظرا لمحدودية الخدمات الصحية المتاحة لها.
وفي المناطق التي تشحّ فيها الموارد، يمكن أن تؤدي تكاليف الرعاية الصحية المرتبطة بالأمراض غير السارية إلى استنفاد موار الأسر بسرعة. وتدفع التكاليف الباهظة المتصلة بالأمراض غير السارية، بما في ذك العلاجات الطويلة المدى والمكلفة في غالب الأحيان وفقدان المعيلين، بملايين الناس إلى الوقوع في براثن الفقر كل عام، ممّا يحول دون تحقيق التنمية.
الوقاية والمكافحة
من الأساليب المهمة لمكافحة الأمراض غير السارية التركيز على التقليل من عوامل الخطر المرتبطة بها. وهناك حلول زهيدة التكلفة يمكن للحكومات والجهات الأخرى صاحبة المصلحة تطبيقها للحد من عوامل الخطر الشائعة التي يمكن تغييرها. ويُعد رصد التقدم المحرز واتجاهات الأمراض غير السارية وعوامل الخطر المتصلة بها من العناصر المهمة لإرشاد السياسات والأولويات. ومن أجل الحد من الآثار التي تخلّفها الأمراض غير السارية على الأفراد والمجتمع، يتعين وضع نهج شامل يقتضي مشاركة جميع القطاعات، بما في ذلك الصحة والمالية والنقل والتعليم والزراعة والتخطيط وقطاعات أخرى، من أجل التعاون على الحد من المخاطر المرتبطة بالأمراض غير السارية وتعزيز التدخلات الرامية إلى الوقاية منها ومكافحتها.
       ويُعتبر الاستثمار في التدبير العلاجي للأمراض غير السارية على نحو أفضل من الأمور البالغة الأهمية. ويتضمن التدبير العلاجي للأمراض غير السارية الكشف عن هذه الأمراض وفحص المصابين بها وعلاجهم، وإتاحة الرعاية الملطفة لمن يحتاجون إليها. ويمكن تقديم التدخلات الرئيسية ذات الأثر الكبير من خلال نهج قائم على الرعاية الصحية الأولية إزاء تعزيز الكشف المبكّر عن الأمراض وعلاج المصابين بها في الوقت المناسب. وتظهر الأدلة أنّ تلك التدخلات تمثّل استثمارات اقتصادية ممتازة لأنّها كفيلة بالحد من الحاجة إلى علاج أكثر تكلفة، كلما قُدمت للمرضى في المراحل المبكّرة.
      ومن غير المرجح أن تتمكّن البلدان التي تفتقر إلى تغطية كافية بخدمات الرعاية الصحية من إتاحة التدخلات الأساسية الخاصة بالأمراض غير السارية للجميع. وتُعد التدخلات المعنية بالتدبير العلاجي للأمراض غير السارية ضرورية لتحقيق الغاية المتعلقة بالأمراض غير السارية في أهداف التنمية المستدامة.
استجابة منظمة الصحة العالمية 
      تسلم خطة التنمية المستدامة 2030 بالتحدي الرئيسي الذي تمثله الأمراض غير السارية في تحقيق التنمية المستدامة. وفي إطار تلك الخطة، تعهد رؤساء الدول والحكومات بوضع استجابات طموحة على الصعيد الوطني، بحلول عام 2030، لتخفيض الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير السارية بمقدار الثلث من خلال أنشطة الوقاية والعلاج (الغاية 3-4 من أهداف التنمية المستدامة). وتضطلع منظمة الصحة العالمية بدور قيادي رئيسي في تنسيق وتعزيز الجهود العالمية الرامية إلى مكافحة الأمراض غير السارية وتحقيق الغاية 3-4 من أهداف التنمية المستدامة.
     وفي عام 2019، مدّدت جمعية الصحة العالمية خطة عمل المنظمة العالمية بشأن الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها للفترة 2013-2020 حتى عام 2030 ودعت إلى إعداد خريطة طريق لتسريع وتيرة تنفيذ خطة العمل بشأن الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها في الفترة 2023-2030. وتدعم خريطة الطريق إجراءات لتنفيذ مجموعة من تسع غايات عالمية تحدث أعظم الأثر في الوقاية من الأمراض غير السارية وتدبيرها علاجيا.  

شارك هذا الموضوع: