بحلول عام 1930 أصبحت علمانية التعليم الابتدائي إجبارية في تركيا ، وفي عام 1931 ألغيت الدروس الدينية من المدارس المتوسطة، وهدفت تلك الإجراءات إبعاد تركيا عن محيطها الإسلامي والتقرب من الدول الغربية، لكن في عام 1946 بدأت تظهر بوادر الانفراج في قضية التعليم الديني لاسيما بعد أن اقر الرئيس عصمت اينونو منذ عام 1945 التخلص من حكم الحزب الواحد والشروع بقانون التعددية الحزبية ، حتى عاد الإسلام إلى المسرح السياسي كمتغير هام في التنافس على السلطة ، وأعقب ذلك بعد عامين أي عام 1947 حصول أول ثغرة في سد أتاتورك الإصلاحي العلماني حيث قبلت وزارة المعارف بالإشارات الجديدة لتدريس الدين خارج المدارس .
أما أهم أهداف التعليم في تركيا الجديدة فيمكن تلخيصها بالاتي:-
إعداد المواطن التركي لبلده ومكرسا نفسه لخدمة الإصلاحات الاتاتوركية والقومية التركية كما عبر عنها دستور البلاد ، محافظا ومشجعا للقيم القومية والخلقية والإنسانية والثقافية .
إعداد جميع المواطنين الأتراك كأفراد بنائين مجددين ومنتجين ومتوازنين جسميا وعقليا وخلقيا وروحيا وذوي شخصية وتفكير علمي حر ..
إعداد جميع الأتراك للحياة من خلال تنمية اهتماماتهم وقدراتهم ليتمكنوا من اكتساب المعارف والمهارات والمواقف والتعاون الضرورية ليساهموا في رعاية محبتهم.
أما مسؤولية الإدارة والإشراف والتدقيق في جميع الخدمات التربوية في تركيا الحديثة فقد تولتها وزارة المعارف نيابة عن الحكومة وفقا لشروط القانون الأساسي للتعليم الوطني، وقد أوكلت واجبات ومسؤوليات هذه الوزارة إلى منظمة وطنية مكونة من الوكلاء المساعدين والمديريات العامة والإدارات ، حيث تقوم بالواجبات الإرشادية والتنفيذية ،ومن ضمن مسؤولياتها أيضا إعداد المناهج وتوفير المعلمين والوسائل التعليمية وإعداد المباني وتوفير المصادر المالية اللازمة وتنظيم الشؤون الإدارية والتوجيه والإشراف على المدارس بجميع مستوياتها ، هذا وتقوم المنظمة المركزية بإدارة المدارس في تركيا من خلال السلطات المحلية .
هنا لابد من الإشارة إلى إن كل موظف في وزارة المعارف وجب عليه أن يكون معلما قبل كل شيء ، ولا يتم تقديمه إلى المناصب الإدارية إلا بعد مروره من خلال دورة تعليمية ، وحتى بعد تقلده وظائف إدارية يبقى المعلم موظفا ، فمدير المدرسة معلما ويدعى معلما لا مديرا ، وكذلك مديرو المعارف ومعاونيهم كلهم معلمون ولأكثرهم درس في المدارس ولو لبضع ساعات في الأسبوع ، فعلى رجل المعارف مهما كانت وظيفته أن يكون معلما قبل كل شيء وان يبقى على اتصال دائم مباشرة مع الحياة التعليمية ، وعليه فان التعليم يعد الأصل في وظائف المعارف .
أما أهم مصادر تمويل المؤسسات التعليمية فيمكن إيجازها بالعرض الآتي:-
إن ميزانية التعليم في تركيا الحديثة هي قسم من الميزانية المحلية لكل ولاية، ويعينها مجلس الولاية على أساس اقتراحات مدير معارف الولاية، ثم تتم المصادقة على الميزانية المحلية من قبل مجلس الوزراء ، أما الضرائب التي تتكون منها الميزانية المحلية فهي عبارة عن ضريبة الأراضي والأبنية والطرق ، وهناك ضرائب أخرى مثل ضريبة البناء وضريبة المذابح ، ومن كل هذه الضرائب يخصص ما نسبة 75% للمعارف ، فضلا عن ذلك فان ميزانية الدولة العامة تساهم في رفد ميزانية التعليم لكل ولاية ، فضلا عن ما يأتي من التبرعات والهبات.
يتكون التعليم في تركيا من عدة مراحل وهي كالآتي :
مرحلة التعليم الأساسي : وهي المرحلة التي تسبق مرحلة التعليم الابتدائي وتبدأ في سن الرابعة من العمر وتستمر إلى سنة السابعة ، وهدف هذه المرحلة هو تحسين قدرات الأطفال الأتراك جسميا وعقليا وعاطفيا ، ومساعدتهم على اكتساب العادات الجيدة وإعدادهم لمرحلة التعليم الابتدائية وتعليمهم اللغة التركية بصورة سليمة .
مرحلة التعليم الابتدائي : ويكون فيها التعليم إلزاميا لكلا الجنسين ومجاني في المدارس الحكومية ، ويتلقى فيه الطالب تعليمه حسب فئة عمره ، وفي حالة رسوب الطالب في أي مادة يعطى فرصة أخرى ، وتبدأ هذه المرحلة من عمر السابعة وتستمر إلى عمر خمسة عشر عاما .
مرحلة التعليم المتوسط : ومدة الدراسة فيه ثلاثة سنوات ويبدأ من الثانية عشرة .
مرحلة التعليم الثانوي : ويبدأ عن سن الخامسة عشرة وينتهي عند سن الثامنة عشرة ، وتشمل هذه المرحلة جميع مؤسسات التعليم العام والمهني والفني .
5- مرحلة التعليم العالي : تمثل هذه المرحلة جميع المؤسسات التعليمية التي تقدم تعليما عاليا لمدة سنتين في المعاهد العليا وأربع سنوات في الجامعات والأكاديميات ومدارس التعليم العالي ، فالجامعات هنا عبارة عن مؤسسات علمية وبحثية ،تتكون من الكليات والأقسام والدوائر والمدارس العليا والمعاهد والمؤسسات الأخرى ذات نفس الطبيعة، وتتمتع الجامعات باستقلاليتها ولها هيئات مشتركة حيث تشكل الجامعات ، وتمنح جميع الكليات شهادة البكالوريوس في نهاية السنة الرابعة والمعاهد والوحدات التابعة لها كوحدات متكاملة ،أما الأكاديميات هي مؤسسات تعليمية وبحثية عليا مستقلة تقدم برامج مختلفة متخصصة وهي أكاديمية الدولة للفنون الجميلة، وأكاديميات العلوم الاقتصادية للتجارة ،و أكاديميات الهندسة والفن المعماري ، أما مدارس التعليم العالي فهي مؤسسات تعليمية عليا تقع خارج نطاق الجامعات والأكاديميات ، وتقدم برامج دراسية لمدة سنتين إلى أربع سنوات وبرامج تدريسية مهنية في بعض المجالات مثل تدريس الفنون التطبيقية والفنون الأخرى كالموسيقى والمسرح والدراسات الإسلامية والبرامج المهنية ، هذا ويحق للطلبة الذين أكملوا دراستهم الثانوية الالتحاق بالجامعات شريطة النجاح في امتحان القبول التي تعده مؤسسة المرشحين، فضلا عن بعض الشروط الخاصة التي تتطلبها برامج هذه المؤسسات، ويمكن توضيح هيكل النظام التعليمي في تركيا وفق المخطط الآتي: