الازمة المالية في الولايات المتحدة الامريكية عام ١٨٣٧
تناقش هذه الدراسة الأزمة المالية التي واجهت الولايات المتحدة الأمريكية عام 1837 وتحليل تأثيراتها الاقتصادية والمالية والاجتماعية. يتم استكشاف الأسباب الاقتصادية للأزمة وتحليل
سياسات الحكومة والتدخل الحكومي في مواجهتها،*تعتبر الأزمات المالية من الظواهر الاقتصادية الهامة التي تؤثر بشكل كبير على الاقتصادات الوطنية والعالمية. فهي تتسبب في تعطيل الأنشطة الاقتصادية، وتؤدي إلى تدهور الأسواق المالية والتجارية، وتزيد من معدلات البطالة، وتؤثر على حياة الأفراد والمجتمعات بشكل عام. تاريخيًا، شهدت الولايات المتحدة الأمريكية عدة أزمات مالية ذات أبعاد كبيرة، ومن بين هذه الأزمات تبرز الأزمة المالية التي وقعت في عام 1837.
تعد الأزمة المالية في الولايات المتحدة عام 1837 أحد الأحداث الفارقة في تاريخ الاقتصاد الأمريكي. وقعت هذه الأزمة بعد فترة من النمو الاقتصادي المتسارع في البلاد، حيث شهدت الولايات المتحدة ازدهارًا صناعيًا وتوسعًا في التجارة. لقد تراكمت الثروة والازدهار في هذه الفترة، وقد أدى ذلك إلى تكوين فقاعة اقتصادية تعتمد على التوسع الائتماني والاستثمارات   الزائدة.[1]
ومع ذلك، في العام 1837، شهدت الولايات المتحدة تحولًا حادًا في الأوضاع الاقتصادية، حيث انهارت الثقة في النظام المالي. تعرضت البنوك لأزمات ليكونز وتراست وفيلادلفيا وغيرها من المدن، مما أدى إلى إغلاق العديد من البنوك والشركات. تراجعت الأسعار بشكل حاد، وانهارت قيمة الأسهم والعقارات، وزادت معدلات البطالة بشكل كبير.
يعود سبب اندلاع الأزمة المالية في عام 1837 إلى عوامل متعددة، بما في ذلك زيادة التوسع الائتماني والاقتراض المفرط، وتداول الأوراق المالية بشكل غير مسؤول، والسياسات المالية والنقدية غير الملائمة. كما تأثرت الولايات المتحدة أيضًا بالأزمة الاقتصادية العالمية التي وقعت في ذلك الوقت، والتي أدت إلى انتشار الأزمة إلى العديد من الدول الأخرى. Lepler, J. M. (2013). 
تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على أهمية الأزمة المالية في الولايات المتحدة عام 1837 وتأثيراتها على التاريخ الاقتصادي والمجتمعي للبلاد..-
الأسباب الاقتصادية للأزمة
  • النمو الاقتصادي السريع: في الفترة قبل الأزمة، شهدت الولايات المتحدة نموًا اقتصاديًا سريعًا وزيادة في الثروة. كان هناك توسع كبير في الصناعة والتجارة، مما أدى إلى تراكم الثروة والازدهار. ومع ذلك، قد تكون هذه النمو المفرط والتوسع الائتماني سببَا رئيسيًا في حدوث الأزمة.
  • التوسع الائتماني والديون المفرطة: تم تمويل النمو الاقتصادي والاستثمارات بشكل كبير من خلال التوسع الائتماني والاقتراض المفرط. قدمت البنوك والمؤسسات المالية القروض بشكل كبير، مما أدى إلى زيادة الديون وتكديس الالتزامات المالية. عندما تدهورت الثقة في النظام المالي وتم سحب الودائع، تعرضت البنوك والشركات لأزمات مالية وتدهورت حالة الاقتصاد.(the Transatlantic Financial Crisis of1837) 


  • السياسات المالية والنقدية: يعود جزء من الأزمة إلى السياسات المالية والنقدية غير الملائمة التي تم تنفيذها. قانون البنوك المستقلة الذي تم إقراره في عام 1836 أدى إلى إلغاء البنك المركزي الفيدرالي، مما أدى إلى زيادة الاضطرابات في النظام المالي. كما تم تبني سياسات نقدية غير مناسبة، مما أدى إلى تضخم العرض النقدي وزيادة الديون.
  • التداول غير المسؤول للأوراق المالية: في فترة الازدهار الاقتصادي، تزايدت المضاربة والتداول غير المسؤول للأوراق المالية مثل الأسهم والعقارات. تم تضخيم قيمة هذه الأصول بشكل غير مبرر، مما أدى في النهاية إلى انهيار الفقاعة الاقتصادية وانهيار الأسواق. Roberts, A. (2017).
التأثيرات الاقتصادية والمالية للأزمة 
  • انهيار السوق: تعرضت الأسواق المالية والأسهم لانهيار كبير خلال الأزمة. قد تراجعت قيمة الأصول والأسهم بشكل حاد، مما أدى إلى خسائر مالية هائلة للمستثمرين. وقد تأثرت ثقة المستثمرين والمستهلكين بشكل كبير، مما أدى إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي.
 
  • ارتفاع معدلات البطالة: تأثرت سوق العمل بشدة خلال الأزمة، حيث ارتفعت معدلات البطالة بشكل كبير. تعرضت الشركات والمؤسسات لصعوبات مالية وقد تم إغلاق العديد منها أو تخفيض العمالة. هذا أدى إلى زيادة البطالة وتدهور قدرة الأفراد على تلبية احتياجاتهم الأساسية وزيادة الفقر وعدم المساواة الاقتصادية.
  • تراجع الإنتاج الصناعي: تأثرت الصناعة بشكل كبير خلال الأزمة، حيث تراجع الإنتاج الصناعي وتقلصت حجم الطلب على المنتجات والخدمات. تسببت قلة الطلب والتراجع في الإنتاج في تراجع النشاط الاقتصادي وتفاقم الأزمة.
  • تأثيرات على القطاعات الاقتصادية المختلفة: تأثرت القطاعات الاقتصادية المختلفة بشكل مختلف خلال الأزمة. قد تضررت القطاعات التجارية والسياحية بشكل كبير نتيجة تقلص الإنفاق وتراجع السفر. كما تأثرت القطاعات الصناعية والزراعية بتراجع الطلب والتحديات المالية، مما أثر على إنتاجية القطاعات واستدامتها.
  • تراجع الاستثمار والثقة: تأثرت قرارات الاستثمار والتوسع بشكل كبير خلال الأزمة. تراجعت الثقة بالنظام المالي والاقتصادي، مما أدى إلى تراجع الاستثمارات وتأخر المشاريع الكبيرة والابتعاد عن المخاطرة. هذا أدى إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وتأثر التنمية المستقبلية. Redish, A. (1983).
  • تفشي الأزمة إلى الاقتصادات العالمية: لم تكن آثار الأزمة محصورة في الولايات المتحدة فحسب، بل تفشت إلى الاقتصادات العالمية بشكل عام. ترجاجت الأزمة المالية العالمية على العديد من البلدان، حيث تراجعت حركة التجارة العالمية وتأثرت الاقتصادات العالمية بتباطؤ النمو وتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة. تفاقمت المشكلات المالية والاقتصادية في العديد من الدول، مما أدى إلى زيادة الديون العامة وتدهور الاستقرار المالي والاقتصادي على مستوى العالم. التدخل الحكومي والاستجابة
  • سياسات الحكومة الاتحادية والولائية: استجابت الحكومات المركزية والحكومات الإقليمية والمحلية للأزمة من خلال تنفيذ سياسات وإجراءات محددة. قد تم تدخل الحكومة في السوق لتعزيز الثقة واستقرارها، وتنظيم القروض والبنوك لتسهيل الحصول على تمويل ودعم الأعمال التجارية والأفراد المتضررين. كما تم تنفيذ سياسات لتحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة. . Lepler, J. M,. (2013).
 
  • الاستجابة الاقتصادية والسياسية: تعاونت الحكومة مع الجهات المعنية الأخرى، مثل البنوك المركزية والمنظمات الدولية والهيئات الاقتصادية، للاستجابة للأزمة بشكل شامل. قد تم اتخاذ إجراءات لتحفيز النمو الاقتصادي وإنقاذ الشركات المتعثرة ودعم القطاعات الحيوية. كما تم تنفيذ برامج لدعم المتضررين وتوفير الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية.
  • السياسات النقدية والمالية: اتخذت الحكومات إجراءات نقدية ومالية للتخفيف من آثار الأزمة. قد تم خفض أسعار الفائدة لتشجيع الاستثمار وتحفيز النمو الاقتصادي. كما تم تخصيص موارد مالية إضافية لدعم القطاعات المتضررة وتقديم المساعدات المالية للأفراد والشركات.
  • تعزيز التواصل والشفافية: قامت الحكومات بتعزيز التواصل والشفافية مع الجمهور والشركات والمؤسسات المالية. تم توفير المعلومات والتوجيهات اللازمة بشأن السياسات والإجراءات المتخذة، وتقديم التحديثات المنتظمة حول تطورات الأزمة والتدابير المتخذة.
  • تعزيز الاستدامة والتنمية المستدامة: استجابت الحكومات للأزمة بإطار استدامة طويل الأجل، حيث تم تعزيز الاستثمارات في البنية التحتية الأخضرة والتكنولوجيات النظيفة. تم تعزيز الابتكار والتنمية المستدامة لتعزيز المرونة الاقتصادية والمقاومة للأزمات المستقبلية. .(the Transatlantic Financial Crisis of1837)
التأثيرات الاجتماعية والسياسية
أزمة عام 1837 كانت واحدة من أكبر الأزمات الاقتصادية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. وقعت هذه الأزمة بعد فترة ازدهار اقتصادي استمرت لبضع سنوات، وشهدت تحولات اقتصادية هامة تسببت في نتائج سلبية على المستوى الاقتصادي والمالي. فيما يلي تحليل للتأثيرات الرئيسية للأزمة المالية في الولايات المتحدة عام 1837:
  1. انهيار السوق والتدهور المالي: حدثت أزمة في سوق الأوراق المالية في نيويورك في مايو 1837، حيث توقفت العديد من البنوك عن الدفعات النقدية وأغلقت أبوابها. هذا أدى إلى انهيار السوق وتراجع قيمة الأسهم، مما تسبب في خسائر فادحة للمستثمرين والمتداولين.
  2. ارتفاع معدلات البطالة: تأثرت العديد من الصناعات والشركات بالأزمة، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج وتسريح العمالة. تزايدت معدلات البطالة بشكل كبير، وتأثرت الأسر بفقدان وظائفهم وعدم القدرة على تلبية احتياجاتهم الأساسية. [5]. Redish, A.
 
  1. تراجع الإنتاج الصناعي: تأثرت الصناعة بشكل كبير خلال الأزمة، حيث تراجعت الطلبيات وتقلصت الأعمال التجارية. تسببت الأزمة في تراجع الإنتاج الصناعي وانخفاض أرباح الشركات، مما أدى إلى تراجع النمو الاقتصادي بشكل عام.
التأثير على القطاعات الاقتصادية المختلفة:
  • الزراعة: تأثرت الزراعة بشدة بالأزمة، حيث تراجعت أسعار المحاصيل وتدهورت ظروف الزراعة. انخفضت قيمة المحاصيل وتقلصت الأرباح للمزارعين، مما أثر على القطاع الزراعي بشكل كبير.
  • الصناعة: تضررت الصناعة بسبب انخفاض الطلب وتراجع الإنتاج، مما أدى إلى تسريح العمالة وتدهور الحالة الاقتصادية للشركات الصناعية.
  • التجارة: تأثرت التجارة بشكل كبير بالأزمة، حيث تراجعت الأعمال التجارية وتدهورت الظروف التجارية. تضررت الشركات والتجار من انخفاض الطلب وعدم القدرةعلى تحمل تكاليف الأزمة، مما أدى إلى إغلاق العديد من المحلات التجارية وتراجع حجم التجارة.
 
تلخص الأزمة المالية في الولايات المتحدة عام 1837 في تدهور شامل للوضع الاقتصادي والمالي. انهيار السوق، ارتفاع معدلات البطالة، وتراجع الإنتاج الصناعي كانت بعض التأثيرات الرئيسية التي ترتبت على الأزمة. كما تأثرت القطاعات الاقتصادية المختلفة بشدة، بما في ذلك الزراعة والصناعة والتجارة، حيث شهدت جميعها تراجعًا وتدهورًا في الأوضاع الاقتصادية والمالية. [6]. The Transatlantic Financial Crisis Of 1837))
النتائج*
  • أزمة عام 1837 في الولايات المتحدة أدت إلى دروس مستفادة وتبعات هامة على التطورات الاقتصادية والمالية في البلاد في السنوات اللاحقة. فيما يلي بعض التحليلات والمناقشات حول هذه الدروس والتبعات:
  • تنظيم القطاع المصرفي: أحد الدروس المهمة التي تم استخلاصها من الأزمة هو ضرورة تنظيم القطاع المصرفي بشكل أفضل. تم تبني قوانين وسياسات جديدة لتعزيز الاستقرار المالي ومنع انهيار البنوك والتلاعب المالي. تم إنشاء مؤسسات مالية مركزية مثل المصرفية المركزية الاتحادية (Federal Reserve System) في وقت لاحق لتنظيم السياسة النقدية والمالية.
 
  • توسيع القطاع الصناعي: بعد الأزمة، بدأت الحكومة في تشجيع التنمية الصناعية لتنويع الاقتصاد وتقوية البنية الاقتصادية. تم تشجيع الاستثمارات في الصناعات المختلفة وتطوير البنية التحتية اللازمة لتعزيز الإنتاج وتوفير فرص عمل جديدة.
  • تأثير على السياسات المالية والنقدية: تأثرت السياسات المالية والنقدية في الولايات المتحدة بشكل كبير بعد الأزمة. وجدت حكومة الولايات المتحدة نفسها في حاجة إلى إعادة تقييم سياساتها المالية والنقدية وتعزيز الإشراف على القطاع المالي. تم تبني سياسات جديدة لتعزيز الاستقرار المالي وضمان سلامة النظام المصرفي.
  • تأثير على البنية التحتية: أدت الأزمة إلى تأثيرات على البنية التحتية، حيث تم تأجيل وتقليص بعض المشاريع البنية التحتية الكبرى بسبب الضغوط المالية. لكن في الوقت نفسه، أدت الأزمة إلى الاعتراف بأهمية تطوير البنية التحتية لدعم النمو الاقتصادي وتعزيز الاستقرار المالي في المستقبل.
  • تأثير على السياسات الاقتصادية والتجارية: تأثرت السياسات الاقتصادية والتجارية في الولايات المتحدة بعد الأزمة، حيث تم تبني سياسات حمائية لحماية الصناعات المحلية وتعزيز الاكتفاء الذاتي. تم فرض رسوم جمركية على الواردات وتشجيع الإنتاج المحلي لتحقيق التوازن التجاري وتعزيز التوظيف الموارد المحلية.
  • تراجعت الثقة في الاقتصاد وتقلصت الاستثمارات. لكن مع مرور الوقت وتنفيذ السياسات والإصلاحات الاقتصادية والمالية، بدأت الثقة تتعافى تدريجياً وعادت الاستثمارات إلى النمو.
  • تأثير على الحكومة والسياسة: تأثرت الحكومة والسياسة في الولايات المتحدة بعد الأزمة، حيث تم تعزيز دور الحكومة في التنظيم والمراقبة المالية. تم اتخاذ إجراءات لتعزيز الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد المالي.
المراجع 
[1]. م. م. بشرى حسين عبود ثجيل المكصوصي. (2021). سياسة أندرو جاكسون الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية (1828-1837م). مجلة الفنون والأدب وعلوم الإنسانيات والاجتماع, (63), 110-121.
[2]. احمد جلال  بيومي. (2016).  الولايات المتحدة الامريكية من مواجهة الازمة الاقتصادية الى القيادة الدولية، 1932-1945 مصر: الهيئة المصرية العامة للكتاب،.
[3]. Lepler, J. M. (2013). The Many Panics of 1837: People, Politics, and the Creation of a Transatlantic Financial Crisis. Cambridge University Press.‏
[4]. Roberts, A. (2017). America’s first Great Depression: economic crisis and political disorder after the Panic of 1837. Cornell University Press.‏
[5]. Redish, A. (1983). The economic crisis of 1837–1839 in upper 
Canada: case study of a temporary suspension of specie payments Explorations in Economic History,20(4),402-417.
 
[6]. The Transatlantic Financial Crisis Of 1837 Oxford Research0 Encyclopedia Of Latin American History,6The Transatlantic Financial Crisis of 1837- Stephen W. Campbell
Subject: International History Online Publication Date: Mar 2017
 DOI.1093/acrefore/9780199366439.013,pag p9-10.
 

شارك هذا الموضوع: