م.م تراث عبد الكاظم عبد الله 
جامعة كربلاء 
كلية التربية العلوم الإنسانية 
قسم الجغرافية 
               مسببات اختلاف الاصابة بمرض السكر حسب الفئات العمرية 
التعريف العلمي لمرض السكر
يعرف مرض السكر بأنه اختلال في عملية انتاج السكر الذي يؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر الجلوكوز في الدم بصوره غير طبيعية لأسباب مختلفة قد تكون نفسية أو عضوية أو بسبب الإفراط في تناول السكريات أو بسبب عوامل وراثية. ويحدث نتيجة وجود خلل في إفراز الأنسولين من البنكرياس. فقد تكون كمية الأنسولين التي يتم إفرازها اقل من المطلوب أو يكون هناك توقف تام عن إنتاجه ويطلق على هذه الحالة قصور الأنسولين” أو أن الكمية المفرزه كبيرة في بعض الحالات كالأفراد المصابين بالسمنة ولكن هناك مقاومة من الأنسجة والخلايا بالجسم تعوق وظيفة الأنسولين ويطلق على هذه الحالة “مقاومة الأنسولين”.
وفي كلتا الحالتين يكون الجلوكوز غير قادر على دخول الخلايا مما يؤدي إلى تراكمه في الدم وإمكانية ظهروه في البول. وبمرور الوقت ومع ازدياد تراكم السكر في الدم بدلاً من دخوله خلايا الجسم قد يؤدي إلى مضاعفات مزمنة على بعض أجزاء الجسم كالأوعية الدموية الدقيقة في شبكية العين وحويصلات الكلى وتلك التي تغذي الأعصاب .
إن إتباع مريض السكر لتعليمات طبيبه وحرصه على الانتظام في العلاج وتغيير نمط حياته اليومي من اعتماد على التغذية الصحية وزيادة النشاطات الرياضية كفيلة بتحسن صحته والعيش بسعادة أكبر بل إن مريض السكر قد يكون أكثر حظا من غيره لان لديه دافعاً قوياً للقيام ببعض التغيرات المعززة للصحة في أسلوب حياته  .
النوع الأول
ويسمى بمرض السكر رقم “1” وقديما كان يسمى هذا النوع بالسكر المعتمد على الأنسولين (IDDM). ويقصد به مرضى السكر الذين يعتمدون على الأنسولين في علاجهم. وكان هذا النوع يسمى كذلك ” بسكر الصغار Juvenile diabetes ” لأنه عادة ما تظهر أعراضه في سن الخامسة عشر ولكن هذه التسمية ألغيت لأن النوع الأول من السكر يصيب الشباب والمسنين على حد سواء. وهذا النوع في الغالب يصيب الأطفال والبالغين اقل من ثلاثين عاماً وذروة بدء النمط الأول بين عمر 11 و 13 سنة . لكنه قد يبدأ في أي فئة عمريه بما فيها الشيخوخة.
و أغلب المرضى المصابين بالنوع الأول من السكر عادة هم أصحاء وأوزانهم اعتيادية عند حدوث المرض. ويتميز بانعدام أو نقص الأنسولين الشديد بسبب تلف معظم خلايا بيتا في البنكرياس مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم ولهذا فهذا النوع لا يستجيب للعلاج بالأقراص الخافضة للسكر ولا ينفعه سوى حقن الأنسولين 
كما أن أعراض المرض قد تحدث فجأة مع حدوث عطش وتبول كثير وانفتاح للشهية وفقدان للوزن يتم في خلال أيام عديدة وتزيد معه احتمال حدوث المضاعفات كحموضة الدم الكيتونيه ) )Diabetic coma والغيبوبة السكرية Ketoacidosis
وقبل اكتشاف الانسولين كان متوسط الحياة للأشخاص الذين يتم تشخيصهم بالإصابة بالنوع الأول من السكر في حدود سنتين فقط. وقد أحدث تطوير الأنسولين واستخدامه في العلاج ثورة عظيمه في علاج مرض السكر وتحويله من مرض يقتل بسرعة إلى مرض مزمن. ولسوء الحظ أدت اطالت عمر المريض مع وجود المرض إلى ظهور المضاعفات الثانوية للسكر والتي تشمل. اعتلال الأعصاب والفشل الكلوي, واعتلال الشبكية وأمراض الدورة الدموية والقلب والتي تحدث في حدود 10-20 سنه من بداية اكتشاف المرض.
اهم العوامل المؤثرة على النوع الاول من السكر 
نقص في كفاءة الجهاز المناعي للجسم
يعود السبب الرئيسي في حدوث النوع الأول من السكر إلى نقص كفاءة الجهاز المناعي للجسم والتي يصاحبها ظهور أجسام مضادة (Antibodies ) تهاجم بروتينات الأنسولين وخلايا لانجر هانز وتسبب تلف خلايا بيتا في البنكرياس التي تفرز الأنسولين. ولا يعرف السبب الحقيقي عن كيفية بدء التأثير على الجهاز المناعي للجسم, ولكن الدراسات تشير إلى أن الاستعداد الوراثي والإصابة ببعض الفيروسات قد تكون السبب في حدوث نقص كفاءة الجهاز المناعي للجسم.
العوامل الوراثية
مرض السكر الذي يصيب صغار السن ويحتاج إلى الأنسولين في علاجه قد لا يرجع سببه إلى الوراثة. وقد بينت الإحصائيات التي عملت خلال الثلاثين سنة الماضية زيادة كبيرة في حدوث النوع الأول من السكر في بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية. ولو كانت
العوامل الوراثية هي السبب الوحيد للنوع الأول من السكر فإن الزيادة في عدد الحالات سوف تأخذ مالا يقل عن 400 سنة.
الفيروسات
يعتقد الباحثين أن الإصابة ببعض الفيروسات مثل تلك المسببة للحصبة الألمانية ، والنكاف (mumps), وفيروسات أخرى من فصيلة “كوكس ساكي Coxsackie ” وخاصة في الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي, قد يكون سبباً في حدوث النوع الأول من السكر.
وهذه الفيروسات تهاجم بعنف خلايا بيتا في البنكرياس المفرزة للأنسولين وتدمرها. كما أن بنية هذه الفيروسات تماثل بنية البروتينات الموجودة في خلايا بيتا في البنكرياس وتعمل على خداع جهاز المناعة ( في الأشخاص الذين يكون جهازهم المناعي معرض وراثياً ) فيحسب جهاز المناعة خطأ أن خلايا بيتا هي جزيئات الفيروس ويقوم بتكوين أجسام مضادة للتصدي إلى خلايا بيتا بدلا من التصدي للفيروسات وبذلك تدمر خلايا بيتا بفعل الأجسام المضادة الموجهة توجيها خاطئا بفعل الفيروسات. وقد تهاجم الفيروسات خلايا بيتا وتدمرها بشكل مباشر وتؤدي إلى نقص سريع في الأنسولين، أو تؤدي إلى فقدان تدريجي لوظائف خلايا بيتا وحدوث مرض السكر بعد عدة سنوات من الإصابة بالفيروسات. وهذا النوع يمثل %5-10% فقط من مرضى السكر.
اختلاف الأجناس أو السلالات
يوجد اختلافات كبيرة بين الأشخاص في معدل الإصابة بالنوع الأول من السكر. وهو أكثر شيوعاً في الأشخاص المنحدرين من شمال أوربا وبعض مناطق البحر المتوسط (مثل سردينيا). وأقل شيوعا بين الأسيويين والأمريكيين السود. وفي أمريكا وجد أن السود المصابين بالنوع الأول من السكر أكثر عرضة للوفاة بما يعادل 50% من الأشخاص البيض, وقد يكون السبب في ذلك تدنى العناية الطبية لدى السود من البيض .
العوامل التي تسبب خطورة الإصابة بالنوع الأول من السكر عند الأطفال
النوع الأول كما ذكرنا يظهر في العادة بين مرحلة الولادة وحتى سن الثلاثين. وهو يصيب صغار السن من الذكور والإناث بنسبة متساوية.
وقد أظهرت الدراسات وجود عدد من عوامل الخطورة التي تسبب حدوث النوع الأول من السكر في الأطفال وهي:
مرض الطفل في سن مبكرة.
عدم الرضاعة الطبيعية من صدر الأم وشرب حليب البقر عند الأطفال الرضع.
كبر سن الأم.
إصابة الأم بالنوع الأول من السكر.
إصابة الأم بارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل.
. تم ربط السمنة لدى . الأطفال بإمكانية الاصابة  بنسبه كبيرة . بالنوع الثاني من السكر في سن متقدمة. وقد أظهرت بعض الدراسات  زيادة الوزن عند الولادة والسمنة خلال الطفولة بأنها سبب رئيسي لحدوث مرض السكر من النوع الأول. والعامل الرئيسي في ذلك هو زيادة الوزن. وهذا نظرياً على الأقل يمكن أن يجهد خلايا بيتا في البنكرياس مما يجعلها أكثر عرضه للتلف وحدوث النوع الأول من السكر خاصة لدى الأطفال الذين لديهم استعداد وراثي للإصابة بالمرض.
ومع أن معظم حالات السكر في الأطفال هي من النوع الأول, إلا أن التقديرات في الوقت الحاضر تشير إلى أن ما نسبته %8% و 45% من حالات السكر المكتشفة حديثا في الأطفال هي من النوع الثاني. وقد يكون السبب الرئيسي في ذلك السمنة المفرطة لدى الأطفال.
حليب الابقار 
لقد أظهرت دراسة أن الأطفال الذين يتم تغذيتهم عن طريق شرب حليب البقرة خلال الثمانية أيام الأول من الولادة أكثر عرضة للإصابة بالنوع الأول من السكر بما يعادل مرة ونصف مقارنة بأولئك الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية من حليب الأم. وقد يكون السبب في ذلك احتواء حليب الأم لمكونات قد تساعد في تنظيم الجهاز المناعي وبالتالي تمنع الإصابة بالسكر عند أولئك الأطفال.



وقد بينت الدراسات أن الأطفال الذين يتم تشخيصهم بالنوع الأول من السكر حديثا غالبا تكون لديهم معدلات عالية من الأجسام المضادة لنوع معين من البروتينات موجود في حليب البقر ويعرف باسم بروتين مصل حليب البقر BSA” وهو يشبه أحد البروتينات الموجودة في خلايا بيتا
وحيث أن معدة الأطفال الرضع لا تستطيع هضم الأطعمة بما فيها البروتينات بصورة جيدة. فإن البروتينات الكبيرة غير المهضومة تمر عبر جدران الأمعاء إلى الدم. ويعتبر الجسم مثل هذه البروتينات بما فيها BSA مواد غريبة فيقوم بإفراز الأجسام المضادة لمهاجمتها. وقد يحصل خطأ في التعرف على خلايا بيتا فتقوم تلك الأجسام المضادة بمهاجمتها لأنها تشبه بروتين BSA وتدمرها. وعلى العموم هناك دراسات تعمل حالياً للتحقق من وجود علاقة حقيقة بين حليب الأبقار ومرض السكر من النوع الأول.

شارك هذا الموضوع: