المفاعلات والتجارب النووية وابعادها البيئية
م.م انفال خضير عباس خلف الحداد
anfaal.k@uokerbala.edu.iq
قسم الجغرافية التطبيقية -كلية التربية للعلوم الإنسانية -جامعة كربلاء
على الرغم من أن الاتجاهات القانونية السائدة في المجتمع الدولي تميل وتدعوا إلى حظر التجارب النووية نظرا لما لها من آثار سلبية على البيئة تتسبب بها الإشعاعات النووية الصادرة إما عن التفاعلات النووية نفسها أو عن النفايات النووية التي تخلفها، إلا أن التطبيق العملي لهذا الخطر يسير بخطى بطيئة وغير حازمة أذ تعد التفجيرات النووية بهدف التجارب إحدى مصادر التلوث الإشعاعي حيث أجريت العديد من الدول تفجيرات نووية سرا وعلانية تحت سطح الأرض مما صاحب هذا التفجير النووي تولد انتشار كميات كبيرة من الغبار النووي المشع في البيئة. والتي تجد في طريقها إلى الماء والهواء والتربة وتتسرب آجلا أو عاجلا إلى جسم الإنسان من خلال مياه الشرب أو الغذاء، وقد يزداد خطر تلك التفجيرات إلى الهواء مباشرة وتحملها الرياح مما تتوزع على مختلف سطح الأرض وتتعداها إلى مناطق بعيدة جدا عن مكان تفجير، وذلك تبعا للظروف البيئية الواقعة وقت التفجير، مما يعتبر الغبار الذري المتساقط من التفجيرات النووية أهم مصادر تلوث البيئة ،إلى تطاير مخلفات إشعاعية في الهواء عن طريق الغبار وبخار الماء أو تسقط على سطح الأرض في شكل غبار ذري أو تسرب إلى الماء أو عند تساقط هذا الغبار الذري على المسطحات المائية ويبقى أثر الإشعاعات لسنين عديدة ويمثل الغبار الذري من التفجيرات النووية أهم مصادر التلوث الإشعاعي ومن الحوادث المهمة التي حدثت ولوثت مياه المحيطات بالإشعاع، هو وقوع حادث نووي في الفضاء في( 7 مارس 1983 ) حين سقط محرك نووي تقدر طاقته ب (110 )طن من اليورانيوم المشع المخصب في المحيط الأطلسي بين شرق وغرب إفريقيا. وآخر هذه الأمثلة كارثة فوكيشيما U235 في اليابان .
ومن أوجه المخلفات النووية هي استخدام الأسلحة النووية ، اذ تعتبر الأسلحة النووية أحدث أسلحة الدمار الشامل مقارنة بالأسلحة البيولوجية والكيماوية، وهي الأشد فتكا من بينهم بالكائنات الحية وبالبيئة ككل، كما أن آثارها تتعدى الفترة الزمنية التي يتم استخدامها فيها لتجاوزها ملايين السنين غير مبالية بالحدود الجغرافية أو السياسية، في العصر الحديث وخاصة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية شهد العالم صراعا مسلحا دوليا وداخليا استخدمت في معظمها أسلحة الدمار الشامل ولعل بين أهم العوامل التي تمثل خطرا على البيئة وهو استخدام أطراف النزاع أسلحة كيميائية والتي كشفت التجارب السابقة مدى أثارها على النظم البيئية التي استخدمت فيها ، ومن امثلتها استخدام قذائف اليورانيوم المخصب في حرب الخليج في العراق اذ من خلال الصراع في عام (2003 )، كانت الهجمات الجوية التي شنتها الطائرات الأمريكية على أهداف عراقية مختارة. في بعض الغارات الجوية كانت ذخائر اليورانيوم المنضب يعمل. كما تم استخدام هذه الذخائر من قبل المتحدة المملكة ودبابات الولايات المتحدة في معارك برية ضد دبابات عراقية من نوع T ، حيث ان الكمية الإجمالية من ذخيرة اليورانيوم المنضب المستخدمة خلال الصراع في عام( 2003) لا يزال مجهولا ، ولكن تشير الأرقام التخمينية من دراسات مختلفة إلى النطاق( 170-1700 )طن.، ووفق تقارير وزارة الدفاع في المملكة المتحدة انها استخدمت أكثر من 1 طن من ذخيرة اليورانيوم المنضب خلال حرب الخليج عام( 1991) ، وحوالي( 1.9 ) طن في نزاع (2003 ) في العراق وهذه الذخيرة اطلقت حصرا من الدبابات.
ومن الجدير بالذكر ان اول مفاعل نووي في العالم تم الكشف عنه عام( 1942) بعد اكتشاف الانشطار النووي ثم اعقبه مشروع مانهاتان بأنشاء أسلحة ذرية وذلك في نهاية الحرب العالمية الثانية وقد استخدمت المفاعلات النووية وما زالت تستخدم لتوليد الطاقة النووية وينجم عن استخدام المفاعلات النووية تلوث البيئة بالأشعاع وبخاصة البيئة المحيطة بالمفاعلات ، وقد ترتفع نسبة التلوث البيئي ارتفاعا كبيرا بسبب حوادث انفجار المفاعلات النووية مثل الانفجار الذي وقع في( 26 أبريل 1986) في محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية التي تقع على بعد( 100 )كيلومتر من كييف في أوكرانيا (في ذلك الوقت كانت جزءًا من الاتحاد السوفيتي) ، والذي يعد اكبر كارثة نووية في العالم ، وأدى حريق المفاعل الذي استمر لمدة (10 ) أيام إلى اطلاق غير مسبوق لمواد مشعة من مفاعل نووي وعواقب وخيمة على السكان والبيئة تسبب تلوث البيئة الناتج بالمواد المشعة في إخلاء المزيد أكثر من( 100000 ) شخص من المنطقة المتضررة خلال عام (1986 ) ونقل( 200000) آخرين بعد عام( 1986 )م ، اذ بلغت نسبة الاشعاعات المميتة في الهواء يفوق قنبلتي هيروشيما و ناغاساكي اللاتي سقطن في اليابان عام( 1945 ) والذي قتل نحو (1700) شخص في لحضة واحدة واصابة (80)% من الناجين بالتشوه ، أدى انفجار تشرنوبل الى تدمير البيئة للمنطقة المحيطه بالمفاعل وأوكرانيا بل وتعدى ذلك الى الدول المحيطة بها في أوروبا ومن امثلة الدمار البيئي دمار البيئة الزراعية النباتية والحيوانية اذ أدت زيادة تركيز النشاط المشع في الأراضي الزراعية إلى انتقال هذه الاشعاعات الى الحيوانات والنباتات ، اذ شخص زيادة الإصابات بأمراض سرطان الغدة الدرقية وخصوصا أولئك الذين يستهلكون الحليب ، وخاصة الأطفال، اذ لوحظ زيادة مستويات اليود المشع في الحليب في تلك المناطق ، اذ يعد وصول المواد المشعة الى جسم الانسان سوف يؤد ي الى تلف الخلايا التناسلية مما يؤدي الى حدوث الطفرات الوراثية وتكوين الأورام ومنها سرطان الثدي والغدد اللمفاوية وسرطان الدم لاسيما عندما تخترق دقائق العناصر المشعة جدران الشرايين والوصول الى الدم ، الى جانب ظهور حالات التشوهات الولادية وارتفاع حالات الإجهاض لدى الحوامل والولادات الميتة
المصادر:
1- طرف، عامر ، التلوث البيئي والعلاقات الدولية ، المؤسسة الجامعية للنشر والتوزيع ، ط1،بيروت ،لبنان ، 2008.
2- غرارة ،خولة و حمايزية ،جهيدة ، المخاطر البيئية للتلوث الاشعاعي على المستوى الدولي ، جامعة العربي بن مهيدي (ام البواقي) كلية الحقوق والعلوم السياسية ، رسالة ماجستير غير منشورة ، (2020-2021).
ثانيا المصادر الأجنبية :
1- INTERNATIONAL ATOMIC ENERGY AGENCY, Characterization of
radioactively contaminated sites for remediation purposes, Vienna, Austria, IAEA ,1998.
2- international group of experts, RADIOLOGICAL CONDITIONS IN
SELECTED AREAS OF SOUTHERN IRAQ WITH RESIDUES OF DEPLETED URANIUM, Vienna, Austria,2010.