قسم الجغرافية التطبيقية -كلية التربية للعلوم الإنسانية -جامعة كربلاء
مع التقدم والتطور العلمي والتكنولوجي خلال القرنين السابق والحالي والاعتماد على مصادر حديثة في تسيير أمور الحياة السلمية وفي مجال العمليات العسكرية والتطور في البحث العلمي ، ومن هذه المواد هي المواد المشعة، ففي السنوات الأخيرة ،ونظرا لتعاظم الانشطة الصناعية والحروب المتكررة والتجارب النووية ساهمت على نطاق واسع بوجود عددًا كبيرًا من المواقع في دول العالم التي أصبحت ملوثة إشعاعياً فضلا عن استخدام النظائر المشعة في الطب والبحوث ، صناعة او الحوادث ..الخ ، وتنوع نطاق وجود التلوث بالنسبة لبعض المواقع ، اذ هنالك تلوث موضعي إلى حد ما مثل عمليات صناعية محددة ، ومثال على ذلك التلوث الناجم عن عمليات مصنع تألق الراديوم أو دفن المواد المشعة أو التخلص منها ، بينما هنالك تلوث واسع النطاق بالمواد المشعة وفقًا لما هو مخطط له أنشطة مثل اختبار الأسلحة النووية أو من الإطلاق العرضي للمواد المشعة (على سبيل المثال حادث مفاعل تشيرنوبيل في أبريل 1986). وجود مثل هذا النشاط الإشعاعي ، سواء كان ذلك طبيعيًا أو من صنع الإنسان ، قد يشكل مخاطر على صحة الإنسان أو البيئة. لذلك ، قد يكون التوصيف الصحيح والمعالجة مطلبًا إلزاميًا من أجل تقليل المخاطر الإشعاعية إلى مستويات مقبولة. ، اذ تسبب المواد المشعة الدمار عن طريق انبعاث إشعاعات مؤينة خطيرة (التحلل الإشعاعي) ومن امثلتها جسيمات بيتا أو ألفا، أو أشعة جاما، أو الخلايا العصبية في البيئة التي توجد فيها، وذلك لأن المواد
تتميز بالإشعاع لأن الجسيمات الموجودة في المواد المشعة غير مستقرة للغاية. ولديها القدرة على تعديل و قتل الحياة النباتية والحيوانية والبشرية. كما يتم تحديد مستوى الضرر البيئي أو الخطر من خلال تركيز المواد المشعة، والطاقة المنبعثة من الإشعاع، وقرب المواد المشعة من الأشخاص المعرضين، فضلا عن نوع الإشعاع. ومع ذلك، فإن تلوث المياه بالإشعاعات يشكل مشكلة جديدة لكل من تلوث المياه وصحة الإنسان. وقد لوحظت مؤخرًا التلوث الإشعاعي والآثار الصحية المصاحبة له في أماكن مختلفة من العالم. ويحدث تلوث المياه الجوفية نتيجة لتسرب المواد المشعة الطبيعية (NORM) من رواسب التربة إلى طبقة المياه الجوفية.
كما يمكن أن يعمل الإشعاع المؤين كملوث نادر ولكنه مدمر محتمل. اذ يوجد هذا النوع من الإشعاع في البيئة بمستويات منخفضة كظاهرة طبيعية (مثل الإشعاع الكوني والأرضي)، ولا يسبب عمومًا ضررًا للكائنات الحية. ومع ذلك، فإن بعض الأنشطة البشرية، مثل اختبار الأسلحة والحوادث في محطات الطاقة النووية، يمكن أن تنطوي على إطلاق إشعاع مؤين فوق مستويات السلامة. قد يؤدي الإشعاع المؤين إلى إتلاف الجزيئات العضوية، بما في ذلك الحمض النووي، ويسبب خللًا في عمليات الخلايا مما يؤدي إلى موت الخلايا والكائنات الحية وفي الواقع، أن آثار التعرض الحاد للإشعاع المؤين تؤثر سلبًا على الكائنات الحية والنظم البيئة وتحدث خللا فيه وتؤثر في اتزانها، ومن اثار التلوث الاشعاعي على الانسان:
1-انتشار الكثير من الامراض السرطانية وخاصة للأشخاص الذين يعيشون بالقرب من المفاعلات النووية والمناطق الملوثة اشعاعيا (المخلفات الحربية )، اذ تنتقل هذه الاشعاعات بواسطة الغبار الذري المتساقط على النباتات والحيوانات والتربة والماء إضافة الى الذرات العالقة في الهواء الجوي والتي تصل الى جسم الانسان عن طريق تلوث الغذاء وشرب الماء واستنشاق الهواء .
2-يؤدي التلوث الاشعاعي الى تحطيم جزيئات المادة الحية كجزيئات (DNA) او جعل الخلية تنقسم انقساما سريعا وغير محكما وهذا ما يعرف بالنمو السرطاني او يؤثر على الجينات الوراثية مما يسبب في تركيبها وبالتالي حدوث تشوهات خلقية ، .اذ تأثر الأطفال الذين ولدوا بتخلف عقلي، وكذلك أمراض مثل التوحد وغيره من التشوهات، بتأثيرات الضربتين النوويتين في هيروشيما وناجازاكي في اليابان اللتين أدتا إلى إنهاء الحرب في عام 1945.
3-تعد المواقع الاشعاعية بركان مهيئ للانفجار في أي وقت سواء الطبيعي او البشري مما يسبب الكثير من الأشخاص وبالأخص العاملين فيها .
4- يؤدي التعرض بشكل مباشر للاشعة الى حدوث اعراض خطرة مثل أنيميا (فقر الدم)، زيادة في ضغط الدم، إرهاق وتقرحات في الفم، ويقع على الجلد ذات لون أرجواني وتظهر التهابات بعض أسابيع، وكلما زادت الجرعة الإشعاعية زادت الأعراض المرضية قسوة حتى تؤدى إلى الموت نتيجة نزيف داخلي أعراض الجهاز الهضمي في البداية يحدث فقدان الشهية وغثيان وتقئ بين ساعتين وثماني ساعات، وقد تخمد حرارة الجسم مع الإسهال المتواصل، وقد تتطور فيظهر انتفاخ معدي وإسهال بضعة أيام ويزداد الغثيان والقيء مما يؤدي إلى حدوث جفاف خطير وانهيار عام للجسم يؤدي إلى الوفاة، إضافة الى حدوث نقص المناعة ففي عام( 2006) قدمت لجنة الأمم المتحدة العلمية المعنية بآثار الإشعاع النووي تقييمها لآثار الإشعاع المؤين على جهاز المناعة، وإذا كان من شأن الإشعاع أن يعزز أو ينال من قدرة الجسم على توفير استجابة مناعية لإصابة بالسرطان مرض آخر، فقد يتأثر مدى خطورة حدوث أي مرض بسبب التعرض للإشعاع كما هو الحال بالنسبة لأمراض القلب والأوعية الدموية.
ومن طرق الحد من اثار التلوث الاشعاعي ومعالجتها بيئيا :
1-الفحص الدوري والمتكرر للمواقع الملوثة اشعاعيا من قبل المختصين مع مراجعة نسب الاشعاعات والعمل على تخفيض نسبها ، اذ تم معالجة ارتفاع اشعاعات موق تشرنوبل عن طريق وضع حاجز في موقع مفاعل تشرنوبل للحد من انتشار الاشعاعات وحماية المفاعل وهو متكون من الصلب مع الواح داخلية البولي كاربونية.
2-سن قانون يمنع السكن بجوار الملوثات الاشعاعية او العبث بالمخلفات الحربية .
3-عمل دراسات معمقة وشاملة للافراد المصابين نتيجة الاشعاع ووضع الخطط الناجعة للحيلولة دون إصابة الاخرين منهم.
المصادر :
1-M. Laraia, Radioactive contamination and other environmental impacts of waste from nuclear and conventional power plants, medical and other industrial sources, Environmental Remediation and Restoration of Contaminated Nuclear and Norm Sites, 2015, Pages 35-56, https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/B9781782422310000028?via%3Dihub