ما حقيقة سانتا كلوز ( بابا نوئيل ) ؟
يساير الكثير من المسلمين ثقافة التبعية دون ان يدركوا ذلك ، فالمهم عند الغالبية منهم السير بما هو متعارف عليه ، وأقصد بذلك الـتأثر بالأعراف الغربية بقطع النظر عن خلفيتها الفكرية والثقافية والعقائدية ، ولو بحثنا جيدا في مصادر التاريخ الاوربي ، لوجدنا أن الاعراف المسيحية المتوارثة قد انحرفت عن مسارها الصحيح وتحولت الى عقائد فاسدة ،ولعل حقيقة سانت كلوز أو بابا نوئيل أحدى أهم الدلائل التاريخية التي تشير الى انحراف التقاليد المسيحية عن المسار التي اراده الله لها ،ففي الوقت الذي تحول فيه هذا القديس الى رمزاً عالمياً للمسيحية ، كانت حقيقته أحد أبرز الشخصيات التي حاربت التوحيد في النصرانية ، ولم يكن الملايين من البشر يعلمون أن الشخص الذي يحتفلون باسمه كل عام كانت يداه ملطخة بدماء الابرياء . فمن هو سانت كلوز؟ وكيف بدأت فكرة توزيع الهدايا على الاطفال ؟ وما علاقته بالموحدين ؟
حقيقة تكشف لنا حقائق التاريخ بشاعة العالم والظلم الذي عاشت فيه الاجيال على مر العصور ، ففي العقد الثالث للميلاد وقبل بعثة النبي محمد (ص) تعرض النصارى الموحدين للاضطهاد من قبل الرومان الذين يعتنقون الديانة الوثنية ، وبسبب معاداة الموحدين ظهرت بعض العقائد الفاسدة في الوسط النصراني لتفكيك عقيدة النصرانية ، ومع ذلك لم يستمر ذلك الاضطهاد لفترة طويلة ، فمنذ أن تولى الامبراطور قسطنطين حكم الإمبراطورية الرومانية عام 306 م نالت الكنيسة حرية العقيدة ،ولاسيما بعد أن صدر مرسوم ميلان عام 313م الذي أضفى الشرعية على ممارسة الشعائر المسيحية ،نتج عنها ظهور تناقضات كنائسية جاءت بعقائد فاسدة ، منها مثلاً ما طرحه البعض ” بأن مريم العذراء (ع) هي ألاله وزوجة الله ، بينما قالت كنيسة الاسكندرية ” بألوهية السيد المسيح (ع) وكان على رأس هذه الكنيسة قسيس يدعى الاسكندروس والذي روج لهذا الرأي عالمياً بدعم وتأييد قسيس آخر يدعى نيقولاس او نيقولا ، وبالمقابل فقد تصدى لهم رجلاً خطيباً وفيلسوفاً وزاهداً يدعى آريوس الذي رفض دعواتهم تلك وقال لهم بأن ” الله واحد أحد أزلي ليس له بداية ولانهاية ، وهو الاول والاخر والظاهر والباطن ” ، وما المسيح الا مخلوق بشري ، وقد لاقت دعوته هذه أستحسان وقبول الكثير من الناس في ذلك الوقت حتى ازداد التنافس والتناحر بين من يدعون أن “لله ولداً” وبين من يعتقدون بوحدانية الله عز وجل .راقب قسطنطين ذلك الخلاف وكان متعاطفاً مع النصارى الى حد ما ، فقرر أن يعقد مجمع نيقية عام 325م لمناقشة الخلاف بالرأي ، حضره جمع غفير من رجال الدين والقساوسة والقديسين من جميع أنحاء العالم ، ناقشوا فكرة هل أن المسيح (ع) مخلوق عادي أم أله ؟ وحين بدأ النقاش أحتدم الخلاف بين الحاضرين ، وكان من بين الحاضرين القسيس أسكندروس والفيلسوف آريوس الذي حاول أثبات وفرض ما يعتقد به ،بينما حاول أغلب الحاضرين احتواء النقاش وقطع نزاع القوم تجنباً للفرقة والتشتت ، الى أن خلص المجمع بإصدار وثيقة أقرت بالرأي السائد آنذاك ” بأن لله ولداً ، وأن المسيح هو أبن الله ويشارك الله في الألوهية ، ويستحق العبادة ” ، وقع المشاركون على هذه الوثيقة بعضهم من الموحدين تجنباً للمشاكل ماعدا الفيلسوف آريوس الذي رفض التوقيع عليها .ألامر الذي أستفز قسطنطين وقرر طرده من البلاد ونفيه الى آسيا الصغرى وحرق كتبه .لكن ذلك لم يوقف آريوس في مسعاه الداعي الى التوحيد ونجح في ذلك في البلاد التي أقام فيها وصار له أنصار كثر ،حتى وصلت دعوته الى جزيرة العرب . أما في الاسكندرية فقد أستمر أنصاره ومريديه في دعوتهم الى التوحيد وانتشرت تدريجياً الى أن آمنت والدة الامبراطور قسطنطين بالتوحيد ، وبسبب تأثيرات والدته عليه أصدر قسطنطين قراراً عام 336 م بالعفو عن المنفي آريوس غير أنه اغتيل مسموماً في نفس العام الذي عاد فيه الى بلاده ،حتى قيل أن القسيس نيقولاس الذي ترقى الى مرتبة قديس قد أشرف على عملية الاغتيال ، ومع ذلك أستمرت عقيدة التوحيد بالانتشار ولم يوقفها اغتيال آريوس حتى طالت الامبراطور قسطنطين نفسه الذي آمن بالنصرانية في نفس العام الذي توفي فيه ،ثم خلفه ولده بطليموس الذي كان مؤمناً بالنصرانية وحارب كل من يدعي أن ” لله ولداً” وصار الموحدين هم الاغلبية في البلاد ، وبعد وفاته تولى حكم الامبراطورية أبن عمه جوليان المرتد الذي أعد جيشاً كبيراً للقضاء على الموحدين ، وقد تم له ذلك ، أذ وجه ضربة قاضية لهم جعلهم مشردين في بقاع الارض من جديد .وفي الوقت ذاته كان القديس نيقولاس يقوم ببعض الاعمال الخيرية لكسب ود الاطفال وعائلاتهم وذلك من خلال توزيع الحلوى والهدايا على الاطفال حتى نال عطفهم وعائلاتهم ، وصار توزيع الهدايا عيداً سنوياً سمي بعيد نيقولا ، ثم عقد مجمع نيقة الثاني لمناقشة السؤال التالي : هل ان روح القدس جبرائيل (ع) أله أم مخلوق ؟ وهل يجوز الاحتفال بميلاد ألاله المسيح مع التأكيد على عقيدة الثالوث التي تقول ” أن المسيح خرج من الله ،وروح القدس خرج من المسيح ، والثلاثة يستحقون العبادة ” وعلى الرغم من ذلك ظلوا مختلفين على موعد محدد للاحتفال بعيد الميلاد فمنهم كان يرى أن موعد الاحتفال 6 ديسمبر ، ويرى آخرون أن موعد الاحتفال هو يوم 25 ديسمبر فكان لهم عيدين ، الاول عيد نيقولا في 6 ديسمبر ، والثاني عيد الرومان بذكرى أله الشمس ( سون انفكتوس)، لكنهم دمجوا العيدين في عيد واحد تجنباً لأثارة الخلافات بينهم . وبعد موت نيقولاس سماه أنصاره ( سانت نيقولاس) بمعنى نيقولاس المقدس أو العظيم ،ومن هنا جاءت تسمية سانتا ، أما كلوز فهو الاسم المختصر لنيقولاس باللغة الالمانية ، وبعد 200 عام من الاضطهاد الذي تعرض له الموحدين وتحديدا في عام 571 م ولد النبي الاكرم محمد (ص) وبعث اثناء دعوته للإسلام برسالة الى الامبراطور هرقل دعاه فيه الى الاسلام وذكره برسالة وجهاد الفيلسوف آريوس وأتباعه في الدعوة الى التوحيد . أليس من الواجب علينا ان نكون مع نبينا محمد (ص) في الدعوة الى الأيمان بالله ورسوله بالابتعاد عن الهرطقة والبدع والأراجيف المحرفة . ” قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولأنشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباباً من دون الله فأن تولوا فقولوا أشهدوا بانا مسلمون .” صدق الله العظيم .