مقال بعنوان
القيادة بالأسئلة
م.م هند مفتن رحم
جامعة كربلاء – كلية التربية للعلوم الإنسانية
قسم العلوم التربوية والنفسية \ إدارة تربوية
للأسئلة دور بارز في استنباط المعلومات بكل أشكالها، إلا أنَّ دورها لا ينتهي عند هذا الحد. فللأسئلة طبيعة ملهمة يُدركها القادة الاستثنائيون الذين يجيدون طرحها بشكل يؤهلهم لتشجيع العمل الجماعي، وتحفيز الإبداع والتفكير خارج الصندوق، وشحذ طاقات مرؤوسيهم، وتمتين العلاقات التي تربطهم بمن حولهم. وتشير أحدث الدراسات الممزوجة بخبرات أنجح المؤسسات إلى اعتبار الأسئلة محرك العصر وأداة القائد الناجح الذي لا يكتفي بتقديم الإجابات لموظفيه على طبق من ذهب، وإنما يداعب فضولهم ويحفّز تفكيرهم كي ينتجوا حلولاً مبتكرة ترتقي بأدائهم وبالمؤسسة ككل. مثل هذا القائد يهيئ لمرؤوسيه المناخ المناسب كي يسألوا ويسألوا.
كثيراً ما يبدأ الطريق إلى العظمة بخلق بيئات عمل تقوم على طرح الأسئلة لا تقديم الإجابات. ربما كان تقديم الحلول والإجابات كافياً للنجاح فيما مضى. أما الآن؛ فإن من يتقنون طرح الأسئلة الجوهرية هم من يصنعون المستقبل. فالأسئلة الرائعة تقود إلى حياة رائعة. فالعظماء يطرحون دائماً أفضل الأسئلة ولذا فهم من يحصلون على أفضل الإجابات. يقول «آينشتين»: «لكي نتعلم من الأمس ونعيش الحاضر ونتطلع إلى المستقبل علينا ألا نتوقف عن التساؤل.
غرق تايتنيك»: إهمال أم فشل في السؤال؟
بعد غرق السفينة العملاقة تايتنيك»، طفت على سطح المحيط الأطلسي أسئلة كثيرة. فكيف لسفينة زعم مصنعوها بأنها غير قابلة للغرق أن يبتلعها المحيط بهذه السهولة؟! أثبتت التحقيقات أن المخاوف راودت العديد من المسؤولين عن السفينة حول إمكانية وقوع ما لا تحمد عقباه، منهم لم يجرؤ على أن يسأل خوفاً من أن يتهم بالغباء. فقد تلقى قباطنة السفينة الكثير من التقارير التي تفيد بوجود جبال الجليد في طريقهم، لكنهم لم يأبهوا ولم يسألوا ولم يطلبوا الإحداثيات. فماذا لو تمتع أحدهم بالجرأة والفضول ليطلب مزيداً من المعلومات عن جبال الجليد العملاقة التي كانت تنتظرهم فكثيراً ما يؤدي طرح سؤال واحد إلى إنقاذ الآلاف..
المزايا المؤسسية للبيئة التساؤلية:
. الحث على التعلم: تشكل الأسئلة البنية التحتية لتعليم الأفراد والفرق والمؤسسات. ففي كل سؤال فرصة ذهبية لتعلم الجديد والمفيد. فالتعلم الحقيقي ينتج عن التأمل العميق والذي لا يتحقق إلا عبر أسئلة خلاقة وملهمة..
تحسين مستويات اتخاذ القرارات وحل المشكلات: تسهم الأسئلة في إشاعة التفاهم بين الأفراد ليعبر كل طرف عن وجهة نظره بحرية ويستوعب وجهة نظر الطرف الآخر وبالتالي تتمتع المؤسسات التي يقودها مديرون فضوليون ومتسائلون بميزة القرارات المدروسة والحكيمة والحاسمة..
مواكبة التغير: كثيراً ما تقابل الأفكار الجديدة بالرفض في البيئات التي تفتقر إلى ثقافة طرح الأسئلة؛ لأنها تبدو كأنها تتضارب مع السياسات القائمة. في حين يؤدي دمج الموظفين في عملية البحث عن إجابات إلى استيعابهم واحتضانهم للتغيير بكل أشكاله.
طاقاتهم؛ إذ تخلق مناخاً داعماً للصدق والشفافية. وعادة ما يتجاوب الموظفون مع الأسئلة البناءة لأنها تعكس تقديراً ضمنياً لآرائهم وأفكارهم؛ وبالتالي فإنَّ الأسئلة تنقل الموظفين من «التواكل» إلى المبادرة والتساؤل).» .
. فرق عمل متماسكة: تتمتع فرق العمل الفعالة بخبرات متنوعة ذات معرفة وطاقة خلاقة وإبداع. ولن يستطيع القائد توظيف كل هذه الإمكانات إلا بترسيخ ثقافة السؤال بين أعضاء الفريق إلى أن تصبح فعلاً يومياً وتلقائياً في كل مناقشاتهم واجتماعاتهم. .
ما الأسئلة البناءة فتحفز تفكير وإبداع الموظفين وتتركهم يكتشفون مشكلاتهم بأنفسهم ويُبدعون لها حلولهم الخاصة القادة الملهمون يحجمون عن تقديم النصح بطريقة تلقينيه ومباشرة ويطرحون أسئلة تمكن الموظفين من استنباط إجاباتهم بأنفسهم. وهذه نماذج للأسئلة الحافزة. :
م.م هند مفتن رحم
جامعة كربلاء – كلية التربية للعلوم الإنسانية
قسم العلوم التربوية والنفسية \ إدارة تربوية