التنظيم الانفعالي
إن للانفعالات لها تأثيراً كبيراً على عملية التعلم التي أرتبطت بشخصية الطالبات بوصفه المحور الذي تدور حوله العملية التربوية التي تسعى من خلال وسائلها التربوية إلى بناء شخصية وفق أسس علمية وصحية (المسعودي، 2002: 3 ).
أن التنظيم الانفعالي يسعى لتحقيق هدفه في دفع الأفراد للأخذ بانفعالاتهم نحو التكيف مع المواقف المختلفة وبما يحقق متطلباتها، فالتكيف مع المواقف يتطلب المرونة التامة والقدرة على كبح التعبيرات الانفعالية غير المناسبة لطبيعة الموقف ( , 2010 : 90 Blochet ) .
وإن الفرد قادر على العمل لتحسين وتنظيم إمكانيته الانفعالية والوجدانية والسيطرة عليها من دون المبالغة في اتباع أساليب لحماية نفسه وانفعالاته من الضرر وفي المقابل يتمكن من إيجاد توازن ممكن بين ذاته والبيئة المحيطة بها، وهذا ما أكد عليه كروس ( Cross , 2009 : 533) .
و تتضح أهمية التنظيم الانفعالي في مجالات الحياة المختلفة؛ لأنها تمكن الإنسان من النجاح في الحياة الاجتماعية بصفة خاصة ومن النجاح في الحياة بصفة عامة، شريطة أن يكون لدى الإنسان تنظيم انفعالي جيد خصوصا في هذه الأيام المليئة بالضغوطات والاضطرابات النفسية التي قد تؤدي إلى الإصابة بالاكتئاب والقلق وغيرها من الاضطرابات، وقصور التنظيم الانفعالي فيصبحون أكثر عزلة وأقل فاعلية في المجتمع، كما أنه يجعل الأفراد يتبنون أساليب توازنيه مرضية في حلهم للمشكلات والضغوطات التي تواجههم ( عثمان , 2008 : 15).
“وفي ضوء ذلك، ونظراً لأن عدم القدرة على أمتلاك التنظيم الانفعالي يسبب الكثير من المشكلات النفسية للأفراد، فإنه أضحى من الضروري العمل على معالجة هذا القصور ؛ مما ينعكس بالنفع على الفرد وعلى المجتمع، خصوصا وأن البشر لا يستطيعون أن يعيشوا بلا ضغوط، لكنهم يستطيعون أن يتدربوا ويمتلكوا القدرات التي تمكنهم من التعامل معها وجعلوها أكثر إيجابية في حياتهم ويعتبروها دافعة للتغيير للأفضل، ففي ظل علاج هذا القصور يتمكنون من استخدام الأفراد من تكوين مجموعة من العادات السلوكية الانفعالية الصحيحة التي بمرور لوقت تصبح جزءً من سلوكياتهم بدلاً من القصور الانفعالي( مرزوق , 2012 : 397 ) .
وتعتبر المرحلة الجامعية في غاية الأهمية ونقطة تحول في مسيرة الفرد وانطلاقه نحو مستقبله لتحقيق أهدافه وطموحاته المرجوة، ويعد الطلبة الجامعيين احدى الشرائح المهمة التي يقع على عاتقها الجزء الأكبر من بين الشرائح الأخرى في بناء المجتمع وتقدمه، وتعتبر من الشرائح الواعية والمثقفة والقادرة على مواجهة مشكلات الحياة وصعوباتها والتمكن من حلها والسيطرة في تنظيم انفعالاتهم وذلك من خلال معرفتهم بطرق واستراتيجيات تنظيمها لتحقيق أهدافهم المرجوة (عفانة، 2018).
وقد ركز الباحثون على أهمية التنظيم الانفعالي من خلال بعض الدراسات التي أجريت حول التنظيم الانفعالي كدراسة عفانة (2018)، البراهمة (2017)، سلوم (2015)، يعقوب (2011) وغيرها من الدراسات، وكما ورد في دراسة فائق وعياش (2016) فإن هناك أهمية للتنظيم الانفعالي من مرحلة المراهقة إلى المراحل التي تليها، لأن هذه المرحلة نقطة انعطاف في التغيرات البيولوجية والاجتماعية ولها تأثيرها في القدرة على التنظيم الانفعالي، وأشارت البراهمة (2017) أن هناك ضرورة لإجراء المزيد من الدراسات المستقبلية حول التنظيم الانفعالي وعلاقته بمتغيرات أخرى مثل التحصيل الدراسي، القلق، الاكتئاب.
وتبرز أهمية دراسة التنظيم الانفعالي من خلال بعض الدراسات التي أجريت حول التنظيم الانفعالي مثل دراسة مون (2002 ,Moon)، وماهوني (2006 ,Mahoney)، وسكاندلر (2010,Chandler)، وكروس ( ,Gross 2010)، إيفانس(2014 ,Evans). وقد بينت هذه الدراسات أن تنظيم الانفعال له علاقة وثيقة بالتعاطف والسلوكيات الاجتماعية الإيجابية والسلوك الأخلاقي والكفاءة الاجتماعية كما أن التنظيم الانفعالي يؤثر على الجانب النفسي والجسمي والشخصية إيجابية.
وهذا ما اكدت عليه المؤتمرات العالمية في الجامعات الأمريكية اذ أكد مؤتمر جامعة كاليفورنيا بيركلي المنعقد في (8-9 نوفمبر 2012) على أهمية التنظيم الانفعالي من مرحلة المراهقة إلى المراحل المتأخرة من العمر، لأن هذه المرحلة نقطة انعطاف في التغيرات البيولوجية والاجتماعية ولها تأثيرها في القدرة على التنظيم الانفعالي.