مقال بعنوان (الشخصية الوجودية: رحلة البحث عن المعنى والحرية)
اعداد / م.م. بسمه برهان رشيد
كلية التربية للعلوم الانسانية
قسم العلوم التربوية والنفسية
جامعة كربلاء
basma.b@uokerbala.edu.iq
الشخصية الوجودية في علم النفس: مفهومها وأبعادها
 
الشخصية الوجودية هي نمط من أنماط الشخصية التي ترتبط بالفلسفة الوجودية، وهي فلسفة تُركز على حرية الإنسان، ووعيه الذاتي ، ومسؤوليته عن اختيار مسار حياته , في علم النفس، تُشير الشخصية الوجودية إلى الأفراد الذين يتبنون مقاربة عميقة للحياة، ويبحثون عن معنى وجودهم، ويتعاملون مع التحديات الحياتية من خلال التفكير العميق والوعي الذاتي.
 
مفهوم الشخصية الوجودية
تُعرف الشخصية الوجودية بأنها شخصية تميل إلى التفكير في الأسئلة الكبرى المتعلقة بالحياة، والموت، والحرية، والمعنى. يتميز أصحاب هذه الشخصية بالتركيز على التجربة الذاتية والبحث عن معنى في الحياة بعيدًا عن القواعد الاجتماعية أو التقاليد المفروضة.
الشخصية الوجودية ليست نمطًا مرضيًا، بل هي طريقة تفكير وسلوك تُبرز أهمية الاختيار والمسؤولية الفردية. ومع ذلك، قد يواجه أصحاب هذه الشخصية صراعات داخلية مرتبطة بالقلق الوجودي أو الشعور بالاغتراب.
 
سمات الشخصية الوجودية
  1. البحث عن المعنى: يميل الشخص الوجودي إلى البحث عن غاية حياته ومعنى وجوده.
  2. الحرية والمسؤولية: يُدرك أهمية الحرية الشخصية، لكنه يتحمل المسؤولية الكاملة عن قراراته.
  3. التفكير العميق: يفضل التأمل في القضايا الجوهرية بدلاً من التركيز على الأمور السطحية.
  4. القلق الوجودي: يشعر بقلق ناتج عن إدراكه لعدم اليقين في الحياة والموت.
  5. الاستقلالية: يبتعد عن القوالب الاجتماعية ويحاول أن يعيش وفقًا لقيمه الذاتية.
  6. الوعي الذاتي: يمتلك قدرة عالية على فهم مشاعره وأفكاره ودوافعه.
 
الجذور الفلسفية للشخصية الوجودية
تستند الشخصية الوجودية إلى الفلسفة الوجودية التي طوّرها فلاسفة مثل سورين كيركغارد وجان بول سارتر ومارتن هايدغر. هذه الفلسفة تؤكد أن الإنسان هو من يخلق معنى حياته من خلال اختياراته وأفعاله، وأن الحرية والمسؤولية هما جوهر الوجود الإنساني.
 
الشخصية الوجودية في علم النفس
في علم النفس، تُعتبر الشخصية الوجودية جزءًا من المدرسة الوجودية في العلاج النفسي التي طوّرها معالجون مثل فيكتور فرانكل ورولو ماي. يُركز هذا الاتجاه على مساعدة الأفراد في:
  1. التعامل مع القلق الوجودي: من خلال تقبل حقيقة الموت والبحث عن معنى في الحياة.
  2. تحقيق الذات: تعزيز فهم الشخص لنفسه وتطوير إمكاناته.
  3. اتخاذ القرارات: مساعدة الأفراد على اتخاذ قرارات تتماشى مع قيمهم وأهدافهم.
 
التحديات التي تواجه الشخصية الوجودية
  1. القلق الوجودي: التفكير المستمر في قضايا الحياة والموت قد يُسبب شعورًا بالقلق.
  2. الشعور بالاغتراب: بسبب اختلاف طريقة تفكيرهم عن المحيطين بهم.
  3. الصراعات الداخلية: بين الحرية الشخصية والمسؤولية تجاه الآخرين.
  4. الإرهاق النفسي: نتيجة التفكير العميق والمستمر في القضايا الوجودية.
 
أهمية الشخصية الوجودية
  1. إثراء الحياة: أصحاب الشخصية الوجودية يُضفون عمقًا ومعنى على حياتهم وحياة من حولهم.
  2. تعزيز المسؤولية: يُظهرون وعيًا عميقًا بمسؤوليتهم تجاه أنفسهم والآخرين.
  3. التعامل مع الأزمات: لديهم قدرة على مواجهة التحديات الحياتية بتفكير عميق ووعي ذاتي.
  4. الإبداع: يميلون إلى التفكير خارج الصندوق، مما يجعلهم مبدعين في مجالات متعددة.
 
كيفية دعم الشخصية الوجودية
  1. تشجيع التفكير الإيجابي: التركيز على الجوانب الإيجابية للحياة.
  2. تعزيز الدعم الاجتماعي: مساعدتهم على بناء علاقات داعمة.
  3. ممارسة التأمل واليقظة: لتقليل القلق وتحقيق التوازن النفسي.
  4. طلب المساعدة المهنية: في حال كان القلق الوجودي يؤثر سلبًا على حياتهم.
الشخصية الوجودية تُعدّ انعكاسًا لروح الإنسان الباحث عن معنى وغاية. على الرغم من التحديات التي قد تواجهها، فإنها تحمل في طياتها قدرة فريدة على التفكير العميق، والإبداع، وتحقيق الذات.

شارك هذا الموضوع: