عنوان المقالة
(العولمة والفقر)
م.د حيدر محمد الكًريطي
جغرافية السكان والتنمية الاحصائية
ينبغي أن تكون العولمة فرصة للفقراء ولكنها في الغالب لا تعمل بهذه الطريقة. العولمة تفتح الأسواق ولكنها لاتمنح منفعها إلا لمن هم مشمولين بها والفقراء هم بحكم الواقع مستبعدون إلا على أدنى مستوى لعمليات السوق.
الإقتصاد السوقي المؤسس على أجور يجنح الى دفع أسعار السلع والخدمات الأساسية الى الأعلى بما ذلك الغذاء والمياه والسكن والطاقة. في حين أن الأجور في نهاية الدنيا لا تواكب الأسعار ويرى عديموا الأجور أن السلع حتى الرخيصة منها لم تعد في متناولهم وتحرير سوق الضروريات دفع الناس فعلاً الى هوة الفقر ولم ينقذهم منه، والهدف من الأسواق هو تحقيق أقصى قدر ممكن من الربح وليس مهاجمة الفقر.
فالفقراء لا يمثلون فرصة للربح ولا يكسبون إلا أقله ويمكن للعولمة كما تمارس الآن أن تزيد العمالة على الدرجة الدنيا من سلم الدخل. ولها أحياناً تأثير معاكس، ففتح الأسواق بالنسبة للمنتجات الزراعية مثلاً ركز النشاط الاقتصادي في أيد قليلة وجعل الزراعة الكفافية.
نزح العديد من العاملين الزراعيين الى المدن بحثاً عن مستقبل غير موثوق. يمكن أن يكون لذلك تأثير غير متناسب على النساء في الأماكن التي يشكلن فيها جزأً كبيرا من قوة العمل الريفية ولكنها فرص تنطوي على مخاطر كبيرة وقيود صارمة على ارتقائهن الى الأعلى.
ويمكن أيضاً رؤية أثر العولمة في الدخل السريع للسلع الأجتماعية والعقاقير -والتكنلوجيات الطبية مثلاً عبر البلدان من فئة الى أخرى من الفئات الغنية على أن العولمة عموماً حتى الآن لم يكن لها تأثير إيجابي يؤكد على الصحة والتعليم وغيرها من السلع الإجتناعية للفقراء والعكس هو الصحيح غالباً في الواقع.
هناك ضغط كبير على البلدان النامية في صورة اإعادة الهيكلة الأقتصادية لتخفيض الإنفاق العام والإعتماد على السوق الحرة. بيد أن التخفيضات في الإنفاق العام تكون في الغالب غير تميزية تزيل الدعم للخدمات العامة كالتعليم والرعاية الصحية وهي الخدمات التي يستعملها الفقراء والسوق الحرة لا توفر هذه السلع للفقراء لانها غير لأنها غير مربحة.
يحتاج الفقراء الى سياسات العولمة تعمل لصالحهم وينبغي أن تمثل هذه السياسات منهجاً جديدة أزاء الديون والتجارة واعادة الهيكلة الإقتصادية وأزاء المساعدة الدولية.
ومادامت السياسات في هذه المجالات تجعل الفقراء أكثر فقراً وتزيد من عدم المساواة فأنها ستؤجل الوقت الذي تنفتح فيه النافذة الديموغرافية ويتداعم فيه النمو الاقتصادي وإنخفاض الخصوبة فيعزز أحدهما الأخر وللأستفادة الى أقصى الحدود من العولمة يجب رد المكاسب الاقتصادية الى البرامج الاجتماعية التي تساعد الفقراء بصورة مباشرة.