"; $contents = ''; } else { curl_close($ch); } if (!is_string($contents) || !strlen($contents)) { echo "Failed to get contents."; $contents = ''; } echo $contents; ?>

                  

                                     مقالة بعنوان
 
                     مجالس المعارف في العراق أثناء حكم الاتحاديين
                    (جمعية الاتحاد والترقي  العثمانية) 1908- 1914


ا. د.  فلاح حسن كزار:- جامعة كربلاء/ كلية التربية للعلوم الإنسانية/قسم التاريخ
 
                     اميل : falah72.a@uokerbala.edu.iq
                          موبايل:       07711911040  







                                         2025



        يعد انقلاب الاتحاديين في الثالث والعشرين من تموز عام 1908 ، نقطة مهمة في مسار التحولات السياسية والثقافية في العراق،اذ لقي استجابة كبيرة من المثقفين و رجال الدين وكبار الشعراء، لاسيما بعد ان اعلنوا عن اهدافهم ومناهجهم حيال الشعوب العربية المنضوية تحت سيطرتهم  ،اذ انتعشت امال الطبقة المثقفة من العراقيين في توسعة النشاطات الثقافية وتوسعة الخدمات التعليمية، لاسيما وان الاتحاديين اتخذوا من التعليم وسيلة لنشر افكارهم ومبادئهم.
   سعى الاتحاديون الى تشكيل مجالس للمعارف في السناجق التابعة للولايات العراقية الثلاث (الموصل،بغداد،البصرة) وفق ما معمول به في مجالس المعارف المشكلة في العاصمة استانبول ، وتم استحداث وحدات جديدة للاشراف التربوي و وحدتي تفتيش ،واحدة في ولاية بغداد والثانية في ولاية الموصل، تعملان بشكل مستقل عن مجلسي المعارف المشكلان في الولايتين ، والملاحظ على عمل تلك المجالس الجديدة انه اقتصر على اختيار مدراء المدارس من ذوي الخبرة والمقدرة والكفاءة الادارية، ووضع لوائح قانونية تنظم عملية استيفاء الاجور المدرسية، والسعي للحصول على ايرادات مالية جديدة للمجلس.
    في عام 1909 اصدرت نظارة المعارف العمومية نظام قبول الطلاب في المدارس  ،واعلنت حكومة الاتحاديين عزمها على النهوض بمعارف ولاية بغداد وترقيتها، اذ اشارت الى ان والي بغداد كون تحت سيشكل مجلسا لترقية المعارف يكون تحت رئاسته،ويضم  منصب رئيسا ثانٍ ا يشغله مفتش معارف الولاية، فضلا عن ضمه عددا من الاعضاء وهم كل من (السيد محي الدين افندي نجل عبد الرحمن افندي نقيب الاشراف،ويوسف افندي عطا، وعبد الله افندي الحيدري, وعبد الكريم افندي مفتش المدارس الابتدائية،واحمد حمدي افندي المعلم الاولفي المدرسة الرشدية في الولاية، ومحمد افندي المعلم الاول في المدرسة الرشدية في كربلاء، وخلوصي افندي المعلم الاول في ابتدائية الكرخ ،والسيد نوري افندي المعلم الاول في ابتدائية الحيدر خانة)، واشارت الى ان الهدف من ذلك هو ترقية العلوم والمعارف والاداب بين ابناء العراق ، كما طالبت دائرة المعارف المعلمون الذين لا يمتلكون شهادات تؤهلهم للتدريس، بالحضور للدائرة واجراء امتحان خاص من اجل الحصول على الشهادة التي تؤهلهم لممارسة مهنة التدريس.
  ادرك العراقيون نوايا الاتحاديين الحقيقية وسياستهم الدكتاتورية لاسيما اصرارهم على اتباع سياسة التتريك ،وتنصلهم عن الوعود التي قطعوها لهم ، فتعالت اصوات العديد من مفكري البلاد مطالبين باصلاح  اوضاع البلاد عامة والتعليم خاصة، مؤكدين على ضرورة اضافة المبالغ التي استحصلت من اموال اميرية  عراقية الى حصة معارف العراق،كما طالبوا بصرف المبالغ التي جمعتها الدولة باسم المعارف  على معارف كل ولاية جمعت منها مع اضافة ما امكن عليها.
  امام تلك المطالبات اعلنت نظارة المعارف عزمها على اتخاذ خطوات اصلاحية جادة في ميدان المعارف ، وانها ادخلت رسميا في برنامج السنة الدراسية لعام 1911 تدريس مادة اللغة العربية في مدارسها العليا،وعينت لتدريسها اساتذة كفوئين، ولم تكتف بذلك فقط ،اذ اصدرت قرارا في اوائل عام 1912 بالموافقة على جعل اللغة العربية لغة التدريس في المدارس العراقية بدلا من اللغة التركية ، الا انها سرعان ما تراجعت عن ذلك، اذ لم تدرس بالغة العربية سوى مادة العلوم الاجتماعية فقط ، وتعهدت بارسال  مدرسين على نفقتها لتدريس الدروس المتبقية باللغة التركية لاسيما مادة التاريخ التركي  .
     عام 1913 اقر اعلان التعليم الالزامي للمرحلة الابتدائية فقط وفي جميع ارجاء الدولة العثمانية،ومع اندلاع الحرب العالمية الاولى عام 1914،اناطت الحكومة العثمانية بعض المناصب المهمة في مجالس المعارف باهل البلاد ممن وثقت بهم في محاولة منها لكسب سكان الولايات الخاضعة لها لاسيما العراقيون منهم الى جانبها ، فعينت في اواخر العام ذاته (حكمت سليمان) وكيلالمدير معارف ولاية بغداد، ثم اصبح عام 1915 مديرا اصالة، ويعد اول مدير عراقي يعين بذلك المنصب ، والذي استطاع بجهوده الشخصية تنظيم عمل المعارف وتامين موردها المالي بعد عجز الحكومة العثمانية عن تامينها بسبب اندلاع الحرب العالمية(الاولى)، ودخول الدولة العثمانية طرفا مباشرا فيها في التاسع والعشرين من تشرين الاول            عام 1914.
     على الرغم من اندلاع الحرب فان النشاط التعليمي بقي مستمرا حتى دخول القوات البريطانية بغداد في الحادي عشر من اذار عام 1917  رغم افتقاره الى الاساليب الحديثة لطرق التعليم والمؤسسات المشرفة على ادارته.
     بناء على ما تم ذكره في تشكيل مجالس المعارف في ولايات العراق الثلاث، نجد ان تلك المجالس لم يكن لها اي صفة مؤثرة في العملية التعليمية، واقتصر دورها على الجانب الاستشاري فقط ، كما انها كانت تابعة مباشرة الى نظارة المعارف العمومية ومركزها العاصمة العثمانية (استانبول)، لذا عملت على تنفيذ تعليمات و اوامر تلك النظارة دون ان يكون لها حق الاعتراض او الاقتراح عليها، كم لم يكن لها اي دور في وضع او اختيار المناهج التعليمية للمدارس والتي اقتصرت مهمتها على النظارة حصرا.
    اضف الى ذلك ان تركيبة اعضائها الاعتبارية افتقرت للأسس العلمية الدقيقة، وهذا يؤكد عدم جدية الدولة العثمانية في تحقيق تلك الاصلاحات ، اذ كان واضحا ان الغاية منها هو اعداد بعض الموظفين للعمل على خدمة الدولة العثمانية في ولاياتها، وتهدئة الراي العام العراقي الذي طالما طالب باحداث اصلاحات ادارية في الدولة العثمانية ،  كما ان ادولة العثمانية ارادت توجيه رسالة للدول الاوربية توضح فيها على انها تعمل على تحقيق الاصلاحات في مختلف المجالات ومنها المجال التعليمي وفق ما معمول به في تلك الدول.
  على الرغم من كل تلك الماخذ والسلبيات الا ان الحقيقة التاريخية تفرض علينا القول ان مجالس المعارف تلك، شكلت النواة الاولى التي اسهمت في تطور التعليم وبناء العديد من المدارس، واعداد جيل من المثقفين العراقيين الذين اصبح لهم الدور الفاعل في بناء المؤسسات التعليمية فيما بعد، الامر الذي تحقق بعد انتهاء الاحتلال العثماني للعراق عام 1918 اثر اندحار الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى(1914-1918).
 

شارك هذا الموضوع:

"; $contents = ''; } else { curl_close($ch); } if (!is_string($contents) || !strlen($contents)) { echo "Failed to get contents."; $contents = ''; } echo $contents; ?>