عبادة الكواكب والأجرام السماوية والروحانيات
رشا قاسم محسن عباس السهلاني
جامعة كربلاء _كلية التربية للعلوم الانسانية 
قسم التاريخ
عبادة الكواكب والنجوم :
  ان عبادة العرب قبل الاسلام في أصلها عبادة كواكب ونجوم، حيث ان اسماء. الاصنام والآلهة ترجع في أصولها التاريخية إلى ثالوث كوكبي سماوي ، هو الشمس ، والقمر ، والزهرة ، فالقمر يتمثل بالأب ، والشمس تعني الام . والزهرة يمثل الابن  . وتمثل عبادة الثالوث الكوكبي تداخلاً بين مرحلتين من مراحل تطور المجتمع ، فعبادة القمر والزهرة هي عبادات مجتمع رعوي في المقام الأول ، فالانتقال في البادية يكون فيه ضوء القمر وهو بمنزلة وسيلة لتوضيح المعالم ، والشيء ذاته بالنسبة لكوكب الزهرة الذي يمكن التعرف من خلاله على الوقت والاتجاه ؛ ولكن ربما كانت القيمة الاساسية هي إن القمر بالذات يُرمز إلى فترة الليل ، حيث تهبط درجة الحرارة  . وان البيئة الجغرافية ذات الانبساط الصحراوي وكذلك حال الشمس اللافحة التي تهيمن على انبساط الصحراء ، إذ وتؤثر على الانسان ، فظنوا بأنها سر الوجود.  والقمر هو الوضحاء بأشكاله المختلفة وهو ايضاً يمثل قوة وجود الانسان وكذلك النجوم المنتشرة في السماء الصافية فهي دليل يستعين بها اصحاب القوافل التجارية في رحلاتهم وهي ايضاً تمثل قوة هذا الوجود  .
وفي هذا الصدد ذكر القرآن الكريم تلك العبادات الكوكبية في قوله تعالى : وَمِنْ مَا يَتِهِ الَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ) . فتصريح القرآن الكريم واضح لتحريم عبادة الشمس والقمر ،ولقد عبدت القمر طائفه من قبيلة كنانه حينما اتخذوا صنماً على شكل ( عجل) وسجدوا له وتعبدوه ، وكما اخذوا يصومون نصف كل شهر ولا يفطروا حتى يطلع القمر ، ويأتون صنمهم بالطعام والشراب واللبن ، ويرغبون اليه ، وينظرون الى القمر ويسألونه حوائجهم  .
أما عبدة الشمس فهم ) بنو تميم ( حينما تعبدت الشمس وصنمها منصوب ، حتى أنهم أقاموا له بيت ، وكذلك عبدته ( بنو أد ( كلها ، والمقصود بهم (( ضبة ، وتميم ، وعدي ، وعكل ، وثور ، وكان سدنته من بني أوس بن منماش بن معاوية بن شريف مروة بن أسيد بن عمروا بن تميم )) .وقد أشار بعضهم الى اسجاع العرب كانت في الانواء ؛ فإذا طلع الدبران توقدت الأحزان ، وكرهت النيران ، ويبست الغدران ، ورمت بأنفسها حيث شاءت الصبيان  . ونجد حكاية الفارس الذي لم يؤمن بسلطة الآلهة الوثنية التي اشتهرت بها فاستعاض عن ذلك بجعل الآلهه ( رموزاً فلكيه ) لمصلحه الذي كان اسهل، وعليه تقبل نظرية تأثير الكواكب من تقبل وجود تلك الالهه التي سميت ( الكواكب بأسمائها ) .وأضافة الى ذلك فقد عُبدَتْ ( الشعرى ) ، وهي الكوكب الذي يتبع الجوزاء إذ اتخذته قبيلة خزاعه ( دباً ( فتعبدته ، وقيل إن الشعرى كوكب مضيء، فهو الذي يطلع بعد الجوزاء ، وطلوعه من شدة الحر ، وهما الشعريان العبور التي في الجوزاء كما وذكر النجم سهيل وهو رب الشعرى ، وان كان رباً لغيره لأن العرب كانت تعبده باعتباره مربوب ، وليس برب، فكانت تعبده كل من حمير ، وخزاعه ، ولخم وقريش ،. فضلاً عن عبادة قبائل مختلفة لكوكب المريخ حينما اتخذته الها وعبد غيرهم عطارد ، والأسد ، وزحل  .
  إذن انتشرت عبادة الكواكب والنجوم بشكل واسع والتي تعد من أشكال عبادة الروحانيات، وتعد أيضاً من أوابد العرب قبل الاسلام وذلك لخوفهم من الطبيعة المحيطة، وان البيئة لها اثر كبير في معتقدات العرب قبل الإسلام فكان الفرد العربي يعبد ما يُلبي مصالحه وحاجاته فضلاً عن خوفه من النار وشعوره بقوتها عليه ، فأصبح متعبداً لها كما هي موجودة في الحياة ، الله عز وجل بمجيء الاسلام عبادة تلك الكواكب على وفق رسالة سيد الكون نبينا محمد ..
ويلي عبادة القمر والشمس عبادة كوكب اخر هو الزهرة ، عشتر ، وهو ابن القمر والشمس ، وقد ورد هذا الاسم في الاساطير والخرافات العربية القديمة ولا سيما في النصوص المعينية ، والسبئية والحضرمية والقتبانية  . وقد سمي في النقوش العربية الجنوبية بأسماء مختلفة للآلهة الثلاثة الخاصة بالقمر والشمس والزهرة ، فقد جاء في نص قتباني أسماء : ود ، عثيرت ، ملك والمعروف إن ( ود ( اسم ، اله القمر ، وعثيرت ( إمرأة ود ) وهي آلهة الشمس، ولا بد أن يكون إسم اله الزهرة ، وقد رمز بالتاج كما هو الاله ذو الخلصه الذي كان مروة بيضاء منقوشه عليها كهيئة التاج  .وهكذا يكون الملك العربي قد ولد من سلاله إلهيه ، ولم يولد ولادة عادية كسائر البشر ، وان الثالوث الالهي كان ينظر اليه كعائلة إذ القمر هو الوالد والشمس هي الام ، والزهرة هو الابن ويتبع هذه الأسرة الالهية الملك الذي ينظر إليه كالزهرة ، إذ يذكر في النقوش كابن للقمر ورمز العرب الزهرة بصورة نجمة في النقوش العربية الجنوبية ، وهي ذكر وولد عند العرب الجنوبيين  .اذن عبادة الكواكب والاجرام السماوية الأخرى كانت من اشهر عبادات العرب قبل الإسلام ، وذلك لارتباط تلك العبادة بالزراعة ، أو التجارة أو الخوف من بعض الكواكب التي يتشاءم منها أو لخوفه من حرارة الشمس اللاهية .
عبادة الجن :
  جعل العرب قبل الاسلام ، من الجن أنداداً وشركاء في العبادة، لذلك عبدوهم وتقربوا إليهم لنيل مرضاتهم ، على إن لهم دراية بوجود قوة أكبر، واقوى من غير الجن ، الا وهو الله مصدر الخير وكل شيء النافع والشيطان وخالق الشر وكل ضار  ، والجن ، جماعة ولد الجان وجمعهم الجنه والجنان ، وسموا به لاستجائهم من الناس ، فلا يرون ، كما سموا جنا لاجتنائهم تحقيرا لشأنهم ، والجان أبو الجن ( أبليس ) حيث خلق من نار ثم خلق نسله  . اما بالنسبة الى الجن ، فهو حي من الجن يقال منهم الكلاب السود ، فيقال لهم كلب جني ، ضعفه الجن لهن انفساً أي انها تصيب بأعينها. وإن أكثر الذين عرفوا الجن مجمعون على أنها كلمة عربيه تتضمن معنى التخفي والتستر ، فجن. الشيء يجنه جنا اي : ستره ، وكل شيء ستر عنك فقد جن عنك. وكما سمي القبر من لستره الميت، والليل جنان لأنه يستر بظلمته، والقلب جنان الاستثاره في الصدر ، والروح جنان لأن الجسم يجنها ، والجنة : الستره وكل ما وقاك وسترك، والجن ولد الجان وهو نوع من العالم قسموا بذلك لاجتنائهم عن الابصار  .
ويمكن القول أن الجن اجسام هوائية قادرة على التشكيل بأشكال مختلفة ذي
عقول ، وافهام ، وقدرة على الأعمال الشاقة وهم خلاف الانس  .
ذكر الطبري : ( ان خالص الجن ما هو ريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يموتون ولا يتو الدون ، وهم اجناس وقبائل وعشائر كما الانس ، وهناك اجناس يأكلون ويشربون ويتناكحون ويموتون ، وهذه هي التي منها الغيلان والسعالي )). والملاحظ ان الغيلان جمع غول ، فهم يزعمون أن الغول يتغول لهم في الخلوات على صورة المختلفة ، فيخاطبونها وتخاطبهم ، وزعمت طائفه من الناس أن الغول حيوان شؤم يخرج منفرداً لم يستأنس ومتوحش ويطلب القفار ، وهو يشبه الانسان والبهيمة ، وقيل إنه يتراءى للناس في الليل وأوقات الخلوات ، فيتوهمون انه انسان فيتبعونه فيزيلهم عن الطريق التي هم عليها وربما يقاتلونه  . وقيل أن الغول اسم لكل شيء من الجن يعرض للسفار، ويتلون في ضروب الصور والشباب ذكر كان او انثى الا ان الغالب على انه انثى ، قال ابو المطراب عبيد بن ايوب منظوم ، على نحو ما نسب الى ( جذع بن سنان ) من اجتماعه بالجن ومحاورته أياهم ودعوتهم إلى الطعام ، وامتناعهم عن تناوله. وقد أشارت بعض القصص الى ان الجن كانوا يتزاوجون من الانسان ، فالجن كانوا يغادرون مواطنهم ويؤمنون مضارب القبائل ، ليتزوج ذكورهم من النساء ، وبناتهم من الرجال فينتج عن ذلك نسل قوي البنية ، ذكي الفؤاد ، فقد أشارت هذه القصة أن عمرو بن يربوع بن حنظله التميمي ، كانت له زوجة من الجن ، فكانت تقول له: (( اذا لاح البرق من جهة بلادي فأستره عني ، فأن لم تستره عني تركت ولدك عليك ، وطرت عائدة الى قومي )) فكان عمرو بن يربوع يغطي وجهها بردائه كلما برق البرق ، فلا تبصره ففي ليلة غفل عمرو عنها وقد لمع البرق من شق بلاد السعالي فلم يغطي وجهها فطارت وقيل انها ركبت بعيداً واسرعت فلم يدركها وفي ذلك قال الشاعر هم :رأى بَرْقًا فَأَوْضَعَ فَوْقَ بَكْر
فلا تك ما أسأل وما أغاما.ولقد نسبت بعض العشائر مثل بني مالك ، وبني شيصبان ، وبني يربوع ، الى قبائل الجن  .تطرق القرآن الكريم الى الجن في قوله تعالى ( قَالُوا سُبْحَنَكَ أَنتَ وَلِتُنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنِّ أَكْثَرُهُم بِهِم تُؤْمِنُونَ )) . إن تصريح القرآن الكريم واضح يذكر الجن وان العرب قد عبدوه فعلا على نحو ما فعل بنو مليح من خزاعه وهط ظلمة الظلمات  .
اشار ابن حبيب الى إن أول من ملك الأرض من الجن هم ((
منظوم ، على نحو ما نسب الى ( جذع بن سنان ) من اجتماعه بالجن ومحاورته أياهم ودعوتهم إلى الطعام ، وامتناعهم عن تناوله  . وقد أشارت بعض القصص الى ان الجن كانوا يتزاوجون من الانسان ، فالجن كانوا يغادرون مواطنهم ويؤمنون مضارب القبائل ، ليتزوج ذكورهم من النساء ، وبناتهم من الرجال فينتج عن ذلك نسل قوي البنية ، ذكي الفؤاد ، فقد أشارت هذه القصة أن عمرو بن يربوع بن حنظله التميمي ، كانت له زوجة من الجن ، فكانت تقول له: (( اذا لاح البرق من جهة بلادي فأستره عني ، فأن لم تستره عني تركت ولدك عليك ، وطرت عائدة الى قومي )) فكان عمرو بن يربوع يغطي وجهها بردائه كلما برق البرق ، فلا تبصره ففي ليلة غفل عمرو عنها وقد لمع البرق من شق بلاد السعالي فلم يغطي وجهها فطارت وقيل انها ركبت بعيداً واسرعت فلم يدركها .ولقد نسبت بعض العشائر مثل بني مالك ، وبني شيصبان ، وبني يربوع ، الىقبائل الجن.
 
تطرق القرآن الكريم الى الجن في قوله تعالى ( قَالُوا سُبْحَنَكَ أَنتَ وَلِتُنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنِّ أَكْثَرُهُم بِهِم تُؤْمِنُونَ )) (1) . إن تصريح القرآن الكريم واضح يذكر الجن وان العرب قد عبدوه فعلا على نحو ما فعل بنو مليح من خزاعه وهط ظلمة الظلمات.اشار ابن حبيب الى إن أول من ملك الأرض من الجن هم ((
آدم بن ( اوشفينك ) وليس كلهم يقول ذلك ، اما عن مساكن الجن فهي الأماكن المقفرة، والمنازل المهجورة ، وديار الامم البائدة كوبار وطسم وجديس وثمود وعاد وما شابهها  .وفضلاً عن ذلك فقد زعم العرب قبل الاسلام بأن الجن يتألفون من قبائل وعشائر بينها رابطة القربى وصلة الرحم، وهي كقبائل وعشائر جزيرة العرب يتقاتلون فيما بينهم ، ويغزو بعضم بعضاً ، وكما ان لهم ملوكاً ، وحكاما ، وسادات قبائل ، فهم في حياتهم يحيون كل شكل نظام حياة الجاهليين واذا اعتدى معتد على الجن انتقمت قبيلته من المعتدي ، وتوجد بين قبائل الجن عصبية شديدة كعصبية القبيلة عند العرب ، وهي تراعي حرمة الجوار ، وتحفظ الذمم والعقود ، وتعقد الاحلاف. ومن بين اهم قبائل الجن ( بنو غزوان و ( بنو غزوان ). وكانت العرب تخاف الجن ، فاذا مر ذكره امامهم يتمسكهم الخوف والهلع ، فهم يعتقدون انه ذي قوة خفيه في عالم الغيب ، فالاعتقاد بالجن قديم قدم الاعتقاد بالالهه ، وهو ناتج عن خوف الانسان من خوافي الطبيعة ، والارواح المحجبة عن عالم الانس ، فهو على أيداء الانسان وبحسب ظنهم إن الجن هو المسبب الأكبر لكثير من الأمراض والأوبئه.
 
وللأسباب المذكورة أعلاها فأن العرب لهم عادات وخرافات كثيرة تدور حول الجن ، حتى يأمنوا شره ، فقيل إن من عاداتهم ذبح الشاة خوفاً من العين .
 

شارك هذا الموضوع: