تدني مستوى التعليم في العراق “كربلاء أنموذجا مفاهيم تربوية”
جمهورية العراق
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
جامعة كربلاء
كلية التربية للعلوم الإنسانية
قسم اللغة العربية
سلسلة مقالات شهر كانون الثاني من العام 2025
المقالة الاولى
تدني مستوى التعليم في العراق “كربلاء أنموذجا
مفاهيم تربوية”
إعداد
الاستاذ الدكتور : عدي عبيدان سلمان الجراح
المقدمة
يعد التعليم ركيزه من ركائز المجتمع بل هو عصب الحياة فيه، وتقاس الأمم والحضارات بمدى جودة التعليم فيها ، ان الأُمم لا تعد حية ومتجددة ومتطورة , الا إذا كانت ممتهنة للعلم شغوفة به ساعية اليه مقدسة له , محبة للعلم والعلماء فالأمة التي لا تحترم علماءها لا تتمكن من الصمود بوجه المتغيرات المستمرة , وهذا ما يميز شعب عن شعب وبلد عن بلد وامة عن سواها .وقد اكد القران الكريم هذه الحقيقة اذ جاء في اغلب آياته اما مربياً او معلماً للامة ودلالة القول ان اول كلمة طرقت سمع الرسول محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) هي( اقرأ) اذ قال تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ }. العلق1 وقول الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم ) اذ قال : (اطلب العلم من المهد الى اللحد) هذا من الناحية العمرية أما من الناحية المكانية فقال (أطلب العلم ولو كان في الصين) بل ذهب الى ابعد من ذلك وجعل طلب العلم فريضة على المسلمين من الرجال والنساء (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة)
أولا : مفاهيم ذات علاقة بالتعليم.
التربية .
لفظ التربية في اللغة العربية مأخوذة من ثلاثة أصول هي :ــ
(ربا , يربو ) يعني نما – ينمو , والنمو تغير وله اتجاه تقدمي حتى الوصول الى النضج.
ب – (ربي- يربي ) اي نشأ وترعرع وهنا التربية بالمعنى العام تتمثل في اعداد الجيل .
ت-(رب – يرب) اي أصلح , وساس, ورعا والتربية هنا هي التي تهيئ للفرد البشري الوسائل المختلفة ليحقق نموه الجسمي والنفسي والاجتماعي والمعرفي والمهني والخلقي .
والتربية كل ما يعمد اليه الآباء والمعلمون والمجتمع من أجل تهذيب الافراد وتنشئتهم تنشئة صالحة. وذكر المعجم الفلسفي أن التربية (بلوغ الشيء الى كماله )
وهي قديمة قدم الفكر الانساني , وعملية التربية موجودة مع وجود البشر على الارض ، ويقول كونفوشيوس في هذا الصدد : ( أن الطبيعة هي ما منحتنا اياه الالهة والسير بمقتضى شروط الطبيعة هو السير في الصراط الواجب ).
ويرى افلاطون (أن التربية هي تضفي على الجسم والنفس كل جمال وكمال ممكن لها) أما ارسطو فيرى (أن التربية اعداد العقل للتعليم كما تعد الارض للبذار( .
أما الدين الاسلامي فهو أساس التربية والتعليم ,ولو تدبرنا القرآن الكريم لوجدناه في أغلب آياته أما يتحدث عن التربية أو عن التعليم بالتصريح أو التلميح , كون التربية هي الاساس السليم الذي يعتمد عليه الانسان في حياته فالفرد الذي تهيأت له تربية حسنه بلغ الكمال في الجسم والعقل وأصبح نافعاً ايجابياً , خلاف الفرد الذي لا يحصل على التربية السليمة فسيصبح سلبياً بل سيتحول الى خطر على المجتمع فيما بعد . ويقول الغزالي: (أهم أغراض التربية هي الفضيلة ) وهذا ما جعل الدول المتقدمة تتوجه نحو التربية اولاً ومن ثم نحو التعليم .
التعليم .
يعد التعليم الركن الاساس الذي يعتمد عليه في بناء شخصية الفرد من مختلف جوانبها , وهو نظام مقصود ومحدد محكوم بأنظمة وقوانين يراد منه زيادة الخبرة والمعلومات عند المتعلم لإحداث التغيير المستمر في شخصيته من خلال ما يكتسبه المتعلم من المنهج والمعلم والاقران وينبغي ان يكتسب المتعلم كل ما هو ايجابي ونافع وبناء ويحقق له القدرة فيما بعد على التكيف وامكانية التعامل مع الحياة ومواجهة ما يعترض طريقه من مصاعب ومعوقات اذ ان التعليم الناجح هو الذي يحقق الفائدة للمتعلم في المستقبل , ويجدر القول أن عملية التعليم شبيه بعملية البيع والشراء بين المعلم والمتعلم والبضاعة هي كل ما يحصل بينهما من تبادل للأفكار واعطاء المتعلم تنمية مستمرة في الجانب المعرفي والنفسي والوجداني والمهاري , وتدور عملية التعليم في عملية هي الاكبر والاعم وهي التربية اي ان التعليم يدور في فلك التربية بل هو الاداة الفاعلة لها .
التعلم.
ان كل ما يحصل عليه الفرد من خبرات ومعارف ومعلومات ومهارات وقوانين وقيم وتقاليد واعراف يسمى التعلم . ويحدث نتيجة لنشاط يقوم به الفرد من اجل التعلم وبالتالي يحصل على تغيير مستمر في المعارف والمهارات والسلوك .وينقسم التعلم على قسمين الاول التعلم الذاتي ويحصل عليه الفرد نتيجة لجهده ونشاطه الخاص وهو كل ما يعمد اليه الفرد كما في المطالعة والبحث وتصفح الكتب والأنترنيت وحضور الندوات والمؤتمرات واكتساب المهارات. والقسم الثاني هو التعلم الموجه الذي يشرف عليه شخص آخر له الخبرة ويمتلك الكفاية كما في التعلم داخل المؤسسات التربوية او التعلم عن بعد بوسائل مختلفة كما في المراسلة أو التعلم المفتوح وغيرها , ولابد من الاشارة الى أن التعليم الجيد ينتج تعلم جيد والعكس صحيح .
4-العلاقة بين التربية والتعليم .
لا يمكن الفصل بين التربية والتعليم لان التعليم جزء من التربية واذا اريد للتعليم أن ينجح ,لا بد من التربية السليمة التي يمكن لها أن تؤسس الى التعليم الناجح من خلال الاعداد الجيد لمختلف جوانب شخصية المتعلم والتي تبدأ بالجانب النفسي أولا ومن ثم العقلي والوجداني والاجتماعي والمهاري وهذا يعني أن التعليم الناجح هو نتاج جيد لتربية صحيحة مما يدلل على الترابط بينهما والتكامل في العمل بين التربية والتعليم كما ان التعليم يعد اداة التربية الفاعلة في تحقيق اهدافها .