معاهد التعليم الأولى “المساجد” نموذجاَ
تعددت وسائل التعليم في مختلف العصور والأزمنة وأجتهد الأنسان في إيجاد وإبتكار وسائل لمعرفة وفهم ما يدور حولهٌ من الأشياء والأحداث وإذا ما بدأنا من إنطلاق الدعوة الإسلامية المباركة فنجد إن بناء المسجد كان من أبرز أهتماماتها ليكون المدرسة الأولى لبناء المجتمع ومكاناَ للعبادة والتعليم، وشخص رسول الله (صل الله عليه واله) أهمية التعليم واسسهِ الصحيحة بقوله:(لا تجلسوا عند كل عالم ألا الى عالم يدعوكم من خمس الى خمس من الشك الى اليقين ومن الرياء الى الإخلاص ومن الرغبة الى الزهد ومن الكبر الى التواضع ومن العداوة الى النصيحة) حتى أصبح المسجد جامعة علم ومصدر قوة وأقتدار للمسلمين.
بقيت تلك الأهمية بعد عصر النبوة وأقتدى المسلمين بسيد الخلق وحبيب الحق الطاهر الأمين وأنتشروا في مدنهم وأستقروا بمساجدها لتعليم العلوم الدينية والعلمية، وأفتخرت الكوفة بالقراءات والقراء والتفسير وحضر مسجدها عبدالله بن حبيب بن ربيعة (…. – 654م) وسعد بن جبير(625-675م) وأشعت علوم البصرة بحضور الخليل بن احمد الفراهيدي(10-175م) بمسجدها ويعد من الأوائل في الدراسات اللغوية ورسمَ علم اللغة وصنف فيه، وأنبرت بغداد بمسجدها “المنصور” بحضور أبي الحسن علي بن حمزة بن عبد الله الكسائي(699-769م) فضلا عن دور المساجد في ربوع أرض الإسلام والتي تعد بحق مدارس خرجت العديد من الفقهاء والمفكرين في شتى المعارف والعلوم.
فلا نغالي اذ قلنا إن المساجد أدت رسالة عظيمة في تاريخ الامة الإسلامية وأنتجت العديد من العلوم ولم تجعل الامة ضائعة في بحور الظلام، حتى أنبرت معالم الحداثة العالمية وإفتتاح المدارس التعليمية في سائر البلاد الإسلامية، أقتصر التعليم في المساجد على العلوم الدينية التي بقيت مواكبة لمفاهيم التدريس والتخصص، وانتجت لنا مراكز علمية كبيرة وشخصيات فذة كالشيخ أبو الحسن محمد بن الحسين المعروف بـ(الشريف الرضي) والشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي التي أصبحت مراكز إقامتهم مركزاَ للعلوم وللمرجعية صاحبة المكانة العلمية الكبيرة على الرغم من وجود المؤسسات التربوية والتعليمية كالمدارس والمعاهد والجامعات وبتخصصاتها المتعددة .
ومن هذا المنطلق نستدل أن المساجد أناطت بها مسؤوليات كبيرة منذ بدايات الدعوة الإسلامية ومازالت مواكبه لهذا الدور التاريخي الكبير ، فضلا عن انها “المساجد” لم تقف بالضد من التعليم الحديث بل واكبت وآزرت المهام المتعددة بين المسجد والمؤسسات التعليمة ما دام الهدف مشترك ألا وهو بناء الإنسان ليكون فاعلاً مؤثراً إيجابياً في المجتمع. 
 
م.م علي فليح علي الفتلاوي
كلية التربية للعلوم الإنسانية
قسم العلوم التربوية والنفسية
 

شارك هذا الموضوع: